مشاركة ونشر

تفسير الآية الرابعة والستين (٦٤) من سورة المَائدة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية الرابعة والستين من سورة المَائدة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْۘ بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيۡفَ يَشَآءُۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۚ وَأَلۡقَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ كُلَّمَآ أَوۡقَدُواْ نَارٗا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادٗاۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ ﴿٦٤

الأستماع الى الآية الرابعة والستين من سورة المَائدة

إعراب الآية 64 من سورة المَائدة

(وَقالَتِ الْيَهُودُ) فعل ماض وفاعل وحركت تاء التأنيث بالكسر منعا لالتقاء الساكنين والجملة مستأنفة. (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) مبتدأ وخبر ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة الاسمية مفعول به بعد القول (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله والجملة مستأنفة (وَلُعِنُوا) فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله كذلك والجملة معطوفة (بِما قالُوا) ما مصدرية والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والتقدير ولعنوا بسبب قولهم. وجملة قالوا في محل جر صفة ما (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) بل حرف إضراب ويداه مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى وكذلك مبسوطتان خبر مرفوع بالألف والجملة استئنافية (يُنْفِقُ) فعل مضارع فاعله هو (كَيْفَ) اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال والجملة مستأنفة (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) وليزيدن الواو استئنافية واللام واقعة في جواب القسم المحذوف ويزيدن مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، كثيرا مفعوله الأول تعلق به الجار والمجرور بعده واسم الموصول ما فاعله، وأنزل فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور بعده إليك ونائب الفاعل هو، من ربك متعلقان بمحذوف حال (طُغْياناً) مفعول به ثان (وَكُفْراً) معطوف وجملة ليزيدن لا محل لها لأنها جواب القسم وجملة القسم وجوابه مستأنفة. (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ) فعل ماض تعلق به الظرف بعده ونا فاعله والعداوة مفعوله (وَالْبَغْضاءَ) معطوف. (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال: دائبين إلى يوم القيامة والقيامة مضاف إليه. (كُلَّما) شرطية مبنية على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية (أَوْقَدُوا) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور للحرب والواو فاعله و(ناراً) مفعوله والجملة في محل جر بالإضافة. (أَطْفَأَهَا اللَّهُ) فعل ماض والهاء مفعول به مقدم واللّه لفظ الجلالة فاعله والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم. (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله وفسادا حال بمعنى مفسدين أو مفعول مطلق أو مفعول لأجله والجملة مستأنفة. (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) لفظ الجلالة مبتدأ جملة لا يحب المفسدين خبر وجملة واللّه مستأنفة.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (64) من سورة المَائدة تقع في الصفحة (118) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (6)

مواضيع مرتبطة بالآية (22 موضع) :

معاني الآية بعض الكلمات في الآية 64 من سورة المَائدة

مغلولة : مقبوضة عن العطاء بُخلا

الآية 64 من سورة المَائدة بدون تشكيل

وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين ﴿٦٤

تفسير الآية 64 من سورة المَائدة

يُطلع الله نَبِيَّه على شيء من مآثم اليهود -وكان مما يُسرُّونه فيما بينهم- أنهم قالوا: يد الله محبوسة عن فعل الخيرات، بَخِلَ علينا بالرزق والتوسعة، وذلك حين لحقهم جَدْب وقحط. غُلَّتْ أيديهم، أي: حبست أيديهم هم عن فِعْلِ الخيرات، وطردهم الله من رحمته بسبب قولهم. وليس الأمر كما يفترونه على ربهم، بل يداه مبسوطتان لا حَجْرَ عليه، ولا مانع يمنعه من الإنفاق، فإنه الجواد الكريم، ينفق على مقتضى الحكمة وما فيه مصلحة العباد. وفي الآية إثبات لصفة اليدين لله سبحانه وتعالى كما يليق به من غير تشبيه ولا تكييف. لكنهم سوف يزدادون طغيانًا وكفرًا بسبب حقدهم وحسدهم؛ لأن الله قد اصطفاك بالرسالة. ويخبر تعالى أن طوائف اليهود سيظلون إلى يوم القيامة يعادي بعضهم بعضًا، وينفر بعضهم من بعض، كلما تآمروا على الكيد للمسلمين بإثارة الفتن وإشعال نار الحرب ردَّ الله كيدهم، وفرَّق شملهم، ولا يزال اليهود يعملون بمعاصي الله مما ينشأ عنها الفساد والاضطراب في الأرض. والله تعالى لا يحب المفسدين.

