تفسير الآية المئة والتسعين (١٩٠) من سورة البَقَرَة
الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة والتسعين من سورة البَقَرَة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم
(وَقاتِلُوا) الواو استئنافية قاتلوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل. (فِي سَبِيلِ) متعلقان بقاتلوا. (الَّذِينَ) اسم موصول في محل نصب مفعول به. (يُقاتِلُونَكُمْ) فعل مضارع والواو فاعل والكاف مفعول به والجملة صلة الموصول. (وَلا تَعْتَدُوا) الواو عاطفة لا ناهية جازمة تعتدوا فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل والجملة معطوفة. (إِنَّ اللَّهَ) إن ولفظ الجلالة اسمها. (لا) نافية. (يُحِبُّ) فعل مضارع والفاعل هو يعود إلى اللّه تعالى. (الْمُعْتَدِينَ) مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية إن اللّه تعليلية لا محل لها.
موضعها في القرآن الكريم
هي الآية رقم (190) من سورة البَقَرَة تقع في الصفحة (29) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (2) ، وهي الآية رقم (197) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ﴿١٩٠﴾
تفسير الآية 190 من سورة البَقَرَة
وقاتلوا -أيها المؤمنون- لنصرة دين الله الذين يقاتلونكم، ولا ترتكبوا المناهي من المُثْلة، والغُلول، وقَتْلِ من لا يحل قتله من النساء والصبيان والشيوخ، ومن في حكمهم. إن الله لا يحب الذين يجاوزون حدوده، فيستحلون ما حرَّم الله ورسوله.
ولما صُدَّ محمد ﷺ عن البيت عام الحديبية وصالح الكفار على أن يعود العام القابل ويُخلوا له مكة ثلاثة أيام وتجهز لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي قريش ويقاتلوهم وكره المسلمون قتالهم في الحرم والإحرام والشهر الحرام نزل (وقاتلوا في سبيل الله) أي لإعلاء دينه (الذين يقاتلونكم) الكفار (ولا تعتدوا) عليهم بالابتداء بالقتال (إن الله لا يحب المعتدين) المتجاوزين ما حد لهم وهذا منسوخ بآية براءة أو بقوله.
هذه الآيات, تتضمن الأمر بالقتال في سبيل الله, وهذا كان بعد الهجرة إلى المدينة, لما قوي المسلمون للقتال, أمرهم الله به, بعد ما كانوا مأمورين بكف أيديهم، وفي تخصيص القتال ( فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) حث على الإخلاص, ونهي عن الاقتتال في الفتن بين المسلمين. ( الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) أي: الذين هم مستعدون لقتالكم, وهم المكلفون الرجال, غير الشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال. والنهي عن الاعتداء, يشمل أنواع الاعتداء كلها, من قتل من لا يقاتل, من النساء, والمجانين والأطفال, والرهبان ونحوهم والتمثيل بالقتلى, وقتل الحيوانات, وقطع الأشجار (ونحوها), لغير مصلحة تعود للمسلمين. ومن الاعتداء, مقاتلة من تقبل منهم الجزية إذا بذلوها, فإن ذلك لا يجوز.
