مشاركة ونشر

تفسير الآية السادسة والأربعين (٤٦) من سورة النِّسَاء

الأستماع وقراءة وتفسير الآية السادسة والأربعين من سورة النِّسَاء ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَيَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَيۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَيۡرَ مُسۡمَعٖ وَرَٰعِنَا لَيَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنٗا فِي ٱلدِّينِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا وَٱسۡمَعۡ وَٱنظُرۡنَا لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَقۡوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِيلٗا ﴿٤٦

الأستماع الى الآية السادسة والأربعين من سورة النِّسَاء

إعراب الآية 46 من سورة النِّسَاء

(وَراعِنا) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والفاعل أنت ونا مفعول به والجملة معطوفة على اسمع (لَيًّا) حال منصوبة وقيل مفعول لأجله (بِأَلْسِنَتِهِمْ) متعلقان بليا (وَطَعْناً) معطوف على ليا تعلق به الجار والمجرور بعده (وَلَوْ أَنَّهُمْ) لو حرف شرط والواو استئنافية وأن واسمها، وجملة (قالُوا) خبرها وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف التقدير: لو ثبت قولهم (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) مثل سمعنا وعصينا (وَاسْمَعْ) كسابقتها (وَانْظُرْنا) عطف على اسمع (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) كان وخبرها الذي تعلق به الجار والمجرور واسمها ضمير مستتر تقديره هو والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم (وَأَقْوَمَ) عطف على خيرا (وَلكِنْ) حرف استدراك والواو عاطفة (لَعَنَهُمُ اللَّهُ) فعل ماض ومفعول به ولفظ الجلالة فاعل (بِكُفْرِهِمْ) متعلقان بلعنهم والجملة معطوفة (فَلا يُؤْمِنُونَ) فعل مضارع وفاعله ولا نافية والفاء عاطفة (إِلَّا قَلِيلًا) مستثنى منصوب بالفتحة وإلا أداة استثناء وقيل صفة لمفعول مطلق وإلا أداة حصر أي: لا يؤمنون إلا إيمانا قليلا.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (46) من سورة النِّسَاء تقع في الصفحة (86) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (5)

مواضيع مرتبطة بالآية (14 موضع) :

الآية 46 من سورة النِّسَاء بدون تشكيل

من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ﴿٤٦

تفسير الآية 46 من سورة النِّسَاء

من اليهود فريق دأبوا على تبديل كلام الله وتغييره عمَّا هو عليه افتراء على الله، ويقولون للرسول ﷺ: سمعنا قولك وعصينا أمرك واسمع منَّا لا سمعت، ويقولون: راعنا سمعك أي: افهم عنا وأفهمنا، يلوون ألسنتهم بذلك، وهم يريدون الدعاء عليه بالرعونة حسب لغتهم، والطعن في دين الإسلام. ولو أنهم قالوا: سمعنا وأطعنا، بدل و"عصينا"، واسمع دون "غير مسمع"، وانظرنا بدل "راعنا" لكان ذلك خيرًا لهم عند الله وأعدل قولا ولكن الله طردهم من رحمته؛ بسبب كفرهم وجحودهم نبوة محمد ﷺ، فلا يصدقون بالحق إلا تصديقًا قليلا لا ينفعهم.

(من الذين هادوا) قوم (يحِّرفون) يغيرون (الكلم) الذي أنزل الله في التوراة من نعت محمد ﷺ (عن مواضعه) التي وضع عليها (ويقولون) للنبي ﷺ إذا أمرهم بشيء (سمعنا) قولك (وعصينا) أمرك (واسمع غير مُسمع) حال بمعنى الدعاء أي لا سمعت (و) يقولون له (راعنا) وقد نهى عن خطابه وهي كلمة سب بلغتهم (ليٌا) تحريفا (بألسنتهم وطعنا) قدحا (في الدين) الإسلام (ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا) بذل وعصينا (واسمع) فقط (وانظرنا) انظر إلينا بدل راعنا (لكان خيرا لهم) مما قالوه (وأقوم) أعدل منه (ولكن لعنهم الله) أبعدهم عن رحمته (بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه.

