مشاركة ونشر

تفسير الآية المئتين والخامسة والثمانين (٢٨٥) من سورة البَقَرَة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئتين والخامسة والثمانين من سورة البَقَرَة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ ﴿٢٨٥

الأستماع الى الآية المئتين والخامسة والثمانين من سورة البَقَرَة

إعراب الآية 285 من سورة البَقَرَة

(آمَنَ الرَّسُولُ) فعل ماض وفاعل (بِما) متعلقان بآمن (أُنْزِلَ) فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل هو (إِلَيْهِ) متعلقان بأنزل (مِنْ رَبِّهِ) متعلقان بأنزل (وَالْمُؤْمِنُونَ) عطف على الرسول والجملة صلة الموصول (كُلٌّ) مبتدأ (آمَنَ) فعل ماض والفاعل مستتر هو (بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) لفظ الجلالة مجرور بالباء والجار والمجرور متعلقان بآمن وما بعده معطوف عليه والجملة خبر كل. (لا نُفَرِّقُ) لا نافية نفرق فعل مضارع والفاعل نحن (بَيْنَ) ظرف متعلق بنفرق (أَحَدٍ) مضاف إليه (مِنْ رُسُلِهِ) متعلقان بمحذوف صفة من أحد والجملة مقول القول لفعل محذوف وجملة القول المحذوف في محل نصب حال. (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) الواو استئنافية وفعل ماض وفاعل وجملة (سَمِعْنا) مقول القول وأطعنا عطف (غُفْرانَكَ) مفعول مطلق لفعل محذوف (رَبَّنا) منادى مضاف منصوب (وَإِلَيْكَ) الواو عاطفة إليك متعلقان بمحذوف خبر مقدم (الْمَصِيرُ) مبتدأ مؤخر والجملة معطوفة على جملة محذوفة التقدير: منك البداية وإليك المصير.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (285) من سورة البَقَرَة تقع في الصفحة (49) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (3)

مواضيع مرتبطة بالآية (15 موضع) :

الآية 285 من سورة البَقَرَة بدون تشكيل

آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ﴿٢٨٥

تفسير الآية 285 من سورة البَقَرَة

صدَّق وأيقن رسول الله محمد ﷺ بما أوحي إليه من ربه وحُقَّ له أن يُوقن، والمؤمنون كذلك صدقوا وعملوا بالقرآن العظيم، كل منهم صدَّق بالله رباً وإلهًا متصفًا بصفات الجلال والكمال، وأن لله ملائكة كرامًا، وأنه أنزل كتبًا، وأرسل إلى خلقه رسلا لا نؤمن -نحن المؤمنين- ببعضهم وننكر بعضهم، بل نؤمن بهم جميعًا. وقال الرسول والمؤمنون: سمعنا يا ربنا ما أوحيت به، وأطعنا في كل ذلك، نرجو أن تغفر -بفضلك- ذنوبنا، فأنت الذي ربَّيتنا بما أنعمت به علينا، وإليك -وحدك- مرجعنا ومصيرنا.

(آمن) صدق (الرسول) محمد ﷺ (بما أنزل إليه من ربه) من القرآن (والمؤمنون) عطف عليه (كل) تنوين عوض من المضاف إليه (آمن بالله وملائكته وكتبه) بالجمع والإفراد (ورسله) يقولون (لا نفرق بين أحد من رسله) فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعل اليهود والنصارى (وقالوا سمعنا) أي ما أمرنا به سماع قبول (وأطعنا) نسألك (غفرانك ربنا وإليك المصير) المرجع بالبعث، ولما نزلت الآية التي قبلها شكا المؤمنون من الوسوسة وشق عليهم المحاسبة بها فنزل.