(وقالت اليهود) لما ضيق عليهم بتكذيبهم النبي ﷺ بعد أن كانوا أكثر الناس مالا (يد الله مغلولة) مقبوضة عن إدرار الرزق علينا كنوا به عن البخل - تعالى الله عن ذلك- قال تعالى: (غُلَّتْ) أمسكت (أيديهم) عن فعل الخيرات دعاء عليهم (ولُعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان) مبالغة في الوصف بالجود وثنى اليد لإفادة الكثرة إذ غاية ما يبذله السخي من ماله أن يعطي بيديه (ينفق كيف يشاء) من توسيع وتضيق لا اعتراض عليه (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك) من القرآن (طغيانا وكفرا) لكفرهم به (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) فكل فرقة منهم تخالف الأخرى (كلما أوقدوا نارا للحرب) أي لحرب النبي ﷺ (أطفأها الله) أي كلما أرادوه ردهم (ويسعَون في الأرض فسادا) أي مفسدين بالمعاصي (والله لا يحب المفسدين) بمعنى أنه يعاقبهم.

يخبر تعالى عن مقالة اليهود الشنيعة، وعقيدتهم الفظيعة، فقال: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ْ) أي: عن الخير والإحسان والبر. ( غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ْ) وهذا دعاء عليهم بجنس مقالتهم. فإن كلامهم متضمن لوصف الله الكريم، بالبخل وعدم الإحسان. فجازاهم بأن كان هذا الوصف منطبقا عليهم. فكانوا أبخل الناس وأقلهم إحسانا، وأسوأهم ظنا بالله، وأبعدهم الله عن رحمته التي وسعت كل شيء، وملأت أقطار العالم العلوي والسفلي. ولهذا قال: ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ْ) لا حجر عليه، ولا مانع يمنعه مما أراد، فإنه تعالى قد بسط فضله وإحسانه الديني والدنيوي، وأمر العباد أن يتعرضوا لنفحات جوده، وأن لا يسدوا على أنفسهم أبواب إحسانه بمعاصيهم. فيداه سحاء الليل والنهار، وخيره في جميع الأوقات مدرارا، يفرج كربا، ويزيل غما، ويغني فقيرا، ويفك أسيرا ويجبر كسيرا, ويجيب سائلا، ويعطي فقيرا عائلا، ويجيب المضطرين، ويستجيب للسائلين. وينعم على من لم يسأله، ويعافي من طلب العافية، ولا يحرم من خيره عاصيا، بل خيره يرتع فيه البر والفاجر، ويجود على أوليائه بالتوفيق لصالح الأعمال ثم يحمدهم عليها، ويضيفها إليهم، وهي من جوده ويثيبهم عليها من الثواب العاجل والآجل ما لا يدركه الوصف، ولا يخطر على بال العبد، ويلطف بهم في جميع أمورهم، ويوصل إليهم من الإحسان، ويدفع عنهم من النقم ما لا يشعرون بكثير منه، فسبحان من كل النعم التي بالعباد فمنه، وإليه يجأرون في دفع المكاره، وتبارك من لا يحصي أحد ثناء عليه, بل هو كما أثنى على نفسه، وتعالى من لا يخلو العباد من كرمه طرفة عين، بل لا وجود لهم ولا بقاء إلا بجوده. وقبَّح الله من استغنى بجهله عن ربه، ونسبه إلى ما لا يليق بجلاله، بل لو عامل الله اليهود القائلين تلك المقالة، ونحوهم ممن حاله كحالهم ببعض قولهم، لهلكوا، وشقوا في دنياهم، ولكنهم يقولون تلك الأقوال، وهو تعالى, يحلم عنهم، ويصفح، ويمهلهم ولا يهملهم. وقوله ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ْ) وهذا أعظم العقوبات على العبد، أن يكون الذكر الذي أنزله الله على رسوله، الذي فيه حياة القلب والروح، وسعادة الدنيا والآخرة, وفلاح الدارين، الذي هو أكبر منة امتن الله بها على عباده, توجب عليهم المبادرة إلى قبولها, والاستسلام لله بها, وشكرا لله عليها, أن تكون لمثل هذا زيادة غي إلى غيه، وطغيان إلى طغيانه، وكفر إلى كفره، وذلك بسبب إعراضه عنها، ورده لها، ومعاندته إياها، ومعارضته لها بالشبه الباطلة. ( وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ْ) فلا يتآلفون، ولا يتناصرون, ولا يتفقون على حالة فيها مصلحتهم، بل لم يزالوا متباغضين في قلوبهم, متعادين بأفعالهم, إلى يوم القيامة ( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ ْ) ليكيدوا بها الإسلام وأهله، وأبدوا وأعادوا، وأجلبوا بخيلهم ورجلهم ( أَطْفَأَهَا اللَّهُ ْ) بخذلانهم وتفرق جنودهم, وانتصار المسلمين عليهم. ( وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ْ) أي: يجتهدون ويجدون، ولكن بالفساد في الأرض، بعمل المعاصي، والدعوة إلى دينهم الباطل، والتعويق عن الدخول في الإسلام. ( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ْ) بل يبغضهم أشد البغض، وسيجازيهم على ذلك.

