(إِنَّ) حرف مشبه بالفعل (الَّذِينَ) اسم موصول في محل نصب اسم إن والجملة مستأنفة (كَفَرُوا) ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو فاعل والجملة صلة لا محل لها (وَيَصُدُّونَ) الواو عاطفة ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة على كفروا (عَنْ سَبِيلِ) متعلقان بيصدون (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه (وَالْمَسْجِدِ) معطوف على سبيل (الْحَرامِ) صفة (الَّذِي) اسم موصول في محل جر صفة أو بدل من المسجد (جَعَلْناهُ) ماض وفاعله ومفعوله الأول والجملة صلة (لِلنَّاسِ) متعلقان بمحذوف حال (سَواءً) مفعول به ثان أو حال إذا كان الفعل غير متعد لمفعولين (الْعاكِفُ) فاعل لسواء (فِيهِ) متعلقان بالعاكف (وَالْبادِ) الواو عاطفة والباد معطوف على العاكف (وَمَنْ) الواو استئنافية ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ والجملة مستأنفة (يُرِدْ) مضارع فاعله مستتر (فِيهِ) متعلقان بيرد (بِإِلْحادٍ) الباء زائدة وإلحاد مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به (بِظُلْمٍ) متعلقان بمحذوف صفة لإلحاد (نُذِقْهُ) مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط فاعله مستتر تقديره نحن والهاء مفعول به وجملتا الشرط والجواب في محل رفع خبر من (مِنْ عَذابٍ) متعلقان بنذقه (أَلِيمٍ) صفة لعذاب مجرورة مثلها
هي الآية رقم (25) من سورة الحج تقع في الصفحة (335) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (17) ، وهي الآية رقم (2620) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم
المسجد الحرام : مكة (الحرم) ، العاكف فيه : المقيم فيه الملازم له ، الباد : الطارئ غير المقيم ، بإلحاد بظلم : بميل عن الحق إلى الباطل
إن الذين كفروا بالله، وكذبوا بما جاءهم به محمد ﷺ، ويمنعون غيرهم من الدخول في دين الله، ويصدون رسول الله ﷺ والمؤمنين في عام "الحديبية" عن المسجد الحرام، الذي جعلناه لجميع المؤمنين، سواء المقيم فيه والقادم إليه، لهم عذاب أليم موجع، ومن يرد في المسجد الحرام الميْلَ عن الحق ظلمًا فيَعْصِ الله فيه، نُذِقْه مِن عذاب أليم موجع.
(إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله) طاعته (و) عن (المسجد الحرام الذي جعلناه) منسكا ومتعبدا (للناس سواءً العاكف) المقيم (فيه والباد) الطارئ (ومن يرد فيه بإلحاد) الباء زائدة (بظلم) أي بسببه بأن ارتكب منهيا، ولو شتم الخادم (نذقه من عذاب أليم) مؤلم: أي بعضه، ومن هذا يؤخذ خبر إن: أي نذيقهم من عذاب أليم.
يخبر تعالى عن شناعة ما عليه المشركون الكافرون بربهم، وأنهم جمعوا بين الكفر بالله ورسوله، وبين الصد عن سبيل الله ومنع الناس من الإيمان، والصد أيضا عن المسجد الحرام، الذي ليس ملكا لهم ولا لآبائهم، بل الناس فيه سواء، المقيم فيه، والطارئ إليه، بل صدوا عنه أفضل الخلق محمدا وأصحابه، والحال أن هذا المسجد الحرام، من حرمته واحترامه وعظمته، أن من يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم.فمجرد إرادة الظلم والإلحاد في الحرم، موجب للعذاب، وإن كان غيره لا يعاقب العبد عليه إلا بعمل الظلم، فكيف بمن أتى فيه أعظم الظلم، من الكفر والشرك، والصد عن سبيله، ومنع من يريده بزيارة، فما ظنكم أن يفعل الله بهم؟"وفي هذه الآية الكريمة، وجوب احترام الحرم، وشدة تعظيمه، والتحذير من إرادة المعاصي فيه وفعلها.
