مشاركة ونشر

تفسير الآية المئة وعاشرة (١١٠) من سورة آل عِمران

الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة وعاشرة من سورة آل عِمران ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ﴿١١٠

الأستماع الى الآية المئة وعاشرة من سورة آل عِمران

إعراب الآية 110 من سورة آل عِمران

(كُنْتُمْ) كان واسمها (خَيْرَ) خبرها (أُمَّةٍ) مضاف إليه وقال بعضهم كان تامة بمعنى وجد (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله مستتر والجار والمجرور متعلقان بأخرجت والجملة في محل جر صفة (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) فعل مضارع والواو فاعل والجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة في محل نصب خبر ثان أو حال من التاء (وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عطف وكذلك (وَتُؤْمِنُونَ بِالله) (وَلَوْ) الواو استئنافية لو حرف شرط غير جازم (آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ) فعل ماض وفاعل ومضاف إليه (لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ) اللام واقعة في جواب الشرط كان فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر والتقدير: كان الإيمان خيرا لهم خيرا خبرها لهم متعلقان بخيرا والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها (مِنْهُمُ) متعلقان بمحذوف خبر مقدم (الْمُؤْمِنُونَ) مبتدأ (وَأَكْثَرُهُمُ) مبتدأ (الْفاسِقُونَ) خبره وأعرب بعضهم و(مِنْهُمُ) مبتدأ لأنها بمعنى بعضهم والمؤمنون خبره والجملة معطوفة.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (110) من سورة آل عِمران تقع في الصفحة (64) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (4)

مواضيع مرتبطة بالآية (8 مواضع) :

الآية 110 من سورة آل عِمران بدون تشكيل

كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ﴿١١٠

تفسير الآية 110 من سورة آل عِمران

أنتم - يا أمة محمد - خير الأمم وأنفع الناس للناس، تأمرون بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهون عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وتصدقون بالله تصديقًا جازمًا يؤيده العمل. ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد ﷺ وما جاءهم به من عند الله كما آمنتم، لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة، منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد ﷺ العاملون بها، وهم قليل، وأكثرهم الخارجون عن دين الله وطاعته.

(كنتم) يا أمة محمد في علم الله تعالى (خير أمة أخرجت) أظهرت (للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان) الإيمان (خيرا لهم منهم المؤمنون) كعبد الله بن سلام رضي الله عنه وأصحابه (وأكثرهم الفاسقون) الكافرون.

يمدح تعالى هذه الأمة ويخبر أنها خير الأمم التي أخرجها الله للناس، وذلك بتكميلهم لأنفسهم بالإيمان المستلزم للقيام بكل ما أمر الله به، وبتكميلهم لغيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمن دعوة الخلق إلى الله وجهادهم على ذلك وبذل المستطاع في ردهم عن ضلالهم وغيهم وعصيانهم، فبهذا كانوا خير أمة أخرجت للناس، لما كانت الآية السابقة وهي قوله: ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) أمرا منه تعالى لهذه الأمة، والأمر قد يمتثله المأمور ويقوم به، وقد لا يقوم به، أخبر في هذه الآية أن الأمة قد قامت بما أمرها الله بالقيام به، وامتثلت أمر ربها واستحقت الفضل على سائر الأمم ( ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم ) وفي هذا من دعوته بلطف الخطاب ما يدعوهم إلى الإيمان، ولكن لم يؤمن منهم إلا قليل، وأكثرهم الفاسقون الخارجون عن طاعة الله المعادون لأولياء الله بأنواع العداوة، ولكن من لطف الله بعباده المؤمنين أنه رد كيدهم في نحورهم، فليس على المؤمنين منهم ضرر في أديانهم ولا أبدانهم، وإنما غاية ما يصلون إليه من الأذى أذية الكلام التي لا سبيل إلى السلامة منها من كل معادي، فلو قاتلوا المؤمنين لولوا الأدبار فرارا ثم تستمر هزيمتهم ويدوم ذلهم ولا هم ينصرون في وقت من الأوقات

يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم فقال : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) . قال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف ، عن سفيان ، عن ميسرة ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال : خير الناس للناس ، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام . وهكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والربيع بن أنس ، وعطية العوفي : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) يعني : خير الناس للناس . والمعنى : أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس ، ولهذا قال : ( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) قال الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن عبد الملك ، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة عن زوج ( درة ) بنت أبي لهب ، ( عن درة بنت أبي لهب ) قالت : قام رجل إلى النبي ﷺ وهو على المنبر ، فقال : يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ فقال : " خير الناس أقرؤهم وأتقاهم لله ، وآمرهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر ، وأوصلهم للرحم " . ورواه أحمد في مسنده ، والنسائي في سننه ، والحاكم في مستدركه ، من حديث سماك ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال : هم الذين هاجروا مع رسول الله ﷺ من مكة إلى المدينة . والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة ، كل قرن بحسبه ، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله ﷺ ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، كما قال في الآية الأخرى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) أي : خيارا ( لتكونوا شهداء على الناس ( ويكون الرسول عليكم شهيدا ) ) الآية . وفي مسند الإمام أحمد ، وجامع الترمذي ، وسنن ابن ماجه ، ومستدرك الحاكم ، من رواية حكيم بن معاوية بن حيدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله ﷺ : " أنتم توفون سبعين أمة ، أنتم خيرها ، وأنتم أكرم على الله عز وجل " . وهو حديث مشهور ، وقد حسنه الترمذي


