مشاركة ونشر

تفسير الآية الثامنة والأربعين (٤٨) من سورة المَائدة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية الثامنة والأربعين من سورة المَائدة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمُهَيۡمِنًا عَلَيۡهِۖ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ﴿٤٨

الأستماع الى الآية الثامنة والأربعين من سورة المَائدة

إعراب الآية 48 من سورة المَائدة

(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ونا فاعله والكتاب مفعوله (بِالْحَقِّ) متعلقان بمحذوف حال من الكتاب (مُصَدِّقاً) حال ثانية (لِما) متعلقان بمصدقا (بَيْنَ) ظرف متعلق بمحذوف صلة ما (مِنَ الْكِتابِ) متعلقان بمحذوف حال (وَمُهَيْمِناً) عطف على (مُصَدِّقاً) (عَلَيْهِ) متعلقان بما قبلهما (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ) فعل أمر تعلق به الظرف بعده والفاء هي الفصيحة والجملة لا محل لها جواب شرط مقدر (بِما) متعلقان بأنزل اللّه الجملة صلة ما (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) مضارع مجزوم بلا ومفعوله وفاعله أنت والجملة معطوفة (عَمَّا جاءَكَ) عما متعلقان بمحذوف حال تقديره: مائلا عما جاءك والجملة صلة الموصول (مِنَ الْحَقِّ) متعلقان بمحذوف حال من فاعل جاءك المستتر. (لِكُلٍّ) متعلقان بجعلنا بعدهما أو مفعول أول لجعلنا (مِنْكُمْ) متعلقان بمحذوف صفة للاسم المحذوف الذي عوض عنه تنوين العوض في كل والتقدير: لكل أمة (شِرْعَةً) مفعول جعل (وَمِنْهاجاً) معطوف والجملة الفعلية مستأنفة (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ) فعل ماض ولفظ الجلالة فاعل ولو شرطية. (لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) الكاف مفعول جعل الأول وأمة مفعوله الثاني وواحدة صفة والجملة لا محل لها جواب لو الشرطية (وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ) لكن حرف استدراك لا عمل له لأنه مخفف ليبلوكم: اللام لام التعليل يبلوكم مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل، والكاف مفعوله والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل المحذوف أراد، والجملة معطوفة على ما قبلها (فِي ما آتاكُمْ) فيما متعلقان بيبلوك.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (48) من سورة المَائدة تقع في الصفحة (116) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (6)

مواضيع مرتبطة بالآية (23 موضع) :

الآية 48 من سورة المَائدة بدون تشكيل

وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ﴿٤٨

تفسير الآية 48 من سورة المَائدة

وأنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن، وكل ما فيه حقّ يشهد على صدق الكتب قبله، وأنها من عند الله، مصدقًا لما فيها من صحة، ومبيِّنًا لما فيها من تحريف، ناسخًا لبعض شرائعها، فاحكم بين المحتكمين إليك من اليهود بما أنزل الله إليك في هذا القرآن، ولا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به إلى أهوائهم وما اعتادوه، فقد جعلنا لكل أمة شريعة، وطريقة واضحة يعملون بها. ولو شاء الله لجعل شرائعكم واحدة، ولكنه تعالى خالف بينها ليختبركم، فيظهر المطيع من العاصي، فسارعوا إلى ما هو خير لكم في الدارين بالعمل بما في القرآن، فإن مصيركم إلى الله، فيخبركم بما كنتم فيه تختلفون، ويجزي كلا بعمله.

(وأنزلنا إليك) يا محمد (الكتاب) القرآن (بالحق): متعلق بأنزلنا (مصدِّقا لما بين يديه) قبله (من الكتاب ومهيمنا) شاهدا (عليه) والكتاب بمعنى الكتب (فاحكم بينهم) بين أهل الكتاب إذا ترافعوا إليك (بما أنزل الله) إليك (ولا تتبع أهواءهم) عادلا (عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم) أيها الأمم (شرعة) شريعة (ومنهاجا) طريقاً واضحاً في الدين يمشون عليه (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) على شريعة واحدة (ولكن) فرقكم فرقاً (ليبلوكم) ليختبركم (فيما آتاكم) من الشرائع المختلفة لينظر المطيع منكم والعاصي (فاستبقوا الخيرات) سارعوا إليها (إلى الله مرجعكم جميعا) بالبعث (فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) من أمر الدين ويجزي كلا منكم بعمله.

يقول تعالى: ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ ْ) الذي هو القرآن العظيم، أفضل الكتب وأجلها. ( بِالْحَقِّ ْ) أي: إنزالا بالحق، ومشتملا على الحق في أخباره وأوامره ونواهيه. ( مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ ْ) لأنه شهد لها ووافقها، وطابقت أخباره أخبارها، وشرائعه الكبار شرائعها، وأخبرت به، فصار وجوده مصداقا لخبرها. ( وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ْ) أي: مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة، وزيادة في المطالب الإلهية والأخلاق النفسية. فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، وحث عليه، وأكثر من الطرق الموصلة إليه. وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين، وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة، والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول، وما شهد له بالرد فهو مردود، قد دخله التحريف والتبديل، وإلا فلو كان من عند الله، لم يخالفه. ( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ْ) من الحكم الشرعي الذي أنزله الله عليك. ( وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ْ) أي: لا تجعل اتباع أهوائهم الفاسدة المعارضة للحق بدلا عما جاءك من الحق فتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير. ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ ْ) أيها الأمم جعلنا ( شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ْ) أي: سبيلا وسنة، وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال، وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعتها، وأما الأصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان، فإنها لا تختلف، فتشرع في جميع الشرائع. ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ْ) تبعا لشريعة واحدة، لا يختلف متأخرها و(لا) متقدمها. ( وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ْ) فيختبركم وينظر كيف تعملون، ويبتلي كل أمة بحسب ما تقتضيه حكمته، ويؤتي كل أحد ما يليق به، وليحصل التنافس بين الأمم فكل أمة تحرص على سبق غيرها، ولهذا قال: ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ْ) أي: بادروا إليها وأكملوها، فإن الخيرات الشاملة لكل فرض ومستحب، من حقوق الله وحقوق عباده، لا يصير فاعلها سابقا لغيره مستوليا على الأمر، إلا بأمرين: المبادرة إليها، وانتهاز الفرصة حين يجيء وقتها ويعرض عارضها، والاجتهاد في أدائها كاملة على الوجه المأمور به. ويستدل بهذه الآية، على المبادرة لأداء الصلاة وغيرها في أول وقتها، وعلى أنه ينبغي أن لا يقتصر العبد على مجرد ما يجزئ في الصلاة وغيرها من العبادات من الأمور الواجبة، بل ينبغي أن يأتي بالمستحبات، التي يقدر عليها لتتم وتكمل، ويحصل بها السبق. ( إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ْ) الأمم السابقة واللاحقة، كلهم سيجمعهم الله ليوم لا ريب فيه. ( فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ْ) من الشرائع والأعمال، فيثيب أهل الحق والعمل الصالح، ويعاقب أهل الباطل والعمل السيئ.