يخبر تعالى عن إيمان الرسول والمؤمنين معه، وانقيادهم وطاعتهم وسؤالهم مع ذلك المغفرة، فأخبر أنهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله، وهذا يتضمن الإيمان بجميع ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبرت به عنه رسله من صفات كماله ونعوت جلاله على وجه الإجمال والتفصيل، وتنزيهه عن التمثيل والتعطيل وعن جميع صفات النقص، ويتضمن الإيمان بالملائكة الذين نصت عليهم الشرائع جملة وتفصيلا وعلى الإيمان بجميع الرسل والكتب، أي: بكل ما أخبرت به الرسل وتضمنته الكتب من الأخبار والأوامر والنواهي، وأنهم لا يفرقون بين أحد من رسله، بل يؤمنون بجميعهم، لأنهم وسائط بين الله وبين عباده، فالكفر ببعضهم كفر بجميعهم بل كفر بالله ( وقالوا سمعنا ) ما أمرتنا به ونهيتنا ( وأطعنا ) لك في ذلك، ولم يكونوا ممن قالوا سمعنا وعصينا، ولما كان العبد لا بد أن يحصل منه تقصير في حقوق الله تعالى وهو محتاج إلى مغفرته على الدوام، قالوا ( غفرانك ) أي: نسألك مغفرة لما صدر منا من التقصير والذنوب، ومحو ما اتصفنا به من العيوب ( وإليك المصير ) أي: المرجع لجميع الخلائق فتجزيهم بما عملوا من خير وشر.

ذكر الأحاديث الواردة في فضل هاتين الآيتين الكريمتين نفعنا الله بهما . الحديث الأول : قال البخاري : حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا شعبة ، عن سليمان ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن ، عن أبي مسعود ، عن النبي ﷺ قال : " من قرأ بالآيتين " ، وحدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبي مسعود ، قال : قال رسول الله ﷺ : " من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه " . وقد أخرجه بقية الجماعة من طريق سليمان بن مهران الأعمش ، بإسناده ، مثله