ويروى من حديث معاذ بن جبل ، وأبي سعيد ( الخدري ) نحوه . وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد ﷺ فإنه أشرف خلق الله ، أكرم الرسل على الله ، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يعطه نبيا قبله ولا رسولا من الرسل
فالعمل ( على ) منهاجه وسبيله ، يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه ، كما قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا ابن زهير ، عن عبد الله - يعني ابن محمد بن عقيل - عن محمد بن علي ، وهو ابن الحنفية ، أنه سمع علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، يقول : قال رسول الله ﷺ : " أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء "
فقلنا : يا رسول الله ، ما هو ؟ قال : " نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض ، وسميت أحمد ، وجعل التراب لي طهورا ، وجعلت أمتي خير الأمم "
تفرد به أحمد من هذا الوجه ، وإسناده حسن . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو العلاء الحسن بن سوار ، حدثنا ليث ، عن معاوية عن ابن أبي حليس يزيد بن ميسرة قال : سمعت أم الدرداء ، رضي الله عنها ، تقول : سمعت أبا الدرداء يقول : سمعت أبا القاسم ﷺ ، وما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها ، يقول إن الله تعالى يقول : يا عيسى ، إني باعث بعدك أمة ، إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا ، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ، ولا حلم ولا علم "
قال : يا رب ، كيف هذا لهم ، ولا حلم ولا علم ؟ قال : " أعطيهم من حلمي وعلمي " . وقد وردت أحاديث يناسب ذكرها هاهنا : قال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا المسعودي ، حدثنا بكير بن الأخنس ، عن رجل ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ﷺ : " أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، قلوبهم على قلب رجل واحد ، فاستزدت ربي ، عز وجل ، فزادني مع كل واحد سبعين ألفا "
فقال أبو بكر ، رضي الله عنه : فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى ، ومصيب من حافات البوادي . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، حدثنا هشام بن حسان ، عن القاسم بن مهران ، عن موسى بن عبيد ، عن ميمون بن مهران ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، أن رسول الله ﷺ قال : " إن ربي أعطاني سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب "
فقال عمر : يا رسول الله ، فهلا استزدته ؟ فقال : " استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا "
قال عمر : فهلا استزدته ؟ قال : " قد استزدته فأعطاني هكذا "
وفرج عبد الله بن بكر بين يديه ، وقال عبد الله : وبسط باعيه ، وحثا عبد الله ، قال هشام : وهذا من الله لا يدرى ما عدده . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة قال : قال شريح بن عبيد : مرض ثوبان بحمص ، وعليها عبد الله بن قرط الأزدي ، فلم يعده ، فدخل على ثوبان رجل من الكلاعيين عائدا ، فقال له ثوبان : ( أتكتب ؟ قال : نعم
فقال : اكتب ، فكتب للأمير عبد الله بن قرط ، " من ثوبان )
مولى رسول الله ﷺ ، أما بعد ، فإنه لو كان لموسى وعيسى ، عليهما السلام ، بحضرتك خادم لعدته " ثم طوى الكتاب وقال له : أتبلغه إياه ؟ فقال : نعم
فانطلق الرجل بكتابه فدفعه إلى ابن قرط ، فلما رآه قام فزعا ، فقال الناس : ما شأنه ؟ أحدث أمر ؟ فأتى ثوبان حتى دخل عليه فعاده ، وجلس عنده ساعة ثم قام ، فأخذ ثوبان بردائه وقال : اجلس حتى أحدثك حديثا سمعته من رسول الله ﷺ ، سمعته يقول : " ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا ، لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كل ألف سبعون ألفا " . تفرد به أحمد من هذا الوجه ، وإسناد رجاله كلهم ثقات شاميون حمصيون ، فهو حديث صحيح ولله الحمد . طريق أخرى : قال الطبراني : حدثنا عمرو بن إسحاق بن زبريق الحمصي ، حدثنا محمد بن إسماعيل - يعني ابن عياش - حدثنا أبي ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : " إن ربي ، عز وجل ، وعدني من أمتي سبعين ألفا لا يحاسبون ، مع كل ألف سبعون ألفا "
هذا لعله هو المحفوظ بزيادة أبي أسماء الرحبي ، بين شريح وبين ثوبان والله أعلم . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن ابن مسعود قال : أكثرنا الحديث عند رسول الله ﷺ ذات ليلة ، ثم غدونا إليه فقال : " عرضت علي الأنبياء الليلة بأممها ، فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة ، والنبي ومعه العصابة ، والنبي ومعه النفر ، والنبي ليس معه أحد ، حتى مر علي موسى ، عليه السلام ، ومعه كبكبة من بني إسرائيل ، فأعجبوني ، فقلت : من هؤلاء ؟ فقيل لي : هذا أخوك موسى ، معه بنو إسرائيل "
قال : " قلت : فأين أمتي ؟ فقيل : انظر عن يمينك
فنظرت فإذا الظراب قد سد بوجوه الرجال ، ثم قيل لي انظر عن يسارك ، فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال ، فقيل لي : قد رضيت ؟ فقلت " رضيت يا رب ، ( رضيت يا رب ) " قال : " فقيل لي : إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب "
فقال النبي ﷺ : " فداكم أبي وأمي ، إن استطعتم أن تكونوا من السبعين ألفا فافعلوا ، فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب ، فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق ، فإني قد رأيت ثم أناسا يتهاوشون "
