تفسير الآية المئة والخامسة والستين (١٦٥) من سورة الأنعَام
الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة والخامسة والستين من سورة الأنعَام ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم
(وَهُوَ) ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. (الَّذِي) اسم موصول خبره والجملة معطوفة. (جَعَلَكُمْ) فعل ماض فاعله مستتر والكاف مفعوله الأول و(خَلائِفَ) مفعوله الثاني. (الْأَرْضِ) مضاف إليه مجرور. (وَرَفَعَ) فعل ماض تعلق به الظرف (فَوْقَ)(بَعْضَكُمْ) مفعوله و(بَعْضٍ) مضاف إليه (دَرَجاتٍ) منصوب بنزع الخافض إلى درجات (لِيَبْلُوَكُمْ) فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل والكاف مفعوله وفاعله ضمير مستتر والميم علامة جمع الذكور. والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل يبلوكم. (فِي ما) ما موصولية مجرورة متعلقان بالفعل (آتاكُمْ) فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف والكاف مفعوله والفاعل هو والجملة صلة الموصول لا محل لها. (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ) إن واسمها وخبرها والجملة مستأنفة لا محل لها وجملة (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) معطوفة.
موضعها في القرآن الكريم
هي الآية رقم (165) من سورة الأنعَام تقع في الصفحة (150) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (8) ، وهي الآية رقم (954) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم
وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم ﴿١٦٥﴾
تفسير الآية 165 من سورة الأنعَام
والله سبحانه هو الذي جعلكم تخلفون من سبقكم في الأرض بعد أن أهلكهم الله، واستخلفكم فيها؛ لتعمروها بعدهم بطاعة ربكم، ورفع بعضكم في الرزق والقوة فوق بعض درجات، ليبلوكم فيما أعطاكم من نعمه، فيظهر للناس الشاكر من غيره. إن ربك سريع العقاب لمن كفر به وعصاه، وإنه لغفور لمن آمن به وعمل صالحا وتاب من الموبقات، رحيم به، والغفور والرحيم اسمان كريمان من أسماء الله الحسنى.
(وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) جمع خليفة: أي يخلف بعضكم بعضا فيها (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) بالمال والجاه وغير ذلك (ليبلوكم) ليختبركم (فيما آتاكم) أعطاكم ليظهر المطيع منكم والعاصي (إن ربك سريع العقاب) لمن عصاه (وإنه لغفور) للمؤمنين (رحيم) بهم.
( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ) أي: يخلف بعضكم بعضا، واستخلفكم الله في الأرض، وسخَّر لكم جميع ما فيها، وابتلاكم، لينظر كيف تعملون. ( وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ) في القوة والعافية، والرزق والخَلْق والخُلُق. ( لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ ) فتفاوتت أعمالكم. ( إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ ) لمن عصاه وكذّب بآياته ( وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) لمن آمن به وعمل صالحا، وتاب من الموبقات. آخر تفسير سورة الأنعام، فلله الحمد والثناء وصلى الله وسلم على نبينا محمد (وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين) .
