مشاركة ونشر

تفسير الآية المئة والرابعة والخمسين (١٥٤) من سورة آل عِمران

الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة والرابعة والخمسين من سورة آل عِمران ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيۡكُم مِّنۢ بَعۡدِ ٱلۡغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغۡشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمۡۖ وَطَآئِفَةٞ قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَيۡءٖۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ يُخۡفُونَ فِيٓ أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبۡدُونَ لَكَۖ يَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ وَلِيَبۡتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمۡ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴿١٥٤

الأستماع الى الآية المئة والرابعة والخمسين من سورة آل عِمران

إعراب الآية 154 من سورة آل عِمران

(ثُمَّ أَنْزَلَ) ثم حرف عطف أنزل فعل ماض تعلق به الجار والمجرور (عَلَيْكُمْ) والجار والمجرور (مِنْ بَعْدِ) أيضا والجملة معطوفة على أصابكم (الْغَمِّ) مضاف إليه. (أَمَنَةً) مفعول به (نُعاسًا) بدل (يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) طائفة مفعول به للفعل المضارع يغشى منكم متعلقان بمحذوف صفة طائفة (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) ماض ومفعوله وأنفسهم فاعل وقد حرف تحقيق والجملة خبر المبتدأ طائفة وجملة (وَطائِفَةٌ) استئنافية (يَظُنُّونَ بِالله) فعل مضارع والواو وفاعله بالله متعلقان بيظنون والجملة في محل نصب حال (غَيْرَ) نائب مفعول مطلق التقدير: يظنون غير الظن الحق (الْحَقِّ) مضاف إليه (ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) بدل من غير منصوب بالفتحة. (يَقُولُونَ) فعل مضارع وفاعل (هَلْ) حرف استفهام (لَنا) متعلقان بمحذوف خبر (مِنَ الأمر) متعلقان بمحذوف حال (مِنْ شَيْءٍ) من حرف جر زائد واسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ والجملة مقول القول. (قُلْ إِنَّ الأمر كُلَّهُ لِلَّهِ) قل سبق إعرابها إن الأمر للّه إن واسمها كله توكيد (لِلَّهِ) لفظ الجلالة مجرور ومتعلقان بخبر إن والجملة مقول القول وجملة (قُلْ) مستأنفة. (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور في أنفسهم والواو فاعل والجملة في محل نصب حال (ما لا يُبْدُونَ لَكَ) الجملة صلة الموصول ما (يَقُولُونَ) الجملة مستأنفة (لَوْ كانَ لَنا) لو شرطية غير جازمة وباقي الجملة مثل جملة ليس لك من الأمر شيء (ما قُتِلْنا هاهُنا) ما نافية الهاء للتنبيه هنا اسم إشارة في محل نصب على الظرفية متعلق بالفعل الماضي المبني للمجهول قبله والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم. (قُلْ) الجملة مستأنفة (لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) كان واسمها والجار والمجرور متعلقان بالخبر والجملة مقول القول: (لَبَرَزَ الَّذِينَ) فعل ماض واسم الموصول فاعل والجملة جواب شرط غير جازم (كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ) القتل نائب فاعل والجملة صلة الموصول (إِلى مَضاجِعِهِمْ) متعلقان ببرز. (وَلِيَبْتَلِيَ الله ما فِي صُدُورِكُمْ) فعل مضارع منصوب بأن المضمرة ولفظ الجلالة فاعله وما الموصولية مفعوله والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: عمل ذلك ليبتلي. في صدوركم متعلقان بمحذوف صلة (وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) عطف على وليبتلي الله (وَالله عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) لفظ الجلالة مبتدأ وعليم خبر تعلق به (بِذاتِ) الجار والمجرور الصدور مضاف إليه.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (154) من سورة آل عِمران تقع في الصفحة (70) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (4)

مواضيع مرتبطة بالآية (19 موضع) :

معاني الآية بعض الكلمات في الآية 154 من سورة آل عِمران

أمنةً : أمنا و عدم حوف ، نُعاسا : سكونا و هدوءًا أو مُقاربة للنّوم ، يغشى : يُلابس كالغشاء ، لبرز : لخرج ، مضاجعهم : مصارعهم المقدّرة لهم أزلا ، لبتلِي : ليختبر و ليمتحِن و هو العليم الخبير ، ليُمحّص : ليخلّص و يزيل أو ليكشف و يميز