وهو في الصحيحين من طريق الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن ، عنه ، به
وهو في الصحيحين أيضا عن عبد الرحمن ، عن علقمة عن أبي مسعود قال عبد الرحمن : ثم لقيت أبا مسعود ، فحدثني به . وهكذا رواه أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن المسيب بن رافع ، عن علقمة ، عن أبي مسعود ، عن النبي ﷺ ، قال : " من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلته كفتاه " . الحديث الثاني : قال الإمام أحمد : حدثنا حسين ، حدثنا شيبان ، عن منصور ، عن ربعي ، عن خرشة بن الحر ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله ﷺ : " أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش ، لم يعطهن نبي قبلي " . وقد رواه ابن مردويه ، من حديث الأشجعي ، عن الثوري ، عن منصور ، عن ربعي ، عن زيد بن ظبيان ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله ﷺ : " أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش " . الحديث الثالث : قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا مالك بن مغول ( ح ) وحدثنا ابن نمير ، وزهير بن حرب جميعا ، عن عبد الله بن نمير وألفاظهم متقاربة قال ابن نمير : حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن مغول ، عن الزبير بن عدي عن طلحة ، عن مرة ، عن عبد الله ، قال : لما أسري برسول الله ﷺ انتهي به إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ، قال : ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) ( النجم : 16 ) ، قال : فراش من ذهب
قال : وأعطي رسول الله ﷺ ثلاثا : أعطي الصلوات الخمس ، وأعطي خواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات . الحديث الرابع : قال أحمد : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ، حدثنا سلمة بن الفضل ، حدثني محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد بن عبد الله اليزني ، عن عقبة بن عامر الجهني قال : قال لي رسول الله ﷺ : " اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة فإني أعطيتهما من تحت العرش "
هذا إسناد حسن ، ولم يخرجوه في كتبهم . الحديث الخامس : قال ابن مردويه : حدثنا أحمد بن كامل ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، أخبرنا مسدد أخبرنا أبو عوانة ، عن أبي مالك ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله ﷺ : " فضلنا على الناس بثلاث ، أوتيت هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة من بيت كنز تحت العرش ، لم يعطها أحد قبلي ، ولا يعطاها أحد بعدي " . ثم رواه من حديث نعيم بن أبي هندي ، عن ربعي ، عن حذيفة ، بنحوه . الحديث السادس : قال ابن مردويه : حدثنا عبد الباقي بن نافع ، أنبأنا إسماعيل بن الفضل ، أخبرنا محمد بن حاتم بن بزيع ، أخبرنا جعفر بن عون ، عن مالك بن مغول ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي قال : لا أرى أحدا عقل الإسلام ينام حتى يقرأ خواتيم سورة البقرة ، فإنها كنز أعطيه نبيكم ﷺ من تحت العرش . ورواه وكيع عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمير بن عمرو الخارفي ، عن علي قال : ما أرى أحدا يعقل ، بلغه الإسلام ، ينام حتى يقرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة ، فإنها من كنز تحت العرش . الحديث السابع : قال أبو عيسى الترمذي : حدثنا بندار ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أشعث بن عبد الرحمن الجرمي عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن النعمان بن بشير ، عن النبي ﷺ قال : " إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام ، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان "
ثم قال : هذا حديث غريب
وهكذا رواه الحاكم في مستدركه من حديث حماد بن سلمة به ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه . الحديث الثامن : قال ابن مردويه : حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن مدين ، أخبرنا الحسن بن الجهم ، أخبرنا إسماعيل بن عمرو ، أخبرنا ابن أبي مريم ، حدثني يوسف بن أبي الحجاج ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله ﷺ إذا قرأ آخر سورة البقرة وآية الكرسي ضحك ، وقال : " إنهما من كنز الرحمن تحت العرش "
وإذا قرأ : ( من يعمل سوءا يجز به ) ( النساء : 123 ) ، ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى ) ( النجم : 3941 ) ، استرجع واستكان . الحديث التاسع : قال ابن مردويه : حدثنا عبد الله بن محمد بن كوفي ، حدثنا أحمد بن يحيى بن حمزة ، حدثنا محمد بن بكر حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا عبد الله بن أبي حميد ، عن أبي مليح ، عن معقل بن يسار ، قال : قال رسول الله ﷺ : " أعطيت فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش ، والمفصل نافلة " . الحديث العاشر : قد تقدم في فضائل الفاتحة ، من رواية عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : بينا رسول الله ﷺ وعنده جبريل ; إذ سمع نقيضا فوقه ، فرفع جبريل بصره إلى السماء ، فقال : هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط
قال : فنزل منه ملك ، فأتى النبي ﷺ فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ حرفا منهما إلا أوتيته ، رواه مسلم والنسائي ، وهذا لفظه . ( الحديث الحادي عشر : قال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في مسنده : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا صفوان ، حدثنا أيفع بن عبد الله الكلاعي قال : قال رجل : يا رسول الله ، أي آية في كتاب الله أعظم ؟ قال : " آية الكرسي : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) قال : فأي آية في كتاب الله تحب أن تصيبك وأمتك ؟ قال : " آخر سورة البقرة ، ولم يترك خيرا في الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه " ) . فقوله تعالى : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) إخبار عن النبي ﷺ بذلك . قال ابن جرير : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن رسول الله ﷺ قال لما نزلت هذه الآية : " ويحق له أن يؤمن " . وقد روى الحاكم في مستدركه : حدثنا أبو النضر الفقيه : حدثنا معاذ بن نجدة القرشي ، حدثنا خلاد بن يحيى ، حدثنا أبو عقيل ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أنس بن مالك ، قال : لما نزلت هذه الآية على النبي ﷺ ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) قال النبي ﷺ : " حق له أن يؤمن "
ثم قال الحاكم : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه
. وقوله : ( والمؤمنون ) عطف على ) الرسول ) ثم أخبر عن الجميع فقال : ( كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد ، فرد صمد ، لا إله غيره ، ولا رب سواه
ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء ، لا يفرقون بين أحد منهم ، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، بل الجميع عندهم صادقون بارون راشدون مهديون هادون إلى سبل الخير ، وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله ، حتى نسخ الجميع بشرع محمد ﷺ خاتم الأنبياء والمرسلين ، الذي تقوم الساعة على شريعته ، ولا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين . وقوله : ( وقالوا سمعنا وأطعنا ) أي : سمعنا قولك يا ربنا ، وفهمناه ، وقمنا به ، وامتثلنا العمل بمقتضاه ، ( غفرانك ربنا ) سؤال للغفر والرحمة واللطف . قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن حرب الموصلي ، حدثنا ابن فضيل ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قول الله : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون ) إلى قوله : ( غفرانك ربنا ) قال : قد غفرت لكم ، ( وإليك المصير ) أي : إليك المرجع والمآب يوم يقوم الحساب . قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن بيان ، عن حكيم عن جابر قال : لما نزلت على رسول الله ﷺ ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) قال جبريل : إن الله قد أحسن الثناء عليك وعلى أمتك ، فسل تعطه
فسأل : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) إلى آخر الآية .

