مشاركة ونشر

تفسير الآية الأولى (١) من سورة المُمتَحنَة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية الأولى من سورة المُمتَحنَة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴿١

الأستماع الى الآية الأولى من سورة المُمتَحنَة

إعراب الآية 1 من سورة المُمتَحنَة

(يا أَيُّهَا) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم والها للتنبيه (الَّذِينَ) اسم موصول بدل (آمَنُوا) ماض وفاعله والجملة صلة، (لا تَتَّخِذُوا) مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله (عَدُوِّي) مفعول به أول (وَعَدُوَّكُمْ) معطوف على عدوي (أَوْلِياءَ) مفعول به ثان والجملة ابتدائية لا محل لها (تُلْقُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله (إِلَيْهِمْ) متعلقان بالفعل والجملة حال (بِالْمَوَدَّةِ) متعلقان بالفعل أيضا. (وَ) الواو حالية (قَدْ كَفَرُوا) حرف تحقيق وماض وفاعله والجملة حال (بِما) متعلقان بالفعل (جاءَكُمْ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر (مِنَ الْحَقِّ) حال والجملة صلة. (يُخْرِجُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله (الرَّسُولَ) مفعول به (وَإِيَّاكُمْ) معطوف على الرسول والجملة استئنافية لا محل لها، (أَنْ تُؤْمِنُوا) مضارع منصوب بأن والواو فاعله والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب بنزع الخافض (بِاللَّهِ) متعلقان بالفعل (رَبِّكُمْ) بدل من لفظ الجلالة. (أَنْ) شرطية (كُنْتُمْ) ماض ناقص والتاء اسمه (خَرَجْتُمْ) ماض وفاعله والجملة الفعلية خبر كنتم وجملة كنتم.. ابتدائية لا محل لها (جِهاداً) مفعول لأجله، (فِي سَبِيلِي) متعلقان بجهادا، (وَابْتِغاءَ) معطوف على جهادا (مَرْضاتِي) مضاف إليه، (تُسِرُّونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله (إِلَيْهِمْ) متعلقان بالفعل (بِالْمَوَدَّةِ) متعلقان بالفعل أيضا والجملة استئنافية لا محل لها. (وَ) الواو حالية (أَنَا أَعْلَمُ) مبتدأ وخبره والجملة حال (بِما) متعلقان بأعلم (أَخْفَيْتُمْ) ماض وفاعله والجملة صلة (وَما أَعْلَنْتُمْ) معطوف على ما أخفيتم (وَمَنْ يَفْعَلْهُ) اسم شرط جازم مبتدأ ومضارع مجزوم والهاء مفعوله والفاعل مستتر (مِنْكُمْ) متعلقان بمحذوف حال (فَقَدْ) الفاء رابطة (قَدْ) حرف تحقيق (ضَلَّ) ماض فاعله مستتر (سَواءَ) مفعول به مضاف إلى السبيل (السَّبِيلِ) مضاف إليه والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط وجملتا الشرط والجواب خبر من وجملة من.. استئنافية لا محل لها.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (1) من سورة المُمتَحنَة تقع في الصفحة (549) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (28) ، وهي الآية رقم (5151) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم

مواضيع مرتبطة بالآية (14 موضع) :

معاني الآية بعض الكلمات في الآية 1 من سورة المُمتَحنَة

أولياء : أعوانا توادونهم و تناصحونهم ، أن تؤمنوا : لإيمانكم أو كراهة إيمانكم

الآية 1 من سورة المُمتَحنَة بدون تشكيل

ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ﴿١

تفسير الآية 1 من سورة المُمتَحنَة

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تتخذوا عدوي وعدوكم خلصاء وأحباء، تُفْضون إليهم بالمودة، فتخبرونهم بأخبار الرسول ﷺ، وسائر المسلمين، وهم قد كفروا بما جاءكم من الحق من الإيمان بالله ورسوله وما نزل عليه من القرآن، يخرجون الرسول ويخرجونكم- أيها المؤمنون- من "مكة"؛ لأنكم تصدقون بالله ربكم، وتوحدونه، إن كنتم- أيها المؤمنون- هاجرتم مجاهدين في سبيلي، طالبين مرضاتي عنكم، فلا توالوا أعدائي وأعداءكم، تُفْضون إليهم بالمودة سرًّا، وأنا أعلم بما أخفيتم وما أظهرتم، ومن يفعل ذلك منكم فقد أخطأ طريق الحق والصواب، وضلَّ عن قصد السبيل.