لما ذكر تعالى التوراة التي أنزلها الله على موسى كليمه ( عليه السلام ) ومدحها وأثنى عليها ، وأمر باتباعها حيث كانت سائغة الاتباع ، وذكر الإنجيل ومدحه ، وأمر أهله بإقامته واتباع ما فيه ، كما تقدم بيانه ، شرع تعالى في ذكر القرآن العظيم ، الذي أنزله على عبده ورسوله الكريم ، فقال : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق ) أي : بالصدق الذي لا ريب فيه أنه من عند الله ، ( مصدقا لما بين يديه من الكتاب ) أي : من الكتب المتقدمة المتضمنة ذكره ومدحه ، وأنه سينزل من عند الله على عبده ورسوله محمد ﷺ ، فكان نزوله كما أخبرت به ، مما زادها صدقا عند حامليها من ذوي البصائر ، الذين انقادوا لأمر الله واتبعوا شرائع الله ، وصدقوا رسل الله ، كما قال تعالى : ( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) ( الإسراء : 107 ، 108 ) أي : إن كان ما وعدنا الله على ألسنة الرسل المتقدمين ، من مجيء محمد ، عليه السلام ، ( لمفعولا ) أي : لكائنا لا محالة ولا بد . وقوله : ( ومهيمنا عليه ) قال سفيان الثوري وغيره ، عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس أي : مؤتمنا عليه


وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : المهيمن : الأمين ، قال : القرآن أمين على كل كتاب قبله . وروي عن عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومحمد بن كعب وعطية والحسن وقتادة وعطاء الخراساني والسدي وابن زيد نحو ذلك . وقال ابن جريج : القرآن أمين على الكتب المتقدمة ، فما وافقه منها فهو حق ، وما خالفه منها فهو باطل . وعن الوالبي ، عن ابن عباس : ( ومهيمنا ) أي : شهيدا
وكذا قال مجاهد وقتادة والسدي . وقال العوفي عن ابن عباس : ( ومهيمنا ) أي : حاكما على ما قبله من الكتب . وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى ، فإن اسم " المهيمن " يتضمن هذا كله ، فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله ، جعل الله هذا الكتاب العظيم ، الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها ، أشملها وأعظمها وأحكمها حيث جمع فيه محاسن ما قبله ، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره ; فلهذا جعله شاهدا وأمينا وحاكما عليها كلها
وتكفل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة ، فقال ( تعالى ) ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ( الحجر : 9 ) . فأما ما حكاه ابن أبي حاتم عن عكرمة وسعيد بن جبير وعطاء الخراساني وابن أبي نجيح عن مجاهد أنهم قالوا في قوله : ( ومهيمنا عليه ) يعني : محمدا ﷺ أمين على القرآن ، فإنه صحيح في المعنى ، ولكن في تفسير هذا بهذا نظر ، وفي تنزيله عليه من حيث العربية أيضا نظر
وبالجملة فالصحيح الأول ، قال أبو جعفر بن جرير بعد حكايته له عن مجاهد : وهذا التأويل بعيد من المفهوم في كلام العرب ، بل هو خطأ ، وذلك أن " المهيمن " عطف على " المصدق " ، فلا يكون إلا من صفة ما كان " المصدق " صفة له
قال : ولو كان كما قال مجاهد لقال : " وأنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب مهيمنا عليه "
يعني من غير عطف . وقوله : ( فاحكم بينهم بما أنزل الله ) أي : فاحكم يا محمد بين الناس : عربهم وعجمهم ، أميهم وكتابيهم ) بما أنزل الله ) إليك في هذا الكتاب العظيم ، وبما قرره لك من حكم من كان قبلك من الأنبياء ولم ينسخه في شرعك
هكذا وجهه ابن جرير بمعناه . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال : كان النبي ﷺ مخيرا ، إن شاء حكم بينهم ، وإن شاء أعرض عنهم
فردهم إلى أحكامهم ، فنزلت : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ) فأمر رسول الله ﷺ أن يحكم بينهم بما في كتابنا . وقوله : ( ولا تتبع أهواءهم ) أي : آراءهم التي اصطلحوا عليها ، وتركوا بسببها ما أنزل الله على رسوله ; ولهذا قال : ( ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ) أي : لا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به إلى أهواء هؤلاء من الجهلة الأشقياء . وقوله : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه ، عن التميمي عن ابن عباس : ( لكل جعلنا منكم شرعة ) قال : سبيلا . وحدثنا أبو سعيد حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس : ( ومنهاجا ) قال : وسنة
وكذا روى العوفي عن ابن عباس : ( شرعة ومنهاجا ) سبيلا وسنة . وكذا روي عن مجاهد وعكرمة والحسن البصري وقتادة والضحاك والسدي وأبي إسحاق السبيعي أنهم قالوا في قوله : ( شرعة ومنهاجا ) أي : سبيلا وسنة . وعن ابن عباس ومجاهد أيضا وعطاء الخراساني عكسه : ( شرعة ومنهاجا ) أي : سنة وسبيلا ، والأول أنسب ، فإن الشرعة وهي الشريعة أيضا ، هي ما يبتدأ فيه إلى الشيء ومنه يقال : " شرع في كذا " أي : ابتدأ فيه
وكذا الشريعة وهي ما يشرع منها إلى الماء
أما " المنهاج " : فهو الطريق الواضح السهل ، والسنن : الطرائق ، فتفسير قوله : ( شرعة ومنهاجا ) بالسبيل والسنة أظهر في المناسبة من العكس ، والله أعلم . ثم هذا إخبار عن الأمم المختلفة الأديان ، باعتبار ما بعث الله به رسله الكرام من الشرائع المختلفة في الأحكام ، المتفقة في التوحيد ، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال : " نحن معاشر الأنبياء إخوة لعلات ، ديننا واحد " يعني بذلك التوحيد الذي بعث الله به كل رسول أرسله ، وضمنه كل كتاب أنزله ، كما قال تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ( الأنبياء : 25 ) وقال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) الآية ( النحل : 36 ) ، وأما الشرائع فمختلفة في الأوامر والنواهي ، فقد يكون الشيء في هذه الشريعة حراما ثم يحل في الشريعة الأخرى ، وبالعكس ، وخفيفا فيزاد في الشدة في هذه دون هذه
وذلك لما له تعالى في ذلك من الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة . قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة : قوله : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) يقول : سبيلا وسنة ، والسنن مختلفة : هي في التوراة شريعة ، وفي الإنجيل شريعة ، وفي الفرقان شريعة ، يحل الله فيها ما يشاء ، ويحرم ما يشاء ، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه ، والدين الذي لا يقبل الله غيره : التوحيد والإخلاص لله ، الذي جاءت به الرسل . وقيل : المخاطب بهذا هذه الأمة ، ومعناه : ( لكل جعلنا ) القرآن ( منكم ) أيتها الأمة ( شرعة ومنهاجا ) أي : هو لكم كلكم ، تقتدون به
وحذف الضمير المنصوب في قوله : ( لكل جعلنا منكم ) أي : جعلناه ، يعني القرآن ، ( شرعة ومنهاجا ) أي : سبيلا إلى المقاصد الصحيحة ، وسنة ؛ أي : طريقا ومسلكا واضحا بينا . هذا مضمون ما حكاه ابن جرير عن مجاهد رحمه الله ، والصحيح القول الأول ، ويدل على ذلك قوله تعالى : ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) فلو كان هذا خطابا لهذه الأمة لما صح أن يقول : ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) وهم أمة واحدة ، ولكن هذا خطاب لجميع الأمم ، وإخبار عن قدرته تعالى العظيمة التي لو شاء لجمع الناس كلهم على دين واحد وشريعة واحدة ، لا ينسخ شيء منها
ولكنه تعالى شرع لكل رسول شرعة على حدة ، ثم نسخها أو بعضها برسالة الآخر الذي بعده حتى نسخ الجميع بما بعث به عبده ورسوله محمدا ﷺ الذي ابتعثه إلى أهل الأرض قاطبة ، وجعله خاتم الأنبياء كلهم ; ولهذا قال تعالى : ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم ) أي : أنه تعالى شرع الشرائع مختلفة ، ليختبر عباده فيما شرع لهم ، ويثيبهم أو يعاقبهم على طاعته ومعصيته بما فعلوه أو عزموا عليه من ذلك كله . وقال عبد الله بن كثير : ( في ما آتاكم ) يعني : من الكتاب . ثم إنه تعالى ندبهم إلى المسارعة إلى الخيرات والمبادرة إليها ، فقال : ( فاستبقوا الخيرات ) وهي طاعة الله واتباع شرعه ، الذي جعله ناسخا لما قبله ، والتصديق بكتابه القرآن الذي هو آخر كتاب أنزله . ثم قال تعالى : ( إلى الله مرجعكم جميعا ) أي : معادكم أيها الناس ومصيركم إليه يوم القيامة ( فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ) أي : فيخبركم بما اختلفتم فيه من الحق ، فيجزي الصادقين بصدقهم ، ويعذب الكافرين الجاحدين المكذبين بالحق ، العادلين عنه إلى غيره بلا دليل ولا برهان ، بل هم معاندون للبراهين القاطعة ، والحجج البالغة ، والأدلة الدامغة . وقال الضحاك : ( فاستبقوا الخيرات ) يعني : أمة محمد ﷺ
والأظهر الأول .

القول في تأويل قوله عز ذكره : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ قال أبو جعفر: وهذا خطابٌ من الله تعالى ذكره لنبيه محمدٍ ﷺ. يقول تعالى ذكره: أنـزلنا إليك، يا محمد،" الكتاب "، وهو القرآن الذى أنـزله عليه= ويعني بقوله: " بالحق "، بالصدق ولا كذب فيه، ولا شك أنه من عند الله (8) =" مصدقًا لما بين يديه من الكتاب "، يقول: أنـزلناه بتصديق ما قبله من كتب الله التى أنـزلها إلى أنبيائه= " ومهيمنًا عليه "، يقول: أنـزلنا الكتاب الذي أنـزلناه إليك، يا محمد، مصدّقًا للكتب قبله، وشهيدًا عليها أنها حق من عند الله، أمينًا عليها، حافظا لها.