الآية 154 من سورة آل عِمران بدون تشكيل

ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور ﴿١٥٤

تفسير الآية 154 من سورة آل عِمران

ثم كان من رحمة الله بالمؤمنين المخلصين أن ألقى في قلوبهم من بعد ما نزل بها من همٍّ وغمٍّ اطمئنانًا وثقة في وعد الله، وكان من أثره نعاس غَشِي طائفة منهم، وهم أهل الإخلاص واليقين، وطائفة أُخرى أهمَّهم خلاص أنفسهم خاصة، وضَعُفَتْ عزيمتهم وشُغِلوا بأنفسهم، وأساؤوا الظن بربهم وبدينه وبنبيه، وظنوا أن الله لا يُتِمُّ أمر رسوله، وأن الإسلام لن تقوم له قائمة، ولذلك تراهم نادمين على خروجهم، يقول بعضهم لبعض: هل كان لنا من اختيار في الخروج للقتال؟ قل لهم -أيها الرسول-: إن الأمر كلَّه لله، فهو الذي قدَّر خروجكم وما حدث لكم، وهم يُخْفون في أنفسهم ما لا يظهرونه لك من الحسرة على خروجهم للقتال، يقولون: لو كان لنا أدنى اختيار ما قُتِلنا هاهنا. قل لهم: إن الآجال بيد الله، ولو كنتم في بيوتكم، وقدَّر الله أنكم تموتون، لخرج الذين كتب الله عليهم الموت إلى حيث يُقْتلون، وما جعل الله ذلك إلا ليختبر ما في صدوركم من الشك والنفاق، وليميز الخبيث من الطيب، ويظهر أمر المؤمن من المنافق للناس في الأقوال والأفعال. والله عليم بما في صدور خلقه، لا يخفى عليه شيء من أمورهم.

(ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة) أمنا (نعاسا) بدل (يغشى) بالياء والتاء (طائفة منكم) وهم المؤمنون فكانوا يميدون تحت الحجف وتسقط السيوف منهم (وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) أي حملتهم على الهم فلا رغبة لهم إلا نجاتها دون النبي وأصحابه فلم يناموا وهم المنافقون (يظنون بالله) ظنا (غير) الظن (الحق ظَنَّ) أي كظن (الجاهلية) حيث اعتقدوا أن النبي قتل أولا ينصر (يقولون هل) ما (لنا من الأمر) أي النصر الذي وُعدناه (من شيء قل) لهم (إن الأمر كله) بالنصب توكيدا والرفع مبتدأ وخبره (لله) أي القضاء له بفعل ما يشاء (يخفون في أنفسهم ما لا يبدون) يظهرون (لك يقولون) بيان لما قبله (لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا) أي لو كان الاختبار إلينا لم نخرج فلم نقتل لكن أخرجنا كرها (قل) لهم (لو كنتم في بيوتكم) وفيكم من كتب الله عليه القتل (لبرز) خرج (الذين كتب) قضي (عليهم القتل) منكم (إلى مضاجعهم) مصارعهم فيقتلوا ولم ينجهم وقعودهم لأن قضاءه تعالى كائن لا محالة (و) فعل ما فعل بأخذ (ليبتلي) يختبر (الله ما في صدوركم) قلوبكم من الإخلاص والنفاق (وليمحص) يميز (ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور) بما في القلوب لا يخفى عليه شيء وإنما يبتلي ليظهر للناس.

ويحتمل أن معنى قوله: ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم ) يعني: أنه قدَّر ذلك الغم والمصيبة عليكم، لكي تتوطن نفوسكم، وتمرنوا على الصبر على المصيبات، ويخف عليكم تحمل المشقات: ( ثم أنزل عليكم من بعد الغم ) الذي أصابكم ( أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم ) ولا شك أن هذا رحمة بهم، وإحسان وتثبيت لقلوبهم، وزيادة طمأنينة؛ لأن الخائف لا يأتيه النعاس لما في قلبه من الخوف، فإذا زال الخوف عن القلب أمكن أن يأتيه النعاس. وهذه الطائفة التي أنعم الله عليها بالنعاس هم المؤمنون الذين ليس لهم هم إلا إقامة دين الله، ورضا الله ورسوله، ومصلحة إخوانهم المسلمين. وأما الطائفة الأخرى الذين ( قد أهمتهم أنفسهم ) فليس لهم هم في غيرها، لنفاقهم أو ضعف إيمانهم، فلهذا لم يصبهم من النعاس ما أصاب غيرهم، ( يقولون هل لنا من الأمر من شيء ) وهذا استفهام إنكاري، أي: ما لنا من الأمر -أي: النصر والظهور- شيء، فأساءوا الظن بربهم وبدينه ونبيه، وظنوا أن الله لا يتم أمر رسوله، وأن هذه الهزيمة هي الفيصلة والقاضية على دين الله، قال الله في جوابهم: ( قل إن الأمر كله لله ) الأمر يشمل الأمر القدري، والأمر الشرعي، فجميع الأشياء بقضاء الله وقدره، وعاقبة النصر والظفر لأوليائه وأهل طاعته، وإن جرى عليهم ما جرى. ( يخفون ) يعني المنافقين ( في أنفسهم ما لا يبدون لك ) ثم بين الأمر الذي يخفونه، فقال: ( يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ) أي: لو كان لنا في هذه الواقعة رأي ومشورة ( ما قتلنا هاهنا ) وهذا إنكار منهم وتكذيب بقدر الله، وتسفيه منهم لرأي رسول الله ﷺ، ورأي أصحابه، وتزكية منهم لأنفسهم، فرد الله عليهم بقوله: ( قل لو كنتم في بيوتكم ) التي هي أبعد شيء عن مظان القتل ( لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) فالأسباب -وإن عظمت- إنما تنفع إذا لم يعارضها القدر والقضاء، فإذا عارضها القدر لم تنفع شيئا، بل لا بد أن يمضي الله ما كتب في اللوح المحفوظ من الموت والحياة، ( وليبتلي الله ما في صدوركم ) أي: يختبر ما فيها من نفاق وإيمان وضعف إيمان، ( وليمحص ما في قلوبكم ) من وساوس الشيطان، وما تأثر عنها من الصفات غير الحميدة. ( والله عليم بذات الصدور ) أي: بما فيها وما أكنته، فاقتضى علمه وحكمته أن قدر من الأسباب، ما به تظهر مخبآت الصدور وسرائر الأمور.

