مشاركة ونشر

تفسير الآية الثانية والأربعين (٤٢) من سورة المَائدة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية الثانية والأربعين من سورة المَائدة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

سَمَّٰعُونَ لِلۡكَذِبِ أَكَّٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُمۡ أَوۡ أَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡۖ وَإِن تُعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيۡـٔٗاۖ وَإِنۡ حَكَمۡتَ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ﴿٤٢

الأستماع الى الآية الثانية والأربعين من سورة المَائدة

إعراب الآية 42 من سورة المَائدة

(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) سماعون خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم، وقد تعلق به الجار والمجرور بعده. ومثلها (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) (فَإِنْ جاؤُكَ) فعل ماض وفاعله ومفعوله. وهو في محل جزم فعل الشرط (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ) فعل أمر تعلق به الظرف بعده. والجملة في محل جزم جواب الشرط لاتصالها بالفاء الرابطة (أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) فعل أمر تعلق به الجار والمجرور بعده وفاعله مستتر والجملة معطوفة (وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ) إن شرطية تعرض فعل مضارع مجزوم تعلق به الجار والمجرور بعده وفاعله مستتر والجملة معطوفة (شَيْئاً) مفعول مطلق. (وَإِنْ حَكَمْتَ) إن شرطية وفعل ماض وفاعله (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) الفاء رابطة وفعل أمر تعلق به الظرف والجار والمجرور بعده، والفاعل مستتر والجملة في محل جزم جواب الشرط (إِنَّ اللَّهَ) إن ولفظ الجلالة اسمها وجملة (يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) خبرها.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (42) من سورة المَائدة تقع في الصفحة (115) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (6)

مواضيع مرتبطة بالآية (13 موضع) :

الآية 42 من سورة المَائدة بدون تشكيل

سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ﴿٤٢

تفسير الآية 42 من سورة المَائدة

هؤلاء اليهود يجمعون بين استماع الكذب وأكل الحرام، فإن جاؤوك يتحاكمون إليك فاقض بينهم، أو اتركهم، فإن لم تحكم بينهم فلن يقدروا على أن يضروك بشيء، وإن حكمت فاحكم بينهم بالعدل. إن الله يحب العادلين.

هم (سماعون للكذب أكالون للسُّحُت) بضم الحاء وسكونها أي الحرام كالرشا (فإن جاؤك) لتحكم بينهم (فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) هذا التخيير منسوخ بقوله تعالى (وأن احكم بينهم) الآية فيجب الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا وهو أصح قولي الشافعي فلو ترافعوا إلينا مع مسلم وجب إجماعا (وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت) بينهم (فاحكم بينهم بالقسط) بالعدل (إن الله يحب المقسطين) العادلين في الحكم أي يثيبهم.

( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) والسمع هاهنا سمع استجابة، أي: من قلة دينهم وعقلهم، أن استجابوا لمن دعاهم إلى القول الكذب. ( أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ) أي: المال الحرام، بما يأخذونه على سفلتهم وعوامهم من المعلومات والرواتب، التي بغير الحق، فجمعوا بين اتباع الكذب وأكل الحرام. ( فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) فأنت مخير في ذلك. وليست هذه منسوخة، فإنه-عند تحاكم هذا الصنف إليه- يخير بين أن يحكم بينهم، أو يعرض عن الحكم بينهم، بسبب أنه لا قصد لهم في الحكم الشرعي إلا أن يكون موافقا لأهوائهم، وعلى هذا فكل مستفت ومتحاكم إلى عالم، يعلم من حاله أنه إن حكم عليه لم يرض، لم يجب الحكم ولا الإفتاء لهم، فإن حكم بينهم وجب أن يحكم بالقسط، ولهذا قال: ( وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) حتى ولو كانوا ظلمة وأعداء، فلا يمنعك ذلك من العدل في الحكم بينهم. وفي هذا بيان فضيلة العدل والقسط في الحكم بين الناس، وأن الله تعالى يحبه.

نزلت هذه الآيات الكريمات في المسارعين في الكفر ، الخارجين عن طاعة الله ورسوله ، المقدمين آراءهم وأهواءهم على شرائع الله ، عز وجل ( من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ) أي : أظهروا الإيمان بألسنتهم ، وقلوبهم خراب خاوية منه ، وهؤلاء هم المنافقون