وأصل " الهيمنة "، الحفظ والارتقاب. يقال، إذا رَقَب الرجل الشيء وحفظه وشَهِده: " قد هيمن فلان عليه، فهو يُهَيمن هيمنة، وهو عليه مهيمن ".
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، إلا أنهم اختلفت عباراتهم عنه. فقال بعضهم: معناه: شهيدًا. ذكر من قال ذلك: 12103م - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " ومهيمنًا عليه "، يقول: شهيدًا. 12104 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ومهيمنًا عليه "، قال: شهيدًا عليه. 12105 - حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وأنـزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقًا لما بين يديه من الكتاب "، يقول: الكتب التي خلت قبله=" ومهيمنًا عليه "، أمينًا وشاهدًا على الكتب التي خلت قبله.
12106 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: " ومهيمنًا عليه "، مؤتمنًا على القرآن، وشاهدًا ومصدِّقًا= وقال ابن جريج: وقال: آخرون (9) القرآن أمين على الكتب فيما إذا أخبرنا أهل الكتاب في كتابهم بأمرٍ، إن كان في القرآن فصدقوا، وإلا فكذبوا.
وقال بعضهم: معناه: أمينٌ عليه. ذكر من قال ذلك: 12107 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن= وحدثنا هناد بن السري قال، حدثنا وكيع= جميعًا، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: " ومهيمنًا عليه "، قال: مؤتمنًا عليه. 12108 - حدثنا محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس في قوله: " ومهيمنًا عليه "، قال: مؤتمنًا عليه. 12109 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس، مثله. 12110 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، بإسناده، عن ابن عباس، مثله. 12111 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس، مثله. 12112 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس، مثله. 12113 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن رجل من تميم، عن ابن عباس، مثله. (10) 12114 - حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " ومهيمنًا عليه "، قال: والمهيمن الأمين: قال: القرآن أمين على كلِّ كتاب قبله. 12115 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وأنـزلنا إليك الكتاب بالحق مصدِّقًا لما بين يديه من الكتاب "، وهو القرآن، شاهد على التوراة والإنجيل، مصدقًا لهما=" ومهيمنًا عليه "، يعني: أمينًا عليه، يحكم على ما كان قبله من الكتب. 12116 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: " ومهيمنًا عليه "، قال: مؤتمنًا عليه. 12117 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن زهير، عن أبي إسحاق، عن رجل من بني تميم، عن ابن عباس: " ومهيمنًا عليه "، قال: مؤتمنًا عليه. 12118 - حدثني المثنى قال، حدثنا يحيى الحماني قال، حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس، مثله. (11) 12119 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن سفيان وإسرائيل، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير: " ومهيمنًا عليه " قال: مؤتمنًا على ما قبله من الكتب. 12120 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء قال: سألت الحسين عن قوله: " وأنـزلنا إليك الكتاب بالحق مصدِّقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه "، قال: مصدقًا لهذه الكتب، وأمينا عليها. وسئل عنها عكرمة وأنا أسمع فقال: مؤتمنًا عليه.
وقال آخرون: معنى " المهيمن "، المصدق. ذكر من قال ذلك: 12121 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ومهيمنًا عليه "، قال: مصدِّقًا عليه. كل شيء أنـزله الله من توراة أو إنجيل أو زَبُورٍ، فالقرآن مصدِّق على ذلك. وكل شيء ذكر الله في القرآن، فهو مصدِّقٌ عليها وعلى ما حُدِّث عنها أنه حق.
وقال آخرون: عنى بقوله: " مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه "، نبي الله ﷺ. ذكر من قال ذلك: 12122 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " ومهيمنًا عليه "، محمد ﷺ، مؤتمنٌ على القرآن. 12123 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " ومهيمنًا عليه "، قال: محمد ﷺ، مؤتمنٌ على القرآن.
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام على ما تأوّله مجاهد: وأنـزلنا الكتاب مصدقًا الكتبَ قبله إليك، مهيمنا عليه= فيكون قوله: " مصدقًا " حالا من " الكتاب " وبعضًا منه، ويكون " التصديق " من صفة " الكتاب "، و " المهيمن " حالا من " الكاف " التي في" إليك "، وهي كناية عن ذكر اسم النبي ﷺ، و " الهاء " في قوله: " عليه "، عائدة على الكتاب.
وهذا التأويل بعيد من المفهوم في كلام العرب، بل هو خطأ. وذلك أنّ" المهيمن " عطفٌ على " المصدق "، فلا يكون إلا من صفة ما كان " المصدِّق " صفةً له. ولو كان معنى الكلام ما روي عن مجاهد، لقيل: " وأنـزلنا إليك الكتاب مصدِّقًا لما بين يديه من الكتاب مهيمنًا عليه " (12) = لأنه لم يتقدم من صفة " الكاف " التي في" إليك " بعدَها شيءٌ يكون " مهيمنًا عليه " عطفًا عليه، (13) وإنما عطف به على " المصدق "، لأنه من صفة " الكتاب " الذي من صفته " المصدق ".
فإن ظن ظان أن " المصدق "= على قول مجاهد وتأويلهِ هذا= من صفة " الكاف " التي في" إليك "، فإن قوله: " لما بين يديه من الكتاب "، يبطل أن يكون تأويل ذلك كذلك، وأن يكون " المصدق " من صفة " الكاف " التي في" إليك ". لأن " الهاء " في قوله: " بين يديه "، كناية اسم غير المخاطب، وهو النبي ﷺ في قوله " إليك ". (14) ولو كان " المصدق " من صفة " الكاف "، لكان الكلام: وأنـزلنا إليك الكتاب مصدِّقًا لما بين يديك من الكتاب، (15) ومهيمنا عليه= فيكون معنى الكلام حينئذٍ كذلك. (16)