يخبر تعالى عن اليهود - عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة - بأنهم وصفوا الله عز وجل وتعالى عن قولهم علوا كبيرا ، بأنه بخيل


كما وصفوه بأنه فقير وهم أغنياء ، وعبروا عن البخل بقولهم : ( يد الله مغلولة ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبد الله الطهراني ، حدثنا حفص بن عمر العدني ، حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة قال : قال ابن عباس : ( مغلولة ) أي : بخيلة . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة ) قال : لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة ولكن يقولون : بخيل أمسك ما عنده ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا . وكذا روي عن عكرمة وقتادة والسدي ومجاهد والضحاك وقرأ : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) ( الإسراء : 29 )
يعني : أنه ينهى عن البخل وعن التبذير ، وهو الزيادة في الإنفاق في غير محله ، وعبر عن البخل بقوله : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ) . وهذا هو الذي أراد هؤلاء اليهود عليهم لعائن الله
وقد قال عكرمة : إنها نزلت في فنحاص اليهودي عليه لعنة الله
وقد تقدم أنه الذي قال : ( إن الله فقير ونحن أغنياء ) ( آل عمران : 181 ) فضربه أبو بكر الصديق رضي الله عنه . وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : قال رجل من اليهود يقال له : شاس بن قيس : إن ربك بخيل لا ينفق ، فأنزل الله : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) وقد رد الله عز وجل عليهم ما قالوه ، وقابلهم فيما اختلقوه وافتروه وائتفكوه ، فقال : ( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا ) وهكذا وقع لهم ، فإن عندهم من البخل والحسد والجبن والذلة أمر عظيم ، كما قال تعالى : ( أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ( فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ) ) ( النساء : 53 - 55 ) وقال تعالى : ( ضربت عليهم الذلة ( أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) ) الآية ( آل عمران : 112 ) . ثم قال تعالى : ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) أي : بل هو الواسع الفضل ، الجزيل العطاء ، الذي ما من شيء إلا عنده خزائنه ، وهو الذي ما بخلقه من نعمة فمنه وحده لا شريك له ، الذي خلق لنا كل شيء مما نحتاج إليه ، في ليلنا ونهارنا ، وحضرنا وسفرنا ، وفي جميع أحوالنا ، كما قال ( تعالى ) ( وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ) الآية ( إبراهيم : 34 )
والآيات في هذا كثيرة ، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : " إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار ، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض ، فإنه لم يغض ما في يمينه " قال : " وعرشه على الماء ، وفي يده الأخرى القبض ، يرفع ويخفض " : قال : قال الله تعالى : " أنفق أنفق عليك " أخرجاه في الصحيحين ، البخاري في " التوحيد " عن علي ابن المديني ، ومسلم فيه عن محمد بن رافع وكلاهما عن عبد الرزاق به . وقوله : ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ) أي : يكون ما أتاك الله يا محمد من النعمة نقمة في حق أعدائك من اليهود وأشباههم ، فكما يزداد به المؤمنون تصديقا وعملا صالحا وعلما نافعا ، يزداد به الكفرة الحاسدون لك ولأمتك ) طغيانا ) وهو : المبالغة والمجاوزة للحد في الأشياء ) وكفرا ) أي : تكذيبا ، كما قال تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) ( فصلت : 44 ) وقال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) ( الإسراء : 82 ) . وقوله : ( وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) يعني : أنه لا تجتمع قلوبهم ، بل العداوة واقعة بين فرقهم بعضهم في بعض دائما لأنهم لا يجتمعون على حق ، وقد خالفوك وكذبوك . وقال إبراهيم النخعي : ( وألقينا بينهم العداوة والبغضاء ) قال : الخصومات والجدال في الدين
رواه ابن أبي حاتم . وقوله : ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ) أي : كلما عقدوا أسبابا يكيدونك بها ، وكلما أبرموا أمورا يحاربونك بها يبطلها الله ويرد كيدهم عليهم ، ويحيق مكرهم السيئ بهم . ( ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين ) أي : من سجيتهم أنهم دائما يسعون في الإفساد في الأرض ، والله لا يحب من هذه صفته .