( ومن الذين هادوا ) أعداء الإسلام وأهله
وهؤلاء كلهم ( سماعون للكذب ) أي : يستجيبون له ، منفعلون عنه ( سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ) أي : يستجيبون لأقوام آخرين لا يأتون مجلسك يا محمد
وقيل : المراد أنهم يتسمعون الكلام ، وينهونه إلى أقوام آخرين ممن لا يحضر عندك ، من أعدائك ( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) أي : يتأولونه على غير تأويله ، ويبدلونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ( يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ) قيل : نزلت في أقوام من اليهود قتلوا قتيلا وقالوا : تعالوا حتى نتحاكم إلى محمد فإن أفتانا بالدية فخذوا ما قال ، وإن حكم بالقصاص فلا تسمعوا منه . والصحيح أنها نزلت في اليهوديين اللذين زنيا ، وكانوا قد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم ، من الأمر برجم من أحصن منهم ، فحرفوا واصطلحوا فيما بينهم على الجلد مائة جلدة ، والتحميم والإركاب على حمار مقلوبين
فلما وقعت تلك الكائنة بعد هجرة النبي ﷺ ، قالوا فيما بينهم : تعالوا حتى نتحاكم إليه ، فإن حكم بالجلد والتحميم فخذوا عنه ، واجعلوه حجة بينكم وبين الله ، ويكون نبي من أنبياء الله قد حكم بينكم بذلك ، وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه في ذلك . وقد وردت الأحاديث بذلك ، فقال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال : إن اليهود جاءوا إلى رسول الله ﷺ ، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا ، فقال لهم رسول الله ﷺ : " ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ " فقالوا : نفضحهم ويجلدون
قال عبد الله بن سلام : كذبتم ، إن فيها الرجم
فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك
فرفع يده فإذا فيها آية الرجم ، فقالوا صدق يا محمد ، فيها آية الرجم ! فأمر بهما رسول الله ﷺ فرجما فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة . وأخرجاه وهذا لفظ البخاري
وفي لفظ له : " فقال لليهود : ما تصنعون بهما؟ " قالوا : نسخم وجوههما ونخزيهما
قال : ( فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ) ( آل عمران : 93 ) فجاءوا ، فقالوا لرجل منهم ممن يرضون أعور : اقرأ ، فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها فوضع يده عليه ، قال : ارفع يدك
فرفع ، فإذا آية الرجم تلوح ، قال : يا محمد إن فيها آية الرجم ، ولكنا نتكاتمه بيننا
فأمر بهما فرجما . وعند مسلم : أن رسول الله ﷺ أتي بيهودي ويهودية قد زنيا ، فانطلق رسول الله ﷺ حتى جاء يهود فقال : " ما تجدون في التوراة على من زنى؟ " قالوا : نسود وجوههما ونحملهما ، ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما ، قال : ( فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ) قال : فجاءوا بها ، فقرأوها ، حتى إذا مر بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم ، وقرأ ما بين يديها وما وراءها
فقال له عبد الله بن سلام - وهو مع رسول الله ﷺ - : مره فليرفع يده
فرفع يده ، فإذا تحتها آية الرجم
فأمر بهما رسول الله ﷺ فرجما
قال عبد الله بن عمر : كنت فيمن رجمهما ، فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه . وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا ابن وهب حدثنا هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه ، عن ابن عمر قال : أتى نفر من اليهود فدعوا رسول الله ﷺ إلى القف فأتاهم في بيت المدارس ، فقالوا : يا أبا القاسم إن رجلا منا زنى بامرأة ، فاحكم قال : ووضعوا لرسول الله ﷺ وسادة ، فجلس عليها ، ثم قال : " ائتوني بالتوراة "
فأتي بها ، فنزع الوسادة من تحته ، ووضع التوراة عليها ، وقال : " آمنت بك وبمن أنزلك "
ثم قال : " ائتوني بأعلمكم "
فأتي بفتى شاب ، ثم ذكر قصة الرجم نحو حديث مالك عن نافع . وقال الزهري : سمعت رجلا من مزينة ممن يتبع العلم ويعيه ، ونحن عند ابن المسيب عن أبي هريرة قال : زنى رجل من اليهود بامرأة ، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا إلى هذا النبي ، فإنه بعث بالتخفيف ، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها ، واحتججنا بها عند الله ، قلنا : فتيا نبي من أنبيائك ، قال : فأتوا النبي ﷺ وهو جالس في المسجد في أصحابه ، فقالوا : يا أبا القاسم ما تقول في رجل وامرأة منهم زنيا ؟ فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدارسهم ، فقام على الباب فقال : " أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ قالوا : يحمم ، ويجبه ويجلد
والتجبية : أن يحمل الزانيان على حمار ، وتقابل أقفيتهما ، ويطاف بهما
قال : وسكت شاب منهم ، فلما رآه رسول الله ﷺ سكت ، ألظ به رسول الله ﷺ النشدة ، فقال : اللهم إذ نشدتنا ، فإنا نجد في التوراة الرجم
فقال النبي ﷺ : " فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟ " قال : زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا ، فأخر عنه الرجم ، ثم زنى رجل في أثره من الناس ، فأراد رجمه ، فحال قومه دونه وقالوا : لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه! فاصطلحوا هذه العقوبة بينهم ، فقال النبي ﷺ : " فإني أحكم بما في التوراة " فأمر بهما فرجما
قال الزهري : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا ) فكان النبي ﷺ منهم . رواه أحمد وأبو داود - وهذا لفظه - وابن جرير وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال : مر على رسول الله ﷺ يهودي محمم مجلود ، فدعاهم فقال : " أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ " فقالوا : نعم ، فدعا رجلا من علمائهم فقال : " أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ " فقال : لا والله ، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك ، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ، ولكنه كثر في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد ، فقلنا : تعالوا حتى نجعل شيئا نقيمه على الشريف والوضيع ، فاجتمعنا على التحميم والجلد
فقال النبي ﷺ : " اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه "
قال : فأمر به فرجم ، قال : فأنزل الله عز وجل : ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ) إلى قوله : ( يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ) يقولون : ائتوا محمدا ، فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوه ، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا ، إلى قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : في اليهود إلى قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) قال : في اليهود ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) قال : في الكفار كلها . انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه من غير وجه ، عن الأعمش به . وقال الإمام أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده : حدثنا سفيان بن عيينة عن مجالد بن سعيد الهمداني عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال : زنى رجل من أهل فدك ، فكتب أهل فدك إلى ناس من اليهود بالمدينة أن سلوا محمدا عن ذلك ، فإن أمركم بالجلد فخذوه عنه ، وإن أمركم بالرجم فلا تأخذوه عنه ، تسألوه عن ذلك ، قال : " أرسلوا إلي أعلم رجلين فيكم "
فجاءوا برجل أعور - يقال له : ابن صوريا - وآخر ، فقال لهما النبي ﷺ : " أنتما أعلم من قبلكما؟ "
فقالا قد دعانا قومنا لذلك ، فقال النبي ﷺ لهما : " أليس عندكما التوراة فيها حكم الله؟ " قالا : بلى ، فقال النبي ﷺ : " فأنشدكم بالذي فلق البحر لبني إسرائيل وظلل عليكم الغمام ، وأنجاكم من آل فرعون وأنزل المن والسلوى على بني إسرائيل : ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ " فقال أحدهما للآخر : ما نشدت بمثله قط
قالا نجد ترداد النظر زنية والاعتناق زنية ، والقبل زنية ، فإذا شهد أربعة أنهم رأوه يبدئ ويعيد ، كما يدخل الميل في المكحلة ، فقد وجب الرجم
فقال النبي ﷺ : " هو ذاك "
فأمر به فرجم ، فنزلت : ( فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ) ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث مجالد به نحوه
ولفظ أبي داود عن جابر قال : جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا ، فقال : " ائتوني بأعلم رجلين منكم "
فأتوا بابني صوريا ، فنشدهما : " كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟ " قالا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما ، قال : " فما يمنعكم أن ترجموهما؟ " قالا ذهب سلطاننا ، فكرهنا القتل