(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوَّكم) أي كفار مكة (أولياء تلقون) توصلون (إليهم) قصد النبي ﷺ غزوهم الذي أسرَّوُ إليكم وَوَرَّى بحُنَين (بالمودة) بينكم وبينهم كتب حاطب بن أبي بلتعة إليهم كتابا بذلك لما له عندهم من الأولاد والأهل المشركين فاسترده النبي ﷺ ممن أرسله معه بإعلام الله تعالى له بذلك وقبل عذر حاطب فيه (وقد كفروا بما جاءكم من الحق) أي دين الإسلام والقرآن (يخرجون الرسول وإياكم) من مكة بتضييقهم عليكم (أن تؤمنوا) أي لأجل أن آمنتم (بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا) للجهاد (في سبيلي وابتغاء مرضاتي) وجواب الشرط دل عليه ما قبله، أي فلا تتخذوهم أولياء (تُسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم) أي إسرار خبر النبي إليهم (فقد ضل سواء السبيل) أخطأ طريق الهدى، والسواء في الأصل الوسط.

ذكر كثير من المفسرين، (رحمهم الله)، أن سبب نزول هذه الآيات الكريمات في قصة حاطب بن أبي بلتعة، حين غزا النبي ﷺ غزوة الفتح، فكتب حاطب إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله ﷺ إليهم، ليتخذ بذلك يدا عندهم لا (شكا و) نفاقا، وأرسله مع امرأة، فأخبر النبي ﷺ بشأنه، فأرسل إلى المرأة قبل وصولها وأخذ منها الكتاب.وعاتب حاطبا، فاعتذر رضي الله عنه بعذر قبله النبي ﷺ، وهذه الآيات فيها النهي الشديد عن موالاة الكفار من المشركين وغيرهم، وإلقاء المودة إليهم، وأن ذلك مناف للإيمان، ومخالف لملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، ومناقض للعقل الذي يوجب الحذر كل الحذر من العدو، الذي لا يبقي من مجهوده في العداوة شيئا، وينتهز الفرصة في إيصال الضرر إلى عدوه، فقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) اعملوا بمقتضى إيمانكم، من ولاية من قام بالإيمان، ومعاداة من عاداه، فإنه عدو لله، وعدو للمؤمنين.فلا تتخذوا عدو الله ( وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) أي: تسارعون في مودتهم وفي السعي بأسبابها، فإن المودة إذا حصلت، تبعتها النصرة والموالاة، فخرج العبد من الإيمان، وصار من جملة أهل الكفران، وانفصل عن أهل الإيمان.وهذا المتخذ للكافر وليا، عادم المروءة أيضا، فإنه كيف يوالي أعدى أعدائه الذي لا يريد له إلا الشر، ويخالف ربه ووليه الذي يريد به الخير، ويأمره به، ويحثه عليه؟! ومما يدعو المؤمن أيضا إلى معاداة الكفار، أنهم قد كفروا بما جاء المؤمنين من الحق، ولا أعظم من هذه المخالفة والمشاقة، فإنهم قد كفروا بأصل دينكم، وزعموا أنكم ضلال على غير هدى.والحال أنهم كفروا بالحق الذي لا شك فيه ولا مرية، ومن رد الحق فمحال أن يوجد له دليل أو حجة تدل على صحة قوله، بل مجرد العلم بالحق يدل على بطلان قول من رده وفساده.ومن عداوتهم البليغة أنهم ( يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ) أيها المؤمنون من دياركم، ويشردونكم من أوطانكم، ولا ذنب لكم في ذلك عندهم، إلا أنكم تؤمنون بالله ربكم الذي يتعين على الخلق كلهم القيام بعبوديته، لأنه رباهم، وأنعم عليهم، بالنعم الظاهرة والباطنة، وهو الله تعالى.فلما أعرضوا عن هذا الأمر، الذي هو أوجب الواجبات، وقمتم به، عادوكم، وأخرجوكم - من أجله - من دياركم، فأي دين، وأي مروءة وعقل، يبقى مع العبد إذا والى الكفار الذين هذا وصفهم في كل زمان أو مكان؟" ولا يمنعهم منه إلا خوف، أو مانع قوي.( إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ) أي: إن كان خروجكم مقصودكم به الجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله، وابتغاء مرضاة الله فاعملوا بمقتضى هذا، من موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه، فإن هذا هو الجهاد في سبيله وهو من أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى ربهم ويبتغون به رضاه.( تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ ) أي: كيف تسرون المودة للكافرين وتخفونها، مع علمكم أن الله عالم بما تخفون وما تعلنون؟!، فهو وإن خفي على المؤمنين، فلا يخفى على الله تعالى، وسيجازي العباد بما يعلمه منهم من الخير والشر، ( وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ ) أي: موالاة الكافرين بعد ما حذركم الله منها ( فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) لأنه سلك مسلكا مخالفا للشرع وللعقل والمروءة الإنسانية.

