مشاركة ونشر

تفسير الآية المئة والرابعة والأربعين (١٤٤) من سورة البَقَرَة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة والرابعة والأربعين من سورة البَقَرَة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ ﴿١٤٤

الأستماع الى الآية المئة والرابعة والأربعين من سورة البَقَرَة

إعراب الآية 144 من سورة البَقَرَة

(قَدْ) حرف تحقيق. (نَرى) فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة والفاعل نحن. (تَقَلُّبَ) مفعول به. (وَجْهِكَ) مضاف إليه والكاف في محل جر بالإضافة. (فِي السَّماءِ) جار ومجرور متعلقان بالمصدر تقلب. (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) الفاء حرف عطف اللام موطئة للقسم نولينك فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل نحن والكاف مفعول به أول. (قِبْلَةً) مفعول به ثان والجملة جواب قسم لا محل لها من الإعراب. (تَرْضاها) فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة وها مفعول به والفاعل أنت والجملة في محل نصب صفة لقبلة. (فَوَلِّ) الفاء هي الفصيحة ولّ فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والفاعل أنت. (وَجْهِكَ) مفعول به. (شَطْرَ) مفعول فيه ظرف مكان متعلق بالفعل ولّ. (الْمَسْجِدِ) مضاف إليه. (الْحَرامِ) صفة وجملة ول وجهك جواب شرط غير جازم لا محل لها (وَحَيْثُ ما) الواو عاطفة حيثما اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بمحذوف خبر كنتم المقدم. (كُنْتُمْ) كان واسمها وهي في محل جزم فعل الشرط. (فَوَلُّوا) الفاء رابطة لجواب الشرط ولوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة في محل جزم جواب الشرط. (وُجُوهَكُمْ) مفعول به. (شَطْرَهُ) مفعول فيه ظرف مكان متعلق بالفعل قبله والجملة في محل جزم جواب الشرط. (وَإِنَّ) الواو استئنافية، إن حرف مشبه بالفعل. (الَّذِينَ) اسم موصول في محل نصب اسمها. (أُوتُوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو نائب فاعل. (الْكِتابَ) مفعول به ثان ونائب الفاعل هو المفعول الأول والجملة صلة الموصول لا محل لها. (لَيَعْلَمُونَ) اللام هي المزحلقة يعلمون فعل مضارع والواو فاعل. (أَنَّهُ) أن واسمها. (الْحَقُّ) خبرها وقد سدت أن واسمها وخبرها مسد مفعولي يعلمون. (مِنْ رَبِّهِمْ) متعلقان بمحذوف في محل نصب حال من الحق وجملة (لَيَعْلَمُونَ) في محل رفع خبر إن. (وَمَا) الواو استئنافية ما نافية حجازية تعمل عمل ليس. (اللَّهُ) لفظ الجلالة اسمها. (بِغافِلٍ) الباء حرف جر زائد غافل خبر ما. (عَمَّا) عن وما الموصولية الجار والمجرور متعلقان بغافل. (يَعْمَلُونَ) فعل مضارع والواو فاعله والجملة صلة الموصول.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (144) من سورة البَقَرَة تقع في الصفحة (22) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (2)

مواضيع مرتبطة بالآية (12 موضع) :

معاني الآية بعض الكلمات في الآية 144 من سورة البَقَرَة

شطر المسجد الحرام : تلقاء الكعبة

الآية 144 من سورة البَقَرَة بدون تشكيل

قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون ﴿١٤٤

تفسير الآية 144 من سورة البَقَرَة

قد نرى تحوُّل وجهك -أيها الرسول- في جهة السماء، مرة بعد مرة؛ انتظارًا لنزول الوحي إليك في شأن القبلة، فلنصرفنك عن "بيت المقدس" إلى قبلة تحبها وترضاها، وهي وجهة المسجد الحرام بـ "مكة"، فولِّ وجهك إليها. وفي أي مكان كنتم -أيها المسلمون- وأردتم الصلاة فتوجهوا نحو المسجد الحرام. وإن الذين أعطاهم الله علم الكتاب من اليهود والنصارى لَيعلمون أن تحويلك إلى الكعبة هو الحق الثابت في كتبهم. وما الله بغافل عما يعمل هؤلاء المعترضون المشككون، وسيجازيهم على ذلك.

(قد) للتحقيق (نرى تقلُّب) تصرف (وجهك في) جهة (السماء) متطلعا إلى الوحي ومتشوقا للأمر باستقبال الكعبة وكان يود ذلك لأنها قبلة إبراهيم ولأنه دعى إلى إسلام العرب (فلنولينك) نحولنك (قبلة ترضاها) تحبها (فولِّ وجهك) استقبل في الصلاة (شطر) نحو (المسجد الحرام) أي الكعبة (وحيثما كنتم) خطاب للأمة (فولُّوا وجوهكم) في الصلاة (شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه) أي التولي إلى الكعبة (الحق) الثابت (من ربهم) لما في كتبهم من نعت النبي من أنه يتحول إليها (وما الله بغافل عما تعملون) بالتاء أيها المؤمنون من امتثال أمره وبالياء أي اليهود من إنكار أمر القبلة.