ثم بين كيفية ضلالهم وعنادهم وإيثارهم الباطل على الحق فقال: ( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا ) أي: اليهود وهم علماء الضلال منهم. ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ) إما بتغيير اللفظ أو المعنى، أو هما جميعا. فمن تحريفهم تنزيل الصفات التي ذكرت في كتبهم التي لا تنطبق ولا تصدق إلا على محمد ﷺ على أنه غير مراد بها، ولا مقصود بها بل أريد بها غيره، وكتمانهم ذلك. فهذا حالهم في العلم أشر حال، قلبوا فيه الحقائق، ونزلوا الحق على الباطل، وجحدوا لذلك الحق، وأما حالهم في العمل والانقياد فإنهم ( يَقُولون سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ) أي: سمعنا قولك وعصينا أمرك، وهذا غاية الكفر والعناد والشرود عن الانقياد، وكذلك يخاطبون الرسول ﷺ بأقبح خطاب وأبعده عن الأدب فيقولون: ( اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ) قصدهم: اسمع منا غير مسمع ما تحب، بل مسمع ما تكره، ( وَرَاعِنَا ) قصدهم بذلك الرعونة، بالعيب القبيح، ويظنون أن اللفظ -لما كان محتملا لغير ما أرادوا من الأمور- أنه يروج على الله وعلى رسوله، فتوصلوا بذلك اللفظِ الذي يلوون به ألسنتهم إلى الطعن في الدين والعيب للرسول، ويصرحون بذلك فيما بينهم، فلهذا قال: ( لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ) ثم أرشدهم إلى ما هو خير لهم من ذلك فقال: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ ) وذلك لما تضمنه هذا الكلام من حسن الخطاب والأدب اللائق في مخاطبة الرسول، والدخول تحت طاعة الله والانقياد لأمره، وحسن التلطف في طلبهم العلم بسماع سؤالهم، والاعتناء بأمرهم، فهذا هو الذي ينبغي لهم سلوكه. ولكن لما كانت طبائعهم غير زكية، أعرضوا عن ذلك، وطردهم الله بكفرهم وعنادهم، ولهذا قال: ( وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا )

ثم قال تعالى : ( من الذين هادوا ) " من " هذه لبيان الجنس كقوله : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) وقوله : ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) أي : يتأولون على غير تأويله ، ويفسرونه بغير مراد الله ، عز وجل ، قصدا منهم وافتراء ( ويقولون سمعنا وعصينا ) أي يقولون سمعنا ما قلته يا محمد ولا نطيعك فيه


هكذا فسره مجاهد وابن زيد ، وهو المراد ، وهذا أبلغ في عنادهم وكفرهم ، أنهم يتولون عن كتاب الله بعد ما عقلوه ، وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة . وقوله ( واسمع غير مسمع ) أي : اسمع ما نقول ، لا سمعت
رواه الضحاك عن ابن عباس
وقال مجاهد والحسن : واسمع غير مقبول منك . قال ابن جرير : والأول أصح
وهو كما قال
وهذا استهزاء منهم واستهتار ، عليهم لعنة الله ( والملائكة والناس أجمعين ) . ( وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ) أي : يوهمون أنهم يقولون : راعنا سمعك بقولهم : " راعنا " وإنما يريدون الرعونة
وقد تقدم الكلام في هذا عند قوله : ( ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا ) ( البقرة : 104 ) . ولهذا قال تعالى عن هؤلاء اليهود الذين يريدون بكلامهم خلاف ما يظهرونه : ( ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ) يعني : بسبهم النبي ﷺ . ثم قال تعالى : ( ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) أي : قلوبهم مطرودة عن الخير مبعدة منه ، فلا يدخلها من الإيمان شيء نافع لهم وقد تقدم الكلام على قوله تعالى : ( فقليلا ما يؤمنون ) ( البقرة : 88 ) والمقصود : أنهم لا يؤمنون إيمانا نافعا .

القول في تأويل قوله : مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ قال أبو جعفر: ولقوله جل ثناؤه: " من الذين هادوا يحرفون الكلم "، وجهان من التأويل. أحدهما: أن يكون معناه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ =" من الذين هادوا يحرفون الكلم "، فيكون قوله: " من الذين هادوا " من صلة " الذين ". وإلى هذا القول كانت عامة أهلِ العربية من أهل الكوفة يوجِّهون قوله: " من الذين هادوا يحرِّفون ". (4)


والآخر منهما: أن يكون معناه: من الذين هادوا من يُحرِّف الكلم عن مواضعه، فتكون " مَن " محذوفة من الكلام، اكتفاء بدلالة قوله: " من الذين هادوا "، عليها. وذلك أن " مِن " لو ذكرت في الكلام كانت بعضًا ل " مَن "، فاكتفى بدلالة " مِنْ"، عليها. والعرب تقول: " منا من يقول ذلك، ومِنا لا يقوله "، (5) بمعنى: منا من يقول ذاك، ومنا من لا يقوله = فتحذف " مَن " اكتفاء بدلالة " مِنْ" عليه، كما قال ذو الرمة: فَظَلُّــوا, وَمِنْهُـمْ دَمْعُـهُ سَـابِقٌ لَـهُ وَآخَـرُ يَثْنِـي دَمْعَـةَ العَيْـنِ بِـالهَمْلِ (6) يعني: ومنهم مَن دمعه، وكما قال الله تبارك وتعالى: وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (سورة الصافات: 164). وإلى هذا المعنى كانت عامة أهل العربية من أهل البصرة يوجِّهون تأويل قوله: " من الذين هادوا يحرفون الكلم "، غير أنهم كانوا يقولون: المضمر في ذلك " القوم "، كأن معناه عندهم: من الذين هادوا قوم يحرِّفون الكلم، ويقولون: نظير قول النابغة: كَــأَنَّكَ مِــنْ جِمَــالِ بَنِـي أُقَيْشٍ يُقَعْقَــعُ خَــلْفَ رِجْلَيْــهِ بِشَــنِّ (7) يعني: كأنك جمل من جمال أقيش. فأما نحويو الكوفة فينكرون أن يكون المضمر مع " مِن " إلا " مَن " أو ما أشبهها. (8)
قال أبو جعفر: والقول الذي هو أولى بالصواب عندي في ذلك: قول من قال: قوله: " من الذين هادوا "، من صلة ( الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ ) ، لأن الخبرين جميعًا والصفتين، من صفة نوع واحد من الناس، وهم اليهود الذين وصفَ الله صفتهم في قوله: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ ) وبذلك جاء تأويلُ أهل التأويل، فلا حاجة بالكلام = إذ كان الأمر كذلك = إلى أن يكون فيه متروك.
وأما تأويل قوله: " يُحَرِّفون الكلِمَ عن مواضعه "، (9) فإنه يقول: يبدِّلون معناها ويغيِّرونها عن تأويله.
و " الكلم " جماع " كلمة ".
وكان مجاهد يقول: عنى بـ " الكلم "، التوراة. 9691 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " يحرفون الكلم عن مواضعه "، تبديل اليهود التوراة. 9692 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
وأما قوله: " عن مواضعه "، فإنه يعني: عن أماكنه ووجوهه التي هي وجوهه.
القول في تأويل قوله : وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا يعني بذلك جل ثناؤه: من الذين هادوا يقولون: سمعنا، يا محمد، قولك، وعصينا أمرك، كما:- 9693 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله: " سمعنا وعصينا "، قال: قالت اليهود: سمعنا ما نقول ولا نطيعك. 9694 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 9695 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 9696 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: " سمعنا وعصينا "، قالوا: قد سمعنا، ولكن لا نطيعك.