القول في تأويل قوله : وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن جرأة اليهود على ربهم، ووصفهم إياه بما ليس من صفته، توبيخًا لهم بذلك، وتعريفًا منه نبيَّه ﷺ قديمَ جهلهم واغترارهم به، وإنكارهم جميع جميل أياديه عندهم، وكثرة صفحه عنهم وعفوه عن عظيم إجرامهم= واحتجاجًا لنبيه محمد ﷺ بأنه له نبيٌّ مبعوث ورسول مرسل: أنْ كانت هذه الأنباء التي أنبأهم بها كانت من خفيِّ علومهم ومكنونها التي لا يعلمها إلا أحبارهم وعلماؤهم دون غيرهم من اليهود، فضلا عن الأمة الأمية من العرب الذين لم يقرأوا كتابًا، ولاوَعَوْا من علوم أهل الكتاب علمًا، فأطلع الله على ذلك نبيه محمدًا ﷺ، ليقرر عندهم صدقه، ويقطع بذلك حجتهم.


يقول تعالى ذكره: " وقالت اليهود "، من بني إسرائيل=" يد الله مغلولة "، يعنون: أن خير الله مُمْسَك وعطاؤه محبوس عن الاتساع عليهم، كما قال تعالى ذكره في تأديب نبيه ﷺ: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ (سورة الإسراء: 29).
وإنما وصف تعالى ذكره " اليد " بذلك، والمعنى العَطاء، لأن عطاء الناس وبذلَ معروفهم الغالبَ بأيديهم. فجرى استعمال الناس في وصف بعضهم بعضًا، إذا وصفوه بجود وكرم، أو ببخل وشحّ وضيق، بإضافة ما كان من ذلك من صفة الموصوف إلى يديه، كما قال الأعشى في مدح رجل: يَــدَاكَ يَــدَا مَجْـدٍ, فَكَـفٌ مُفِيـدَةٌ وَكَـفٌّ إذَا مَـا ضُـنَّ بِـالزَّادِ تُنْفِـقُ (56) فأضاف ما كان صفة صاحب اليد من إنفاق وإفادة إلى " اليد ". ومثل ذلك من كلام العرب في أشعارها وأمثالها أكثر من أن يُحْصى. فخاطبهم الله بما يتعارفونه ويتحاورونه بينهم في كلامهم فقال: " وقالت اليهود يد الله مغلولة "، يعني بذلك: أنهم قالوا: إن الله يبخل علينا، ويمنعنا فضله فلا يُفْضِل، كالمغلولة يده الذي لا يقدر أن يبسطَها بعطاء ولا بذلِ معروف، تعالى الله عما قالوا، أعداءَ الله! (57) فقال الله مكذِّبَهم ومخبرَهم بسخَطه عليهم: " غلت أيديهم "، يقول: أمسكت أيديهم عن الخيرات، وقُبِضت عن الانبساط بالعطيات=" ولعنوا بما قالوا "، وأبعدوا من رحمة الله وفضله بالذي قالوا من الكفر، وافتروا على الله ووصفوه به من الكذب والإفك (58) =" بل يداه مبسوطتان "، يقول: بل يداه مبسوطتان بالبذل والإعطاء وأرزاق عباده وأقوات خلقه، غيُر مغلولتين ولا مقبوضتين (59) =" ينفق كيف يشاء "، يقول: يعطي هذا، ويمنع هذا فيقتِّر عليه. (60)
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 12242 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا "، قال: ليس يعنون بذلك أن يد الله موثقةٌ، ولكنهم يقولون: إنه بخيل أمسك ما عنده، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيًرا. 12243 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " يد الله مغلولة "، قالوا: لقد تَجَهَّدنا الله = يا بني إسرائيل، (61) حتى جعل الله يده إلى نحره! وكذبوا! 12244 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " يد الله مغلولة "، قال: اليهود تقوله: (62) لقد تجهَّدنا الله يا بني إسرائيل ويا أهل الكتاب، (63) حتى إن يده إلى نحره=" بل يداه مبسوطتان، ينفق كيف يشاء ". 12245 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا " إلى وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ، أما قوله: " يد الله مغلولة "، قالوا: الله بخيل غير جواد! قال الله: " بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ". 12246 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء "، قالوا: إن الله وضع يده على صدره، فلا يبسطها حتى يردّ علينا ملكنا.
= وأما قوله: " ينفق كيف يشاء "، يقول: يرزق كيف يشاء. 12247 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال عكرمة: " وقالت اليهود يد الله مغلولة " الآية، نـزلت في فنْحاص اليهوديّ. 12248 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم قوله: " يد الله مغلولة "، يقولون: إنه بخيل ليس بجواد! قال الله: " غلت أيديهم "، أمسكت أيديهم عن النفقة والخير. ثم قال يعني نفسه: " بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ". وقال: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ (سورة الإسراء: 29)، يقول: لا تمسك يدك عن النفقة.