فدعا رسول الله ﷺ بالشهود ، فجاءوا أربعة ، فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة ، فأمر رسول الله ﷺ برجمهما . ثم رواه أبو داود عن الشعبي وإبراهيم النخعي مرسلا ولم يذكر فيه : " فدعا بالشهود فشهدوا " . فهذه أحاديث دالة على أن رسول الله ﷺ حكم بموافقة حكم التوراة ، وليس هذا من باب الإلزام لهم بما يعتقدون صحته ; لأنهم مأمورون باتباع الشرع المحمدي لا محالة ، ولكن هذا بوحي خاص من الله ، عز وجل إليه بذلك ، وسؤاله إياهم عن ذلك ليقررهم على ما بأيديهم ، مما تراضوا على كتمانه وجحده ، وعدم العمل به تلك الدهور الطويلة فلما اعترفوا به مع عملهم على خلافه ، بأن زيغهم وعنادهم وتكذيبهم لما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم ، وعدولهم إلى تحكيم الرسول ﷺ إنما كان عن هوى منهم وشهوة لموافقة آرائهم ، لا لاعتقادهم صحة ما يحكم به ، لهذا قالوا ) إن ) أوتيتم هذا والتحميم ( فخذوه ) أي : اقبلوه ( وإن لم تؤتوه فاحذروا ) أي : من قبوله واتباعه . قال الله تعالى : ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم سماعون للكذب ) أي : الباطل ( أكالون للسحت ) أي : الحرام ، وهو الرشوة كما قاله ابن مسعود وغير واحد أي : ومن كانت هذه صفته كيف يطهر الله قلبه؟ وأنى يستجيب له . ثم قال لنبيه : ( فإن جاءوك ) أي : يتحاكمون إليك ( فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا ) أي : فلا عليك ألا تحكم بينهم ; لأنهم لا يقصدون بتحاكمهم إليك اتباع الحق ، بل ما وافق هواهم . قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي وزيد بن أسلم وعطاء الخراساني : هي منسوخة بقوله : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) ( المائدة : 49 ) ، ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) أي : بالحق والعدل وإن كانوا ظلمة خارجين عن طريق العدل ( إن الله يحب المقسطين ) ثم قال تعالى - منكرا عليهم في آرائهم الفاسدة ومقاصدهم الزائغة ، في تركهم ما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم ، الذي يزعمون أنهم مأمورون بالتمسك به أبدا ، ثم خرجوا عن حكمه وعدلوا إلى غيره ، مما يعتقدون في نفس الأمر بطلانه وعدم لزومه لهم - فقال : ( وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ) ثم مدح التوراة التي أنزلها على عبده ورسوله موسى بن عمران فقال : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا ) أي : لا يخرجون عن حكمها ولا يبدلونها ولا يحرفونها ( والربانيون والأحبار ) أي : وكذلك الربانيون منهم وهم العباد العلماء ، والأحبار وهم العلماء ( بما استحفظوا من كتاب الله ) أي : بما استودعوا من كتاب الله الذي أمروا أن يظهروه ويعملوا به ( وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ) أي : لا تخافوا منهم وخافوني ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) فيه قولان سيأتي بيانهما
سبب آخر لنزول هذه الآيات الكريمة . قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن العباس حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه ، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال : إن الله أنزل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) و ( فأولئك هم الظالمون ) ( المائدة : 45 ) ( فأولئك هم الفاسقون ) ( المائدة : 47 ) قال : قال ابن عباس : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود كانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية ، حتى ارتضوا أو اصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا ، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق ، فكانوا على ذلك حتى قدم النبي ﷺ المدينة ، فذلت الطائفتان كلتاهما ، لمقدم رسول الله ﷺ ، ويومئذ لم يظهر ، ولم يوطئهما عليه ، وهو في الصلح ، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا فأرسلت العزيزة إلى الذليلة : أن ابعثوا لنا بمائة وسق ، فقالت الذليلة : وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد ، ونسبهما واحد ، وبلدهما واحد : دية بعضهم نصف دية بعض
إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا ، وفرقا منكم ، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك ، فكادت الحرب تهيج بينهما ، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله ﷺ بينهم ، ثم ذكرت العزيزة فقالت : والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ولقد صدقوا ، ما أعطونا هذا إلا ضيما منا وقهرا لهم ، فدسوا إلى محمد : من يخبر لكم رأيه ، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه
فدسوا إلى رسول الله ﷺ ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله ﷺ فلما جاءوا رسول الله ﷺ أخبر الله رسوله ﷺ بأمرهم كله ، وما أرادوا ، فأنزل الله تعالى : ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ) إلى قوله : ( الفاسقون ) ففيهم - والله - أنزل ، وإياهم عنى الله عز وجل . ورواه أبو داود من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه ، بنحوه . وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا هناد بن السري وأبو كريب قالا : حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن الآيات في " المائدة " ، قوله : ( فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) إلى ( المقسطين ) إنما أنزلت في الدية في بني النضير وبني قريظة وذلك أن قتلى بني النضير كان لهم شرف ، تؤدى الدية كاملة ، وأن قريظة كانوا يودون نصف الدية فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله ﷺ ، فأنزل الله ذلك فيهم ، فحملهم رسول الله ﷺ على الحق في ذلك ، فجعل الدية في ذلك سواء - والله أعلم ؛ أي ذلك كان . ورواه أحمد وأبو داود والنسائي من حديث ابن إسحاق . ثم قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا عبيد الله بن موسى عن علي بن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : كانت قريظة والنضير وكانت النضير أشرف من قريظة فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به ، وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة ودي مائة وسق تمر
فلما بعث رسول الله ﷺ ، قتل رجل من النضير رجلا من قريظة فقالوا : ادفعوه إلينا فقالوا : بيننا وبينكم رسول الله ﷺ
فنزلت : ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم في المستدرك ، من حديث عبيد الله بن موسى بنحوه . وهكذا قال قتادة ومقاتل بن حيان وابن زيد وغير واحد . وقد روى العوفي وعلي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس : أن هذه الآيات نزلت في اليهوديين اللذين زنيا ، كما تقدمت الأحاديث بذلك
وقد يكون اجتمع هذان السببان في وقت واحد ، فنزلت هذه الآيات في ذلك كله ، والله أعلم . ولهذا قال بعد ذلك : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ) إلى آخرها ، وهذا يقوي أن سبب النزول قضية القصاص ، والله سبحانه وتعالى أعلم . وقوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال البراء بن عازب وحذيفة بن اليمان وابن عباس وأبو مجلز وأبو رجاء العطاردي وعكرمة وعبيد الله بن عبد الله والحسن البصري وغيرهم : نزلت في أهل الكتاب - زاد الحسن البصري : وهي علينا واجبة . وقال عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال : نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل ورضي الله لهذه الأمة بها
رواه ابن جرير . وقال ابن جرير أيضا : حدثنا يعقوب حدثنا هشيم أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة فقال : من السحت : قال : فقالا وفي الحكم ؟ قال : ذاك الكفر ! ثم تلا ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال السدي : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) يقول : ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا ، أو جار وهو يعلم ، فهو من الكافرين ( به ) وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : من جحد ما أنزل الله فقد كفر
ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق
رواه ابن جرير . ثم اختار أن الآية المراد بها أهل الكتاب أو من جحد حكم الله المنزل في الكتاب . وقال عبد الرزاق عن الثوري عن زكريا عن الشعبي : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله ) قال : للمسلمين . وقال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الصمد حدثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبي : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : هذا في المسلمين ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) قال : هذا في اليهود ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) قال : هذا في النصارى . وكذا رواه هشيم والثوري عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي . وقال عبد الرزاق أيضا : أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال : سئل ابن عباس عن قوله : ( ومن لم يحكم ( بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ) قال : هي به كفر - قال ابن طاوس : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله . وقال الثوري عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق
رواه ابن جرير . وقال وكيع عن سفيان عن سعيد المكي عن طاوس : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : ليس بكفر ينقل عن الملة . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس في قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : ليس بالكفر الذي يذهبون إليه . ورواه الحاكم في مستدركه ، عن حديث سفيان بن عيينة وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .

القول في تأويل قوله : سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هؤلاء اليهود الذين وصفتُ لك، يا محمد، صفتَهم، سَمَّاعون لقِيل الباطل والكذب، ومن قيل بعضهم لبعض: " محمد كاذب، ليس بنبي"، وقيل بعضهم: " إن حكم الزاني المحصن في التوراة الجلد والتحميم "، وغير ذلك من الأباطيل والإفك= ويقبلون الرُّشَى فيأكلونها على كذبهم على الله وفريتهم عليه، (1) كما:- 11942 - حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا أبو عقيل قال، سمعت الحسن يقول في قوله: " سماعون للكذب أكَّالون للسحت "، قال: تلك الحكام، سمعوا كِذْبَةً وأكلوا رِشْوَةً. 11943 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " سماعون للكذب أكالون للسحت "، قال: كان هذا في حكّام اليهودِ بين أيديكم، كانوا يسمعون الكذب ويقبلون الرُّشَى. 11944 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " أكالون للسحت "، قال: الرشوة في الحكم، وهم يهود. 11945 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي وإسحاق الأزرق= وحدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن= عن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: " أكالون للسحت "، قال: " السُّحت "، الرشوةُ. 11946 - حدثنا سفيان بن وكيع وواصل بن عبد الأعلى قالا حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعبد الله: ما السحت؟ قال: الرشوة. قالوا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر. 11947 - حدثنا سفيان قال، حدثنا غندر ووهب بن جرير، عن شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، عن عبد الله قال: " السحت "، الرشوة. 11948 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن حريث، عن عامر، عن مسروق قال: قلنا لعبد الله: ما كنا نرى " السحت " إلا الرشوة في الحكم! قال عبد الله: ذاك الكُفْر. 11949 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، عن عبد الله قال: " السحت "، الرُّشَى؟ قال: نعم. (2) 11950 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن عمار الدُّهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق قال: سألت عبد الله عن " السحت "، فقال: الرجل يطلب الحاجةَ للرجل فيقضيها، فيهدي إليه فيقبلُها. 11951 - حدثنا سوّار قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن منصور وسليمان الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، عن عبد الله أنه قال: " السحت "، الرشى. 11952 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا المحاربي، عن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: " السحت "، قال: الرشوة في الدِّين. 11953 - حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة قال، قال عمر: (ما كان) من " السحت "، الرشى ومهر الزانية. (3) 11954 - حدثني سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: " السحت "، الرشوة. 11955 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: " أكالون للسحت "، قال: الرشى. 11956 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي= عن طلحة، عن أبي هريرة قال: مهر البغي سُحْت، وعَسْبُ الفحل سحت، (4) وكسْبُ الحجَّام سحت، وثمن الكلب سُحْت. 11957 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن جويبر، عن الضحاك قال: " السحت "، الرشوة في الحكم. 11958 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو غسان قال، حدثنا إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق قال: سألت ابن مسعود عن " السحت "، قال: الرشى. فقلت: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر. 11959 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " أكالون للسحت "، يقول: للرشى. 11960 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل، عن مسروق، وعلقمة: أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة، فقال: هي السحت. قالا في الحكم؟ قال: ذاك الكفر! تم تلا هذه الآية: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (5) (سورة المائدة: 44). 11961 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن المسعودي، عن بكير بن أبي بكير، عن مسلم بن صبيح قال: شفع مسروق لرجل في حاجة، فأهدى له جارية، فغضب غضبًا شديدًا وقال: لو علمت أنك تفعل هذا ما كلَّمت في حاجتك، ولا أكلم فيما بقي من حاجتك، سمعت ابن مسعود يقول: " من شفع شفاعة ليردّ بها حقًّا، أو يرفع بها ظلمًا، فأهدِيَ له فقبل، فهو سحت "، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم! قال: الأخذُ على الحكم كفر. (6) 11962 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " سماعون للكذب أكالون للسحت "، وذلك أنهم أخذوا الرشوة في الحكم، وقضوا بالكذب. 11963 - حدثنا هناد قال، حدثنا عبيدة، عن عمار، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق قال: سألت ابن مسعود عن " السحت "، أهو الرشى في الحكم؟ فقال: لا من لم يحكم بما أنـزل الله فهو فاسق. ولكن " السحت "، يستعينك الرجل على المظلمة فتعينه عليها، فيهدي لك الهدية فتقبلُها. 11964 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن هبيرة السَّبائي قال: من السحت ثلاثة: مهرُ البغي، والرشوة في الحكم، وما كان يُعطى الكُهان في الجاهلية. (7) 11965 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن مطيع، عن حماد بن سلمة، عن عطاء الخراساني، عن ضمرة، عن علي بن أبي طالب: أنه قال في كسب الحجام، ومهر البغيّ، وثمن الكلب، والاستجْعَال في القضية، (8) وحلوان الكاهن، (9) وعسب الفحل، (10) والرشوة في الحكم، وثمن الخمر، وثمن الميتة: من السحت. (11) 11966 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " أكالون للسحت "، قال: الرشوة في الحكم. 11967 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عبد الرحمن بن أبي الموال، عن عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر: أنّ رسول الله ﷺ قال: كُلُّ لحم أنبَته السُّحت فالنار أولى به. قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم. (12) 11968 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عبد الجبار بن عمر، عن الحكم بن عبد الله قال: قال لي أنس بن مالك: إذا انقلبت إلى أبيك فقل له: إياك والرشوة، فإنها سحت= وكان أبوه على شُرَط المدينة. (13) 11969 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم، عن مسروق، عن عبد الله قال: الرشوة سُحت. قال مسروق: فقلنا لعبد الله: أفي الحكم؟ قال: لا ثم قرأ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (سورة المائدة: 44)، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (سورة المائدة: 45)، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (سورة المائدة: 47).