القول في تأويل قوله عز ذكره : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ قال أبو جعفر: وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ أن يحكم بين المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهلِ الملل بكتابه الذي أنـزله إليه، وهو القرآن الذي خصّه بشريعته. يقول تعالى ذكره: احكم، يا محمد، بين أهل الكتاب والمشركين بما أُنـزل إليك من كتابي وأحكامي في كل ما احتمكوا فيه إليك، من الحدود والجُرُوح والقَوَد والنفوس، فارجم الزاني المحصَن، واقتل النفسَ القاتلةَ بالنفس المقتولة ظلمًا، وافقأ العين بالعين، واجدع الأنف بالأنف، فإني أنـزلت إليك القرآن مصدِّقًا في ذلك ما بين يديه من الكتب، ومهيمنًا عليه رقيبًا، يقضي على ما قبله من سائر الكتب قبلَه، ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود= الذين يقولون: إن أوتيتم الجلدَ في الزاني المحصن دون الرجم، وقتلَ الوضيع بالشريف إذا قتله، وتركَ قتل الشريف بالوضيع إذا قتله، فخذوه، وإن لم تؤتوه فاحذروا (17) = عن الذي جاءك من عند الله من الحق، وهو كتاب الله الذي أنـزله إليك. يقول له: اعمل بكتابي الذي أنـزلته إليك إذا احتكموا إليك فاخترتَ الحكم عليهم، (18) ولا تتركنَّ العمل بذلك اتباعًا منك أهواءَهم، وإيثارًا لها على الحق الذي أنـزلته إليك في كتابي، كما:- 12124 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " فاحكم بينهم بما أنـزل الله "، يقول: بحدود الله=" ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ". 12125 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عنبسة، عن جابر، عن عامر، عن مسروق: أنه كان يحلف اليهوديَّ والنصراني بالله، ثم قرأ: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ (سورة المائدة: 49)، (19) وأنـزل الله: أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (سورة الأنعام: 151).
القول في تأويل قوله عز ذكره : لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لكل قوم منكم جعلنا شرعةً. (20)
و " الشرعة " هي" الشريعة " بعينها، تجمع " الشرعة "" شِرَعًا "، (21) " والشريعة "" شرائع ". ولو جمعت " الشرعة "" شرائع "، كان صوابًا، لأن معناها ومعنى " الشريعة " واحد، فيردّها عند الجمع إلى لفظ نظيرها. وكل ما شرعت فيه من شيء فهو " شريعة ". ومن ذلك قيل: لشريعة الماء " شريعة "، لأنه يُشْرع منها إلى الماء. ومنه سميت شرائع الإسلام " شرائع "، لشروع أهله فيه. ومنه قيل للقوم إذا تساووا في الشيء: " هم شَرَعٌ"، سواءٌ.
وأما " المنهاج "، فإنّ أصله: الطريقُ البيِّن الواضح، يقال منه: " هو طريق نَهْجٌ، وَمنهْجٌ"، بيِّنٌ، كما قال الراجز: (22) مَــنْ يـكُ فِـي شَـكٍّ فَهـذَا فَلْـجُ مَـــاءٌ رَوَاءٌ وَطَـــرِيقٌ نَهْــجُ (23) ثم يستعمل في كل شيء كان بينًا واضحًا سهلا.
فمعنى الكلام: لكل قوم منكم جعلنا طريقًا إلى الحق يؤمُّه، وسبيلا واضحًا يعمل به.
ثم اختلف أهل التأويل في المعنيِّ بقوله: " لكل جعلنا منكم ". فقال بعضهم: عنى بذلك أهلَ الملل المختلفة، أي: أن الله جعل لكل مِلّةٍ شريعة ومنهاجًا. ذكر من قال ذلك: 12126 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا " يقول: سبيلا وسُنّة. والسنن مختلفة: للتوراة شريعة، وللإنجيل شريعة، وللقرآن شريعة، يحلُّ الله فيها ما يشاء، ويحرِّم ما يشاء بلاءً، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. ولكن الدين الواحد الذي لا يقبل غيره: التوحيدُ والإخلاصُ لله، الذي جاءت به الرسل. 12127 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا "، قال: الدينُ واحد، والشريعةُ مختلفة. 12128 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هاشم قال أخبرنا سيف بن عمر، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن علي قال: الإيمان منذُ بَعث الله تعالى ذكره آدم ﷺ: شهادةُ أن لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء من عند الله، لكلّ قوم ما جاءَهم من شرعة أو منهاج، فلا يكون المقرُّ تاركًا، ولكنه مُطِيع. (24)
وقال آخرون: بل عنى بذلك أمَّةَ محمد ﷺ. وقالوا: إنما معنى الكلام: قد جعلنا الكتاب الذي أنـزلناه إلى نبينا محمدٍ ﷺ، أيها الناس، لكُلِّكم= أي لكل من دخل في الإسلام وأقرّ بمحمد ﷺ أنه لي نبيٌّ= شرعةً ومنهاجا. ذكر من قال ذلك: 12129 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا " قال: سنة، =" ومنهاجًا "، السبيل=" لكلكم "، من دخل في دين محمد ﷺ، فقد جعل الله له شرعة ومنهاجًا. يقول: القرآن، هو له شرعة ومنهاج.
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: معناه: لكل أهل ملة منكم، أيها الأمم جعلنا شِرعةً ومنهاجًا. وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لقوله: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولو كان عنى بقوله: " لكل جعلنا منكم "، أمة محمد، وهم أمّة واحدةٌ، لم يكن لقوله: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ، وقد فعل ذلك فجعلهم أمة واحدة= معنىً مفهوم. ولكن معنى ذلك، على ما جرى به الخطاب من الله لنبيه محمد ﷺ: أنه ذكر ما كتب على بني إسرائيل في التوراة، وتقدم إليهم بالعمل بما فيها، ثم ذكر أنه قفَّي بعيسى ابن مريم على آثار الأنبياء قبله، وأنـزل عليه الإنجيل، وأمر من بَعثه إليه بالعمل بما فيه. ثم ذكر نبيَّنا محمدًا ﷺ، وأخبره أنه أنـزل إليه الكتابَ مصدِّقًا لما بين يديه من الكتاب، وأمره بالعمل بما فيه، والحكم بما أنـزل إليه فيه دون ما في سائر الكتب غيره= وأعلمه أنه قد جعل له ولأمته شريعةً غيرَ شرائع الأنبياء والأمم قبلَه الذين قصَّ عليهم قصصَهم، وإن كان دينه ودينهم- في توحيد الله، والإقرار بما جاءهم به من عنده، والانتهاء إلى أمره ونهيه- واحدًا، فهم مختلفو الأحوال فيما شرع لكم واحد منهم ولأمته فيما أحلّ لهم وحرَّم عليهم.