قال أبو جعفر: واختلف أهل الجدل في تأويل قوله: " بل يداه مبسوطتان ". (64) فقال بعضهم: عنى بذلك: نِعمتاه. وقال: ذلك بمعنى: " يد الله على خلقه "، وذلك نعمه عليهم. وقال: إن العرب تقول: " لك عندي يد "، يعنون بذلك: نعمةٌ.
وقال آخرون منهم: عنى بذلك القوة. وقالوا: ذلك نظير قول الله تعالى ذكره: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي (سورة ص: 45).
وقال آخرون منهم: بل " يده "، ملكه. وقال: معنى قوله: " وقالت اليهود يد الله مغلولة "، ملكه وخزائنه. قالوا: وذلك كقول العرب للمملوك: " هو ملك يمينه "، و " فلان بيده عُقدة نكاح فلانة "، أي يملك ذلك، وكقول الله تعالى ذكره: فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ، (سورة المجادلة: 12).
وقال آخرون منهم: بل " يد الله " صفة من صفاته، هي يد، غير أنها ليست بجارحة كجوارح بني آدم. قالوا: وذلك أنّ الله تعالى ذكره أخبرَ عن خصوصه آدم بما خصّه به من خلقه إياه بيده. (65) قالوا: ولو كان (معنى " اليد "، النعمة، أو القوة، أو الملك، ما كان لخصوصِه) آدم بذلك وجه مفهوم، (66) إذ كان جميع خلقه مخلوقين بقدرته، ومشيئتُه في خلقه تعمةٌ، وهو لجميعهم مالك. قالوا: وإذ كان تعالى ذكره قد خص آدم بذكره خلقَه إياه بيده دون غيره من عباده، كان معلومًا أنه إنما خصه بذلك لمعنى به فارق غيره من سائر الخلق. قالوا: وإذا كان ذلك كذلك، بطل قول من قال: معنى " اليد " من الله، القوة والنعمة أو الملك، في هذا الموضع. قالوا: وأحرى أن ذلك لو كان كما قال الزاعمون أن: " يد الله " في قوله: " وقالت اليهود يد الله مغلولة "، هي نعمته، لقيل: " بل يده مبسوطة "، ولم يقل: " بل يداه "، لأن نعمة الله لا تحصى كثرة. (67) وبذلك جاء التنـزيل، يقول الله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا (سورة إبراهيم: 34 وسورة النحل: 18) قالوا: ولو كانت نعمتين، كانتا محصاتين. قالوا: فإن ظن ظانٌّ أن النعمتين بمعنى النعم الكثيرة، فذلك منه خطأ، وذلك أنّ العرب قد تخرج الجميع بلفظ الواحد لأداء الواحد عن جميع جنسه، وذلك كقول الله تعالى ذكره: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (سورة العصر: 1، 2) وكقوله (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ)، (سورة الحجر: 26) وقوله: وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (سورة الفرقان: 55)، قال: فلم يُرَدْ بـ" الإنسان " و " الكافر " في هذه الأماكن إنسان بعينه، ولا كافر مشار إليه حاضر، بل عني به جميع الإنس وجميع الكفار، ولكن الواحد أدَّى عن جنسه، كما تقول العرب: " ما أكثر الدرهم في أيدي الناس "، وكذلك قوله: وَكَانَ الْكَافِرُ معناه: وكان الذين كفروا. قالوا: فأما إذا ثنَّى الاسم، فلا يؤدي عن الجنس، ولا يؤدّي إلا عن اثنين بأعيانهما دون الجميع ودون غيرهما. (68) قالوا: وخطأ في كلام العرب أن يقال: " ما أكثر الدرهمين في أيدي الناس "، بمعنى: ما أكثر الدراهم في أيديهم. قالوا: وذلك أن الدرهم إذا ثنِّي لا يؤدي في كلامها إلا عن اثنين بأعيانهما. قالوا: وغيرُ محال: " ما أكثر الدرهم في أيدي الناس "، و " ما أكثر الدراهم في أيديهم "، لأن الواحد يؤدي عن الجميع. قالوا: ففي قول الله تعالى: " بل يداه مبسوطتان "، مع إعلامه عبادَه أن نعمه لا تحصى، مع ما وصفنا من أنه غير معقول في كلام العرب أن اثنين يؤدّيان عن الجميع= ما ينبئ عن خطأ قول من قال: معنى " اليد "، في هذا الموضع، النعمة= وصحةِ قول من قال: إن " يد الله "، هي له صفة. قالوا: وبذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله ﷺ، وقال به العلماء وأهل التأويل.
القول في تأويل قوله : وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: إن هذا الذي أطلعناك عليه من خفيِّ أمور هؤلاء اليهود، مما لا يعلمه إلا علماؤهم وأحبارهم، احتجاجًا عليهم لصحة نبوتك، وقطعًا لعذر قائلٍ منهم أن يقول: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ =: " ليزيدن كثيرًا منهم ما أنـزل إليك من ربك طغيانًا وكفرًا ". يعني بـ" الطغيان ": الغلو في إنكار ما قد علموا صحته من نبوة محمد ﷺ والتمادي في ذلك=" وكفرًا "، يقول: ويزيدهم مع غلوِّهم في إنكار ذلك، جحودَهم عظمة الله ووصفهم إياه بغير صفته، بأن ينسبوه إلى البخل، ويقولوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ . وإنما أعلم تعالى ذكره نبيَّه ﷺ أنهم أهل عتوّ وتمرُّدٍ على ربهم، وأنهم لا يذعنون لحقّ وإن علموا صحته، ولكنهم يعاندونه، يسلِّي بذلك نبيه محمدًا ﷺ عن الموجِدة بهم في ذهابهم عن الله، وتكذيبهم إياه.