وأصل " السحت ": كَلَبُ الجوع، يقال منه: " فلان مسحُوت المَعِدَة "، إذا كان أكولا لا يُلْفَى أبدًا إلا جائعًا، وإنما قيل للرشوة: " السحت "، تشبيهًا بذلك، كأن بالمسترشي من الشَّره إلى أخذ ما يُعطاه من ذلك، مثل الذي بالمسحوت المعدة من الشَّرَه إلى الطعام. يقالُ منه: " سحته وأسحته "، لغتان محكيتان عن العرب، ومنه قول الفرزدق بن غالب: وَعَـضُّ زَمَـانٍ يَا ابْنَ مَرْوَانَ لَمْ يَدَع مِــنَ الْمَـالِ إلا مُسْـحَتًا أَوْ مُجَـلَّفُ (14) يعني بِ" المسحت "، الذي قد استأصله هلاكًا بأكله إياه وإفساده، ومنه قوله تعالى: فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ (سورة طه: 61). وتقول العرب للحالق: " اسحت الشعر "، أي: استأصله.
القول في تأويل قوله عز ذكره : فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرضْ عنهم "، إن جاء هؤلاء القوم الآخرون الذين لم يأتوك بعد =وهم قومُ المرأة البغيّة= محتكمين إليك، فاحكم بينهم إن شئت بالحقِّ الذي جعله الله حُكمًا له فيمن فعل فِعْل المرأة البغيَّة منهم= أو أعرض عنهم فدع الحكم بينهم إن شئت، والخيار إليك في ذلك.
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 11970 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " أو أعرض عنهم "، يهودُ، زنى رجل منهم له نسبٌ حقير فرجموه، ثم زنى منهم شريف فحمَّمُوه، ثم طافوا به، ثم استفتوا رسول الله ﷺ ليوافقهم. قال: فأفتاهم فيه بالرجم، فأنكروه، فأمرهم أن يدعوا أحبارهم ورهبانهم، فناشدهم بالله: أتجدونه في التوراة؟ فكتموه، إلا رجلا من أصغرهم أعْوَرَ، فقال: كذبوك يا رسول الله، إنه لفي التوراة! 11971 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث، عن ابن شهاب: أنّ الآية التي في" سورة المائدة "،" فإن جاءوك فاحكم بينهم "، كانت في شأن الرجم. 11972 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: إنهم أتوه =يعني اليهود= في امرأة منهم زنت، يسألونه عن عقوبتها، فقال لهم رسول الله ﷺ: كيف تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة؟ فقالوا: نؤمر برجم الزانية! فأمر بها رسول الله ﷺ فرجمت، وقد قال الله تبارك وتعالى: " وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئًا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ". 11973 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير قوله: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، قال: كانوا يحدُّون في الزنا، إلى أن زنى شاب منهم ذو شرف، (15) فقال بعضهم لبعض: لا يدعكم قومه ترجمونه، ولكن اجلدوه ومثِّلوا به! فجلدوه وحملوه على حمارِ إكافٍ، (16) وجعلوا وجهه مستقبِلَ ذنب الحمار= إلى أن زنى آخر وضيع ليس له شرف، فقالوا: ارجموه! ثم قالوا: فكيف لم ترجموا الذى قبله؟ ولكن مثل ما صنعتم به فاصنعوا بهذا! فلما كان النبي ﷺ، قالوا: سلوه، لعلكم تجدون عنده رخصة! فنـزلت: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " إلى قوله: " إنّ الله يحب المقسطين ".
وقال آخرون: بل نـزلت هذه الآية في قتيل قُتل في يهودَ منهم، قتله بعضهم. ذكر من قال ذلك: 11974 - حدثنا هناد بن السري وأبو كريب قالا حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس أن الآيات في" المائدة "، قوله: " فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، إلى قوله: " المقسطين "، إنما نـزلت في الدية في بني النضير وبني قريظة، وذلك أن قتلى بني النضير، وكان لهم شرف، (17) تؤدِّي الدية كاملة، وإن قريظة كانوا يؤدون نصف الدية، فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله ﷺ، فأنـزل الله ذلك فيهم، فحملهم رسول الله ﷺ على الحقّ في ذلك، فجعل الدية في ذاك سواءً= والله أعلم أيُّ ذلك كان. (18) 11975 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن علي بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كانت قريظة والنضير، وكان النضيرُ أشرفَ من قريظة، فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير، قُتِل به. وإذا قتل رجلٌ من النضير رجلا من قريظة، أدَّى مئة وَسْقِ تمرٍ. (19) فلما بُعِث رسول الله ﷺ، قَتَل رجل من النضير رجلا من قريظة فقالوا: ادفعوه إلينا! فقالوا: بيننا وبينكم رسول الله ﷺ! فنـزلت " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط". (20) 11976 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: كان في حكم حيي بن أخطب: للنّضِيريِّ ديتان، (21) والقرظيّ دية= لأنه كان من النضير. قال: وأخبر الله نبيه ﷺ بما في التوراة، (22) قال: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (سورة المائدة: 45)، إلى آخر الآية. قال: فلما رأت ذلك قريظة، لم يرضوا بحكم ابن أخطب، فقالوا: نتحاكم إلى محمد! فقال الله تبارك وتعالى: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، فخيرّه= وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ، الآية كلها. وكان الشريف إذا زنى بالدنيئة رجموها هي، وحمَّموا وجهَ الشريف، وحملوه على البعير، وجَعلوا وجهه من قِبَل ذنب البعير. وإذا زنى الدنيء بالشريفة رجموه، وفعلوا بها هي ذلك. فتحاكموا إلى النبي ﷺ فرجمها. قال: وكان النبي ﷺ قال لهم: من أعلمكم بالتوراة؟ قالوا: فلان الأعور! فأرسل إليه فأتاه، فقال: أنت أعلمهم بالتوراة؟ قال: كذاك تزعم يهودُ! فقال له النبي ﷺ: أنشدك بالله وبالتوراة التي أنـزلها على موسى يوم طُور سَيْنَاء، ما تجد في التوراة في الزانيين؟ فقال: يا أبا القاسم، يرجمون الدنيئة، ويحملون الشريف على بعير، ويحمِّمون وجهه، ويجعلون وجهه من قبل ذنَبِ البعير، ويرجمون الدنيء إذا زنى بالشريفة، ويفعلون بها هي ذلك. فقال له النبي ﷺ: " أنشدك بالله وبالتوراة التي أنـزلها على موسى يوم طُور سَيْناء، ما تجد في التوراة؟ فجعل يروغ، والنبي ﷺ يَنْشُده بالله وبالتوراة التي أنـزلها على موسى يوم طور سيناء، حتى قال: يا أبا القاسم،الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ". فقال رسول الله ﷺ: فهو ذاك، اذهبوا بهما فارجموهما. قال عبد الله: (23) فكنت فيمن رجمهما فما زال يُجْنِئُ عليها، (24) ويقيها الحجارة بنفسه حتّى مات. (25)
ثم اختلف أهل التأويل في حكم هذه الآية، هل هو ثابت اليوم؟ وهل للحكام من الخيار في الحكم والنظر بين أهل الذمّة والعهد إذا احتكموا إليهم، مثلُ الذي جعَل لنبيه ﷺ في هذه الآية، أم ذلك منسوخ؟ فقال بعضهم: ذلك ثابتٌ اليوم، لم ينسخه شيء، وللحكام من الخيار في كلّ دهر بهذه الآية، مثلُ ما جعَله الله لرسوله ﷺ. ذكر من قال ذلك: 11977 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عن عمرو بن أبي قيس، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي: إنْ رفع إليك أحد من المشركين في قَضَاءٍ، فإن شئت فاحكم بينهم بما أنـزل الله، وإن شئت أعرضت عنهم. (26) 11978 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي وإبراهيم قالا إذا أتاك المشركون فحكَّموك، فاحكم بينهم أو أعرض عنهم. وإن حكمت فاحكم بحكم المسلمين، ولا تعدُهُ إلى غيره. 11979 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= وحدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، قال: إن شاء حكم، وإن شاء لم يحكم. 11980 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: إن شاء حكم، وإن شاء لم يحكم. 11981 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن محمد بن سالم، عن الشعبي قال: إذا أتاك أهل الكتاب بينهم أمر، فاحكم بينهم بحكم المسلمين، أو خَلِّ عنهم وأهلَ دينهم يحكمون فيهم، إلا في سرقة أو قتل. 11982 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال، قال لي عطاء، نحن مخيَّرون، إن شئنا حكمنا بين أهل الكتاب، وإن شئنا أعرضنا فلم نحكم بينهم. وإن حكمنا بينهم حكمنا بحكمنا بيننا، أو نتركهم وحكمهم بينهم= قال ابن جريج: وقال مثل ذلك عمرو بن شعيب. وذلك قوله: " فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ". 11983 - حدثنا يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة= وحدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن مغيرة= عن إبراهيم والشعبي في قوله: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، قالا إذا جاءوا إلى حاكم المسلمين، فإن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم. وإن حكم بينهم، حكم بينهم بما في كتاب الله. 11984 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فإن جاءوك فاحكم بينهم "، يقول: إن جاءوك فاحكم بينهم بما أنـزل الله، أو أعرض عنهم. فجعل الله له في ذلك رُخْصة، إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم. 11985 - حدثنا هناد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي قالا إذا أتاك المشركون فحكَّموك فيما بينهم، فاحكم بينهم بحكم المسلمين ولا تعدُه إلى غيره، أو أعرض عنهم وخلِّهم وأهلَ دينهم.