فقام عكاشة بن محصن فقال : ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم
أي من السبعين ، فدعا له
فقام رجل آخر فقال : ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم فقال : " قد سبقك بها عكاشة "
قال : ثم تحدثنا فقلنا : لمن ترون هؤلاء السبعين الألف ؟ قوم ولدوا في الإسلام لم يشركوا بالله شيئا حتى ماتوا
فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال : " هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " . هكذا رواه أحمد بهذا السند وهذا السياق ، ورواه أيضا عن عبد الصمد ، عن هشام ، عن قتادة ، بإسناده مثله ، وزاد بعد قوله : " رضيت يا رب ، رضيت يا رب " قال رضيت ؟ قلت : " نعم "
قال : انظر عن يسارك ، قال : " فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال "
فقال : رضيت ؟ قلت : " رضيت "
وهذا إسناد صحيح من هذا الوجه ، تفرد به أحمد ولم يخرجوه . حديث آخر : قال أحمد بن منيع : حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز ، حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود قال النبي ﷺ : " عرضت علي الأمم بالموسم فراثت علي أمتي ، ثم رأيتهم فأعجبتني كثرتهم وهيئاتهم ، قد ملئوا السهل والجبل " ، فقال : أرضيت يا محمد ؟ فقلت : " نعم "
قال : فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون "
فقام عكاشة فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم فقال : " أنت منهم " فقام رجل آخر فقال : ( ادع الله أن يجعلني منهم فقال ) سبقك بها عكاشة "
رواه الحافظ الضياء المقدسي ، قال : هذا عندي على شرط مسلم . حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا محمد بن محمد الجذوعي القاضي ، حدثنا عقبة بن مكرم
حدثنا محمد بن أبي عدي عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله ﷺ : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب "
قيل : من هم ؟ قال : " هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون "
رواه مسلم من طريق هشام بن حسان ، وعنده ذكر عكاشة . حديث آخر : ثبت في الصحيحين من رواية الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : " يدخل الجنة من أمتي زمرة وهم سبعون ألفا ، تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر "
فقال أبو هريرة : فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم
فقال رسول الله ﷺ : " اللهم اجعله منهم "
ثم قام رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم فقال : " سبقك بها عكاشة " . حديث آخر : قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن النبي ﷺ قال : " ليدخلن من أمتي سبعون ألفا - أو سبعمائة ألف - آخذ بعضهم ببعض ، حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة ، ووجوههم على صورة القمر ليلة البدر " . أخرجه البخاري ومسلم جميعا ، عن قتيبة عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل به . حديث آخر : قال مسلم بن الحجاج في صحيحه : حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن قال : كنت عند سعيد بن جبير فقال : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ قلت : أنا
ثم قلت : أما إني لم أكن في صلاة ، ولكني لدغت : قال : فما صنعت ؟ قلت : استرقيت
قال : فما حملك على ذلك ؟ قلت : حديث حدثناه الشعبي
قال : وما حدثكم الشعبي ؟ قلت : حدثنا عن بريدة بن الحصيب الأسلمي أنه قال : لا رقية إلا من عين أو حمة
فقال : قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي ﷺ قال : " عرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهيط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم ، فظننت أنهم أمتي ، فقيل لي : هذا موسى وقومه ، ولكن انظر إلى الأفق
فنظرت ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : انظر إلى الأفق الآخر ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي : هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب "
ثم نهض فدخل منزله ، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، فقال بعضهم : فلعلهم الذين صحبوا رسول الله ﷺ
وقال بعضهم : فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا ، وذكروا أشياء ، فخرج عليهم رسول الله ﷺ فقال : " ما الذي تخوضون فيه ؟ " فأخبروه ، فقال : " هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون "
فقام عكاشة بن محصن فقال : ادع الله أن يجعلني منهم قال : " أنت منهم "
ثم قام رجل آخر فقال : ادع الله أن يجعلني منهم
قال : " سبقك بها عكاشة " . وأخرجه البخاري عن أسيد بن زيد ، عن هشيم وليس عنده " لا يرقون " . حديث آخر : قال أحمد : حدثنا روح بن عبادة
حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله ﷺ ، فذكر حديثا ، وفيه : " فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفا ، لا يحاسبون ثم الذين يلونهم ، كأضوأ نجم في السماء ثم كذلك "
وذكر بقيته ، رواه مسلم من حديث روح ، غير أنه لم يذكر النبي ﷺ . حديث آخر : قال الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنن له : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن زياد ، سمعت أبا أمامة الباهلي يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول : " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، لا حساب عليهم ولا عذاب
وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل " . وكذا رواه الطبراني من طريق هشام بن عمار ، عن إسماعيل بن عياش ، به ، وهذا إسناد جيد . طريق أخرى عن أبي أمامة : قال ابن أبي عاصم : حدثنا دحيم ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، عن أبي اليمان الهوزني - واسمه عامر بن عبد الله بن لحي ، عن أبي أمامة ، عن رسول الله ﷺ قال : " إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب "
قال يزيد بن الأخنس : والله ما أولئك في أمتك يا رسول الله إلا مثل الذباب الأصهب في الذباب
قال رسول الله ﷺ : " فإن الله وعدني سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، وزادني ثلاث حثيات "
وهذا أيضا إسناد حسن . حديث آخر : قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ﷺ : " إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، ثم يشفع كل ألف لسبعين ألفا ، ثم يحثي ربي ، عز وجل ، بكفيه ثلاث حثيات "
فكبر عمر وقال : إن السبعين الأول يشفعهم الله في آبائهم وأبنائهم وعشائرهم ، وأرجو أن يجعلني الله في إحدى الحثيات الأواخر . قال الحافظ الضياء المقدسي في كتابه صفة الجنة : لا أعلم لهذا الإسناد علة
والله أعلم . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا هشام - يعني الدستوائي - حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، حدثنا عطاء بن يسار أن رفاعة الجهني حدثه قال : أقبلنا مع رسول الله ﷺ حتى إذا كنا بالكديد - أو قال بقديد - فذكر حديثا ، وفيه : ثم قال : وعدني ربي ، عز وجل ، أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، وإني لأرجو ألا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة " . قال الضياء ( المقدسي ) وهذا عندي على شرط مسلم . حديث آخر : قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن أنس قال : قال رسول الله ﷺ : " إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف "
قال أبو بكر : زدنا يا رسول الله
قال : والله هكذا فقال عمر : حسبك يا أبا بكر
فقال أبو بكر : دعني ، وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا ، فقال عمر : إن شاء الله أدخل خلقه الجنة بكف واحد
فقال النبي ﷺ : " صدق عمر " . هذا الحديث بهذا الإسناد انفرد به عبد الرزاق قاله الضياء
وقد رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : حدثنا محمد بن أحمد بن مخلد ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس عن النبي ﷺ قال : وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي مائة ألف "
فقال أبو بكر : يا رسول الله ، زدنا قال : " وهكذا " - وأشار سليمان بن حرب بيده كذلك - قلت يا رسول الله ، زدنا
فقال عمر : إن الله قادر أن يدخل الناس الجنة بحفنة واحدة
فقال رسول الله ﷺ : " صدق عمر "
هذا حديث غريب من هذا الوجه وأبو هلال اسمه : محمد بن سليم الراسبي ، بصري . طريق أخرى عن أنس : قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محمد بن أبي بكر ، حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي ، حدثنا حميد ، عن أنس ، عن النبي ﷺ قال : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا "
قالوا : زدنا يا رسول الله
قال : " لكل رجل سبعون ألفا " قالوا : زدنا - وكان على كثيب - فقال : هكذا ، وحثا بيده
قالوا : يا رسول الله ، أبعد الله من دخل النار بعد هذا ، وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات ، ما عدا عبد القاهر بن السري ، وقد سئل عنه ابن معين ، فقال : صالح . حديث آخر : روى الطبراني من حديث قتادة ، عن أبي بكر بن أنس ، عن أبي بكر بن عمير عن أبيه ، أن النبي ﷺ قال : " إن الله وعدني أن يدخل من أمتي ثلاثمائة ألف الجنة "
فقال عمير : يا رسول الله ، زدنا
فقال هكذا بيده
فقال عمير يا رسول الله ، زدنا
فقال عمر : حسبك ، إن الله إن شاء أدخل الناس الجنة بحفنة - أو بحثية - واحدة
فقال نبي الله ﷺ : " صدق عمر " . حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني عبد الله بن عامر ، أن قيسا الكندي حدث أن أبا سعيد الأنماري حدثه أن رسول الله ﷺ قال : " إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، ويشفع كل ألف لسبعين ألفا ، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه "
كذا قال قيس ، فقلت لأبي سعيد : أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ ؟ قال : نعم ، بأذني ، ووعاه قلبي
قال أبو سعيد : فقال - يعني رسول الله ﷺ - : " وذلك إن شاء الله ، عز وجل ، يستوعب مهاجري أمتي ، ويوفي الله بقيته من أعرابنا " . وقد روى هذا الحديث محمد بن سهل بن عسكر ، عن أبي توبة الربيع بن نافع بإسناده ، مثله
وزاد : قال أبو سعيد : فحسب ذلك عند رسول الله ﷺ ، فبلغ أربعمائة ألف ألف وتسعين ألف ألف . حديث آخر : قال أبو القاسم الطبراني : حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك قال : قال رسول الله ﷺ : " أما والذي نفس محمد بيده ليبعثن منكم يوم القيامة إلى الجنة مثل الليل الأسود ، زمرة جميعها يخبطون الأرض ، تقول الملائكة : لم جاء مع محمد أكثر مما جاء مع الأنبياء ؟ "