القول في تأويل قوله : وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن اليهود الذين كانوا حوالَيْ مهاجر رسول الله ﷺ في عصره: أنهم كانوا يسبّون رسول الله ﷺ ويؤذونه بالقبيح من القول، ويقولون له: اسمع منا غير مسمع، كقول القائل للرجل يَسُبُّه: " اسمع، لا أسمعَك الله "، كما:- 9697 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واسمع غير مسمع "، قال: هذا قول أهل الكتاب يهود، كهيئة ما يقول الإنسان: " اسمع لا سمعت "، أذًى لرسول الله ﷺ، وشتمًا له واستهزاءً. 9698 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: " واسمع غير مسمع " قال: يقولون لك: " واسمع لا سمعت ". وقد روي عن مجاهد والحسن: أنهما كانا يتأوّلان في ذلك بمعنى: واسمع غير مقبول منك. = ولو كان ذلك معناه لقيل: " واسمع غير مسموع "، ولكن معناه: واسمع لا تسمع، ولكن قال الله تعالى ذكره: لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ، فوصفهم بتحريف الكلام بألسنتهم، والطعن في الدين بسبِّ النبي ﷺ.
وأما القول الذي ذكرته عن مجاهد: " واسمع غير مسمع "، يقول: غير مقبول ما تقول، فهو كما:- 9699 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: " واسمع غير مسمع "، قال: غير مُسْتمع - قال ابن جريج، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: " واسمع غير مسمع "، غير مقبول ما تقول. 9700 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 9701 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: " واسمع غير مسمع "، قال: كما تقول اسمع غير مَسْموع منك. 9702 - وحدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: كان ناس منهم يقولون: " واسمع غير مسمع "، كقولك: اسمع غير صاغِرٍ. (10)
القول في تأويل قوله : وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ قال أبو جعفر: يعني بقوله: " وراعنا "، أي: راعنا سمعك، افهم عنّا وأفهمنا. وقد بينا تأويل ذلك في" سورة البقرة " بأدلته، بما فيه الكفاية عن إعادته. (11)
ثم أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم يقولون ذلك لرسول الله ﷺ: " ليًّا بألسنتهم "، يعني تحريكًا منهم بألسنتهم بتحريف منهم لمعناه إلى المكروه من معنييه، (12) واستخفافًا منهم بحق النبي ﷺ، وطعنًا في الدين، كما:- 9703 - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، قال قتادة: كانت اليهود يقولون للنبي ﷺ: " راعنا سمعك "! يستهزئون بذلك، فكانت اليهود قبيحة أن يقال: (13) " راعنا سمعك " =" ليًّا بألسنتهم " والليّ: تحريكهم ألسنتهم بذلك =" وطعنًا في الدين ". 9704 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " راعنا ليًّا بألسنتهم "، كان الرجل من المشركين يقول: " أرعني سمعك "! يلوي بذلك لسانه، يعني: يحرِّف معناه. 9705 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أييه، عن ابن عباس: مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، إلى " وطعنًا في الدين "، فإنهم كانوا يستهزئون، ويلوون ألسنتهم برسول الله ﷺ، ويطعنون في الدين. 9706 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " وراعنا ليا بألسنتهم وطعنًا في الدين "، قال: " راعنا "، طعنهم في الدين، وليهم بألسنتهم ليبطلوه، ويكذبوه. قال: و " الرَّاعن "، الخطأ من الكلام. (14) 9707 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر قال، حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: " ليا بألسنتهم "، قال: تحريفًا بالكذب.
القول في تأويل قوله : وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولو أن هؤلاء اليهود الذين وصف الله صفتهم، قالوا لنبي الله: " سمعنا يا محمد قولك، وأطعنا أمرك، وقبلنا ما جئتنا به من عند الله، واسمع منا، وانظرنا ما نقول، وانتظرنا نفهم عنك ما تقول لنا " =" لكان خيرًا لهم وأقوم "، يقول: لكان ذلك خيرًا لهم عند الله =" وأقوم "، يقول: وأعدل وأصوبَ في القول.