يقول تعالى منكرا على الكفار في صدهم المؤمنين عن إتيان المسجد الحرام ، وقضاء مناسكهم فيه ، ودعواهم أنهم أولياؤه : ( وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون ) ( الأنفال : 34 ) . وفي هذه الآية دليل ( على ) أنها مدنية ، كما قال في سورة " البقرة " : ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله ) ( البقرة : 217 ) ، وقال : هاهنا : ( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام ) أي : ومن صفتهم مع كفرهم أنهم يصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام ، أي : ويصدون عن المسجد الحرام من أراده من المؤمنين الذين هم أحق الناس به في نفس الأمر ، وهذا التركيب في هذه الآية كقوله تعالى : ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ( الرعد : 28 ) أي : ومن صفتهم أنهم تطمئن قلوبهم بذكر الله . وقوله : ( الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ) ( أي : يمنعون الناس عن الوصول إلى المسجد الحرام ، وقد جعله الله شرعا سواء ، لا فرق فيه بين المقيم فيه والنائي عنه البعيد الدار منه ، ( سواء العاكف فيه والباد ) ) ومن ذلك استواء الناس في رباع مكة وسكناها ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( سواء العاكف فيه والباد ) قال : ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام . وقال مجاهد ( في قوله ) : ( سواء العاكف فيه والباد ) : أهل مكة وغيرهم فيه سواء في المنازل
يقول تعالى ذكره: إن الذين جحدوا توحيد الله، وكذّبوا رسله وأنكروا ما جاءهم به من عند ربهم ( وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) يقول: ويمنعون الناس عن دين الله أن يدخلوا فيه، وعن المسجد الحرام الذي جعله الله للناس الذين آمنوا به كافة لم يخصص منها بعضا دون بعض;( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) يقول: معتدل في الواجب عليه من تعظيم حرمة المسجد الحرام، وقضاء نسكه به، والنـزول فيه حيث شاء العاكف فيه، وهو المقيم به; والباد: وهو المنتاب إليه من غيره. واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: سواء العاكف فيه وهو المقيم فيه؛ والباد، في أنه ليس أحدهما بأحقّ بالمنـزل فيه من الآخر. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن سابط، قال: كان الحجاج إذا قدموا مكة لم يكن أحد من أهل مكة بأحق بمنـزله منهم، وكان الرجل إذا وجد سعة نـزل. ففشا فيهم السرق، وكل إنسان يسرق من ناحيته، فاصطنع رجل بابا، فأرسل إليه عمر: أتخذت بابا من حجاج بيت الله؟ فقال: لا إنما جعلته ليحرز متاعهم، وهو قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) قال: الباد فيه كالمقيم، ليس أحد أحقّ بمنـزله من أحد إلا أن يكون أحد سبق إلى منـزل. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي حصين، قال: قلت لسعيد بن جُبير: أعتكف بمكة، قال: أنت عاكف. وقرأ: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) . حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام عن عنبسة، عمن ذكره، عن أبي صالح: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) العاكف: أهله، والباد: المنتاب في المنـزل سواء. حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) يقول: ينـزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) قال: العاكف فيه: المقيم بمكة؛ والباد: الذي يأتيه هم فيه سواء في البيوت. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) سواء فيه أهله وغير أهله. حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله. حدثنا ابن حميد، قال ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) قال: أهل مكة وغيرهم في المنازل سواء. وقال آخرون في ذلك نحو الذي قلنا فيه. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ ) قال: الساكن، ( والباد ) الجانب سواء حقّ الله عليهما فيه. * حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ ) قال: الساكن ( والباد) الجانب. قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن مجاهد وعطاء: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ ) قالا من أهله، ( والباد ) الذي يأتونه من غير أهله هما في حرمته سواء. وإنما اخترنا القول الذي اخترنا في ذلك، لأن الله تعالى ذكره، ذكر في أول الآية صدّ من كفر به من أراد من المؤمنين قضاء نسكه في الحرم عن المسجد الحرام، فقال: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) ثم ذكر جلّ ثناؤه صفة المسجد الحرام، فقال: ( الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ ) فأخبر جلّ ثناؤه أنه جعله للناس كلهم، فالكافرون به يمنعون من أراده من المؤمنين به عنه، ثم قال: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) فكان معلوما أن خبره عن استواء العاكف فيه والباد، إنما هو في المعنى الذي ابتدأ الله الخبر عن الكفار أنهم صدّوا عنه المؤمنين به، وذلك لا شك طوافهم وقضاء مناسكهم به والمقام، لا الخبر عن ملكهم إياه وغير ملكهم. وقيل: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) فعطف بيصدون وهو مستقبل على كفروا، وهو ماض، لأن الصدّ بمعنى الصفة لهم والدوام. وإذا كان ذلك معنى الكلام، لم يكن إلا بلفظ الاسم أو الاستقبال، ولا يكون بلفظ الماضي. وإذا كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: إن الذين كفروا من صفتهم الصدّ عن سبيل الله، وذلك نظير قول الله: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ . وأما قوله: ( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ ) فإن قرّاء الأمصار على رفع " سواءٌ " بالعاكف، والعاكف به، وإعمال جعلناه في الهاء المتصلة به، واللام التي في قوله للناس، ثم استأنف الكلام بسواء، وكذلك تفعل العرب بسواء إذا جاءت بعد حرف قد تمّ الكلام به، فتقول: مررت برجل سواء عنده الخير والشر، وقد يجوز في ذلك الخفض، وإنما يختار الرفع في ذلك لأن سواء في مذهب واحد عندهم، فكأنهم قالوا: مررت برجل واحد عنده الخير والشرّ. وأما من خفضه فإنه يوجهه إلى معتدلٍ عنده الخير والشرّ، ومن قال ذلك في &; 18-598 &; سواء فاستأنف به، ورفع لم يقله في معتدل، لأن معتدل فعل مصرّح، وسواء مصدر فإخراجهم إياه إلى الفعل كإخراجهم حسب في قولهم: مررت برجل حسبك من رجل إلى الفعل. وقد ذُكر عن بعض القرّاء أنه قرأه نصبا على إعمال جعلناه فيه، وذلك وإن كان له وجه في العربية، فقراءة لا أستجيز القراءة بها لإجماع الحجة من القرّاء على خلافه. وقوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) يقول تعالى ذكره: ومن يرد فيه إلحادا بظلم نذقه من عذاب أليم، وهو أن يميل في البيت الحرام بظلم، وأدخلت الباء في قوله بإلحاد، والمعنى فيه ما قلت، كما أدخلت في قوله: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ والمعنى: تنبت الدهن، كما قال الشاعر: بِـوَادِ يَمَـانٍ ينبـت الشَّـثَّ صَـدْرُهُ وأسْـــفَلُهُ بـــالمَرْخِ والشَّــبَهانِ (1) والمعنى: وأسفله ينبت المرخ والشبهان؛ وكما قال أعشى بني ثعلبة: ضَمِنَــتْ بِـرزْقِ عِيالِنـا أرْماحُنـا بيــنَ المَرَاجِـلِ والصَّـرِيحِ الأجْـرَدِ (2) بمعنى: ضمنت رزق عيالنا أرماحنا في قول بعض نحويي البصريين. وأما بعض نحويي الكوفيين فإنه كان يقول: أدخلت الياء فيه، لأن تأويله: ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم. وكان يقول: دخول الباء في أن أسهل منه في " إلحاد " وما أشبهه، لأن أن تضمر الخوافض معها كثيرا، وتكون كالشرط، فاحتملت دخول الخافض وخروجه، لأن الإعراب لا يتبين فيها، وقال في المصادر: يتبين الرفع والخفض فيها، قال: وأنشدني