يقول تعالى : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ) أي : جعلكم تعمرون الأرض جيلا بعد جيل ، وقرنا بعد قرن ، وخلفا بعد سلف
قاله ابن زيد وغيره ، كما قال : ( ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون )( الزخرف : 60 ) ، وكقوله تعالى : ( ويجعلكم خلفاء الأرض )( النمل : 62 ) ، وقوله ( إني جاعل في الأرض خليفة )( البقرة : 30 ) ، وقوله ( عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون )( الأعراف : 129 ) . وقوله : ( ورفع بعضكم فوق بعض درجات ) أي : فاوت بينكم في الأرزاق والأخلاق ، والمحاسن والمساوئ ، والمناظر والأشكال والألوان ، وله الحكمة في ذلك ، كقوله : ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا )( الزخرف : 32 ) ، وقوله تعالى : ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا )( الإسراء : 21 ) . وقوله : ( ليبلوكم في ما آتاكم ) أي ليختبركم في الذي أنعم به عليكم وامتحنكم به ، ليختبر الغني في غناه ويسأله عن شكره ، والفقير في فقره ويسأله عن صبره . وقد روى مسلم في صحيحه ، من حديث أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ﷺ : " إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها لينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " وقوله : ( إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) ترهيب وترغيب ، أن حسابه وعقابه سريع ممن عصاه وخالف رسله ( وإنه لغفور رحيم ) لمن والاه واتبع رسله فيما جاءوا به من خير وطلب . وقال محمد بن إسحاق : يرحم العباد على ما فيهمرواه ابن أبي حاتم . وكثيرا ما يقرن تعالى في القرآن بين هاتين الصفتين ، كما قال تعالى : وقوله : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم )( الحجر : 49 ، 50 ) ، وقوله : ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب )( الرعد : 6 ) وغير ذلك من الآيات المشتملة على الترغيب والترهيب ، فتارة يدعو عباده إليه بالرغبة وصفة الجنة والترغيب فيما لديه ، وتارة يدعوهم إليه بالرهبة وذكر النار وأنكالها وعذابها والقيامة وأهوالها ، وتارة بهذا وبهذا لينجع في كل بحسبهجعلنا الله ممن أطاعه فيما أمر ، وترك ما عنه نهى وزجر ، وصدقه فيما أخبر ، إنه قريب مجيب سميع الدعاء ، جواد كريم وهاب . وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا زهير ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : " لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بالجنة أحد ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من الجنة أحد ، خلق الله مائة رحمة فوضع واحدة بين خلقه يتراحمون بها ، وعند الله تسعة وتسعون " ورواه الترمذي ، عن قتيبة ، عن عبد العزيز الدراوردي ، عن العلاء بهوقال : حسن صحيحورواه مسلم عن يحيى بن يحيى وقتيبة وعلي بن حجر ، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء . آخر تفسير سورة الأنعام ولله الحمد والمنة.
القول في تأويل قوله : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ وأمته: والله الذي جعلكم، أيها الناس، (خلائفَ الأرض)، بأن أهلك مَنْ كان قبلكم من القرون والأمم الخالية, واستخلفكم، فجعلكم خلائف منهم في الأرض, تخلفونهم فيها, وتعمرُونها بعدَهم .
و " الخلائف " جمع " خليفة ", كما " الوصائف " جمع " وصيفة ", وهي من قول القائل: " خَلَف فلان فلانًا في داره يخلُفه خِلافة، فهو خليفة فيها ", (88) كما قال الشماخ: تُصِيبُهُـــمُ وَتُخْـــطِئُنِي المَنَايــا وَأَخْــلُفُ فِـي رُبُـوعٍ عَـنْ رُبُـوعِ (89) وذلك كما:- 14308- حدثني الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض)، قال: أما " خلائف الأرض "، فأهلك القرون واستخلفنا فيها بعدهم . وأما قوله: (ورفع بعضكم فوق بعض درجات)، فإنه يقول: وخالف بين أحوالكم, فجعل بعضكم فوق بعض, بأن رفع هذا على هذا، بما بسط لهذا من الرزق ففضّله بما أعطاه من المال والغِنى، على هذا الفقير فيما خوَّله من أسباب الدنيا, وهذا على هذا بما أعطاه من الأيْد والقوة على هذا الضعيف الواهن القُوى, فخالف بينهم بأن رفع من درجة هذا على درجة هذا، وخفض من درجة هذا عن درجة هذا . (90) وذلك كالذي:- 14309- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ورفع بعضكم فوق بعض درجات)، يقول: في الرزق . وأما قوله: (ليبلوكم في ما آتاكم)، فإنه يعني: ليختبركم فيما خوَّلكم من فضله ومنحكم من