وقال آخرون: بل التخيير منسوخٌ، وعلى الحاكم إذا احتكم إليه أهل الذمة أن يحكُم بينهم بالحق، وليس له ترك النظر بينهم. ذكر من قال ذلك: 11986 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري" فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، نسخت بقوله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ . (سورة المائدة: 49). 11987 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن السدي قال: سمعت عكرمة يقول: نسختها وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ . 11988 - حدثنا ابن وكيع ومحمد بن بشار قالا حدثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن السدي قال: سمعت عكرمة يقول: نسختها: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ . 11989 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مجاهد: لم ينسخ من " المائدة " إلا هاتان الآيتان: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، نسختها: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ (سورة المائدة: 49)، وقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ (سورة المائدة: 2)، نسختها: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ (سورة التوبة: 5). (27) 11990 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن منصور، عن الحكم، عن مجاهد قال: نسختها: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ . 11991 - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج بن منهال قال، حدثنا همام، عن قتادة قوله: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، يعني اليهود، فأمر الله نبيه ﷺ أن يحكم بينهم، ورخَّص له أن يُعْرض عنهم إن شاء، ثم أنـزل الله تعالى ذكره الآية التي بعدها: وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ إلى قوله: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ (سورة المائدة: 48). فأمر الله نبيه ﷺ أن يحكم بينهم بما أنـزل الله بعد ما رخَّص له، إن شاء، أن يُعْرض عنهم. 11992 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عبد الكريم الجزريّ: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عديّ بن عديّ: " إذا جاءك أهل الكتاب فاحكم بينهم ". 11993 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن السدي، عن عكرمة قال: نسخت بقوله: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ (سورة المائدة: 48). 11994 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الزهري قوله: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، قال: مضت السنة أن يُرَدُّوا قي حقوقهم ومواريثهم إلى أهلِ دينهم، إلا أن يأتوا راغبين في حدٍّ، يحكم بينهم فيه بكتاب الله. 11995 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: لما نـزلت: " فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، كان النبي ﷺ: إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم، ثم نسخها فقال: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ، وكان مجبورًا على أن يحكم بينهم. 11996 - حدثنا محمد بن عمار قال، حدثنا سعيد بن سليمان قال، حدثنا عباد بن العوّام، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مجاهد قال: آيتان نسختا من هذه السورة= يعني" المائدة "، آية القلائد، وقوله: " فاحكم بينهم أو أعرض عنهم "، فكان النبيُّ ﷺ مخيَّرًا، إن شاء حكم، وإن شاء أعرض عنهم، فردّهم إلى احتكامهم، (28) أن يحكم بينهم بما في كتابنا. (29)
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: إن حكم هذه الآية ثابتٌ لم ينسخ، وأن للحكَّام من الخِيار في الحكم بين أهل العهد إذا ارتفعوا إليهم فاحتكموا، وتركِ الحكم بينهم والنظر، مثلُ الذي جعله الله لرسوله ﷺ من ذلك في هذه الآية. وإنما قلنا ذلك أولاهما بالصواب، لأن القائلين إن حكم هذه الآية منسوخ، زَعموا أنه نسخ بقوله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ (سورة المائدة: 49) وقد دللنا في كتابنا: " كتاب البيان عن أصول الأحكام ": أن النسخ لا يكون نسخًا، إلا ما كان نفيًا لحكمٍ غَيْرِه بكلِّ معانيه، حتى لا يجوز اجتماع الحكم بالأمرين جميعًا على صِحّته بوجه من الوجوه= بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (30) وإذْ كان ذلك كذلك= وكان غير مستحيل في الكلام أن يقال: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ ، ومعناه: وأن أحكم بينهم بما أنـزل الله إذا حكمت بينهم، باختيارك الحكم بينهم، إذا اخترت ذلك، ولم تختر الإعراض عنهم، إذ كان قد تقدَّم إعلام المقول له ذلك من قائِله: إنّ له الخيار في الحكم وترك الحكم= (31) كان معلومًا بذلك أن لا دلالة في قوله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ ، أنه ناسخٌ قوله: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئًا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط"، لما وصفنا من احتمال ذلك ما بَيَّنَّا، بل هو دليل على مثل الذي دلَّ عليه قوله: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط". وإذْ لم يكن في ظاهر التنـزيل دليلٌ على نسخ إحدى الآيتين الأخرى، ولا نفي أحد الأمرين حكم الآخر= ولم يكن عن رسول الله ﷺ خبٌر يصحُّ بأن أحدهما ناسخ صاحبَه= ولا من المسلمين على ذلك إجماعٌ= (32) صحَّ ما قلنا من أن كلا الأمرين يؤيِّد أحدهما صاحبه، ويوافق حكمُه حكمَه، ولا نسخ في أحدهما للآخر.
وأما قوله: " وإن تُعْرِض عنهم فلن يضروك شيئًا "، فإن معناه: وإن تعرض يا محمد، عن المحتكمين إليك من أهل الكتاب، فتدَع النظر بينهم فيما احتكموا فيه إليك، فلا تحكم فيه بينهم (33) =" فلن يضروك شيئًا "، يقول: فلن يقدِرُوا لك على ضُرَّ في دين ولا دنيا، فدع النظر بينهم إذا اخترت ترك النظر بينهم. (34)
وأما قوله: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط"، فإن معناه: وإن اخترت الحكم والنَظَر، يا محمد، بين أهل العهدِ إذا أتوك=" فاحكم بينهم بالقسط"، وهو العدل، (35) وذلك هو الحكم بما جعله الله حكمًا في مثله على جميع خلقِه من أمة نبيِّنا ﷺ.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: 11997 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم والشعبي: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط"، قالا إن حكم بينهم، حكم بما في كتاب الله. 11998 - حدثنا سفيان قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن العوَّام بن حوشب، عن إبراهيم: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط"، قال: أمر أن يحكم فيهم بالرجم. 11999 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن العوّام، عن إبراهيم التيمي في قوله: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط"، قال: بالرجم. 21000 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " بالقسط" بالعدل. 12001 - حدثنا هناد قال، حدثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي في قوله: " فاحكم بينهم بالقسط"، قال: أمر أن يحكم بينهم بالرجم.
وأما قوله: " إن الله يحب المقسطين "، فمعناه: إن الله يحب العادلين في حكمهم بين الناس، (36) القاضين بينهم بحكم الله الذي أنـزله في كتابه وأمْرِه أنبياءَه صلوات الله عليهم. (37)