أبو الجَرَّاح: فَلَمَّـا رَجَـتْ بالشُّـرْبِ هَزَّ لَها العَصَا شَــحَيحٌ لــهُ عِنْــدَ الأدَاءِ نَهِيـمُ (3) وقال امرؤ القيس: ألا هَــلْ أتاهــا والحَـوَادِثُ جَمَّـةٌ بـأنَّ أمـرأ القَيْسِ بـنَ تَمْلِـكَ بَيْقَـرَا (4) قال: فأدخل الباء على أن وهي في موضع رفع كما أدخلها على إلحاد، وهو في موضع نصب، قال: وقد أدخلوا الباء على ما إذا أرادوا بها المصدر، كما قال الشاعر: ألَــمْ يَــأْتِيكَ والأنْبــاءُ تَنْمــي بِمَــا لاقَــتْ لَبُــونُ بَنِـي زِيـادِ (5) وقال: وهو في " ما " أقل منه في " أن "، لأن " أن " أقلّ شبها بالأسماء من " ما ". قال: وسمعت أعرابيا من ربيعه، وسألته عن شيء، فقال: أرجو بذاك: يريد أرجو ذاك. واختلف أهل التأويل في معنى الظلم الذي من أراد الإلحاد به في المسجد الحرام، أذاقه الله من العذاب الأليم، فقال بعضهم: ذلك هو الشرك بالله وعبادة غيره به: أي بالبيت. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) يقول: بشرك. حدثنا عليّ، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد، قي قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) هو أن يعبد فيه غير الله. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال: هو الشرك، من أشرك في بيت الله عذّبه الله. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن قتادة، مثله. وقال آخرون: هو استحلال الحرام فيه أو ركوبه. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) يعني أن تستحلّ من الحرام ما حرّم الله عليك من لسان أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك، فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال: يعمل فيه عملا سيئا. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد مثله. حدثنا أبو كريب ونصر بن عبد الرحمن الأوْدِيّ قالا ثنا المحاربيّ، عن سفيان عن السُّديّ، عن مرّة عن عن عبد الله، قال: ما من رجل يهمّ بسيئة فتكتب عليه، ولو أن رجلا بعد أن بين همّ أن يقتل رجلا بهذا البيت، لأذاقه الله من العذاب الأليم. حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا شعبة، عن السديّ، عن مرّة، عن عبد الله، قال مجاهد، قال يزيد، قال لنا شعبة، رفعه، وأنا لا أرفعه لك في قول الله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) قال: لو أن رجلا همّ فيه بسيئة وهو بعد أن أبين، لأذاقه الله عذابا أليما. حدثنا الفضل بن الصباح، قال: ثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال: إن الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو في بلد آخر ولم يعملها، فتكتب عليه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) قال: الإلحاد: الظلم في الحرم. وقال آخرون: بل معنى ذلك الظلم: استحلال الحرم متعمدا. * ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: ( بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قال: الذي يريد استحلاله متعمدا، ويقال الشرك. وقال آخرون: بل ذلك احتكار الطعام بمكة. * ذكر من قال ذلك: حدثني هارون بن إدريس الأصمّ، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أشعث، عن حبيب بن أبي ثابت في قوله: ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) قال: هم المحتكرون الطعام بمكة. وقال آخرون: بل ذلك كل ما كان منهيا عنه من الفعل، حتى قول القائل: لا والله، وبلى والله. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: كان له فسطاطان: أحدهما في الحلّ، والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحلّ، فسئل عن ذلك، فقال: كنا نحدّث أن من الإلحاد فيه أن يقول الرجل: كلا والله، وبلى والله. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن أبي ربعي، عن الأعمش، قال: كان عبد الله بن عمرو يقول: لا والله وبلى والله من الإلحاد فيه. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرناها في تأويل ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن مسعود وابن عباس، من أنه معنيّ بالظلم في هذا الموضع كلّ معصية لله، وذلك أن الله عم بقوله ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) ولم يخصص به ظلم دون ظلم في خبر ولا عقل، فهو على عمومه. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ومن يرد في المسجد الحرام بأن يميل بظلم، فيعصي الله فيه، نذقه يوم القيامة من عذاب موجع له. وقد ذُكر عن بعض القرّاء أنه كان يقرأ ذلك (وَمَنْ يَرِدْ فِيه ) بفتح الياء بمعنى: ومن يرده بإلحاد من وَرَدْت المكان أرِدْه. وذلك قراءة لا تجوز القراءة عندي بها لخلافها ما عليه الحجة من القرّاء مجمعة مع بعدها من فصيح كلام العرب، وذلك أنَّ يَرِدْ فعل واقع، يقال منه: وهو يَرِد مكان كذا أو بلدة كذا، ولا يقال: يَرِد في مكان كذا. وقد زعم بعض أهل المعرفة بكلام العرب، أن طَيِّئا تقول: رغبت فيك، تريد: رغبت بك، وذكر أن بعضهم أنشده بيتا: وأرْغَـبُ فِيهـا عَـنْ لَقِيـطٍ وَرَهْطِـهِ وَلَكِـنَّنِي عَـنْ سِـنْبِس لَسْـتُ أرْغَبُ (6) بمعنى: وأرغب بها. فإن كان ذلك صحيحا كما ذكرنا، فإنه يجوز في الكلام، فأما القراءة به فغير جائزة لما وصفت. ------------------------ الهوامش: (1) البيت للأحول اليشكري ، واسمه يعلى قاله في ( اللسان : شبه ) نقله عن أبي عبيدة . وقد مر هذا الشاهد على مثل ما استشهد به المؤلف هنا ، عند قوله تعالى : " وهزي إليك بجذع النخلة " ( 16 : 72 ) ووفينا الكلام في رواياته وتخريجه ، فراجعه ثمة . (2) هذا البيت ينسب لأعشى بني قيس بن ثعلبة ، ولم أجد في ديوانه قصيدة دالية مكسورة من بحر الكامل ، ووجدت البيت في دالية منصوبة باختلاف في رواية وهذا هو البيت مع البيتين قبله : جَــعَلَ الإلَـهُ طَعامَنـا فــي مالِنـا رِزْقــا تَضَمَّنَــهُ لَنــا لَـنْ يَنْفَـدا مِثْــلَ الهِضَــابِ جَـزَارَةً لسُـيُوفنا فــإذَا تُـــراعُ فِإنَّهَـا لَـنْ تُطْـرَدَا ضَمنَــتْ لَنــا أعْجَـازُهُنَّ قُدُورَنـا وَضُـرُوعُهُنَّ لَنـا الصَّـرِيحَ الأجْـرَدَا ومعنى الأبيات : جعل الله طعامنا في الإبل ، نرحلها حيث نشاء رزقا لا ينفد . وهي ضخمة كالهضاب نعقرها بسيوفنا للضيفان ، لا يطردها مروع أو مغير ، وقد ضمنت أعجازها لنا قدورنا أن تفرغ ، لسمنها وكثرة لحمها ، وضمنت ضروعها لنا اللبن خالصا صافيا . ( انظر الديوان ، طبع القاهرة ، ص 230 بشرح الدكتور محمد حسين ) . وفي اللسان رواية أخرى للبيت ، مع نسبته للأعشى ( في : جرد ) قال : ألبن وجرد لا رغوة قال الأعشى : ضَمِنَــتْ لَنــا أعْجَـازَهُ أرْماحُنـا مِـلْءَ المَرَاجِـلِ والصَّـرِيحَ الأجْـرَدَا وعلى هاتين الروايتين لا شاهد في البيت ؛ لأن المؤلف إنما ساقه شاهدا على زيادة الباء في قوله " برزق " ولا باء زائدة في هاتين الروايتين . وقد جعل الباء في قوله ( برزق ) نظير الباء التي في الآية : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ أي على تقدير ومن يرد فيه إلحادا بظلم . (3) هذا البيت من شواهد الفراء تلميذ الكسائي وهما زعيما نحاة أهل الكوفة وهو مما أنشده إباه أبو الجراح أحد الأعراب الذين كان يأخذ عنهم اللغة ( انظره في معاني القرآن للفراء ، الورقة 10 من مصورة الجامعة ) . والنهيم كما في ( اللسان : نهم ) : صوت كأنه زحير . وقيل صوت فوق الزئير . والنهيم صوت وتوعد وزجر . والضمير في لها : لعله راجع إلى الإبل التي أرادت الشرب ، حتى إذا كادت تبلغ الماء ، هز لها العصا ، وردها عنه ، رجل له صوت شديد منكر . والشاهد في البيت أن الباء الزائدة في قوله ( بالشرب ) داخلة على مصدر صريح ، وأن الفراء يرى أن دخولها على المصدر المؤول بأن أو بما والفعل ، أحسن من دخولها على المصدر الصريح . وقال الفراء : قوله " ومن يرد فيه بإلحاد بظم " دخلت الباء في الإلحاد ، لأن تأويله : ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم ، ودخول الباء في " أن " أسهل منه في الإلحاد ، وما أشبه ، لأن " أن " تضمر الخفوض معها كثيرا ( يريد حروف الخفض ) فاحتملت دخول الخافض وخروجه ، لأن الإعراب لا يتبين فيها ، وقل في المصادر ( أي الصريحة ) لتبين الخفض والرفع فيها ؛ أنشدني أبو الجراح : " فلما رجت بالشرب هز لها العصا " . . . . البيت . (4) البيت لامرئ القيس بن حجر ( العقد الثمين لألولاد ص 130 ) وليس في رواية الأعلم الشنتمري لديوان امرئ القيس . والبيت شاهد كالذي قبله على أن الباء في قوله ( بأن ) زائدة في المصدر المؤول المرفوع وهي أحسن منها في المصدر الصريح لخفاء الإعراب معها . وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن ، ساقه مع الشاهد الذي قبله ( انظر معاني القرآن للفراء ، الورقة 310 ) قال : أدخل الباء على ( أن ) وهي في موضع رفع كما أدخلها على الإلحاد بظلم ، وهو في موضع نصب . (5) البيت لقيس بن زهير العبسي كما في ( النوادر لأبي زيد الأنصاري ، ص 203 ) ولم تحذف الياء في قوله ( يأتيك ) للجازم ، للضرورة . والبيت من شواهد الفراء في ( معاني القرآن ، ص 310 ) على أنهم قد يدخلون الحرف الزائد على المصدر المؤول بما وما بعدها . قال : وقد أدخلوها على ( ما ) إذا أرادوا ( أن ) أقل شبها بالأسماء من ( ما ) . وسمعت أعرابيا من ربيعة وسألته عن شيء ، فقال : أرجو بذلك ، يريد : أرجو ذاك . (6) البيت سبق الاستشهاد به على مثل ما استشهد به المؤلف هنا ، في ( 13 : 189 ) وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن ، الورقة 161 ، والورقة 310 من مصورة الجامعة ( على أن من العرب من يجعل ) ( في ) في موضع الباء ، فيقول أدخلك الله بالجنة ، يريد : في الجنة . قال الفراء في ( ص 310 ) : وقد يجوز في لغة الطائيين : لأنهم يقولون : رغبت فيك ، يريدون : رغبت بك . أنشدني بعضهم : " وأرغب فيها عن لقيط " . . . . البيت . يعني بنته . أه .
Indeed, those who have disbelieved and avert [people] from the way of Allah and [from] al-Masjid al-Haram, which We made for the people - equal are the resident therein and one from outside; and [also] whoever intends [a deed] therein of deviation [in religion] or wrongdoing - We will make him taste of a painful punishment
Воистину, тем, которые не веруют, сбивают других с пути Аллаха, не пускают их в Заповедную мечеть, которую Мы воздвигли для всех людей, независимо от того, проживают они в ней или кочуют, а также тем, кто желает там уклониться от истины по несправедливости, Мы дадим вкусить мучительные страдания
جن لوگوں نے کفر کیا اور جو (آج) اللہ کے راستے سے روک رہے ہیں اور اُس مسجدِ حرام کی زیارت میں مانع ہیں جسے ہم نے سب لوگوں کے لیے بنایا ہے، جس میں مقامی باشندوں اور باہر سے آنے والوں کے حقوق برابر ہیں (اُن کی روش یقیناً سزا کی مستحق ہے) اِس (مسجدِ حرام) میں جو بھی راستی سے ہٹ کر ظلم کا طریقہ اختیار کرے گا اسے ہم درد ناک عذاب کا مزا چکھائیں گے
Doğrusu inkar edenleri, Allah'ın yolundan, yerli ve yolcu bütün insanlar için eşit kılınan Mescidi Haram'dan alıkoyanları ve orada zulm ile yanlış yola saptırmak isteyeni, can yakıcı bir azaba uğratırız
A los que se nieguen a creer y aparten a la gente del sendero de Dios, e impidan acudir a la Mezquita Sagrada [de La Meca] que establecí para todas las gentes por igual, tanto para el residente como para el viajero, y a quienes quieran profanarla con injusticias, los haré sufrir un castigo doloroso