تفسير سورة الممتحنة وهي مدنية . كان سبب نزول صدر هذه السورة الكريمة قصة حاطب بن أبي بلتعة ، وذلك أن حاطبا هذا كان رجلا من المهاجرين ، وكان من أهل بدر أيضا ، وكان له بمكة أولاد ومال ، ولم يكن من قريش أنفسهم ، بل كان حليفا لعثمان


فلما عزم رسول الله - ﷺ - على فتح مكة لما نقض أهلها العهد ، فأمر النبي - ﷺ - المسلمين بالتجهيز لغزوهم ، وقال : " اللهم ، عم عليهم خبرنا "
فعمد حاطب هذا فكتب كتابا ، وبعثه مع امرأة من قريش إلى أهل مكة ، يعلمهم بما عزم عليه رسول الله - ﷺ - من غزوهم ، ليتخذ بذلك عندهم يدا ، فأطلع الله رسوله على ذلك استجابة لدعائه
فبعث في أثر المرأة فأخذ الكتاب منها ، وهذا بين في هذا الحديث المتفق على صحته
قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، أخبرني حسن بن محمد بن علي ، أخبرني عبيد الله بن أبي رافع - وقال مرة : إن عبيد الله بن أبي رافع أخبره : أنه سمع عليا رضي الله عنه ، يقول : بعثني رسول الله - ﷺ - أنا ، والزبير ، والمقداد فقال : " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها "
فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة ، فإذا نحن بالظعينة ، قلنا : أخرجي الكتاب
قالت : ما معي كتاب
قلنا : لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب
قال : فأخرجت الكتاب من عقاصها ، فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله - ﷺ - فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله - ﷺ -
فقال رسول الله - ﷺ - : " يا حاطب ، ما هذا ؟ "
قال : لا تعجل علي ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ، ولم أكن من أنفسهم ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي ، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام
فقال رسول الله - ﷺ - : " إنه صدقكم "
فقال عمر : دعني أضرب عنق هذا المنافق
فقال : " إنه قد شهد بدرا ما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . وهكذا أخرجه الجماعة إلا ابن ماجه ، من غير وجه ، عن سفيان بن عيينة به
. وزاد البخاري في كتاب " المغازي " : فأنزل الله السورة : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء )
وقال في كتاب التفسير : قال عمرو : ونزلت فيه : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) قال : " لا أدري الآية في الحديث أو قال عمرو "
قال البخاري : قال علي - يعني : ابن المديني - : قيل لسفيان في هذا : نزلت ( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) ؟ فقال سفيان : هذا في حديث الناس ، حفظته من عمرو ما تركت منه حرفا ، وما أرى أحدا حفظه غيري . وقد أخرجاه في الصحيحين من حديث حصين بن عبد الرحمن ، عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي قال : بعثني رسول الله - ﷺ - وأبا مرثد والزبير بن العوام ، وكلنا فارس ، وقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب إلى المشركين : فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله - ﷺ - فقلنا : الكتاب ؟ فقالت : ما معي كتاب
فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا ، فقلنا : ما كذب رسول الله - ﷺ - ! لتخرجن الكتاب أو لنجردنك
فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجته
فانطلقنا بها إلى رسول الله - ﷺ - فقال عمر : يا رسول الله ، قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني فلأضرب عنقه
فقال : " ما حملك على ما صنعت ؟ "
قال : والله ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله ، أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي ، وليس أحد من أصحابك إلا له هنالك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله
فقال : " صدق ، لا تقولوا له إلا خيرا "
فقال عمر : إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني فلأضرب عنقه
فقال : " أليس من أهل بدر ؟ " فقال : " لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة - أو : قد غفرت لكم "
فدمعت عينا عمر ، وقال : الله ورسوله أعلم . هذا لفظ البخاري في " المغازي " في غزوة بدر وقد روي من وجه آخر عن علي قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني ، حدثنا عبيد بن يعيش ، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي ، عن أبي سنان - هو سعيد بن سنان ، - عن عمرو بن مرة الجملي ، عن أبي البختري الطائي ، عن الحارث عن علي قال : لما أراد النبي - ﷺ - أن يأتي مكة أسر إلى أناس من أصحابه أنه يريد مكة ، فيهم حاطب بن أبي بلتعة وأفشى في الناس أنه يريد خيبر
قال : فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن رسول الله - ﷺ - يريدكم
فأخبر رسول الله - ﷺ - قال : فبعثني رسول الله - ﷺ - وأبا مرثد ، وليس منا رجل إلا وعنده فرس ، فقال : " ائتوا روضة خاخ فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب ، فخذوه منها "
فانطلقنا حتى رأيناها بالمكان الذي ذكر رسول الله - ﷺ -
فقلنا لها : هات الكتاب
فقالت : ما معي كتاب
فوضعنا متاعها وفتشناها فلم نجده في متاعها ، فقال أبو مرثد : لعله ألا يكون معها
فقلت : ما كذب رسول الله - ﷺ - ولا كذبنا
فقلنا لها : لتخرجنه أو لنعرينك
فقالت : أما تتقون الله ؟ ! ألستم مسلمين ؟ فقلنا : لتخرجنه أو لنعرينك
قال عمرو بن مرة : فأخرجته من حجزتها
وقال حبيب بن أبي ثابت : أخرجته من قبلها
فأتينا به رسول الله - ﷺ - فإذا الكتاب من حاطب بن أبي بلتعة
فقام عمر فقال : يا رسول الله ، خان الله ورسوله ، فائذن لي فلأضرب عنقه
فقال رسول الله : " أليس قد شهد بدرا ؟ "
قالوا : بلى
وقال عمر : بلى ، ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك
فقال رسول الله - ﷺ - : " فلعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم ، إني بما تعملون بصير "