وهذا إسناد حسن . نوع آخر من الأحاديث الدالة على فضيلة هذه الأمة وشرفها بكرامتها على الله ، وأنها خير الأمم في الدنيا والآخرة . قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، عن جابر أنه سمع النبي ﷺ يقول : " إني لأرجو أن يكون من يتبعني من أمتي يوم القيامة ربع الجنة "
قال : فكبرنا
ثم قال : " أرجو أن يكونوا ثلث الناس "
قال : فكبرنا
ثم قال : " أرجو أن تكونوا الشطر "
وهكذا رواه عن روح ، عن ابن جريج ، به
وهو على شرط مسلم . وثبت في الصحيحين من حديث أبي إسحاق السبيعي ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال لنا رسول الله ﷺ : " أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ " فكبرنا
ثم قال : " أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ " فكبرنا
ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة " . طريق أخرى عن ابن مسعود : قال الطبراني : حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثني الحارث بن حصيرة ، حدثني القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ : " كيف أنتم وربع الجنة لكم ولسائر الناس ثلاثة أرباعها ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : " كيف أنتم وثلثها ؟ " قالوا : ذاك أكثر
قال : " كيف أنتم والشطر لكم ؟ " قالوا : ذاك أكثر
فقال رسول الله ﷺ : " أهل الجنة عشرون ومائة صف ، لكم منها ثمانون صفا " . قال الطبراني : تفرد به الحارث بن حصيرة . حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، حدثنا ضرار بن مرة أبو سنان الشيباني ، عن محارب بن دثار ، عن ابن بريدة ، عن أبيه أن النبي ﷺ قال : " أهل الجنة عشرون ومائة صف ، هذه الأمة من ذلك ثمانون صفا " . وكذلك رواه عن عفان ، عن عبد العزيز ، به
وأخرجه الترمذي من حديث أبي سنان ، به وقال : هذا حديث حسن
ورواه ابن ماجه من حديث سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، به . حديث آخر : روى الطبراني من حديث سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، حدثنا خالد بن يزيد البجلي ، حدثنا سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله ﷺ قال : " أهل الجنة عشرون ومائة صف ، ثمانون منها من أمتي " . تفرد به خالد بن يزيد البجلي ، وقد تكلم فيه ابن عدي . حديث آخر : قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا موسى بن غيلان ، حدثنا هاشم بن مخلد ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن أبي عمرو ، عن أبيه عن أبي هريرة قال : لما نزلت ( ثلة من الأولين
وثلة من الآخرين ( الواقعة : 38 ، 39 ) )
قال رسول الله ﷺ : " أنتم ربع أهل الجنة ، أنتم ثلث أهل الجنة ، أنتم نصف أهل الجنة ، أنتم ثلثا أهل الجنة " . وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال : " نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، نحن أول الناس دخولا الجنة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق ، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه ، الناس لنا فيه تبع غدا لليهود ( و ) للنصارى بعد غد " . رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ مرفوعا بنحوه ، ورواه مسلم أيضا عن طريق الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : " نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، ونحن أول من يدخل الجنة "
وذكر تمام الحديث . حديث آخر : روى الدارقطني في الأفراد من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله ﷺ قال : " إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها ، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي " . ثم قال : تفرد به ابن عقيل ، عن الزهري ، ولم يرو عنه سواه
وتفرد به زهير بن محمد ، عن ابن عقيل ، وتفرد به عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير . وقد رواه أبو أحمد بن عدي الحافظ فقال : حدثنا أحمد بن الحسين بن إسحاق ، حدثنا أبو بكر الأعين محمد بن أبي عتاب ، حدثنا أبو حفص التنيسي - يعني عمرو بن أبي سلمة - حدثنا صدقة الدمشقي
عن زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الزهري . ورواه الثعلبي : حدثنا أبو عباس المخلدي ، أخبرنا أبو نعم عبد الملك بن محمد ، أخبرنا أحمد بن عيسى التنيسي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، حدثنا صدقة بن عبد الله ، عن زهير بن محمد ، عن ابن عقيل ، به . فهذه الأحاديث في معنى قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم والمدح لهم ، كما قال قتادة : بلغنا أن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) في حجة حجها رأى من الناس سرعة فقرأ هذه الآية : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ثم قال : من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها
رواه ابن جرير . ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله : ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ( لبئس ما كانوا يفعلون ) ( المائدة : 79 ) ) ولهذا لما مدح ( الله ) تعالى هذه الأمة على هذه الصفات شرع في ذم أهل الكتاب وتأنيبهم ، فقال : ( ولو آمن أهل الكتاب ) أي : بما أنزل على محمد ﷺ ( لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ) أي : قليل منهم من يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ، وأكثرهم على الضلالة والكفر والفسق والعصيان .