يقول الله لنبيه: ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) أي: كثرة تردده في جميع جهاته, شوقا وانتظارا لنزول الوحي باستقبال الكعبة، وقال: ( وَجْهِكَ ) ولم يقل: " بصرك " لزيادة اهتمامه, ولأن تقليب الوجه مستلزم لتقليب البصر. ( فَلَنُوَلِّيَنَّكَ ) أي: نوجهك لولايتنا إياك، ( قِبْلَةً تَرْضَاهَا ) أي: تحبها, وهي الكعبة، وفي هذا بيان لفضله وشرفه ﷺ, حيث إن الله تعالى يسارع في رضاه, ثم صرح له باستقبالها فقال: ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) والوجه: ما أقبل من بدن الإنسان، ( وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ ) أي: من بر وبحر, وشرق وغرب, جنوب وشمال. ( فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) أي: جهته. ففيها اشتراط استقبال الكعبة, للصلوات كلها, فرضها, ونفلها, وأنه إن أمكن استقبال عينها, وإلا فيكفي شطرها وجهتها، وأن الالتفات بالبدن, مبطل للصلاة, لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، ولما ذكر تعالى فيما تقدم, المعترضين على ذلك من أهل الكتاب وغيرهم، وذكر جوابهم, ذكر هنا, أن أهل الكتاب والعلم منهم, يعلمون أنك في ذلك على حق وأمر، لما يجدونه في كتبهم, فيعترضون عنادا وبغيا، فإذا كانوا يعلمون بخطئهم فلا تبالوا بذلك، فإن الإنسان إنما يغمه اعتراض من اعترض عليه, إذا كان الأمر مشتبها, وكان ممكنا أن يكون معه صواب. فأما إذا تيقن أن الصواب والحق مع المعترض عليه, وأن المعترض معاند, عارف ببطلان قوله, فإنه لا محل للمبالاة, بل ينتظر بالمعترض العقوبة الدنيوية والأخروية, فلهذا قال تعالى: ( وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ) بل يحفظ عليهم أعمالهم, ويجازيهم عليها، وفيها وعيد للمعترضين, وتسلية للمؤمنين.

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : كان أول ما نسخ من القرآن القبلة ، وذلك أن رسول الله ﷺ لما هاجر إلى المدينة ، وكان أكثر أهلها اليهود ، فأمره الله أن يستقبل بيت المقدس ، ففرحت اليهود ، فاستقبلها رسول الله ﷺ بضعة عشر شهرا ، وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو إلى الله وينظر إلى السماء ، فأنزل الله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) إلى قوله : ( فولوا وجوهكم شطره ) فارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا : ( ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب ( يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ) وقال : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ( البقرة : 115 ) وقال الله تعالى : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) وروى ابن مردويه من حديث القاسم العمري ، عن عمه عبيد الله بن عمر ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : قال : كان النبي ﷺ إذا سلم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء فأنزل الله : ( فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) إلى الكعبة إلى الميزاب ، يؤم به جبرائيل عليه السلام . وروى الحاكم ، في مستدركه ، من حديث شعبة عن يعلى بن عطاء ، عن يحيى بن قمطة قال : رأيت عبد الله بن عمرو جالسا في المسجد الحرام ، بإزاء الميزاب ، فتلا هذه الآية : ( فلنولينك قبلة ترضاها ) قال : نحو ميزاب الكعبة . ثم قال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . ورواه ابن أبي حاتم ، عن الحسن بن عرفة ، عن هشيم ، عن يعلى بن عطاء ، به . وهكذا قال غيره ، وهو أحد قولي الشافعي ، رحمه الله : إن الغرض إصابة عين القبلة