ففاضت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم
فأرسل رسول الله - ﷺ - إلى حاطب فقال : " يا حاطب ، ما حملك على ما صنعت ؟ "
فقال : يا رسول الله ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ، وكان لي بها مال وأهل ، ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله وماله ، فكتبت إليهم بذلك ووالله - يا رسول الله - إني لمؤمن بالله ورسوله
فقال رسول الله - ﷺ - : " صدق حاطب ، فلا تقولوا لحاطب إلا خيرا "
قال حبيب بن أبي ثابت : فأنزل الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) الآية . وهكذا رواه ابن جرير ، عن ابن حميد ، عن مهران ، عن أبي سنان - سعيد بن سنان - بإسناده مثله
وقد ذكر ذلك أصحاب المغازي والسير ، فقال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة . حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قال : لما أجمع رسول الله - ﷺ - المسير إلى مكة ، كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله - ﷺ - من الأمر في السير إليهم ، ثم أعطاه امرأة - زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم غيره أنها : سارة مولاة لبني عبد المطلب - وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في رأسها ، ثم فتلت عليه قرونها ، ثم خرجت به
وأتى رسول الله - ﷺ - الخبر من السماء بما صنع حاطب ، فبعث علي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، فقال : " أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش ، يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم " . فخرجا حتى أدركاها بالخليفة - خليفة بني أبي أحمد - فاستنزلاها بالخليفة ، فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا ، فقال لها علي بن أبي طالب : إني أحلف بالله ما كذب رسول الله وما كذبنا ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك
فلما رأت الجد منه قالت : أعرض
فأعرض ، فحلت قرون رأسها ، فاستخرجت الكتاب منها ، فدفعته إليه
فأتى به رسول الله - ﷺ - فدعا رسول الله حاطبا فقال : " يا حاطب ما حملك على هذا ؟ "
فقال : يا رسول الله ، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت ، ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم من أهل ولا عشيرة ، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، دعني فلأضرب عنقه ، فإن الرجل قد نافق
فقال رسول الله - ﷺ - : " وما يدريك يا عمر ! لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم "
فأنزل الله ، عز وجل ، في حاطب : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) إلى قوله : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ) ( الممتحنة : 4 ) إلى آخر القصة . وروى معمر ، عن الزهري ، عن عروة نحو ذلك
وهكذا ذكر مقاتل بن حيان : أن هذه الآيات نزلت في حاطب بن أبي بلتعة : أنه بعث سارة مولاة بني هاشم ، وأنه أعطاها عشرة دراهم ، وأن رسول الله - ﷺ - بعث في أثرها عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنهما ، فأدركاها بالجحفة
.
وذكر تمام القصة كنحو ما تقدم
وعن السدي قريبا منه
وهكذا قال العوفي ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغير واحد : أن هذه الآيات نزلت في حاطب بن أبي بلتعة . فقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) يعني : المشركين والكفار الذين هم محاربون لله ولرسوله وللمؤمنين ، الذين شرع الله عداوتهم ومصارمتهم ، ونهى أن يتخذوا أولياء ، وأصدقاء ، وأخلاء ، كما قال ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ( المائدة : 51 )
وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) ( المائدة : 57 ) وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) ( النساء : 144 )
وقال تعالى : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه ) ( آل عمران : 28 ) ; ولهذا قبل رسول الله - ﷺ - عذر حاطب لما ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعة لقريش ، لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد . ويذكر ها هنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا مصعب بن سلام ، حدثنا الأجلح ، عن قيس بن أبي مسلم ، عن ربعي بن حراش ، سمعت حذيفة يقول : ضرب لنا رسول الله - ﷺ - أمثالا : واحدا ، وثلاثة ، وخمسة ، وسبعة ، وتسعة ، وأحد عشر - قال : فضرب لنا منها مثلا وترك سائرها ، قال : " إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة ، قاتلهم أهل تجبر وعداء ، فأظهر الله أهل الضعف عليهم ، فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم وسلطوهم ، فأسخطوا الله عليهم إلى يوم يلقونه " . وقوله : ( يخرجون الرسول وإياكم ) هذا مع ما قبله من التهييج على عداوتهم وعدم موالاتهم ، لأنهم أخرجوا الرسول وأصحابه من بين أظهرهم كراهة لما هم عليه من التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده ; ولهذا قال : ( أن تؤمنوا بالله ربكم ) أي : لم يكن لكم عندهم ذنب إلا إيمانكم بالله رب العالمين ، كقوله : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) ( البروج : 8 ) ، وكقوله ( الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) ( الحج : 40 ) . وقوله : ( إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ) أي : إن كنتم كذلك فلا تتخذوهم أولياء ، إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي باغين لمرضاتي عنكم فلا توالوا أعدائي وأعداءكم ، وقد أخرجوكم من دياركم وأموالكم حنقا عليكم وسخطا لدينكم . وقوله : ( تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ) أي : تفعلون ذلك وأنا العالم بالسرائر والضمائر والظواهر ( ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل)