يقول تعالى ممتنا على عباده فيما أنزل عليهم من السكينة والأمنة ، وهو النعاس الذي غشيهم وهم مستلئمو السلاح في حال همهم وغمهم ، والنعاس في مثل تلك الحال دليل على الأمان كما قال تعالى في سورة الأنفال ، في قصة بدر : ( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ) ) ( الأنفال : 11 ) . وقال ( الإمام ) أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو نعيم ووكيع عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن عبد الله بن مسعود قال : النعاس في القتال من الله ، وفي الصلاة من الشيطان . قال البخاري : قال لي خليفة : حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، عن أبي طلحة ، رضي الله عنه ، قال : كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد ، حتى سقط سيفي من يدي مرارا ، يسقط وآخذه ، ويسقط وآخذه . هكذا رواه في المغازي معلقا


ورواه في كتاب التفسير مسندا عن شيبان ، عن قتادة ، عن أنس ، عن أبي طلحة قال : غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد
قال : فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ، ويسقط وآخذه . وقد رواه الترمذي والنسائي والحاكم ، من حديث حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، عن أبي طلحة قال : رفعت رأسي يوم أحد ، وجعلت أنظر وما منهم يومئذ أحد إلا يميد تحت حجفته من النعاس
لفظ الترمذي ، وقال : حسن صحيح . ورواه النسائي أيضا ، عن محمد بن المثنى ، عن خالد بن الحارث ، عن أبي قتيبة ، عن ابن أبي عدي ، كلاهما عن حميد ، عن أنس قال : قال أبو طلحة : كنت فيمن ألقي عليه النعاس - الحديث . وهكذا روي عن الزبير وعبد الرحمن بن عوف ، رضي الله عنه . وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو الحسين محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخزومي ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا شيبان ، عن قتادة ، حدثنا أنس بن مالك ، أن أبا طلحة قال : غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد ، فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ، ويسقط وآخذه ، قال : والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هم إلا أنفسهم ، أجبن قوم وأرعنه ، وأخذله للحق ( يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ) كذبة ، أهل شك وريب في الله عز وجل . هكذا رواه بهذه الزيادة ، وكأنها من كلام قتادة ، رحمه الله ، وهو كما قال ، فإن الله عز وجل يقول : ( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم ) يعني : أهل الإيمان واليقين والثبات والتوكل الصادق ، وهم الجازمون بأن الله سينصر رسوله وينجز له مأموله ، ولهذا قال : ( وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ) يعني : لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف ( يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ) كما قال في الآية الأخرى : ( بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا ( وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا ) ) ( الفتح : 12 ) وهكذا هؤلاء ، اعتقدوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفيصلة وأن الإسلام قد باد وأهله ، هذا شأن أهل الريب والشك إذا حصل أمر من الأمور الفظيعة ، تحصل لهم هذه الظنون الشنيعة . ثم أخبر تعالى عنهم أنهم ( يقولون ) في تلك الحال : ( هل لنا من الأمر من شيء ) قال الله تعالى : ( قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك ) ثم فسر ما أخفوه في أنفسهم بقوله : ( يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ) أي : يسرون هذه المقالة عن رسول الله ﷺ . قال ( محمد ) بن إسحاق بن يسار : فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير قال : قال الزبير : لقد رأيتني مع رسول الله ﷺ حين اشتد الخوف علينا ، أرسل الله علينا النوم ، فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره ، قال : فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ، ما أسمعه إلا كالحلم ، ( يقول ) ( لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ) فحفظتها منه ، وفي ذلك أنزل الله ( تعالى ) ( لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ) لقول معتب
رواه ابن أبي حاتم . قال الله تعالى : ( قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ) أي : هذا قدر مقدر من الله عز وجل ، وحكم حتم لا يحاد عنه ، ولا مناص منه . وقوله : ( وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم ) أي يختبركم بما جرى عليكم ، وليميز الخبيث من الطيب ، ويظهر أمر المؤمن والمنافق للناس في الأقوال والأفعال ، ( والله عليم بذات الصدور ) أي : بما يختلج في الصدور من السرائر والضمائر .