وقد بينت معنى " الطغيان " فيما مضى بشواهده، بما أغنى عن إعادته. (69)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 12249 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " وليزيدن كثيرًا منهم ما أنـزل إليك من ربك طغيانًا وكفرًا "، حملهم حسدُ محمد ﷺ والعرب على أن كفروا به، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم.
القول في تأويل قوله : وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة "، بين اليهود و النصارى، كما:- 12250 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة "، اليهود والنصارى.
فإن قال قائل: وكيف قيل: " وألقينا بينهم العداوة والبغضاء "، جعلت " الهاء والميم " في قوله: " بينهم "، كناية عن اليهود والنصارى، ولم يجر لليهود والنصارى ذكر؟ قيل: قد جرى لهم ذكر، وذلك قوله: لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ، (سورة المائدة: 51)، جرى الخبر في بعض الآي عن الفريقين، وفي بعضٍ عن أحدهما، إلى أن انتهى إلى قوله: " وألقينا بينهم العداوة والبغضاء "، ثم قصد بقوله: " ألقينا بينهم "، الخبرَ عن الفريقين.
القول في تأويل قوله : كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: كلما جمع أمرهم على شيء فاستقام واستوى، فأرادوا مناهضة من ناوأهم، شتته الله عليهم وأفسده، لسوء فعالهم وخُبْثِ نياتهم، (70) كالذي:- 12251 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ (سورة الإسراء: 4- 6)، قال: كان الفساد الأول، فبعث الله عليهم عدوًّا فاستباحوا الديار، واستنكحوا النساء، واستعبدوا الولدان، وخرَّبوا المسجد. فغَبَرُوا زمانًا، (71) ثم بعث الله فيهم نبيًّا وعاد أمرهم إلى أحسن ما كان. ثم كان الفساد الثاني بقتلهم الأنبياء، حتى قتلوا يحيى بن زكريا، فبعث الله عليهم بُخْت نصَّر، فقتل من قتل منهم، وسبى من سبى، وخرب المسجد. فكان بخت نصر الفسادَ الثاني= قال: و " الفساد "، المعصية= ثم قال، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إلى قوله: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا (سورة الإسراء: 7، 8) فبعث الله لهم عُزَيْرًا، وقد كان علم التوراة وحفظها في صدره وكتبها لهم. فقام بها ذلك القرن، ولبثوا فنسوا. (72) ومات عزير، وكانت أحداثٌ، ونسوا العهد وبَخَّلوا ربهم، وقالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ، وقالوا في عزير: " إن الله اتخذه ولدًا "، وكانوا يعيبون ذلك على النصارى في قولهم في المسيح، فخالفوا ما نَهَوْا عنه، وعملوا بما كانوا يكفِّرون عليه، فسبق من الله كلمة عند ذلك أنهم لن يظهروا على عدوٍّ آخرَ الدهر، (73) فقال: " كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين "، فبعث الله عليهم المجوس الثالثةَ أربابًا، (74) فلم يزالوا كذلك والمجوس على رقابهم، وهم يقولون: " يا ليتنا أدركنا هذا النبي الذي نجده مكتوبًا عندنا، عسى الله أن يفكَّنا به من المجوس والعذاب الهون "! فبعث محمدًا ﷺ= واسمه " محمد "، واسمه في الإنجيل " أحمد "= فلما جاءهم وعرفوا، (75) كفروا به، قال: فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (سورة البقرة: 89)، وقال: فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ، بسورة البقرة: 90]. (76) 12252 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله "، هم اليهود. 12253 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا "، أولئك أعداء الله اليهود، كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله، فلن تلقَى اليهود ببلد إلا وجدتهم من أذلّ أهله. لقد جاء الإسلام حين جاء، وهم تحت أيدي المجوس أبغضِ خلقه إليه. 12254 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله "، قال: كلما أجمعوا أمرهم على شيء فرَّقه الله، وأطفأ حَدَّهم ونارهم، (77) وقذف في قلوبهم الرعب.