وبنحو الذي قلنا في" الشرعة " و " المنهاج " من التأويل، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 12130- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا مسعر، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا " قال: سنةً وسبيلا. 12131 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا "، قال: سنة وسبيلا. 12132 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان وإسرائيل وأبيه، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس، مثله. 12133 - حدثنا هناد قال، حدثنا أبو يحيى الرازي، عن أبي سنان، عن أبي إسحاق، عن يحيى بن وثَّاب قال: سألت ابن عباس عن قوله: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا "، قال: سنة وسبيلا. (25) 12134 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: " شرعة ومنهاجًا "، قال: سنة وسبيلا. 12135 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن رجل من بني تميم، عن ابن عباس، بمثله. 12136 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس، مثله. 12137 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا " يعني: سبيلا وسنةً. 12138 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين قال: سمعت الحسن يقول: " الشرعة "، السنة. 12139 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد قال: سنة وسبيلا. (26) 12140 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " شرعة ومنهاجًا "، قال: " الشرعة "، السنة=" ومنهاجًا "، قال: السبيل. 12141 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه. 12142 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا "، يقول: سبيلا وسنة. 12143 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحوضي قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت رجلا من بني تميم، عن ابن عباس، بنحوه. (27) 12144 - حدثني محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " شرعة ومنهاجًا "، يقول: سبيلا وسنة. 12145 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: السنَّة والسبيل. 12146 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا "، يقول: سبيلا وسنة. 12147 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، أخبرني عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " شرعة ومنهاجًا "، قال: سبيلا وسنةً.
القول في تأويل قوله عز ذكره : وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربُّكم لجعل شرائعكم واحدة، ولم يجعل لكل أمة شريعةً ومنهاجًا غيرَ شرائع الأمم الأخر ومنهاجهم، فكنتم تكونون أمة واحدةً لا تختلف شرائعكم ومنهاجكم، ولكنه تعالى ذكره يعلم ذلك، فخالف بين شرائعكم ليختبركم، فيعرف المطيع منكم من العاصي، والعاملَ بما أمره في الكتاب الذي أنـزله إلى نبيِّه ﷺ من المخالف.
و " الابتلاء ": هو الاختيار، وقد أبنتُ ذلك بشواهده فيما مضى قبلُ. (28)
وقوله: " في ما آتاكم "، يعني: فيما أنـزل عليكم من الكتب، كما:- 12148 - حدثنا القاسم، قال، حدثنا الحسين، قال، ثني حجاح، عن ابن جريج: (ولكن ليبلوكم في ما آتاكم) قال عبد الله بن كثير: لا أعلمه إلا قال، ليبلوكم فيما آتاكم من الكتب.
فإن قال قائل: وكيف قال: " ليبلوكم في ما آتاكم "، ومن المخاطب بذلك؟ وقد ذكرت أنّ المعنيَّ بقوله: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا نبيُّنا مع الأنبياء الذين مضوا قبله وأممِهم، والذين قبل نبيّنا ﷺ على حِدَةٍ؟ (29) قيل: إن الخطاب وإن كان لنبينا ﷺ: فإنه قد أريد به الخبر عن الأنبياء قبله وأممهم. ولكن العرب من شأنها إذا خاطبت إنسانًا وضمَّت إليه غائبًا، فأرادت الخبر عنه، أن تغلِّب المخاطب، فيخرج الخبرُ عنهما على وجه الخطاب، فلذلك قال تعالى ذكره: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا .
القول في تأويل قوله عز ذكره : فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فبادروا أيها الناس، إلى الصالحات من الأعمال، والقُرَب إلى ربكم، بإدمان العمل بما في كتابكم الذي أنـزله إلى نبيكم، فإنه إنما أنـزله امتحانًا لكم وابتلاءً، ليتبين المحسن منكم من المسيء، فيجازي جميعكم على عمله جزاءَه عند مصيركم إليه، فإن إليه مصيركم جميعًا، فيخبر كلَّ فريق منكم بما كان يخالف فيه الفرقَ الأخرى، فيفْصَل بينهم بفصل القضاء، وتُبِينُ المحقَّ مجازاته إياه بجناته، (30) من المسيء بعقابه إياه بالنار، فيتبين حينئذ كل حزب عيانًا، المحقَّ منهم من المبطل. (31)
فإن قال قائل: أو لم ينبئنا ربُّنا في الدنيا قبل مرجعنا إليه ما نحن فيه مختلفون؟ قيل: إنه بيَّن ذلك في الدنيا بالرسل والأدلة والحجج، دون الثواب والعقاب عيانًا، فمصدق بذلك ومكذِّب. وأما عند المرجع إليه، فإنه ينبئهم بذلك بالمجازاة التي لا يشكُّون معها في معرفة المحق والمبطل، ولا يقدرون على إدخال اللبس معها على أنفسهم. فكذلك خبرُه تعالى ذكره أنه ينبئنا عند المرجع إليه بما كنَّا فيه نختلف في الدنيا. وإنما معنى ذلك: إلى الله مرجعكم جميعًا، فتعرفون المحقَّ حينئذ من المبطل منكم، كما:- 12149 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حباب، عن أبي سنان قال: سمعت الضحاك يقول: " فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعًا "، قال: أمة محمد ﷺ، البرُّ والفاجر. (32) ----------------- الهوامش : (8) انظر تفسير"الحق" فيما سلف 7: 97/9: 227. (9) في المطبوعة: "وقال ابن جريج وآخرون"، والصواب من المخطوطة. (10) الآثار 12107- 12113-"التميمي" و"رجل من تميم" ، هو"أربدة التميمي" ، يروي التفسير عن