القول في تأويل قوله : ثُمَّ أَنْـزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ثم أنـزل الله، أيها المؤمنون من بعد الغم الذي أثابكم ربكم بعد غم تقدمه قبله =" أمنة "، وهي الأمان، (1) على أهل الإخلاص منكم واليقين، دون أهل النفاق والشك.


ثم بين جل ثناؤه، عن " الأمنة " التي أنـزلها عليهم، ما هي؟ فقال =" نعاسًا "، بنصب " النعاس " على الإبدال من " الأمنة ".
ثم اختلفت القرأة في قراءة قوله: " يغشى ". فقرأ ذلك عامة قرأة الحجاز والمدينة والبصرة وبعض الكوفيين بالتذكير بالياء: (يَغْشَى).
وقرأ جماعة من قرأة الكوفيين بالتأنيث: (تَغْشَى) بالتاء.
وذهب الذين قرأوا ذلك بالتذكير، إلى أن النعاس هو الذي يغشى الطائفة من المؤمنين دون الأمَنة، فذكَّره بتذكير " النعاس ". وذهب الذين قرأوا ذلك بالتأنيث، إلى أنّ الأمَنة هي التي تغشاهم فأنثوه لتأنيث " الأمنة ".
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، غير مختلفتين في معنى ولا غيره. لأن " الأمنة " في هذا الموضع هي النعاس، والنعاس هو الأمنة. فسواء ذلك، (2) وبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيبٌ الحقَّ في قراءته. وكذلك جميع ما في القرآن من نظائره من نحو قوله: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (سورة الدخان: 43-45) و أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (سورة القيامة: 37)، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ (سورة مريم: 25). (3) .
فإن قال قائل: وما كان السبب الذي من أجله افترقت الطائفتان اللتان ذكرهما الله عز وجل فيما افترقتا فيه من صفتهما، فأمِنت إحداهما بنفسها حتى نعست، وأهمَّت الأخرى أنفسها حتى ظنت بالله غير الحق ظن الجاهلية؟ قيل: كان سبب ذلك فيما ذكر لنا، كما:- 8072- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أن المشركين انصرفوا يوم أحد بعد الذي كان من أمرهم وأمر المسلمين، فواعدوا النبي ﷺ بدرًا من قابلٍ، فقال نعم! نعم! فتخوف المسلمون أن ينـزلوا المدينة، فبعث رسول الله ﷺ رجلا فقال: " انظر، فإن رأيتهم قعدوا على أثقالهم وجنبوا خيولهم، (4) فإن القوم ذاهبون، وإن رأيتهم قد قعدوا على خيولهم وجنبوا أثقالهم، (5) فإن القوم ينـزلون المدينة، فاتقوا الله واصبروا " ووطَّنهم على القتال. فلما أبصرهم الرسولُ قعدوا على الأثقال سراعًا عجالا نادى بأعلى صوته بذهابهم. فلما رأى المؤمنون ذلك صدَّقوا نبي الله ﷺ فناموا، وبقى أناس من المنافقين يظنون أنّ القوم يأتونهم. فقال الله جل وعز، يذكر حين أخبرهم النبي ﷺ إن كانوا ركبوا الأثقال فإنهم منطلقون فناموا: " ثم أنـزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسًا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحقّ ظن الجاهلية ". 8073- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: أمَّنهم يومئذ بنعاس غشَّاهم. وإنما ينعُسُ من يأمن =" يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ". 8074- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس بن مالك، عن أبي طلحة قال: كنت فيمن أنـزل عليه النعاس يوم أحد أمنة، حتى سقط من يدي مرارًا = قال أبو جعفر: يعني سوطه، أو سيفه. 8075- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال: رفعت رأسي يوم أحُد، فجعلت ما أرى أحدًا من القوم إلا تحت حجفته يميد من النعاس. (6) . 8076- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا أبو داود قال، حدثنا عمران، عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة قال: كنت فيمن صبَّ عليه النعاس يوم أحد. 8077- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، حدثنا أنس بن مالك: عن أبي طلحة: أنه كان يومئذ ممن غشِيه النعاس، قال: كان السيف يسقط من يدي ثم آخذه، من النعاس. 