وهو من " الاستقامة " من قول الله: وَأَقْوَمُ قِيلا (سورة المزمل: 6)، بمعنى: وأصوبُ قيلا (15) كما:- 9708 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم "، قال: يقولون اسمع منا، فإنا قد سمعنا وأطعنا، وانظرنا فلا تعجل علينا. 9709 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عكرمة ومجاهد قوله: " وانظُرنا "، قال: اسمع منا. 9710 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: " وانظرنا "، قال: أفهمنا. 9711 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد،" وانظرنا "، قال: أفهمنا.
قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله مجاهد وعكرمة، من توجيههما معنى: " وانظرنا " إلى: " اسمع منا " = وتوجيه مجاهد ذلك إلى " أفهمنا " = فما لا نعرف في كلام العرب، (16) إلا أن يكون أراد بذلك من توجيهه إلى " أفهمنا " ، انتظرنا نفهم ما تقول = أو: انتظرنا نقل حتى تسمع منا = فيكون ذلك معنًى مفهومًا، وإن كان غير تأويلٍ للكلمة ولا تفسير لها. (17) ولا نعرف: " انظرنا " في كلام العرب، (18) إلا بمعنى: انتظرنا وانظر إلينا = فأما " انظرنا " بمعنى: انتظرنا، فمنه قول الحطيئة: وَقَــدْ نَظَــرْتُكُمُ لَــوْ أَنَّ دِرَّتَكُـمْ يَوْمًـا يَجِـيء بهـا مَسْـحِي وَإِبْسَاسِي (19) وأما " انظرنا "، بمعنى: انظر إلينا، فمنه قول عبد الله بن قيس الرقيات: ظَـاهِرَاتُ الجَمـالِ وَالحُسْـنِ يَنْظُرْنَ كَمَـــا يَنْظُـــرُ الأَرَاكَ الظِّبَــاءُ (20) بمعنى: كما ينظر إلى الأراك الظباء. (21)
القول في تأويل قوله : وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا (46) قال أبو جعفر: يعني بذلك: ولكن الله تبارك وتعالى أخْزَى هؤلاء اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآية، فأقصاهم وأبعدهم من الرشد واتباع الحق (22) =" بكفرهم "، يعني: بجحودهم نبوّة نبيه محمد ﷺ وما جاءهم به من عند ربهم من الهدى والبينات =" فلا يؤمنون إلا قليلا "، يقول: فلا يصدقون بمحمد ﷺ وما جاءهم به من عند ربهم، ولا يقرُّون بنبوته =" إلا قليلا "، يقول: لا يصدقون بالحق الذي جئتهم به، يا محمد، إلا إيمانًا قليلا كما:- 9712 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " فلا يومنون إلا قليلا "، قال: لا يؤمنون هم إلا قليلا. قال أبو جعفر: وقد بيّنا وجه ذلك بعلله في" سورة البقرة ". (23) --------------------- الهوامش : (4) انظر معاني القرآن للفراء 1: 271. (5) في المطبوعة: "والعرب تقول: منا من يقول ذلك" بزيادة"من" وهو خطأ ، والصواب من معاني القرآن للفراء. أما المخطوطة فكان فيها: "والعرب تقول ذلك ومثالا لا يقوله" وهو من عبث الناسخ وإسقاطه. (6) ديوانه 485 ، وقبله: مع اختلاف الرواية: بَكَـيْتُ عَـلَى مَـيٍّ بِهَـا إذْ عَرَفْتُهَـا وَهِجْتُ الْهَوَى حَتَّى بَكَى القَوْمُ مِنْ أَجْلِي فَظَلُّــوا وَمِنْهُـمْ دَمْعُـهُ غَـالِبٌ لَـهُ وَآخَـرُ يَثْنِـي عَـبْرَةَ العَيْـنِ بـالهَمْلِ وَهَـلْ هَمَـلانُ الْعَيْـنِ رَاجِعُ مَا مَضَى مِـنَ الوَجْـدِ، أوْ مُدْنِيكِ يَا مَيُّ مِنْ أَهْلِي وكان في المطبوعة: "يذري دمعة العين بالمهل" وهو خطأ ، وتغيير من الطابع ، وفي المخطوطة"يثني" كما في الديوان. وقوله: "يثني دمعة العين" ، أي يرد هملانها. وقوله: "بالهمل" متعلق بقوله"دمعة" ووضع"دمعة" هنا مصدرًا لقوله: "دمعت عينه دمعًا ودمعانًا ودموعًا" ، وزاده هو"دمعة" على وزن"رحمة" في المصادر = وكذلك في رواية"عبرة" ، كلاهما مصدر ، ولم تثبته كتب اللغة. يقول: وآخر يرد إرسال العين دمعها منهملا ، يعني: لولا ذلك لسالت دموعه