القول في تأويل قوله جل ثناؤه : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس ". فقال بعضهم: هم الذين هاجروا مع رسول الله ﷺ من مكة إلى المدينة وخاصة، من أصحاب رسول الله ﷺ. *ذكر من قال ذلك: 7606- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال في: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: هم الذين خرجوا معه من مكة. 7607- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية، عن قيس، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة. 7608- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "، قال عمر بن الخطاب: لو شاء الله لقال: " أنتم "، فكنا كلنا، ولكن قال: " كنتم " في خاصة من أصحاب رسول الله ﷺ، ومن صنع مثل صنيعهم، كانوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. 7609- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قال، عكرمة: نـزلت في ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل. 7610- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائيل، عن السدي، عمن حدثه: قال عمر: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا. 7611- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: هم الذين هاجروا مع النبي ﷺ إلى المدينة. (8) 7612- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب قال في حجّة حجّها ورأى من الناس رِعَة سيئة، (9) فقرأ هذه: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، الآية. ثم قال: يا أيها الناس، من سره أن يكون من تلك الأمة، فليؤد شرط الله منها. (10) 7613- حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: هم أصحابُ رسول الله ﷺ خاصة، يعني = وكانوا هم الرواة الدعاة الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم. (11)


وقال آخرون: معنى ذلك: كنتم خير أمة أخرجت للناس، إذا كنتم بهذه الشروط التي وصفهم جل ثناؤه بها. فكان تأويل ذلك عندهم: كنتم خير أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، أخرجوا للناس في زمانكم. *ذكر من قال ذلك: 7614- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، يقول: على هذا الشرط: أن تأمرُوا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله = يقول: لمن أنتم بين ظهرانيه، كقوله: وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (سورة الدخان: 32). 7615- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال يقول: كنتم خير الناس للناس على هذا الشرط: أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر. وتؤمنوا بالله = يقول: لمن بين ظَهريه، كقوله: وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (سورة الدخان: 32). 7616- وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ميسرة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: كنتم خير الناس للناس، تجيئون بهم في السلاسل، تدخلونهم في الإسلام. (12) 7617- حدثنا عبيد بن أسباط قال، حدثنا أبي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية في قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: خيرَ الناس للناس.
وقال آخرون: إنما قيل: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، لأنهم أكثر الأمم استجابة للإسلام. *ذكر من قال ذلك: 7618- حدثت عن عمار بن الحسن قال، (13) حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "، قال: لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة، فمن ثمَ قال: " كنتم خير أمة أخرجت للناس ".
وقال بعضهم: عنى بذلك أنهم كانوا خير أمة أخرجت للناس. *ذكر من قال ذلك: 7619- حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن في قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "، قال: قد كان ما تسمعُ من الخير في هذه الأمة. 7620- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة قال: كان الحسن يقول: نحن آخرُها وأكرمُها على الله.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قال الحسن، وذلك أن: 7621- يعقوب بن إبراهيم حدثني قال، حدثنا ابن علية، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: " ألا إنكم وفيَّتم سبعين أمَّة، أنتم آخرها وأكرمها على الله " . 7622- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أنه سمع النبي ﷺ يقول في قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس "، قال: " أنتم تتمُّون سبعين أمة، أنتم خيرُها وأكرمها على الله ". (14) 7623- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، ذُكر لنا أن نبي الله ﷺ قال ذات يوم وهو مسند ظهره إلى الكعبة: " نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرُها ".
وأما قوله: " تأمرون بالمعروف "، فإنه يعني: تأمرون بالإيمان بالله ورسوله، والعمل بشرائعه =" وتنهون عن المنكر "، يعني: وتنهون عن الشرك بالله. وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه، كما:- 7624- حدثنا علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس ". يقول: تأمرونهم بالمعروف: أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، والإقرار بما أنـزل الله، وتقاتلونهم عليه، و " لا إله إلا الله "، هو أعظم المعروف = وتنهونهم عن المنكر، والمنكر هو التكذيب، وهو أنكرُ المنكر.
وأصل " المعروف " كل ما كان معروفًا فعله، جميلا مستحسنًا، (15) غير مستقبح في أهل الإيمان بالله، وإنما سميت طاعة الله " معروفًا "، لأنه مما يعرفه أهل الإيمان ولا يستنكرون فعله. (16) .
وأصل " المنكر "، ما أنكره الله، ورأوه قبيحًا فعلهُ، ولذلك سميت معصية الله " منكرًا "، لأن أهل الإيمان بالله يستنكرون فعلها، ويستعظمون رُكوبها. (17)
وقوله: " وتؤمنون بالله "، يعني: تصدّقون بالله، فتخلصون له التوحيد والعبادة.
قال أبو جعفر: فإن سأل سائل فقال: وكيف قيل: " كنتم خير أمة "، وقد زعمتَ أن تأويل الآية: أنّ هذه الأمة خيرُ الأمم التي مضت، وإنما يقال: " كنتم خير أمة "، لقوم كانوا خيارًا فتغيَّروا عما كانوا عليه؟ قيل: إنّ معنى ذلك بخلاف ما ذهبتَ إليه، وإنما معناه: أنتم خير أمة، كما قيل: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ (الأنفال: 26) وقد قال في موضع آخر: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ (الأعراف: 86) فإدخال " كان " في مثل هذا وإسقاطها بمعنى واحد، لأن الكلام معروف معناه. (18) ولو قال أيضا في ذلك قائل: " كنتم "، بمعنى التمام، كان تأويله: خُلقتم خير أمة = أو: وجدتم خير أمة، كان معنى صحيحًا.
وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى ذلك: كنتم خير أمة عند الله في اللوح المحفوظ، أخرجت للناس.
والقولان الأولان اللذان قلنا، أشبهُ بمعنى الخبر الذي رويناه قبلُ.
وقال آخرون: معنى ذلك: كنتم خير أهل طريقة. وقال: " الأمة ": الطريقة. (19) ------------------- الهوامش : (8) الأثر: 7611- رواه أحمد في المسند رقم: 2463 ، 2928 ، 2989 ، 3321 ، وإسناده صحيح. وأخرجه الحاكم في المستدرك 2: 294 ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. (9) الرعة (بكسر الراء وفتح العين) أصلها من الورع ، مثل"العدة" من"الوعد". والرعة: الهدى وسوء الهيئة أو حسن الهيئة ، أي هي بمعنى: الشأن والأمر والأدب. وفي حديث الحسن: "ازدحموا عليه فرأى منهم رعة سيئة فقال: اللهم إليك" ، أي سوء أدب ، لم يحسنوا الكف عما يشين. (10) قوله: "شرط الله منها" ، أي شرط الله الذي طلبه منها. (11) قد مضى تفسير معنى"الرواة" في الأثر رقم 7597 ، والتعليق عليه. (12) الأثر: 7616- أخرجه البخاري من طريق محمد بن سفيان عن ميسرة. (الفتح 8: 169) وقال الحافظ: "ميسرة: هو ابن عمار الأشجعي ، كوفي ثقة ماله في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في بدء الخلق". و"أبو حازم" هو"سلمان الأشجعي الكوفي" ، وفي الفتح"سليمان" ، وهو خطأ وتصحيف. ولفظ البخاري: "تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم ، حتى يدخلوا في الإسلام". وقد استوفى الحافظ في هذا الموضع ، الحديث عن معنى الآية ، وذكر أكثر الآثار التي سلفت ، والتي ستأتي بعد. (13) في المطبوعة: "عمار بن الحسين" ، وهو خطأ ، والصواب في المخطوطة. (14) الحديثان: 7621 ، 7622- هما حديث واحد بإسنادين. وقد مضى بالإسنادين معًا مجموعين ، برقم: 873. وقد خرجناه هناك مفصلا ، وأشرنا إلى مواضعه هنا في طبعة بولاق. ونزيد هنا أنه رواه أيضا الحاكم في المستدرك 4: 84 ، من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، بالإسناد الثاني هنا. وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. ثم أشار الحاكم إلى متابعة سعيد الجريري ، بروايته إياه عن حكيم بن معاوية. ثم رواه من طريق يزيد بن هارون ، عن الجريري. ورواية الجريري سبق أن خرجناها هناك من رواية أحمد في المسند. وذكره الحافظ في الفتح 8: 169 ، مشيرًا إلى رواية الطبري إياه ، ثم قال: "وهو حديث حسن صحيح. أخرجه الترمذي وحسنه. وابن ماجه ، والحاكم وصححه". وقد ورد معناه أيضًا ، ضمن حديث مطول عن أبي سعيد الخدري ، مرفوعا ، رواه أحمد في المسند: 11609 (ج3 ص 61 حلبى). وإسناده صحيح. (15) في المطبوعة: "كل ما كان معروفًا ، ففعله جميل مستحسن" ، غيروا نص المخطوطة. ظنًا منهم أنه غير مستقيم ، وهو أحسن استقامة مما أثبتوا!! بل هو الصواب المحض. (16) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف قريبًا ص: 91 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك. (17) انظر تفسير"المنكر" فيما سلف قريبا ص: 91. (18) انظر معاني القرآن للفراء 1: 229. (19) انظر تفسير"أمة" فيما سلف 1: 221 / ثم هذا ص 90 ، والمراجع هناك في التعليق.