8078- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: ذكر لنا، والله أعلم، عن أنس: أن أبا طلحة حدثهم: أنه كان يومئذ ممن غشيه النعاس، قال: فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه، ويسقط وآخذه، ويسقط = والطائفة الأخرى المنافقون، ليس لهم همَّة إلا أنفسهم،" يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية "، الآية كلها. 8079- حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال، حدثنا ضرار بن صُرد قال، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبيه قال: سألت عبد الرحمن بن عوف عن قول الله عز وجل: " ثم أنـزل عليكم من بعد الغم أمَنةً نعاسًا ". قال: ألقي علينا النوم يوم أحد. 8080- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " ثم أنـزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسًا "، الآية، وذاكم يوم أحد، كانوا يومئذ فريقين، فأما المؤمنون فغشّاهم الله النعاس أمنةً منه ورحمة. 8081- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، نحوه. 8082- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله: " أمنة نعاسًا "، قال: ألقي عليهم النعاس، فكان ذلك أمنةً لهم. 8083- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين قال، قال عبد الله: النعاس في القتال أمنة، والنعاس في الصلاة من الشيطان. 8084- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " ثم أنـزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسًا "، قال: أنـزل النعاس أمنة منه على أهل اليقين به، فهم نيامٌ لا يخافون. (7) 8085- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " أمنة نعاسًا "، قال: ألقى الله عليهم النعاس، فكان " أمنة لهم ". وذكر أن أبا طلحة قال: ألقي عليًّ النعاس يومئذ، فكنت أنعس حتى يسقط سيفي من يدي. 8086- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا إسحاق بن إدريس قال، حدثنا حماد بن سلمة قال، أخبرنا ثابت، عن أنس بن مالك، عن أبي طلحة = وهشام بن عروة، عن عروة، عن الزبير، أنهما قالا لقد رفعنا رءوسنا يوم أحد، فجعلنا ننظر، فما منهم من أحد إلا وهو يميل بجنب حجفته. قال: وتلا هذه الآية: " ثم أنـزل عليكم من بعد الغم أمنةً نعاسًا ".
القول في تأويل قوله : وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " وطائفة منكم "، أيها المؤمنون =" قد أهمتهم أنفسهم "، يقول: هم المنافقون لا هم لهم غير أنفسهم، فهم من حذر القتل على أنفسهم، وخوف المنية عليها في شغل، قد طار عن أعينهم الكرى، يظنون بالله الظنون الكاذبة، ظن الجاهلية من أهل الشرك بالله، شكًا في أمر الله، وتكذيبًا لنبيه ﷺ، وَمحْسَبة منهم أن الله خاذل نبيه ومُعْلٍ عليه أهل الكفر به، (8) يقولون: هل لنا من الأمر من شيء. كالذي:- 8087- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: والطائفة الأخرى: المنافقون، ليس لهم همٌّ إلا أنفسهم، أجبن قوم وأرعبُه وأخذله للحق، يظنون بالله غير الحق ظنونًا كاذبة، إنما هم أهل شك وريبة في أمر الله: يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ . 8088- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: والطائفة الأخرى المنافقون، ليس لهم همة إلا أنفسهم، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قال الله عز وجل: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ الآية. 8089- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " وطائفة قد أهمتهم أنفسهم "، قال: أهل النفاق قد أهمتهم أنفسهم تخوُّف القتل، وذلك أنهم لا يرجون عاقبةٌ. (9) 8090- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وطائفة قد أهمتهم أنفسهم " إلى آخر الآية، قال: هؤلاء المنافقون.
وأما قوله: " ظنّ الجاهلية "، فإنه يعني أهل الشرك. كالذي:- 8091- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " ظنّ الجاهلية "، قال: ظن أهل الشرك. 8092- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله: " ظن الجاهلية "، قال: ظن أهل الشرك.
قال أبو جعفر: وفي رفع قوله: " وطائفة "، وجهان. أحدهما، أن تكون مرفوعة بالعائد من ذكرها في قوله: " قد أهمتهم ". والآخر: بقوله: " يظنون بالله غير الحق "، ولو كانت منصوبة كان جائزًا، وكانت " الواو "، في قوله: " وطائفة "، ظرفًا للفعل، بمعنى: وأهمت طائفة أنفسهم، كما قال وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ (سورة الذاريات: 47). (10)