القول في تأويل قوله تعالى : آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: صدق الرسول = يعني رسول الله ﷺ، فأقر =" بما أنـزل إليه "، يعني: بما أوحي إليه من ربه من الكتاب، وما فيه من حلال وحرام، ووعد وعيد، وأمر ونهي، وغير ذلك من سائر ما فيه من المعاني التي حواها.


وذكر أن رسول الله ﷺ لما نـزلت هذه الآية عليه قال: يحق له. 6499 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه "، ذكر لنا أن نبي الله ﷺ لما نـزلت هذه الآية قال: ويحق له أن يؤمن. (52)
وقد قيل: إنها نـزلت بعد قوله: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، لأن المؤمنين برسول الله من أصحابه شق عليهم ما توعدهم الله به من محاسبتهم على ما أخفته نفوسهم، فشكوا ذلك إلى النبي ﷺ فقال لهم رسول الله ﷺ: لعلكم تقولون: " سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا " كما قالت بنو إسرائيل! فقالوا: بل نقول: " سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا "! فأنـزل الله لذلك من قول النبي ﷺ وقول أصحابه: "آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله "، يقول: وصدق المؤمنون أيضا مع نبيهم بالله وملائكته وكتبه ورسله، الآيتين. وقد ذكرنا قائلي ذلك قبل. (53)
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: " وكتبه ". فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة وبعض قرأة أهل العراق (وكتبه) على وجه جمع " الكتاب "، على معنى: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وجميع كتبه التي أنـزلها على أنبيائه ورسله.
وقرأ ذلك جماعة من قرأة أهل الكوفة: (وكتابه)، بمعنى: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وبالقرآن الذي أنـزله على نبيه محمد ﷺ.
وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: " وكتابه "، ويقول: الكتاب أكثر من الكتب. وكأن ابن عباس يوجه تأويل ذلك إلى نحو قوله: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (سورة العصر: 1-2)، بمعنى جنس " الناس " وجنس " الكتاب "، كما يقال: " ما أكثر درهم فلان وديناره "، ويراد به جنس الدراهم والدنانير. (54) وذلك، وإن كان مذهبا من المذاهب معروفا، فإن الذي هو أعجب إلي من القراءة في ذلك أن يقرأ بلفظ الجمع. لأن الذي قبله جمع، والذي بعده كذلك - أعني بذلك: " وملائكته وكتبه ورسله " - فإلحاق " الكتب " في الجمع لفظا به، أعجب إلي من توحيده وإخراجه في اللفظ به بلفظ الواحد، ليكون لاحقا في اللفظ والمعنى بلفظ ما قبله وما بعده، وبمعناه.
القول في تأويل قوله تعالى : لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ قال أبو جعفر: وأما قوله: " لا نفرق بين أحد من رسله "، فإنه أخبر جل ثناؤه بذلك عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك. ففي الكلام في قراءة من قرأ: " لا نفرق بين أحد من رسله " بالنون، متروك، قد استغني بدلالة ما ذكر عنه. وذلك المتروك هو " يقولون ". وتأويل الكلام: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، يقولون: لا نفرق بين أحد من رسله. وترك ذكر " يقولون " لدلالة الكلام عليه، كما ترك ذكره في قوله: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ (سورة الرعد: 23-24)، بمعنى: يقولون: سلام.
وقد قرأ ذلك جماعة من المتقدمين: ( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) ب " الياء "، بمعنى: والمؤمنون كلهم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا يفرق الكل منهم بين أحد من رسله، فيؤمن ببعض ويكفر ببعض، ولكنهم يصدقون بجميعهم، ويقرون أن ما جاءوا به كان من عند الله، وأنهم دعوا إلى الله وإلى طاعته، ويخالفون في فعلهم ذلك اليهود الذين أقروا بموسى وكذبوا عيسى، والنصارى الذين أقروا بموسى وعيسى وكذبوا بمحمد ﷺ، وجحدوا نبوته، ومن أشبههم من الأمم الذين كذبوا بعض رسل الله، وأقروا ببعضه، كما:- 6500 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " لا نفرق بين أحد من رسله "، كما صنع القوم - يعني بني إسرائيل - قالوا: فلان نبي، وفلان ليس نبيا، وفلان نؤمن به، وفلان لا نؤمن به.
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا نستجيز غيرها في ذلك عندنا بالنون: " لا نفرق بين أحد من رسله "، لأنها القراءة التي قامت حجتها بالنقل المستفيض، (55) الذي يمتنع معه التشاعر والتواطؤ والسهو والغلط= (56) بمعنى ما وصفنا من: يقولون لا نفرق بين أحد من رسله= (57) ولا يعترض بشاذ من القراءة، على ما جاءت به الحجة نقلا ووراثة. (58)