وقال مجاهد بما:- 12255 - حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: " كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله "، قال: حربُ محمد ﷺ.
القول في تأويل قوله : وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويعمل هؤلاء اليهود والنصارى بمعصية الله، فيكفرون بآياته ويكذبون رسله، ويخالفون أمره ونهيه، وذلك سعيُهم فيها بالفساد= " والله لا يحب المفسدين "، يقول: والله لا يحب من كان عامِلا بمعاصيه في أرضه. (78)
--------------- الهوامش: (56) ديوانه: 150 ، وغيره. من قصيدته الغالية التي رفعت المحلق وطارت بذكره في الآفاق ، يقول له: لَعَمْـرِي لَقَـدْ لاحَـتْ عُيُـونٌ كَثِـيرَةٌ إلَـى ضَـوْءِ نـارٍ فـي يَفَـاٍع تُحَرَّقُ تُشَــبُّ لمقْــرُورَيْنِ يَصْطَلِيَانِهِــا وَبَـاتَ عَـلَى النَّـارِ النَّـدَى والمحَلَّقُ رَضِيعَــيْ لِبَــانٍ ثَـدْيَ أُمٍّ تَحَالفَـا بِأَسْــحَمَ عَـوْضَ الدَّهْـرِ لا نَتَفَـرَّقُ تَـرَى الجُودَ يَجْرِيِ ظَاهِرًا فَوْقَ وَجْهِهِ كَمَــا زَانَ مَتْـنَ الهُنْـدُوَانِيِّ رَوْنَـقُ يَــدَاهُ يَـدَا صِـدْقٍ، فَكـفٌّ مُفِيـدَةٌ وَكَـفٌّ إذَا مَـا ضُـنَّ بِالْمَـالِ تُنْفِـقُ هذه رواية مخطوطة ديوانه التي صورتها حديثًا ، ورواية هذه المخطوطة تخالف الرواية المطبوعة في أشياء كثيرة ، ولا سيما في ترتيب أبيات الشعر. (57) في المطبوعة: "عما قال أعداء الله" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وقوله: "أعداء الله" منصوب على الذم. (58) انظر تفسير"اللعنة" فيما سلف 10: 437 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك. (59) انظر تفسير"البسط" فيما سلف 5: 288 ، 290 ، 313. (60) انظر تفسير"الإنفاق" فيما سلف 7: 134 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك ، ثم سائر فهارس اللغة. (61) في المطبوعة ، حذف ما وضعته بين الخطين ، وكان في المخطوطة: "لقد تجهدنا الله ، أي تجهدنا الله يا بني إسرائيل" ، ورجحت أن صوابها كما أثبتها. ولم يذكر في كتب اللغة"تجهد" (مشددة الهاء) بمعنى: ألح عليه في السؤال حتى أفنى ما عنده ، وكأنه من أجل ذلك فسره بقوله (كما قرأته): "أي جهدنا الله" من قولهم"جهد الرجل" (ثلاثيا): إذا ألح عليه في السؤال. هذا ما رأيته ، وفوق كل ذي علم عليم. وانظر الأثر التالي. (62) في المطبوعة: "اليهود تقول" ، وأثبت ما في المخطوطة. (63) انظر التعليق السالف ص: 452 ، رقم: 4. (64) هذه أول مرة يذكر فيها أبو جعفر أصحاب الكلام ويسميهم"أهل الجدل". (65) في المطبوعة: "عن خصوصية آدم" ، وأعاد"خصوصية" بالنسب في جميع ما سيأتي ، وهو عبث من المصحح ، وأثبت ما في المخطوطة. (66) هذه الزيادة بين القوسين زيادة يقتضيها الكلام ، استظهرتها من سياق هذه الحجج ما استطعت ، وإسقاطها مفسد للكلام. (67) في المطبوعة: "لا تحصى بكثرة" ، وأثبت ما في المخطوطة. (68) في المطبوعة والمخطوطة: "فلا يؤدي إلا عن اثنين" ، وهو لا يستقيم بالفاء ، إنما يستقيم بالواو كما أثبته. (69) انظر تفسير"الطغيان" فيما سلف 1: 308 ، 309/5: 419. (70) انظر تفسير"أوقد" فيما سلف 1: 320 ، 380/6: 222. (71) في المطبوعة: "فغيروا" بالياء ، وهو خطأ."غبروا زمانا": لبثوا زمانًا. (72) في المطبوعة: "ونسوا" ، وأثبت ما في المخطوطة. (73) في المطبوعة والمخطوطة: "لم يظهروا" ، والسياق يقتضي ما أثبت. (74) في المطبوعة: "المجوس الثلاثة أربابًا" ، والصواب ما في المخطوطة ، ويعني وعد الآخرة ، وهي المرة الثالثة. (75) في المطبوعة: "فلما جاءهم ما عرفوا..." كنص آية البقرة: 89 ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو صواب أيضًا ، لا يريد الآية ، بل أراد معناها. (76) الأثر: 12251- هذا الأثر ، لم يذكره أبو جعفر في تفسير آيات"سورة الإسراء: 4- 8" في تفسيره 15: 17- 35 (بولاق). وهذا أحد الأدلة على اختصار التفسير. (77) "الحد": البأس والنفاذ. و"حد الظهيرة": شدة توقدها. (78) انظر تفسير"الفساد في الأرض" فيما سلف: 287 ، 416/ ثم 10: 257 تعليق: 1 ، والمراجع هناك. = وتفسير"السعي" فيما سلف 4: 238 ، وفي سائر فهارس اللغة.