القول في تأويل قوله : يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قال أبو جعفر: يعني بذلك الطائفة المنافقةَ التي قد أهمَّتهم أنفسهم، يقولون: ليس لنا من الأمر من شيء، قل إن الأمر كله لله، ولو كان لنا من الأمر شيء ما خرجنا لقتال من قاتلنا فقتلونا. كما:- 8093- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قيل لعبد الله بن أبيّ: قُتل بنو الخزرج اليوم! قال: وهل لنا من الأمر من شيء؟ قيل إنّ الأمر كله لله!. (11)
وهذا أمر مبتدأ من الله عز وجل، يقول لنبيه محمد ﷺ: قل، يا محمد، لهؤلاء المنافقين: " إن الأمر كله لله "، يصرفه كيف يشاء ويدبره كيف يحبّ. ثم عاد إلى الخبر عن ذكر نفاق المنافقين، فقال: " يُخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك " يقول: يخفي، يا محمد، هؤلاء المنافقون الذين وصفتُ لك صفتهم، في أنفسهم من الكفر والشك في الله، ما لا يبدون لك. ثم أظهر نبيَّه ﷺ على ما كانوا يخفونه بينهم من نفاقهم، والحسرة التي أصابتهم على حضورهم مع المسلمين مشهدهم بأحد، فقال مخبرًا عن قيلهم الكفرَ وإعلانهم النفاقَ بينهم: " يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا "، يعني بذلك، أنّ هؤلاء المنافقين يقولون: لو كان الخروج إلى حرب من خرجنا لحربه من المشركين إلينا، ما خرجنا إليهم، ولا قُتل منا أحد في الموضع الذي قتلوا فيه بأحد.
وذكر أن ممن قال هذا القول، معتّب بن قشير، أخو بني عمرو بن عوف. *ذكر الخبر بذلك: 8094- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، قال، قال ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: والله إنّي لأسمع قول معتِّب بن قشير، أخي بني عمرو بن عوف، والنعاسُ يغشاني، ما أسمعه إلا كالحلم حين قال: لوْ كان لنا من الأمر شيء ما قُتلنا هاهنا! (12) 8095- حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثني أبي، عن ابن إسحاق قال، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، بمثله.
قال أبو جعفر: واختلفت القراء في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق: ( قُلْ إِنَّ الأمْرَ كُلَّهُ )، بنصب " الكل " على وجه النعت لـ" الأمر " والصفة له.
وقرأه بعض قرأة أهل البصرة: ( قُلْ إِنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ) برفع " الكل "، على توجيه " الكل " إلى أنه اسم، وقوله " لله " خبره، كقول القائل: " إن الأمر بعضه لعبد الله " (13) .
وقد يجوز أن يكون " الكل " في قراءة من قرأه بالنصب، منصوبًا على البدل.
قال أبو جعفر: والقراءة التي هي القراءة عندنا، النصبُ في" الكل " لإجماع أكثر القرأة عليه، من غير أن تكون القراءة الأخرى خطأ في معنى أو عربية. ولو كانت القراءة بالرفع في ذلك مستفيضة في القرأة، لكانت سواءً عندي القراءةُ بأيِّ ذلك قرئ، لاتفاق معاني ذلك بأيَ وجهيه قرئ.
القول في تأويل قوله : قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: قل، يا محمد، للذين وصفت لك صفتهم من المنافقين: لو كنتم في بيوتكم لم تشهدوا مع المؤمنين مشهدهم، ولم تحضروا معهم حرب أعدائهم من المشركين، فيظهرَ للمؤمنين ما كنتم تخفونه من نفاقكم، وتكتمونه من شككم في دينكم (14) =" لبرز الذين كُتب عليهم القتل "، يقول: لظهر للموضع الذي كتب عليه مصرعه فيه، من قد كتب عليه القتل منهم، (15) ولخرج من بيته إليه حتى يصرع في الموضع الذي كُتب عليه أن يصرع فيه. (16) .
وأما قوله: " وليبتلي الله ما في صدوركم "، فإنه يعني به: وليبتلي الله ما في صدوركم، أيها المنافقون، كنتم تبرزون من بيوتكم إلى مضاجعكم.
ويعني بقوله: " وليبتلي الله ما في صدوركم "، وليختبر الله الذي في صدوركم من الشك، فيميِّزكم = بما يظهره للمؤمنين من نفاقكم = من المؤمنين. (17)
وقد دللنا فيما مضى على أنّ معاني نظائر قوله: " ليبتلي الله " و لِيَعْلَمَ اللَّهُ وما أشبه ذلك، وإن كان في ظاهر الكلام مضافًا إلى الله الوصف به، فمرادٌ به أولياؤه وأهل طاعته = (18) وأنّ معنى ذلك: وليختبر أولياءُ الله، وأهل طاعته الذي في صدوركم من الشك والمرض، فيعرفوكم، (فيميّزوكم) من أهل الإخلاص واليقين =" وليمحص ما في قلوبكم "، يقول وليتبينوا ما في قلوبكم من الاعتقاد لله ولرسوله ﷺ وللمؤمنين من العداوة أو الولاية. (19)