رزقه, (91) فيعلم المطيع له منكم فيما أمره به ونهاه عنه، والعاصي؛ ومن المؤدِّي مما آتاه الحق الذي أمره بأدائه منه، والمفرِّط في أدائه . القول في تأويل قوله : إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد ﷺ: " إن ربك "، يا محمد، لسريع العقاب لمن أسخطه بارتكابه معاصيه، وخلافه أمره فيما أمره به ونهاه, ولمن ابتلى منه فيما منحه من فضله وطَوْله, تولِّيًا وإدبارًا عنه, مع إنعامه عليه، وتمكينه إياه في الأرض, كما فعل بالقرون السالفة =(وإنه لغفور) ، يقول: وإنه لساتر ذنوبَ مَنْ ابتلى منه إقبالا إليه بالطاعة عند ابتلائه إياه بنعمة, واختباره إياه بأمره ونهيه, فمغطٍّ عليه فيها، وتارك فضيحته بها في موقف الحساب =(رحيم) بتركه عقوبته على سالف ذنوبه التي سلفت بينه وبينه، إذ تاب وأناب إليه قبل لقائه ومصيره إليه. (92) آخر تفسير سورة الأنعام ---------------------- الهوامش : (88) انظر تفسير (( الخليفة )) فيما سلف 1 : 449 - 453 . (89) ديوانه 58 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 209 ، واللسان ( ربع ) ، من قصيدته التي قالها لامرأته عائشة ، وكانت تلومه على طول تعهده ماله ، أولها : أَعَــائِشَ ، مَــا لِقَـوْمِكِ لا أَرَاهُـمْ يُضِيعُــونَ الهِجَــانَ مَـعَ المُضِيـعِ يقول : لها تلوميني على إصلاح مالي ، فمالي أرى قومك يقترون على أنفسهم ، ولا يهلكون أموالهم في الكرم والسخاء ؟ ثم يقول لها بعد أبيات : لَمَــالُ الْمَــرْءِ يُصْلِحُــهُ فَيُغْنِـي مَفَــاقِرَهُ ، أَعَــفُّ مِــنَ القُنُـوعِ و (( القنوع )) ، السؤال . وقوله : (( وأخلف في ربوع ... )) ، (( الربوع )) جمع (( ربع وهو جماعة الناس الذين ينزلون (( ربعا )) يسكنونه ، يقول : أبقي في قوم بعد قوم . وعندي أن هذا البيت قلق في قصيدة الشماخ ، سقط قبله شيء من شعره . (90) انظر تفسير (( الدرجة )) فيما سلف ص : 25 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك . (91) انظر تفسير (( الابتلاء )) فيما سلف 10 : 582 ، تعليق : 1 والمراجع هناك . = تفسير (( الإيتاء )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أتى ) . (92) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة . عند هذا الموضع انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلته عنه نسختنا ، وفيها ما نصه : (( آخر تفسير سورة الأنعام والحمد لله كما هو أهله ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله يتلوه تفسير السورة التي يذكر فيها الأعراف )) .
الآية 165 من سورة الأنعَام باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (165) - Surat Al-An'am
And it is He who has made you successors upon the earth and has raised some of you above others in degrees [of rank] that He may try you through what He has given you. Indeed, your Lord is swift in penalty; but indeed, He is Forgiving and Merciful
الآية 165 من سورة الأنعَام باللغة الروسية (Русский) - Строфа (165) - Сура Al-An'am
Он - Тот, Кто сделал вас преемниками на земле и возвысил одних из вас над другими по степеням, чтобы испытать вас тем, что Он даровал вам. Воистину, твой Господь скор в наказании. Воистину, Он - Прощающий, Милосердный
الآية 165 من سورة الأنعَام باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (165) - سوره الأنعَام
وہی ہے جس نے تم کو زمین کا خلیفہ بنایا، اور تم میں سے بعض کو بعض کے مقابلہ میں زیادہ بلند درجے دیے، تاکہ جو کچھ تم کو دیا ہے اسی میں تمہاری آزمائش کرے بے شک تمہارا رب سزا دینے میں بھی بہت تیز ہے اور بہت درگزر کرنے اور رحم فرمانے والا بھی ہے
الآية 165 من سورة الأنعَام باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (165) - Ayet الأنعَام
Verdikleriyle denemek için sizi yeryüzünün halifeleri kılan ve kiminizi kiminize derecelerle üstün yapan O'dur. Doğrusu Rabbinin cezalandırması süratlidir. Şüphesiz O bağışlar, merhamet eder
الآية 165 من سورة الأنعَام باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (165) - versículo الأنعَام
Él es Quien los ha hecho responsables de la Tierra, y ha agraciado a unos más que a otros para probarlos con ello. Tu Señor es rápido en castigar, pero también es Absolvedor, Misericordioso