الآية 64 من سورة المَائدة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (64) - Surat Al-Ma'idah

And the Jews say, "The hand of Allah is chained." Chained are their hands, and cursed are they for what they say. Rather, both His hands are extended; He spends however He wills. And that which has been revealed to you from your Lord will surely increase many of them in transgression and disbelief. And We have cast among them animosity and hatred until the Day of Resurrection. Every time they kindled the fire of war [against you], Allah extinguished it. And they strive throughout the land [causing] corruption, and Allah does not like corrupters

الآية 64 من سورة المَائدة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (64) - Сура Al-Ma'idah

Иудеи сказали: «Рука Аллаха скована». Это их руки скованы, и они прокляты за то, что они сказали (или да будут скованы их руки, и да будут они прокляты за то, что они сказали). Его обе Руки простерты, и Он расходует, как пожелает. Ниспосланное тебе от твоего Господа приумножает во многих из них несправедливость и неверие. Мы посеяли между ними вражду и ненависть вплоть до Дня воскресения. Всякий раз, когда они разжигают огонь войны, Аллах тушит его. Они стремятся распространить на земле нечестие, но Аллах не любит распространяющих нечестие

الآية 64 من سورة المَائدة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (64) - سوره المَائدة

یہودی کہتے ہیں اللہ کے ہاتھ بندھے ہوئے ہیں باندھے گئے ان کے ہاتھ، اور لعنت پڑی اِن پر اُس بکواس کی بدولت جو یہ کرتے ہیں اللہ کے ہاتھ تو کشادہ ہیں، جس طرح چاہتا ہے خرچ کرتا ہے حقیقت یہ ہے کہ جو کلام تمہارے رب کی طرف سے تم پر نازل ہوا ہے وہ ان میں سے اکثر لوگوں کی سرکشی و باطل پرستی میں الٹے اضافہ کا موجب بن گیا ہے، اور (اس کی پاداش میں) ہم نے ان کے درمیان قیامت تک کے لیے عداوت اور دشمنی ڈال دی ہے جب کبھی یہ جنگ کی آگ بھڑکاتے ہیں اللہ اُس کو ٹھنڈا کر دیتا ہے یہ زمین میں فساد پھیلانے کی سعی کر رہے ہیں مگر اللہ فساد برپا کرنے والوں کو ہرگز پسند نہیں کرتا

الآية 64 من سورة المَائدة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (64) - Ayet المَائدة

Yahudiler, "Allah'ın eli sıkıdır" dediler; dediklerinden ötürü elleri bağlandı, lanetlendiler. Hayır, O'nun iki eli de açıktır, nasıl dilerse sarfeder. And olsun ki, sana Rabbinden indirilen sözler onların çoğunun azgınlığını ve inkarını artıracaktır. Onların arasına kıyamete kadar sürecek düşmanlık ve kin saldık. Savaş ateşini ne zaman körükleseler Allah onu söndürmüştür. Yeryüzünde bozgunculuğa koşarlar. Allah bozguncuları sevmez

الآية 64 من سورة المَائدة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (64) - versículo المَائدة

Estos judíos dijeron: "La mano de Dios está cerrada". Son sus manos las que se cerraron, y cayeron en la maldición de Dios por su blasfemia. Por el contrario, Sus dos manos están extendidas y dispensa [generosamente] según Su voluntad. Lo que te ha sido revelado por tu Señor acrecentará en muchos de ellos la arrogancia y la negación de la verdad. Hemos previsto entre ellos la enemistad y el odio hasta el Día de la Resurrección. Siempre que enciendan el fuego de la guerra [contra ustedes], Dios lo apagará. Ellos se esfuerzan por sembrar la corrupción en la Tierra, pero Dios no ama a los que siembran la corrupción