" والله عليم بذات الصدور "، يقول: والله ذو علم بالذي في صدور خلقه من خير وشر، وإيمان وكفر، لا يخفى عليه شيء من أمورهم، سرائرها علانيتها، وهو لجميع ذلك حافظ، حتى يجازي جميعهم جزاءهم على قدر استحقاقهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن إسحاق يقول: 8096- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ذكر الله تلاومَهم -يعني: تلاوم المنافقين - وحسرتهم على ما أصابهم، ثم قال لنبيه ﷺ قل: " لو كنتم في بيوتكم "، لم تحضروا هذا الموضع الذي أظهر الله جل ثناؤه فيه منكم ما أظهر من سرائركم، لأخرج الذي كتب عليهم القتل إلى موطن غيره يصرعون فيه، حتى يبتلي به ما في صدوركم =" وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور "، أي لا يخفى عليه ما في صدورهم، (20) مما اسْتَخْفَوْا به منكم. (21) 8097- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا الحارث بن مسلم، عن بحر السقاء، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن قال: سئل عن قوله: " قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم "، قال: كتب الله على المؤمنين أن يقاتلوا في سبيله، وليس كل من يقاتل يُقتل، ولكن يُقتل من كَتب الله عليه القتل. (22) -------------------------- الهوامش : (1) انظر تفسير"الأمن" فيما سلف 3: 29 / 4 : 87. (2) في المطبوعة: "وسواء ذلك" بالواو ، والصواب من المخطوطة. (3) انظر معاني القرآن للفراء 1: 240. (4) الأثقال جمع ثقل (بفتحتين): وهو متاع المسافر ، وعنى به الإبل التي تحمل المتاع. وجنب الفرس والأسير وغيره: قاده إلى جنبه. (5) في المطبوعة والمخطوطة والدر المنثور 2: 87: "وجنبوا على أثقالهم" ، والصواب الذي لا شك فيه حذف"على". (6) "الحجفة": ضرب من الترسة ، تتخذ من جلود الإبل مقورة ، يطارق بعضها على بعض ، ليس فيه خشب ، وهي الحجفة والدرقة."ماد يميد": مال وتحرك واضطرب. (7) الأثر: 8084- سيرة ابن هشام 3: 122 ، وهو من تتمة الأثار التي آخرها: 8067. (8) حسب الشيء يحسبه (بكسر السين) حسبانًا (بكسر الحاء) ومحسبة ومحسبة (بكسر السين وفتحها) ، ظنه طنًا. (9) الأثر: 8089- سيرة ابن هشام 3: 122 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8084. (10) قد استقصى هذا الباب من العربية ، الفراء في معاني القرآن 1: 240 - 242. (11) في المطبوعة: "قل إن الأمر كله لله" كنص الآية ، وأثبت ما في المخطوطة. (12) لم أجد نص الخبر في سيرة ابن هشام ، في خبر أحد ، ولكني وجدت معناه والإشارة إليه قبل أحد في ذكر من اجتمع إلى يهود من منافقي الأنصار 2: 169. (13) انظر معاني القرآن للفراء 1: 243. (14) في المطبوعة: "من شرككم في دينكم" ، والصواب من المخطوطة. (15) انظر تفسير"برز" فيما سلف 5: 354. (16) في المطبوعة: "ويخرج من بيته" ، لم يحسن قراءة المخطوطة. (17) انظر تفسير"الابتلاء" فيما سلف 7: 297 تعليق: 1 ، والمراجع هناك. (18) انظر ما سلف قريبًا ص: 246 ، تعليق 2 ، / ثم انظر 3: 160 - 162. (19) انظر تفسير"محص" فيما سلف ص: 244. (20) في المطبوعة"لا يخفى عليه شيء مما في صدورهم" ، وفي المخطوطة"لا يخفى عليه شيء ما في صدورهم" ، وضرب بالقلم على"شيء" ، ولكن الناشر آثر إثباتها ، وجعل"ما""مما" ، والصواب المطابق لنص السيرة هو ما أثبت. (21) الأثر: 8096- سيرة ابن هشام 3: 122 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8089. (22) الأثر: 8097-"الحارث بن مسلم الرازي المقرئ" ، روى عن الثوري ، والربيع بن صبيح وغيرهما. قال أبو حاتم: "الحارث بن مسلم ، عابد ، شيخ ثقة صدوق. رأيته وصليت خلفه". مترجم في ابن أبي حاتم 1 / 2 / 88. و"بحر السقاء" ، هو"بحر بن كنيز الباهلي السقاء أبو الفضل" روي عن الحسن ، والزهري وقتادة. وهو جد"عمرو بن علي الفلاس". وروى عنه الثوري وكناه ولم يسمه ، قال يحيى بن سعيد القطان: "كان سفيان الثوري يحدثني ، فإذا حدثني عن رجل يعلم أني لا أرضاه كناه لي ، فحدثني يوما قال حدثني أبو الفضل ، يعني بحرًا السقاء". وقال يحيى بن معين: "بحر السقاء ، لا يكتب حديثه". وهو متروك. مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 418.