ابن عباس ، رواه عنه أبو إسحق السبيعي ، مضى برقم: 1928 ، 1929 ، ولكن كتب أخي السيد أحمد على الأثر رقم: 2095 ، ثم كتبت أنا على الآثار من رقم: 3986- 3989 ، أنه رجل مجهول من تميم ، ولكن الصواب أنه معروف وهو"أربدة التميمي" ، وهو تابعي ثقة. ثم انظر الآثار الآتية من رقم: 12116- 12118. (11) الآثار: 12116- 12118-"التميمي" ، و"رجل من بني تميم" ، هو"أربدة التميمي" ، انظر التعليق السالف. (12) في المطبوعة والمخطوطة: "ومهيمنًا" بالواو ، والصواب إسقاطها ، لأنه أراد إسقاط العطف ، إذ كان"مهيمنًا" حالا من"الكاف" في"إليك" ، غير معطوف على شيء قبله ، كما ترى في بقية كلامه. (13) في المطبوعة: "لأنه متقدم من صفة الكاف التي في إليك وليس بعدها شئ..." ، فزاد"وليس" ، وليست في المخطوطة ، وجعل"يتقدم""متقدم" ، إذ كان في المخطوطة خطأ ، فأساء الفهم ، وأساء التصرف!! كان في المخطوطة كما أثبت إلا أنه كتب"لأنه يتقدم من صفة الكاف" سقط من الناسخ"لم" ، فأثبتها ، واستقام الكلام على وجهه. (14) في المخطوطة: "والنبي صلى الله عليه..." بإسقاط"هو" ، والصواب ما في المطبوعة. (15) في المخطوطة: "لما بين يديه" ، والصواب ما في المطبوعة. (16) في المخطوطة: "فيكون معنى الكلام حينئذ يكون كذلك" ، بزيادة"يكون" ، والصواب ما في المخطوطة ، إلا أن يكون الناسخ أسقط من الكلام شيئًا. ومع ذلك ، فالذي في المطبوعة مستقيم. (17) السياق: "ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود... عن الذي جاءك من عند الله...". (18) في المطبوعة: "فاختر الحكم" ، والصواب ما في المخطوطة ، لأن رسول الله ﷺ مخير في الحكم بينهم وفي ترك الحكم ، كما سلف ص: 333. (19) في المخطوطة: "ثم قرأ: فإن جاءوك فاحكم بينهم بما أنزل الله" ، وصواب الاستدلال في هذه الآية من المائدة ، أما آية المائدة الأخرى (42) ، فتلاوتها: "فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم" ، وليس فيها الدليل الذي تطلبه في استحلافهم بالله عز وجل. (20) انظر تفسير"كل" فيما سلف 3: 193/6: 209/8: 269. (21) في المطبوعة والمخطوطة: "تجمع الشرعة شراعًا" ، وهذا خطأ من الناسخ لاشك فيه ، فإن جمع"فعلة" (بكسر فسكون) إنما يكسر على"فعل" (بكسر ففتح) ، في الصحيح وفي غيره مثل"كسر" ، و"لحى". وقد جاء في"فعلة""فعال" ، وهو قليل ، كجمع"لقحة" و"لقاح" ، و"حقة" ، و"حقاق". فجائز أن يكون"شراع" جمعًا عزيزًا للشرعة ، ولكن الأقرب في مثل ذلك أن يذكر الجمع الذي أطبق عليه القياس. (22) كأنه راجز من بني العنبر بن عمرو بن تميم. (23) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 168 ، ومعجم ما استعجم: 1027 ، واللسان (روي) ، وروايتهم جميعًا: "من يك ذا شك". ولكن هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة. و"فلج" (بفتح فسكون): ماءه لبني العنبر بن عمرو بن تميم ، يكثر ذكره في شعر بني تميم ، ويمتدحون ماءه ، قال بعض الأعراب: أَلا شَـرْبَةٌ مِـنْ مَاءٍ مُزْنٍ عَلَى الصَّفَا حَدِيثَــهُ عَهْـد بالسَّـحَاب المُسَـخَّرِ إلَـى رَصَـفٍ مِـنْ بَطْـنِ فَلْجٍ، كأَنَّهَا إذَا ذُقْتَهَــا بَيُّوتَــةً مَــاءُ سُــكَّرِ و"ماء رواء" (بفتح الراء): الماء العذب الذي فيه للواردين ري. (24) الأثر: 12128-"عبد الله بن هاشم" ، لم أعرف من يكون. وقد مضى في الإسنادين رقم: 7329 ، 7938 ، في مثل هذا الإسناد نفسه. و"سيف بن عمر التميمي" ، مضى برقم: 7329 ، 7938 ، وهو ساقط الرواية. وكان في المطبوعة هنا أيضا ، كما في الإسنادين المذكورين: "سيف بن عمرو" ، وهو خطأ محض. (25) الأثر: 12133-"أبو يحيى الرازي "أو"أبو يحيى العبدي" هو: "إسحق بن سلمان الرازي" ، ثقة. مضى برقم: 6456. و"أبو سنان" هو: "سعيد بن سنان البرجمي". روى عن أبي إسحق السبيعي ، وروى عنه إسحق بن سليمان أبو يحيى الرازي. مضى برقم: 175 ، 11240. وكان في المطبوعة: "أبو شيبان" ، وهو خطأ صرف. و"يحيى بن وثاب الأسدي" المقرئ. روى عن ابن عمر ، وابن عباس. وروى عنه أبو إسحق السبيعي. قال ابن سعد: "كان ثقة قليل الحديث صاحب قرآن". ومضى برقم: 11488. (26) الأثر: 12139-"أبو يحيى القتات الكناني" ، مختلف في اسمه. وهو ضعيف متكلم فيه. مترجم في التهذيب. (27) الأثر: 12143-"الحوضي" هو"حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة النمري" أبو عمر الحوضي ، ثقة ثبت متقن. مضى برقم: 11449. (28) انظر تفسير"الابتلاء" فيما سلف 2: 49/3: 7/7: 574 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك. وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا: "وقد ثبت ذلك" ، وليس بشيء ، أخطأ الناسخ ، صوابها ما أثبت. (29) كانت هذه الجملة في المطبوعة: "وقد ذكرت أن المعنى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا. لكل نبي من الأنبياء الذين مضوا قبله وأممهم الذين قبل نبينا ﷺ ، والمخاطب النبي وحده". غير ما في المخطوطة ، وحذف منه وزاد فيه. و في المخطوطة: "وقد ذكرت أن المعنى: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا نبيا مع الأنبياء الذين مضوا قبله وأممهم ، والذين قبل نبينا ﷺ حده". وهو سياق لا يستقيم ، ورجحت أن الناسخ أسقط"قوله" قبل الآيه ، وأسقط"على" من قوله: "على حدة". لأن مراد أبي جعفر أن الخطاب للنبي ﷺ ، ولا يدخل في خطابه خطاب الأنبياء الذين قبله هم وأممهم. وأما الذي في المطبوعة ، فهو تصرف جاوز حده. (30) في المطبوعة: "ويبين المحق بمجازاته إياه..." ، أساء قراءة المخطوطة ، فتصرف فيها. (31) انظر تفسير"استبق" فيما سلف 3: 196= وتفسير"الخيرات" فيما سلف 3: 196= وتفسير"المراجع" فيما سلف 6: 464= وتفسير"أنبأ" و"النبأ" فيما سلف 1: 488 ، 489/6: 259 ، 404/10: 201 (32) الأثر: 12149-"أبو سنان" هو: "سعيد بن سنان" ، مضى قريبا برقم: 12133.