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي ) من المشركين ( وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) يعنى أنصارا. وقوله: ( تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) يقول جلّ ثناؤه: تلقون إليهم مودتكم إياهم، ودخول الباء في قوله: ( بِالْمَوَدَّةِ ) وسقوطها سواء، نظير قول القائل: أريد بأن تذهب، وأريد أن تذهبَ سواء، وكقوله: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ والمعنى: ومن يرد فيه إلحادًا بظلم؛ ومن ذلك قول الشاعر: فَلمَّـا رَجَـتْ بالشُّـرْبِ هَزَّ لَهَا الْعَصَا شَــحِيحٌ لَــهُ عِنْــدَ الإزَاءِ نَهِيـمُ (1) معنى: فلما رجت الشرب. ( وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ) يقول: وقد كفر هؤلاء المشركون الذين نهيتكم أن تتخذوهم أولياء بما جاءكم من عند الله من الحقّ، وذلك كفرهم بالله ورسوله وكتابه الذي أنـزله على رسوله. وقوله: ( يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ) يقول جلّ ثناؤه: يخرجون رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وإياكم، بمعنى: ويخرجونكم أيضًا من دياركم وأرضكم، وذلك إخراج مشركي قريش رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه من مكة. وقوله: ( أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ) يقول جلّ ثناؤه: يخرجون الرسول وإياكم من دياركم، لأن آمنتم بالله. وقوله: ( إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ) من المؤخر الذي معناه التقديم، ووجه الكلام: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي، وابتغاء مرضاتي ( يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ) . ويعني قوله تعالى ذكره: ( إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي ) : إن كنتم خرجتم من دياركم، فهاجرتم منها إلى مهاجرَكم للجهاد في طريقي الذي شرعته لكم، وديني الذي أمرتكم به. والتماس مرضاتي. وقوله: ( تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) يقول تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب &; 23-311 &; رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: تسرّون أيها المؤمنون بالمودّة إلى المشركين بالله ( وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ ) يقول: وأنا أعلم منكم بما أخفى بعضكم من بعض، فأسره منه ( وَمَا أَعْلَنْتُمْ ) يقول: وأعلم أيضًا منكم ما أعلنه بعضكم لبعض ( وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) يقول جلّ ثناؤه: ومن يسرُّ منكم إلى المشركين بالمودّة أيها المؤمنون فقد ضلّ: يقول: فقد جار عن قصد السبيل التي جعلها الله طريقًا إلى الجنة ومحجة إليها. وذُكر أن هذه الآيات من أوّل هذه السورة نـزلت في شأن حاطب بن أبي بَلتعة، وكان كتب إلى قُريش بمكة يطلعهم على أمر كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد أخفاه عنهم، وبذلك جاءت الآثار والرواية عن جماعة من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وغيرهم. * ذكر من قال ذلك: حدثني عبيد بن إسماعيل الهباريّ، والفضل بن الصباح قالا ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار عن حسن بن محمد بن عليّ، أخبرني عبيد الله بن أبي رافع، قال: سمعت عليًا رضي الله عنه يقول: بعثني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنا والزُّبير بن العوّام والمقداد، قال الفضل، قال سفيان: نفر من المهاجرين فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن لها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها؛ فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة، فوجدنا امرأة، فقلنا: أخرجي الكتاب، قالت: ليس معي كتاب، قلنا: لتخرجنّ الكتاب، أو لنلقينّ الثياب، فأخرجته من عقاصها، وأخذنا الكتاب؛ فانطلقنا به إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " يا حاطبُ ما هذا؟" قال: يا رسول الله لا تعجل عليّ، كنت امرًأ ملصقًا في قريش، ولم يكن لي فيهم قرابة، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات، يحمون أهليهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب أن أتخذ فيها