غزارًا. (7) مضى تخريجه فيما سلف 1: 179 ، تعليق: 2 ، ونسيت هناك أن أرده إلى هذا المكان ، فأثبته. (8) انظر مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 271. (9) انظر تفسير"التحريف" فيما سلف 2: 248 ، 249. (10) في المطبوعة: "غير صاغ" ، والصواب من المخطوطة. (11) انظر ما سلف 2: 459-467. (12) انظر تفسير"اللي" و"اللي بالألسنة" فيما سلف 6: 535-537. (13) في المخطوطة والمطبوعة: "فكان في اليهود قبيحة فقال" ، وهو كلام لا يستقيم البتة ، وصوابه الذي لا شك فيه ما أثبت ، وانظر كونها كلمة قبيحة لليهود في 2: 460. (14) انظر القول في"الراعن" فيما سلف 2: 465 ، 466. (15) انظر تفسر"أقوم" فيما سلف 6: 77 ، 78. (16) في المطبوعة والمخطوطة: "ما لا نعرف" بغير فاء ، ولكني زدتها لأنها أعرق في العربية وأقوم للسياق. (17) في المخطوطة والمطبوعة: "غير تأويل الكلمة" والصواب ما أثبت. (18) في المطبوعة: "فلا نعرف" بالفاء ، والأجود ما في المخطوطة ، كما أثبته. (19) ديوانه: 52 ، والكامل 1: 351 ، وهذا خطأ لا شك فيه في رواية البيت ، وأثبته على حاله ، لأنه دلالة على عجلة أبي جعفر أحيانًا في كتابة تفسيره ، ودليل على حفظه الشعر ، ولولا ذلك لم يخلط هذا الخلط فإن هذه القصيدة ، هي التي هجا بها الزبرقان بن بدر ، ومدح بغيض ابن عامر ، والتي شكاه من أجلها الزبرقان إلى عمر بن الخطاب فحبسه ، يقول للزبرقان لما غضب حين استضافه بغيض: مَـا كـانَ ذَنْـبُ بَغِيـض لا أَبَــا لَكُمُ فِـي بَــائِسٍ جَـاءَ يَحْـدُو آخِرَ الناسِ لَقَــدْ مَــرَيْتُكُمُ لَــوْ أَنَّ دِرَّتكُــمْ يَوْمًـا يجِـيءُ بِهَـا مَسْـحِي وَإبْسَاسِي وَقَــدْ مَدَحْــتُكُمْ عَمْـدًا لأُرْشِــدَكُمْ كَيْمَـا يَكُــونَ لَكُـمْ مَتْحٍـي وَإمْرَاسِي ثم يليه بيت الشاهد الذي كان ينبغي أن يذكره هنا أبو جعفر ، كما ذكره فيما سلف في تفسير"انظرنا" من سورة البقرة 2: 467 ، 468 وقد شرحته هناك. ولولا أن أثبت حال أبي جعفر في كتابه ، لألغيت البيت المذكور في المتن ، ولوضعت هذا البيت: وَقَــدْ نَظَــرْتُكُمُ أَعْشَـاءَ صَـادِرَةٍ لِلْخِـمْسِ طَـالَ بِهَـا حَوْزِي وَتَنْسَاسِي وقوله: "لقد مريتكم" من قولهم: "مري الناقة يمريها مريًا": إذا مسح ضرعها لتدر. و"الدرة": الدفعة من اللبن و"المسح" مسح الضرع للحلب. و"الإبساس": هو صوت الراعي ، يلينه لناقته عند الحلب لتسكن ويسهل حلبها. يقول: لقد ترفقت لكم ، أستخرج خيركم بالمديح الرقيق والقول اللين ، فلم ألمق خيرًا ، ولم تجودوا به. وكان في المخطوطة: "يجيء به" وهو خطأ. (20) ديوانه: 171 ، من قصيدته التي فخر فيها بقريش ، ومدح مصعب بن الزبير ، وذكر نساء عبد شمس بن عبد مناف فقال: وَحِسَــانٌ مِثْـلُ الــدُّمَي عَبْشَـمِيَّاتٌ عَلَيْهِــــن بَهْجَـــةٌ وَحَيَـــاءُ لا يَبِعْـنَ العِيَـابَ فـي مَوْسِـمٍ النَّاسِ إذَا طَـــافَ بِالعِيـــابِ النِّسَــاءُ ظَـاهِرَاتُ الجَمَـالِ والسَّـرْو ........ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . و"السرو": الشرف وكرم المحتد. وهي أجود الروايتين ، وقوله: "كما ينظر الأراك الظباء" ، من حسن التشبيه ، ودقة الملاحظة للعلاقة بين الشرف والسؤدد. وما يكون للمرء من شمائل وسمت وهيأة. ويعني أنهن قد ينصبن أجيادهن ، كأنهن ظباء تعطو الأراك لتناله. وذلك أظهر لجمال أجيادهن ، وحركتهن. والجيد فيه دلالة من دلائل الخلق لا يخطئها بصير. (21) انظر تفسير نظيرة هذه الكلمة من آية البقرة: "وقولوا انظرنا" 2: 467 - 469. (22) انظر تفسير"اللعنة" فيما سلف 2: 328 / 3: 254 ، 261 / 6: 577. (23) يعني تفسير قوله تعالى"فقليلا ما يؤمنون" 2: 329 - 331.