الآية 154 من سورة آل عِمران باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (154) - Surat Ali 'Imran

Then after distress, He sent down upon you security [in the form of] drowsiness, overcoming a faction of you, while another faction worried about themselves, thinking of Allah other than the truth - the thought of ignorance, saying, "Is there anything for us [to have done] in this matter?" Say, "Indeed, the matter belongs completely to Allah." They conceal within themselves what they will not reveal to you. They say, "If there was anything we could have done in the matter, some of us would not have been killed right here." Say, "Even if you had been inside your houses, those decreed to be killed would have come out to their death beds." [It was] so that Allah might test what is in your breasts and purify what is in your hearts. And Allah is Knowing of that within the breasts

الآية 154 من سورة آل عِمران باللغة الروسية (Русский) - Строфа (154) - Сура Ali 'Imran

После печали Он ниспослал вам успокоение - дремоту, охватившую некоторых из вас. Другие же были озабочены размышлениями о себе. Они несправедливо думали об Аллахе, как это делали во времена невежества, говоря: «Могли ли мы сами принять какое-нибудь решение (или получим ли мы что-нибудь от этого дела)?». Скажи: «Дела (или решения) целиком принадлежат Аллаху». Они скрывают в своих душах то, чего не открывают тебе, говоря: «Если бы мы сами могли принять какое-нибудь решение (или если бы мы чтонибудь получили от этого дела), то не были бы убиты здесь». Скажи: «Даже если бы вы остались в своих домах, то те, кому была предначертана гибель, непременно вышли бы к месту, где им суждено было полечь, и Аллах испытал бы то, что в вашей груди, и очистил бы то, что в ваших сердцах. Аллаху известно о том, что в груди»

الآية 154 من سورة آل عِمران باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (154) - سوره آل عِمران

اس غم کے بعد پھر اللہ نے تم میں سے کچھ لوگوں پر ایسی اطمینان کی سی حالت طاری کر دی کہ وہ اونگھنے لگے مگر ایک دوسرا گروہ، جس کے لیے ساری اہمیت بس اپنے مفاد ہی کی تھی، اللہ کے متعلق طرح طرح کے جاہلانہ گمان کرنے لگا جو سراسر خلاف حق تھے یہ لوگ اب کہتے ہیں کہ، "اس کام کے چلانے میں ہمارا بھی کوئی حصہ ہے؟" ان سے کہو "(کسی کا کوئی حصہ نہیں) اِس کام کے سارے اختیارات اللہ کے ہاتھ میں ہیں" دراصل یہ لوگ اپنے دلوں میں جو بات چھپائے ہوئے ہیں اُسے تم پر ظاہر نہیں کرتے ان کا اصل مطلب یہ ہے کہ، "اگر (قیادت کے) اختیارات میں ہمارا کچھ حصہ ہوتا تو یہاں ہم نہ مارے جاتے" ان سے کہہ دو کہ، "اگر تم اپنے گھروں میں بھی ہوتے تو جن لوگوں کی موت لکھی ہوئی تھی وہ خود اپنی قتل گاہوں کی طرف نکل آتے" اور یہ معاملہ جو پیش آیا، یہ تو اس لیے تھا کہ جو کچھ تمہارے سینوں میں پوشیدہ ہے اللہ اُسے آزما لے اور جو کھوٹ تمہارے دلوں میں ہے اُسے چھانٹ دے، اللہ دلوں کا حال خوب جانتا ہے

الآية 154 من سورة آل عِمران باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (154) - Ayet آل عِمران

Kederden sonra, bir takımınızı kendinden geçirecek şekilde size huzur ve emniyet indirdi; oysa bir takımınız da kendi derdlerine düşmüşlerdi. Haksız yere Allah hakkında, cahiliye devrinde olduğu gibi inanıyorlar. "Bu işte bizim bir fikrimiz var mı?" diyorlardı; De ki: "Buyruğun hepsi Allah'ındır". Sana açmadıklarını içlerinde gizliyorlar. "Bu işte bizim fikrimiz alınsaydı, burada öldürülmezdik" diyorlar. De ki: Evlerinizde olsaydınız, haklarında ölüm yazılı olan kimseler, yine de devrilecekleri yere varırlardı. Bu, Allah'ın içinizde olanı denemesi, kalblerinizde olanı arıtması içindir. Allah gönüllerde olanı bilir

الآية 154 من سورة آل عِمران باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (154) - versículo آل عِمران

Luego de pasada la tribulación, Dios hizo descender sobre ustedes una seguridad y los envolvió en un sueño. Mientras tanto, otro grupo estaba preocupado tan solo por su suerte y pensaban equivocadamente acerca de Dios, a la manera de los paganos, diciendo: "¿Acaso obtuvimos lo que se nos prometió?" Diles: "Todo asunto depende de Dios". Ellos ocultan en sus corazones [la incredulidad] que no te manifiestan. Dicen: "Si nos hubieran consultado, no habría muertos aquí". Respóndeles: "Aunque hubieran permanecido en sus hogares, la muerte habría sorprendido en sus lechos a aquellos para los que estaba decretada". Dios quiso probarlos para evidenciar sus verdaderos sentimientos y purificar sus corazones. Dios bien sabe lo que encierran los pechos