الآية 110 من سورة آل عِمران باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (110) - Surat Ali 'Imran

You are the best nation produced [as an example] for mankind. You enjoin what is right and forbid what is wrong and believe in Allah. If only the People of the Scripture had believed, it would have been better for them. Among them are believers, but most of them are defiantly disobedient

الآية 110 من سورة آل عِمران باللغة الروسية (Русский) - Строфа (110) - Сура Ali 'Imran

Вы являетесь лучшей из общин, появившейся на благо человечества, повелевая совершать одобряемое, удерживая от предосудительного и веруя в Аллаха. Если бы люди Писания уверовали, то это было бы лучше для них. Среди них есть верующие, но большинство из них - нечестивцы

الآية 110 من سورة آل عِمران باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (110) - سوره آل عِمران

اب دنیا میں وہ بہترین گروہ تم ہو جسے انسانوں کی ہدایت و اصلاح کے لیے میدان میں لایا گیا ہے تم نیکی کا حکم دیتے ہو، بدی سے روکتے ہو اور اللہ پر ایمان رکھتے ہو یہ اہل کتاب ایمان لاتے تو انہی کے حق میں بہتر تھا اگرچہ ان میں کچھ لوگ ایمان دار بھی پائے جاتے ہیں مگر اِن کے بیشتر افراد نافرمان ہیں

الآية 110 من سورة آل عِمران باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (110) - Ayet آل عِمران

Siz, insanlar için ortaya çıkarılan, doğruluğu emreden, fenalıktan alıkoyan, Allah'a inanan hayırlı bir ümmetsiniz. Kitap ehli inanmış olsalardı, kendileri için daha hayırlı olurdu; içlerinde inananlar olmakla beraber, çoğu yoldan çıkmıştır

الآية 110 من سورة آل عِمران باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (110) - versículo آل عِمران

[¡Musulmanes!] Son la mejor nación que haya surgido de la humanidad porque ordenan el bien, prohíben el mal y creen en Dios. Si la Gente del Libro creyera, sería mejor para ellos; algunos de ellos son creyentes, pero la mayoría son desviados