يدًا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا عن ديني، ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " قَدْ صَدَقَكُمْ" فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: " إنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أهْلِ بَدْرٍ فقَال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ" زاد الفضل في حديثه، قال سفيان: ونـزلت فيه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) ... إلى قوله: حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ . حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان سعيد بن سنان، عن عمرو بن مرّة الجملي، عن أَبي البختري الطائي، عن الحارث، عن عليّ رضي الله عنه قال: لما أراد النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يأتي مكة، أسرّ إلى ناس من أصحابه أنه يريد مكة، فيهم حاطب بن أبي بلتعة، وأفشى في الناس أنه يريد خيبر، فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يريدكم، قال: فبعثني النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأبا مرثد وليس منا رجل إلا وعنده فرس، فقال: " ائْتُوا رَوْضَةَ خَاخ، فإنَّكُمْ سَتَلْقَوّنَ بِهَا امْرَأَةً وَمَعَهَا ِكتَاب، فَخُذُوهُ منها "؛ فانطلقنا حتى رأيناها بالمكان الذي ذكر النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقلنا: هاتي الكتاب، فقالت: ما معي كتاب، فوضعنا متاعها وفتشنا، فلم نجده في متاعها، فقال أبو مرثد: لعله أن لا يكون معها، فقلت: ما كذب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ولا كَذِب، فقلنا: أخرجي الكتاب، وإلا عريناك، قال عمرو بن مرّة، فأخرجته من حجزتها، وقال حبيب: أخرجته من قبلها فأتينا به النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فإذا الكتاب: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، فقام عمر فقال: خان الله ورسوله، ائذن لي أضرب عنقه، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟" قال: بلى، ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك. فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " فَلَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقاَلَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ"، ففَاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم، فأرسل إلى حاطب، فقال: " ما حملك على ماصنعت؟ " فقال: يا نبيّ الله إني كنت امرأ ملصقًا في قريش، وكان لي بها أهل ومال، ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله ماله، فكتبت إليهم بذلك، والله يا نبيّ الله إني لمؤمن بالله وبرسوله، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " صَدَقَ حَاطِبُ بن أبِي بَلْتَعَةَ، فَلا تَقُولُوا لِحَاطِبَ إلا خَيْرًا "، فقال حبيب بن ثابت: فأنـزل الله عزّ وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ ) ... الآية حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، ثنا عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ) ... إلى آخر الآية، نـزلت في رجل كان مع النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بالمدينة من قريش، كتب إلى أهله وعَشِيرَته بمكة، يخبرهم وينذرهم أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سائر إليهم، فأخبر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بصحيفته، فبعث إليها عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فأتاه بها. حدثنا ابن حُمَيْدِ، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا، قالوا: لما أجمع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم السير إلى مكة كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الأمر في السير إليهم، ثم أعطاه امرأة يزعم محمد بن جعفر أنها من مزينة، وزعم غيره أنها سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب وجعل لها جُعْلا على أن تبلغه قريشًا، فجعلته في رأسها، ثم فتلت عليه قرونها، ثم خرجت، وأتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث عليّ بن أبي طالب والزُّبير بن العوّام رضي الله عنهما ، فقال: " أدركا امْرَأةً قَدْ كَتَبَ مَعَهَا حَاطِبٌ بِكِتَاب إلى قُرَيْش يُحَذرُهُمْ مَا قدِ اجْتَمَعْنَا لَهُ فِي أمْرِهِمْ"، فخرجا حتى أدركاها بالحليفة، حليفة ابن أَبي أحمد فاستنـزلاها فالتمسا في رحلها، فلم يجدا شيئًا، فقال لها عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: إني أحلف بالله ما كُذِبَ رَسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ولا كُذِبنا، ولتخرِجِنّ إليَّ هذا الكتاب، أو لنكشفنك؛ فلما رأت الجدّ منه، قالت: أعرض عني، فأعرض عنها، فحلَّت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب فدفعته إليه فجاء به إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فدعا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حاطبًا، فقال: " يا حاطب مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟" فقال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدّلت، ولكني كنت امرأ في القوم ليس لي أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم أهل وولد، فصانعتهم عليه، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فلأضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ لَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَلَّعَ عَلَى أَصْحَابِ بَدْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ فقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُم " فأنـزل الله عزّ وجلّ في حاطب ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) ... إلى قوله: وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا ... إلى آخر القصة. حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عروة قال: لما أنـزلت: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) في حاطب بن أبي بلتعة، كتب إلى كفار قريش كتابًا ينصح لهم فيه، فأطلع الله نبيه عليه الصلاة والسلام على ذلك، فأرسل عليًّا والزُّبير، فقال: " اذْهبا فإنَّكُما ستجدان امرأة بِمَكَان كَذَا وَكَذَا، فأتِيَا بِكِتَاب مَعَهَا "، فانطلقا حتى أدركاها، فقالا الكتاب الذي معك، قالت: ليس معي كتاب، فقالا والله لا ندع معك شيئًا إلا فتَّشناه، أو لتخرجينه، قالت: أولستم مسلمين؟ قالا بلى، ولكن النبيّ ﷺ قد أخبرنا أن معك كتابًا قد أيقنت أنفسنا أنه معك؟ فلما رأت جدّهما أخرجت كتابًا من بين قرونها، فذهبا به إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى كفار قريش، فدعاه النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: " أنْتَ كَتَبْتَ هَذَا الْكِتَاب؟ " قال: نعم، قال: " ما حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ " قال: أما والله ما ارتبت في الله منذ أسلمت، ولكني كنت امرأ غريبًا فيكم أيُّها الحيّ من قريش، وكان لي بمكة مال وبنون، فأردت أن أدفع بذلك عنهم، فقال عمر رضي الله عنه: ائذن لي يا رسول الله فأضرب عنقه، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " مَهْلا يا ابْن الخطَّاب، ومَا يُدْرِيكَ لَعَلَ الله قَدِ اطَّلَعَ إلَى أَهْل بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فإنِّي غَافِرٌ لَكُمْ " قال الزهريّ: فيه نـزلت حتى غَفُورٌ رَحِيمٌ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) ... إلى قوله: بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة، ومن معه كفار قريش يحذّرهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) ... حتى بلغ (سَوَاءَ السَّبِيلِ) : ذُكِر لنا أن حاطبًا كتب إلى أهل مكة يخبرهم سير النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إليهم زمن الحديبية، فأطلع الله عزّ وجلّ نبيه عليه الصلاة والسلام على ذلك، وذُكر لنا أنهم وجدوا الكتاب مع امرأة في قرن من رأسها، فدعاه نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: " مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ؟" قال: والله ما شَكَكْتُ في أمر الله، ولا ارتددت فيه، ولكن لي هناك أهلا ومالا فأردت مصانعة قريش على أهلي ومالي. وذُكر لنا أنه كان حليفًا لقريش لم يكن من أنفسهم، فأنـزل الله عزّ وجلّ في ذلك القرآن، فقال: إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ .

الآية 1 من سورة المُمتَحنَة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (1) - Surat Al-Mumtahanah

O you who have believed, do not take My enemies and your enemies as allies, extending to them affection while they have disbelieved in what came to you of the truth, having driven out the Prophet and yourselves [only] because you believe in Allah, your Lord. If you have come out for jihad in My cause and seeking means to My approval, [take them not as friends]. You confide to them affection, but I am most knowing of what you have concealed and what you have declared. And whoever does it among you has certainly strayed from the soundness of the way

الآية 1 من سورة المُمتَحنَة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (1) - Сура Al-Mumtahanah

О те, которые уверовали! Не берите врага Моего и врага вашего своим покровителем и помощником. Вы открываетесь им с любовью, хотя они не веруют в истину, которая явилась вам. Они изгоняют Посланника и вас за то, что вы веруете в Аллаха, вашего Господа. Если вы выступили, чтобы сражаться на Моем пути и снискать Мое довольство, то не питайте к ним любви в тайне. Я знаю то, что вы скрываете, и то, что вы обнародуете. А кто из вас поступает таким образом, тот сбился с прямого пути

الآية 1 من سورة المُمتَحنَة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (1) - سوره المُمتَحنَة

اے لوگو جو ایمان لائے ہو، اگر تم میری راہ میں جہاد کرنے کے لیے اور میری رضا جوئی کی خاطر (وطن چھوڑ کر گھروں سے) نکلے ہو تو میرے اور اپنے دشمنوں کو دوست نہ بناؤ تم اُن کے ساتھ دوستی کی طرح ڈالتے ہو، حالانکہ جو حق تمہارے پاس آیا ہے اُس کو ماننے سے وہ انکار کر چکے ہیں اور اُن کی روش یہ ہے کہ رسول کو اور خود تم کو صرف اِس قصور پر جلا وطن کرتے ہیں کہ تم اپنے رب، اللہ پر ایمان لائے ہو تم چھپا کر اُن کو دوستانہ پیغام بھیجتے ہو، حالانکہ جو کچھ تم چھپا کر کرتے ہو اور جو علانیہ کرتے ہو، ہر چیز کو میں خوب جانتا ہوں جو شخص بھی تم میں سے ایسا کرے وہ یقیناً راہ راست سے بھٹک گیا

الآية 1 من سورة المُمتَحنَة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (1) - Ayet المُمتَحنَة

Ey inananlar! Benim de düşmanım, sizin de düşmanınız olanları dost edinmeyin. Onlar, size gelen gerçeği inkar etmişken, onlara sevgi gösteriyorsunuz; oysa onlar, Rabbiniz olan Allah'a inandığınızdan ötürü sizi ve Peygamberi yurdunuzdan çıkarıyorlar. Eğer sizler Benim yolumda savaşmak ve rızamı kazanmak için çıkmışsanız onlara nasıl sevgi gösterirsiniz? Ben, sizin gizlediğinizi de, açığa vurduğunuzu da bilirim. İçinizden onlara sevgi gösteren kimse, şüphesiz doğru yoldan sapmıştır

الآية 1 من سورة المُمتَحنَة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (1) - versículo المُمتَحنَة

¡Creyentes! Si el abandono de sus hogares [en La Meca] fue sincero por Mi causa y para obtener Mi complacencia, no tomen por confidentes a quienes demuestran ser Mis enemigos, y enemigos suyos, revelándoles secretos [de Estado] como muestra de afecto hacia ellos; porque ellos han negado abiertamente la verdad revelada, han expulsado al Mensajero y los han expulsado a ustedes [de La Meca y de sus hogares], simplemente por haber creído en Dios, su Señor. ¿Cómo pueden confiarles secretos por afecto? Yo bien sé lo que ocultan y lo que manifiestan. Quien obre así se habrá extraviado del camino correcto