الآية 46 من سورة النِّسَاء باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (46) - Surat An-Nisa

Among the Jews are those who distort words from their [proper] usages and say, "We hear and disobey" and "Hear but be not heard" and "Ra'ina," twisting their tongues and defaming the religion. And if they had said [instead], "We hear and obey" and "Wait for us [to understand]," it would have been better for them and more suitable. But Allah has cursed them for their disbelief, so they believe not, except for a few

الآية 46 من سورة النِّسَاء باللغة الروسية (Русский) - Строфа (46) - Сура An-Nisa

Среди иудеев есть такие, которые переставляют слова со своих мест и говорят: «Мы слышали и ослушаемся» и «Послушай то, что нельзя слушать» и «Заботься о нас». Они кривят своими языками и поносят религию. А если бы они сказали: «Мы слышали и повинуемся» и «Выслушай» и «Присматривай за нами», то это было бы лучше для них и вернее. Однако Аллах проклял их за неверие, и они не веруют, за исключением немногих

الآية 46 من سورة النِّسَاء باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (46) - سوره النِّسَاء

جو لوگ یہودی بن گئے ہیں اُن میں کچھ لوگ ہیں جو الفاظ کو اُن کے محل سے پھیر دیتے ہیں اور دین حق کے خلاف نیش زنی کرنے کے لیے اپنی زبانوں کو توڑ موڑ کر کہتے ہیں سَمِعنَا وَ عَصَینَا اور اِسمَع غَیر مُسمَع اور رَاعِنَا حالانکہ اگر وہ کہتے سَمِعنَا وَ اَطَعنَا، اور اِسمَع اور اُنظُرنَا تو یہ انہی کے لیے بہتر تھا اور زیادہ راستبازی کا طریقہ تھا مگر ان پر تو ان کی باطل پرستی کی بدولت اللہ کی پھٹکار پڑی ہوئی ہے اس لیے وہ کم ہی ایمان لاتے ہیں

الآية 46 من سورة النِّسَاء باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (46) - Ayet النِّسَاء

Yahudilerden, sözleri yerlerinden değiştirip: "İşittik ve karşı geldik, kulak vermeyerek dinle" ve dillerini eğip bükerek ve dini yererek: "Bizi de dinle" diyenler vardır. Şayet: "İşittik ve itaat ettik, dinle ve bizi gözet" demiş olsalardı, onlar için daha iyi daha doğru olurdu. İşte Allah inkarları yüzünden onlara lanet etmiştir. Onların ancak pek azı inanır

الآية 46 من سورة النِّسَاء باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (46) - versículo النِّسَاء

Algunos judíos tergiversan el sentido de las palabras sacándolas de contexto, como cuando dicen: "Te oímos [y al mismo tiempo les dicen a otros], pero no te seguiremos en nada de lo que digas". [O como cuando dicen:] "Óyenos tú, que no aceptamos oírte". Te llaman con doble sentido en sus palabras ofendiendo la religión [de Dios]. Si hubieran dicho: "Te oímos y te seguiremos. Escúchanos y sé paciente con nosotros", sería mejor para ellos y más correcto. Pero Dios los alejó de Su misericordia por negarse a aceptar la verdad, poco es lo que creen