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: وقال الكل من المؤمنين: " سمعنا " قول ربنا وأمره إيانا بما أمرنا به، ونهيه عما نهانا عنه =" وأطعنا "، يعني: أطعنا ربنا فيما ألزمنا من فرائضه، واستعبدنا به من طاعته، وسلمنا له = وقوله: " غفرانك ربنا "، يعني: وقالوا: " غفرانك ربنا "، بمعنى: اغفر لنا ربنا غفرانك، كما يقال: " سبحانك "، بمعنى: نسبحك سبحانك.
وقد بينا فيما مضى أن " الغفران " و " المغفرة "، الستر من الله على ذنوب من غفر له، وصفحة له عن هتك ستره بها في الدنيا والآخرة، وعفوه عن العقوبة - عليه. (59)
وأما قوله: " وإليك المصير "، فإنه يعني جل ثناؤه أنهم قالوا: وإليك يا ربنا مرجعنا ومعادنا، فاغفر لنا ذنوبنا. (60)
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فما الذي نصب قوله: " غفرانك "؟ قيل له: وقوعه وهو مصدر موقع الأمر. وكذلك تفعل العرب بالمصادر والأسماء إذا حلت محل الأمر، وأدت عن معنى الأمر نصبتها، فيقولون: " شكرا لله يا فلان "، و " حمدا له "، بمعنى: اشكر الله واحمده." والصلاة، الصلاة ". بمعنى: صلوا. ويقولون في الأسماء: " الله الله يا قوم "، ولو رفع بمعنى: هو الله، أو: هذا الله - ووجه إلى الخبر وفيه تأويل الأمر، كان جائزا، كما قال الشاعر: (61) إن قومــا منهــم عمــير وأشـبا ه عمـــير ومنهـــم الســـفاح (62) لجـــديرون بالوفـــاء إذا قــا ل أخـو النجـدة: السـلاح السلاح ! ! ولو كان قوله: " غفرانك ربنا " جاء رفعا في القراءة، لم يكن خطأ، بل كان صوابا على ما وصفنا. (63)
وقد ذكر أن هذه الآية لما نـزلت على رسول الله ﷺ ثناء من الله عليه وعلى أمته، قال له جبريل ﷺ: إن الله عز وجل قد أحسن عليك وعلى أمتك الثناء، فسل ربك. 6501 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن بيان، عن حكيم بن جابر قال: لما أنـزلت على رسول الله ﷺ: "آمن الرسول بما أنـزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير "، قال جبريل: إن الله عز وجل قد أحسن الثناء عليك، وعلى أمتك، فسل تعطه! فسأل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا إلى آخر السورة. (64) -------------- الهوامش : (52) الأثر : 6499- أخرج الحاكم في المستدرك 2 : 287 من طريق خلاد بن يحيى ، عن أبي عقيل ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أنس قال : "لما نزلت هذه الآية على النبي ﷺ : "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه" قال النبي ﷺ : وأحق له أن يؤمن" . ثم قال الحاكم : "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" واستدرك عليه الذهبي فقال : "منقطع" . (53) انظر ما سلف رقم : 6477 . (54) انظر ما سلف 4 : 263 . (55) في المطبوعة : "التي قامت حجة . . . " ، وفي المخطوطة : "التي قامت حجته" ، وصواب قراءتها ما أثبت . (56) في المطبوعة : "التشاغر" بغين معجمة ، وهو خطأ غث . والصواب من المخطوطة . و"تشاعروا الأمر ، أو على الأمر" ، أي تعالموه بينهم . من قولهم : "شعر" أي"علم" . وهي كلمة قلما تجدها في كتب اللغة ، ولكنها دائرة في كتب الطبري ومن في طبقته من القدماء . وانظر الرسالة العثمانية للجاحظ : 3 ، وتعلق : 5 ، ثم ص : 263 ، وصواب شرحها ما قلت . وانظر ما سيأتي ص : 155 ، تعليق 1 . (57) في المطبوعة : "يعني ما وصفنا" ، والصواب من المخطوطة . (58) في المطبوعة : "نقلا ورواية" ، وفي المخطوطة"نقلا وراثة" ، وهي الصواب ، وآثرت زيادة الواو قبلها ، فإني أرجح أنها كانت كذلك . وقد أكثر الطبري استعمال"وراثة" و"موروثة" فيما سلف ، من ذلك فيما مضى في 4 : 33" . . . بالحجة القاطعة العذر ، نقلا عن نبينا ﷺ وراثة . . . " / ثم في 5 : 238"لخلافها القراءة المستفيضة الموروثة . . . " . وانظر ما سيأتي ص : 155 ، تعليق : 1 . (59) انظر ما سلف 2 : 109 ، 110 . (60) انظر ما سلف في تفسير"المصير" 3 : 56 . (61) لم أعرف قائله . (62) معاني القرآن للفراء 1 : 188 ، وشواهد العيني (بهامش الخزانة) 4 : 306 . ولم أستطع تعييني"عمير" و"السفاح" ، فهما كثير . (63) أكثر هذا من معاني القرآن للفراء 1 : 188 . (64) الحديث : 6501- بيان : هو ابن بشر الأحمسي ، مضت ترجمته في : 259 . "حكيم بن جابر بن طارق بن عوف الأحمسي" : تابعي كبير ثقة ، أرسل عن النبي ﷺ . روى عن أبيه ، وعمر ، وابن مسعود ، وطلحة ، وعبادة بن الصامت . وروى عنه إسماعيل ابن أبي خالد ، و"بيان" . ثقة . مات في آخر إمارة الحجاج . وقيل سنة 82 ، وقيل سنة 95 . مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/12 . وصرح بأنه سمع عمر . فهذا الحديث مرسل . وذكره السيوطي 1 : 376 ، ونسبه أيضًا لسعيد بن منصور ، وابن أبي حاتم . ونقله ابن كثير 2 : 89 ، عن هذا الموضع من الطبري . ولكن وقع فيه تحريف في الإسناد ، من ناسخ أو طابع - هكذا : "عن سنان ، عن حكيم ، عن جابر"؛ فصار الإسناد موهما أنه حديث متصل من رواية جابر بن عبد الله الصحابي . فيصحح من هذا الموضع .