الآية 48 من سورة المَائدة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (48) - Surat Al-Ma'idah

And We have revealed to you, [O Muhammad], the Book in truth, confirming that which preceded it of the Scripture and as a criterion over it. So judge between them by what Allah has revealed and do not follow their inclinations away from what has come to you of the truth. To each of you We prescribed a law and a method. Had Allah willed, He would have made you one nation [united in religion], but [He intended] to test you in what He has given you; so race to [all that is] good. To Allah is your return all together, and He will [then] inform you concerning that over which you used to differ

الآية 48 من سورة المَائدة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (48) - Сура Al-Ma'idah

Мы ниспослали тебе Писание с истиной в подтверждение прежних Писаний, и для того, чтобы оно предохраняло их (или свидетельствовало о них; или возвысилось над ними). Суди же их согласно тому, что ниспослал Аллах, и не потакай их желаниям, уклоняясь от явившейся к тебе истины. Каждому из вас Мы установили закон и путь. Если бы Аллах пожелал, то сделал бы вас одной общиной, однако Он разделил вас, чтобы испытать вас тем, что Он даровал вам. Состязайтесь же в добрых делах. Всем вам предстоит вернуться к Аллаху, и Он поведает вам о том, в чем вы расходились во мнениях

الآية 48 من سورة المَائدة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (48) - سوره المَائدة

پھر اے محمدؐ! ہم نے تمہاری طرف یہ کتاب بھیجی جو حق لے کر آئی ہے اور الکتاب میں سے جو کچھ اس کے آگے موجود ہے اُس کی تصدیق کرنے والی اور اس کی محافظ و نگہبان ہے لہٰذا تم خدا کے نازل کردہ قانون کے مطابق لوگوں کے معاملات کا فیصلہ کرو اور جو حق تمہارے پاس آیا ہے اُس سے منہ موڑ کر ان کی خواہشات کی پیروی نہ کرو ہم نے تم میں سے ہر ایک کے لیے ایک شریعت اور ایک راہ عمل مقرر کی اگرچہ تمہارا خدا چاہتا تو تم سب کو ایک امت بھی بنا سکتا تھا، لیکن اُس نے یہ اِس لیے کیا کہ جو کچھ اُس نے تم لوگوں کو دیا ہے اس میں تمہاری آزمائش کرے لہٰذا بھلائیوں میں ایک دوسرے سے سبقت لے جانے کی کوشش کرو آخر کار تم سب کو خدا کی طرف پلٹ کر جانا ہے، پھر وہ تمہیں اصل حقیقت بتا دے گا جس میں تم اختلاف کرتے رہے ہو

الآية 48 من سورة المَائدة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (48) - Ayet المَائدة

Kuran'ı, önce gelen Kitap'ı tasdik ederek ve ona şahid olarak gerçekle sana indirdik. Allah'ın indirdiği ile aralarında hükmet; gerçek olan sana gelmiş bulunduğuna göre, onların heveslerine uyma! Her biriniz için bir yol ve bir yöntem kıldık; eğer Allah dileseydi sizi bir tek ümmet yapardı, fakat bu, verdikleriyle sizi denemesi içindir; o halde iyiliklere koşuşun, hepinizin dönüşü Allah'adır. O, ayrılığa düştüğünüz şeyleri size bildirir

الآية 48 من سورة المَائدة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (48) - versículo المَائدة

[Y a ti, ¡oh, Mujámmad!] Te he revelado el Libro que contiene la verdad definitiva [el Corán], que corrobora los Libros revelados anteriormente y es juez de lo que es verdadero en ellos. Juzga conforme a lo que Dios ha revelado y no te sometas a sus deseos transgrediendo la Verdad que has recibido. A cada [comunidad religiosa] le he dado una legislación y una metodología [norma]. Si Dios hubiera querido habría hecho de ustedes una sola comunidad, pero quiso probar su fe en lo que les reveló. Apresúrense a realizar obras de bien, porque todos comparecerán ante Dios, y Él les informará acerca de lo que discrepaban