يقال منه: " أقسط الحاكم في حكمه "، (38) إذا عدل وقضى بالحق،" يُقْسِط إقساطًا "= وأما " قسط"، فمعناه: الجور، (39) ومنه قول الله تعالى ذكره: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (سورة الجن: 15)، يعني بذلك: الجائرين عن الحق. --------------- الهوامش : (1) في المخطوطة: "فيأكلوها" ، والصواب ما في المطبوعة. (2) لعل الصواب"قيل: السحت ، الرشى "أو"سئل". (3) ما بين القوسين ثابت في المخطوطة والمطبوعة ، وأنا في شك منه ، ولذلك وضعته بين قوسين ، فإن الكلام بغيره مستقيم. وأخشى أن يكون تحريفًا لشيء لم أستطع أن أستظهر صوابه. أو لعله سقط من الخبر شيء. بعد قوله: (ما كان). وانظر الآثار رقم: 11956 ، 11964 ، 11965 ، فربما كان ما سقط هنا: "ما كان يعطي الكهان في الجاهلية" ، كما في رقم: 11964. (4) "عسب الفحل": طرق الفحل وضرابه. يقال: "عسب الفحل الناقة يعسبها عسبًا" ، و"فحل شديد العسب". و"العسب" بعد ذلك هو: الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل. وقد جاء في الحديث النهي عن عسب الفحل ، وهو كراء عسب الفحل. أما إعارة الفحل للضراب ، فأمر مندوب إليه. (5) الأثر: 11960-"علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي" ، صاحب ابن مسعود ، وكان أعلم الناس بحديث ابن مسعود. مترجم في التهذيب. و"مسروق" هو: "مسروق بن الأجدع" ، مضى برقم: 4242 ، 7216 ، وغيرهما. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "عن مسروق ، عن علقمة" ، والصواب ما أثبت ، فإن مسروقًا وعلقمة ، من كبار أصحاب عبد الله بن مسعود. والسياق يدل على صواب ما أثبت. (6) الأثر: 11961-"بكير بن أبي بكير" ، لم أجد له ذكرًا في كتب التراجم التي بين يدي. وأخشى أن يكون تحريفًا كالذي يليه. وأما "مسلم بن صبيح الهمداني" ، فهو: "أبو الضحى" ، وقد سلفت ترجمته مرارًا ، منها: 5424 ، 7216 ، 8206. ثقة كثير الحديث ، يروي عن مسروق بن الأجدع. وانظر الأثر التالي: 11963. وكان في المخطوطة: "هشام بن صبيح" ، وفي المطبوعة: "هاشم بن صبيح" ، وكلاهما خطأ محض ، والذي في المخطوطة تحريف"مسلم". (7) الأثر: 11964-"يحيى بن سعيد" ، أظنه"يحيى بن سعيد بن حيان التيمي" ، "أبو حيان" ، روى عنه ابن فضيل. مضى برقم: 5382 ، 5383. و"عبد الله بن هبيرة السبائي" ، ثقة. مضى برقم 1914 ، 5493 ، وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا"عبيد الله بن هبيرة" ، وهو خطأ محض. (8) "الاستجعال" ، يعني: أخذ الجعل (بضم فسكون) ، وهو الأجر ، واشتراطه لقضاء الحاجة. ولم يذكر هذا الحرف من الاشتقاق في معاجم اللغة. وإنما قالوا: "اجتعل" فهو"مجتعل" أي: أخذ جعلا. و"فلان يجاعل فلانًا" ، أي: يصانعه برشوة. (9) "الحلوان": ما يعطاه الكاهن عن كهانته أجرة. (10) "عسب الفحل" ، مضى تفسيره ص: 320 ، تعليق: 3 ، وفي المطبوعة: "عسيب الفحل" ، وهو خطأ ، صوابه من المخطوطة. (11) الأثر: 11965-"ضمرة" الذي يروي هنا عن علي بن أبي طالب ، لم أعرف من يكون. وأخشى أن يكون فيه تحريف. (12) الأثر: 11967-"عبد الرحمن بن أبي الموال" ، ويقال: "عبد الرحمن بن زيد بن أبي الموال" ، ويقال" بن أبي الموالي" ، ثقة. مترجم في التهذيب. و"عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب" ، ثقة. مضى توثيقه برقم: 7819. وهذا خبر مرسل ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 284 ، ونسبه لعبد بن حميد ، وابن مردويه مرفوعًا من حديث ابن عمر ، عن رسول الله ﷺ. (13) الأثر: 11968-"عبد الحبار بن عمر الأيلي" ، ضعيف الحديث ، ليس محله الكذب. ووثقه ابن سعد. مضى برقم: 4608 ، 9057. أما "الحكم بن عبد الله" ، وأبوه"عبد الله" الذي كان على شرط المدينة ، فلم أعلم من يكونان؟ (14) ديوانه: 556 ، والنقائض: 556 ، وطبقات فحول الشعراء: 19 ، والخزانة 2: 347 ، واللسان (سحت) (جلف) ، وسيأتي في التفسير 16: 135 ، وفي غيرها كثير. والبيت من قصيدته المشهورة ، وقبل البيت: إِلَيْــكَ أمِـيرَ الْمُـؤْمِنِينَ رَمَـتْ بِنَـا هُمُـومُ الْمُنَـى والْهَوْجَـلُ الْمُتَعَسَّـفُ "الهوجل": البطن الواسع من الأرض. و"المتعسف": المسلوك بلا علم ولا دليل ، فهو يسير فيها بالتعسف. ويروى: "أو مجرف" ، وهو الذي جرفه الدهر ، أي: اجتاح ماله وأفقره. ويروى في"إلا مسحت أو مجلف" بالرفع فيهما (كما سيأتي في 16: 135 ، من التفسير). وقد تجرف النحاة هذا البيت إعرابًا وتأويلا. (15) في المخطوطة: "إلى أن زنى الشاب منهم" ، والذي في المطبوعة أرجح. (16) "الإكاف" مركب من المراكب ، مثل الرحال والأقتاب. (17) في المطبوعة والمخطوطة: "كان لهم شرف" ، بغير واو ، فأثبتها من سيرة ابن هشام. (18) الأثر: 11974- سيرة ابن هشام 2: 215 ، 216 ، وفي سيرة ابن هشام بين أن قوله"والله أعلم أي ذلك كان" ، من كلام ابن إسحق. ورواه أحمد في المسند رقم: 3434 ، مختصرًا. (19) "الوسق" (بفتح الواو وكسرها ، وسكون السين): هو حمل بعير ، وهو ستون صاعًا بصاع رسول الله ﷺ. (20) الأثر: 11975-"عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي" ، مضى مرارا. انظر رقم: 2092 ، 2219 ، وغيرها إلى: 9456. وكان في المطبوعة والمخطوطة"عبد الله بن موسى" ، وهو خطأ محض. و"علي بن صالح بن صالح بن حي الهمداني" ، ثقة. مضى برقم: 178. وانظر خبرًا بمعنى بعضه فيما سلف رقم: 9896 ، ومسند أحمد رقم: 3212 ، 3434. (21) في المطبوعة : "للنضري" ، والصواب من المخطوطة. (22) في المخطوطة: "وأخبر الله نبيه ﷺ في التوراة" ، وما في المطبوعة أصح. (23) كأنه يعني"عبد الله بن عمر" ، وإن لم يذكر في الخبر ، كما سيأتي في التخريج. (24) "جنأ عليه" و"أجنأ عليه" و"جانأ عليه" و"تجانأ عليه": أكب عليها ومال ليقيها. وهي في المطبوعة"يجني عليها" ، وهي صواب أيضًا ، والمخطوطة غير منقوطة."جنا عليه يجني" انثنى ، وحنى ظهره. وجاء الحديث باللفظين. (25) الأثر: 11976- خبر عبد الله بن عمر في رجم اليهودي اليهودية ، رواه مسلم في صحيحه 11: 208 ، 209 والبخاري ، في صحيحه (الفتح 12: 148- 152) وشرحه الحافظ شرحًا وافيًا ، وفي سنن أبي داود 4: 214 ، رقم: 4446. (26) في المطبوعة: "أعرض عنهم" ، وأثبت ما في المخطوطة. (27) الأثر: 11989- انظر الأثر التالي رقم: 11996 ، والتعليق عليه. (28) في المطبوعة: "فردهم إلى أن يحكم بينهم" ، حذف ما كان في المخطوطة: "فردهم إلى أحكامهم أن يحكم بينهم" ، وصواب قراءته ما أثبت. (29) الأثر: 11996-"سعيد بن سليمان الضبي" ، هو"سعدويه" ، ثقة مأمون من شيوخ البخاري ، مضى برقم: 611 ، 2168. و"عباد بن العوام الواسطي" ، ثقة ، من شيوخ أحمد ، مضى برقم: 2853 ، 5433. و"سفيان بن حسين الواسطي" ، ثقة ، تكلموا في روايته عن الزهري. مضى برقم: 3471 ، 6462 ، 10723. و"الحكم" ، هو"الحكم بن عتيبة" ، تابعي ثقة فقيه مشهور ، مضى مرارًا كثيرة. وهذا الخبر رواه أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ ، من طريق سعيد بن سليمان بمثله ، مرفوعًا إلى ابن عباس ، ثم قال: "وهذا إسناد مستقيم ، وأهل الحديث يدخلونه في المسند". (30) انظر قوله في"النسخ" فيما سلف 8: 12 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك. (31) السياق: و"إذ كان ذلك كذلك ، وكان غير مستحيل... كان معلوما". (32) السياق: "وإذ لم يكن في ظاهر التنزيل دليل... صح ما قلنا" ، وما بينهما عطف على صدر الكلام. (33) انظر تفسير" الإعراض". فيما سلف 9: 310 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك. (34) انظر تفسير" الضر" فيما سلف 7: 157. (35) انظر تفسير"القسط" فيما سلف ص: 95 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك. (36) في المطبوعة والمخطوطة: "العاملين في حكمه بين الناس" ، وهو كلام فارغ المعنى. وصواب قراءته ما أثبت ، إنما حرفه الناسخ بلا ريب. (37) في المطبوعة: "وأمر أنبياءه" ، وهو اختلال في السياق ، صوابه من المخطوطة ، وصواب ضبطه ما رسمت ، "وأمره" مصدر معطوف على قوله: "في كتابه". (38) انظر تفسير" أقسط" و"قسط" فيما سلف 6: 77 ، 270/7: 541/9: 301/10: 95 ، 325 (39) قوله: "وأما "قسط" ، فمعناه"الجور" ، هذه الجملة ليست في المخطوطة ، ولكن لا غنى عنها ، فلذلك رجحت إثباتها كما هي في المطبوعة. وفي المطبوعة"وإقساطا به" ، بزيادة"به" ، ولا معنى لها ، وليست في المخطوطة.