الآية 285 من سورة البَقَرَة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (285) - Surat Al-Baqarah

The Messenger has believed in what was revealed to him from his Lord, and [so have] the believers. All of them have believed in Allah and His angels and His books and His messengers, [saying], "We make no distinction between any of His messengers." And they say, "We hear and we obey. [We seek] Your forgiveness, our Lord, and to You is the [final] destination

الآية 285 من سورة البَقَرَة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (285) - Сура Al-Baqarah

Посланник и верующие уверовали в то, что ниспослано ему от Господа. Все они уверовали в Аллаха, Его ангелов, Его Писания и Его посланников. Они говорят: «Мы не делаем различий между Его посланниками». Они говорят: «Слушаем и повинуемся! Твоего прощения мы просим, Господь наш, и к Тебе предстоит прибытие»

الآية 285 من سورة البَقَرَة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (285) - سوره البَقَرَة

رسول اُس ہدایت پر ایمان لایا ہے جو اس کے رب کی طرف سے اس پر نازل ہوئی ہے اور جو لوگ اِس رسول کے ماننے والے ہیں، انہوں نے بھی اس ہدایت کو دل سے تسلیم کر لیا ہے یہ سب اللہ اور اس کے فرشتوں اوراس کی کتابوں اور اس کے رسولوں کو مانتے ہیں اور ان کا قول یہ ہے کہ: "ہم اللہ کے رسولوں کو ایک دوسرے سے الگ نہیں کرتے، ہم نے حکم سنا اور اطاعت قبول کی مالک! ہم تجھ سے خطا بخشی کے طالب ہیں اور ہمیں تیری ہی طرف پلٹنا ہے

الآية 285 من سورة البَقَرَة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (285) - Ayet البَقَرَة

Peygamber ve inananlar, ona Rabb'inden indirilene inandı. Hepsi Allah'a, meleklerine, kitaplarına, peygamberlerine inandı. "Peygamberleri arasından hiçbirini ayırdetmeyiz, işittik, itaat ettik, Rabbimiz! Affını dileriz, dönüş Sanadır" dediler