قال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله تعالى : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) قال : هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة ، فلما نزلت كان رسول الله ﷺ يقاتل من قاتله ، ويكف عمن كف عنه حتى نزلت سورة براءة وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم حتى قال : هذه منسوخة بقوله : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم )( التوبة : 5 ) وفي هذا نظر ; لأن قوله : ( الذين يقاتلونكم ) إنما هو تهييج وإغراء بالأعداء الذين همتهم قتال الإسلام وأهله ، أي : كما يقاتلونكم فقاتلوهم أنتم ، كما قال : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة )( التوبة : 36 ) ; ولهذا قال في هذه الآية : ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ) أي : لتكن همتكم منبعثة على قتالهم ، كما أن همتهم منبعثة على قتالكم ، وعلى إخراجهم من بلادهم التي أخرجوكم منها ، قصاصا . وقد حكي عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، أن أول آية نزلت في القتال بعد الهجرة ، ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) الآية ( الحج : 39 ) وهو الأشهر وبه ورد الحديث . وقوله : ( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) أي : قاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا في ذلك ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي كما قاله الحسن البصري من المثلة ، والغلول ، وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم ، والرهبان وأصحاب الصوامع ، وتحريق الأشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة ، كما قال ذلك ابن عباس ، وعمر بن عبد العزيز ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم
ولهذا جاء في صحيح مسلم ، عن بريدة أن رسول الله ﷺ كان يقول : " اغزوا في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، ولا أصحاب الصوامع "رواه الإمام أحمد . وعن ابن عباس قال : كان رسول الله ﷺ إذا بعث جيوشه قال : " اخرجوا بسم الله ، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله ، لا تغدروا ولا تغلوا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع "رواه الإمام أحمد . ولأبي داود ، عن أنس مرفوعا ، نحوهوفي الصحيحين عن ابن عمر قال : وجدت امرأة في بعض مغازي النبي ﷺ مقتولة ، فأنكر رسول الله ﷺ قتل النساء والصبيان . وقال الإمام أحمد : حدثنا مصعب بن سلام ، حدثنا الأجلح ، عن قيس بن أبي مسلم ، عن ربعي بن حراش ، قال : سمعت حذيفة يقول : ضرب لنا رسول الله ﷺ أمثالا واحدا ، وثلاثة ، وخمسة ، وسبعة ، وتسعة ، وأحد عشر ، فضرب لنا رسول الله ﷺ منها مثلا وترك سائرها ، قال : " إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة ، قاتلهم أهل تجبر وعداء ، فأظهر الله أهل الضعف عليهم ، فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم وسلطوهم فأسخطوا الله عليهم إلى يوم يلقونه " . هذا حديث حسن الإسنادومعناه : أن هؤلاء الضعفاء لما قدروا على الأقوياء ، فاعتدوا عليهم واستعملوهم فيما لا يليق بهم ، أسخطوا الله عليهم بسبب هذا الاعتداءوالأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا . ولما كان الجهاد فيه إزهاق النفوس وقتل الرجال ، نبه تعالى على أن ما هم مشتملون عليه من الكفر بالله والشرك به والصد عن سبيله أبلغ وأشد وأعظم وأطم من القتل ; ولهذا قال : ( والفتنة أشد من القتل ) قال أبو مالك : أي : ما أنتم مقيمون عليه أكبر من القتل .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) قال أبو جعفر: اختلف أهلُ التأويل في تأويل هذه الآية. فقال بعضهم: هذه الآية هي أول آية نـزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك. وقالوا: أمر فيها المسلمون بقتال من قاتلهم من المشركين، والكف عمن كفّ عنهم، ثم نُسخت ب " براءة ". * ذكر من قال ذلك: 3089 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد، وابن أبي جعفر، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله: " وقاتلُوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تَعتدوا إن الله لا يحبّ المعتدين " قال: هذه أوّل آية نـزلت في القتال بالمدينة، فلما نـزلت كان رسول الله ﷺ يقاتل من يقاتله، ويكفُّ عمن كفّ عنه، حتى نـزلت " براءة "- ولم يذكر عبد الرحمن: " المدينة ". 3090 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم " إلى آخر الآية، قال: قد نسخ هذا! وقرأ قول الله: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً (سورة التوبة: 36)، وهذه الناسخة، وقرأ: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حتى بلغ: فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ إلى: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (سورة التوبة: 1-5).