الآية 42 من سورة المَائدة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (42) - Surat Al-Ma'idah

[They are] avid listeners to falsehood, devourers of [what is] unlawful. So if they come to you, [O Muhammad], judge between them or turn away from them. And if you turn away from them - never will they harm you at all. And if you judge, judge between them with justice. Indeed, Allah loves those who act justly

الآية 42 من سورة المَائدة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (42) - Сура Al-Ma'idah

Они охотно выслушивают ложь и пожирают запретное. Если они явятся к тебе, то рассуди их или же отвернись от них. Если ты отвернешься от них, то они нисколько не навредят тебе. Но если ты вынесешь решение, то суди их беспристрастно. Воистину, Аллах любит беспристрастных

الآية 42 من سورة المَائدة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (42) - سوره المَائدة

یہ جھوٹ سننے والے اور حرام کے مال کھانے والے ہیں، لہٰذا اگر یہ تمہارے پاس (اپنے مقدمات لے کر) آئیں تو تمہیں اختیار دیا جاتا ہے کہ چاہو ان کا فیصلہ کرو ورنہ انکار کر دو انکار کر دو تو یہ تمہارا کچھ بگاڑ نہیں سکتے، اور فیصلہ کرو تو پھر ٹھیک ٹھیک انصاف کے ساتھ کرو کہ اللہ انصاف کرنے والوں کو پسند کرتا ہے

الآية 42 من سورة المَائدة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (42) - Ayet المَائدة

Onlar yalana kulak verirler, haram yerler. Eğer sana gelirlerse aralarında hükmet, yahut onlardan yüz çevir; yüz çevirirsen sana bir zarar veremezler. Eğer hükmedersen aralarında adaletle hüküm ver. Allah adil olanları sever

الآية 42 من سورة المَائدة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (42) - versículo المَائدة

Prestan oídos a la mentira y se benefician vorazmente del soborno. Si se presentan ante ti [para que juzgues] sobre un pleito entre ellos, puedes juzgar o abstenerte. Si te abstienes no podrán perjudicarte en nada; pero si juzgas entre ellos, hazlo con equidad y justicia, porque Dios ama a los justos