وقال آخرون: بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره للمسلمين بقتال الكفار، لم ينسخ. وإنما الاعتداءُ الذي نهاهم الله عنه، هو نهيه عن قتل النساء والذَّراريّ. قالوا: والنهي عن قتلهم ثابتٌ حُكمه اليوم. قالوا: فلا شيء نُسخ من حكم هذه الآية. * ذكر من قال ذلك: 3091 - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن صَدقة الدمشقي، عن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كتبتُ إلى عمر بن عبد العزيز أسألهُ عن قوله: " وقاتلوا في سَبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يُحب المعتدين "، قال: فكتب إليّ: " إنّ ذلك في النساء والذريّة ومن لم يَنصِبْ لك الحرَب منهم ". 3092 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم " لأصحاب محمد ﷺ، أمروا بقتال الكفار. 3093- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 3094 - حدثني علي بن داود قال، حدثنا أبو صالح، قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين " يقول: لا تقتلوا النساء ولا الصِّبيان ولا الشيخ الكبير وَلا منْ ألقى إليكم السَّلَمَ وكفَّ يَده، فإن فَعلتم هذا فقد اعتديتم. 3095- حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عديِّ بن أرطاة: " إني وَجَدتُ آية في كتاب الله: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين " أي: لا تقاتل من لا يقاتلك، يعني: النساء والصبيان والرُّهبان ". قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بالصواب، القولُ الذي قاله عمر بن عبد العزيز. لأن دعوى المدَّعي نَسْخَ آية يحتمل أن تكون غيرَ منسوخة، بغير دلالة على صحة دعواه، تحكُّم. والتحكم لا يعجِز عنه أحد. وقد دَللنا على معنى " النسخ "، والمعنى الذي من قبَله يَثبت صحة النسخ، بما قد أغنى عن إعادته في هذا الموضع (100) . فتأويل الآية - إذا كان الأمر على ما وصفنا - : وقاتلوا أيها المؤمنون في سبيل الله = وسبيلُه: طريقه الذي أوضحه، ودينه الذي شرعه لعباده = يقول لهم تعالى ذكره: قاتلوا في طاعتي وَعلى ما شرعت لكم من ديني، وادعوا إليه من وَلَّى عنه واستكبر بالأيدي والألسن، حتى يُنيبوا إلى طاعتي، أو يعطوكم الجزية صَغارًا إن كانوا أهل كتاب. وأمرهم تعالى ذكره بقتال مَنْ كان منه قتال من مُقاتِلة أهل الكفر دون من لم يكن منه قتال (101) من نسائهم وذراريهم، فإنهم أموال وخَوَلٌ لهم إذا غُلب المقاتلون منهم فقُهروا، فذلك معنى قوله: " قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " لأنه أباح الكف عمّن كف، فلم يُقاتل من مشركي أهل الأوثان والكافِّين عن قتال المسلمين من كفار أهل الكتاب على إعطاء الجزية صَغارا. فمعنى قوله: " ولا تعتدوا ": لا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً، ولا من أعطاكم الجزية من أهل الكتابَين والمجوس،" إنّ الله لا يُحب المعتدين " الذين يجاوزون حدوده، فيستحلُّون ما حرَّمه الله عليهم من قتل هؤلاء الذين حَرَّم قتلهم من نساء المشركين وذراريهم (102) . --------------------------- الهوامش : (100) انظر ما سلف 2 : 471-483 ، وهذا الجزء 3 : 385 . (101) في المطبوعة في الموضعين : "فيه قتال" ، وهو خطأ . (102) انظر تفسير"الاعتداء" فيما سلف 2 : 307 ، وهذا الجزء 3 : 376 ثم : 573 .
الآية 190 من سورة البَقَرَة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (190) - Surat Al-Baqarah
Fight in the way of Allah those who fight you but do not transgress. Indeed. Allah does not like transgressors
الآية 190 من سورة البَقَرَة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (190) - Сура Al-Baqarah
Сражайтесь на пути Аллаха с теми, кто сражается против вас, но не преступайте границы дозволенного. Воистину, Аллах не любит преступников
الآية 190 من سورة البَقَرَة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (190) - سوره البَقَرَة
اور تم اللہ کی راہ میں اُن لوگوں سے لڑو، جو تم سے لڑتے ہیں، مگر زیادتی نہ کرو کہ اللہ زیادتی کرنے والوں کو پسند نہیں کرتا
الآية 190 من سورة البَقَرَة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (190) - Ayet البَقَرَة
Sizinle savaşanlarla Allah yolunda savaşın, aşırı gitmeyin; doğrusu Allah aşırı gidenleri sevmez
الآية 190 من سورة البَقَرَة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (190) - versículo البَقَرَة
Y combatan por la causa de Dios a quienes los agredan, pero no se excedan, porque Dios no ama a los agresores