والقول الآخر وعليه الأكثرون : أن المراد المواجهة كما رواه الحاكم من حديث محمد بن إسحاق ، عن عمير بن زياد الكندي ، عن علي ، رضي الله عنه ، ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) قال : شطره : قبله
ثم قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وهذا قول أبي العالية ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، وغيرهم
وكما تقدم في الحديث الآخر : ما بين المشرق والمغرب قبلة . ( وقال القرطبي : روى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال : " ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم ، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي " ) . وقال أبو نعيم الفضل بن دكين : حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن البراء أن النبي ﷺ صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان يعجبه قبلته قبل البيت وأنه صلى صلاة العصر ، وصلى معه قوم ، فخرج رجل ممن كان يصلي معه ، فمر على أهل المسجد وهم راكعون ، فقال : أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله ﷺ قبل مكة ، فداروا كما هم قبل البيت . وقال عبد الرزاق : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ( قال ) لما قدم رسول الله ﷺ المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان رسول الله ﷺ يحب أن يحول نحو الكعبة ، فنزلت : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ( فلنولينك قبلة ترضاها ) ) فصرف إلى الكعبة . وروى النسائي عن أبي سعيد بن المعلى قال : كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله ﷺ ، فنمر على المسجد فنصلي فيه ، فمررنا يوما ورسول الله ﷺ قاعد على المنبر فقلت : لقد حدث أمر ، فجلست ، فقرأ رسول الله ﷺ هذه الآية : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ) حتى فرغ من الآية
فقلت لصاحبي : تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله ﷺ فنكون أول من صلى ، فتوارينا فصليناهما
ثم نزل النبي ﷺ فصلى للناس الظهر يومئذ . وكذا روى ابن مردويه ، عن ابن عمر : أن أول صلاة صلاها رسول الله ﷺ إلى الكعبة صلاة الظهر ، وأنها الصلاة الوسطى
والمشهور أن أول صلاة صلاها إلى الكعبة صلاة العصر ، ولهذا تأخر الخبر عن أهل قباء إلى صلاة الفجر . وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا رجاء بن محمد السقطي ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا إبراهيم بن جعفر ، حدثني أبي ، عن جدته أم أبيه نويلة بنت مسلم ، قالت : صلينا الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة ، فاستقبلنا مسجد إيلياء فصلينا ركعتين ، ثم جاء من يحدثنا أن رسول الله ﷺ قد استقبل البيت الحرام ، فتحول النساء مكان الرجال ، والرجال مكان النساء ، فصلينا السجدتين الباقيتين ، ونحن مستقبلون البيت الحرام
فحدثني رجل من بني حارثة أن النبي ﷺ قال : " أولئك رجال يؤمنون بالغيب " . وقال ابن مردويه أيضا : حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا قيس ، عن زياد بن علاقة ، عن عمارة بن أوس قال : بينما نحن في الصلاة نحو بيت المقدس ، ونحن ركوع ، إذ أتى مناد بالباب : أن القبلة قد حولت إلى الكعبة
قال : فأشهد على إمامنا أنه انحرف فتحول هو والرجال والصبيان ، وهم ركوع ، نحو الكعبة . وقوله : ( وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) أمر تعالى باستقبال الكعبة من جميع جهات الأرض ، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، ولا يستثنى من هذا شيء ، سوى النافلة في حال السفر ، فإنه يصليها حيثما توجه قالبه ، وقلبه نحو الكعبة
وكذا في حال المسايفة في القتال يصلي على كل حال ، وكذا من جهل جهة القبلة يصلي باجتهاده ، وإن كان مخطئا في نفس الأمر ، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها . مسألة : وقد استدل المالكية بهذه الآية على أن المصلي ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده كما ذهب إليه الشافعي وأحمد وأبو حنيفة ، قال المالكية لقوله : ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) فلو نظر إلى موضع سجوده لاحتاج أن يتكلف ذلك بنوع من الانحناء وهو ينافي كمال القيام
وقال بعضهم : ينظر المصلي في قيامه إلى صدره
وقال شريك القاضي : ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده كما قال جمهور الجماعة ، لأنه أبلغ في الخضوع وآكد في الخشوع وقد ورد به الحديث ، وأما في حال ركوعه فإلى موضع قدميه ، وفي حال سجوده إلى موضع أنفه وفي حال قعوده إلى حجره . وقوله : ( وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم ) أي : واليهود الذين أنكروا استقبالكم الكعبة وانصرافكم عن بيت المقدس يعلمون أن الله تعالى سيوجهك إليها ، بما في كتبهم عن أنبيائهم ، من النعت والصفة لرسول الله ﷺ وأمته ، وما خصه الله تعالى به وشرفه من الشريعة الكاملة العظيمة ، ولكن أهل الكتاب يتكاتمون ذلك بينهم حسدا وكفرا وعنادا ; ولهذا يهددهم تعالى بقوله : ( وما الله بغافل عما يعملون ) .

القول في تأويل قوله تعالى : قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: قد نرى يا محمد نحنُ تقلُّبَ وجهك في السماء.


ويعني: ب " التقلب "، التحوُّل والتصرُّف. ويعني بقوله: " في السماء "، نحو السماء وقِبَلها.
وإنما قيل له ذلك ﷺ -فيما بلغنا- لأنه كان =قَبل تحويل قبلته من بيت المقدس إلى الكعبة= يرفع بصره إلى السماءِ ينتظر من الله جل ثناؤه أمرَه بالتحويل نحو الكعبة، كما:- 2230- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " قدْ نَرى تَقلُّبَ وجهك في السماء " قال، كان ﷺ يقلّب وجهه في السماء، يحبّ أن يصرفه الله عز وجل إلى الكعبة، حتى صرَفه الله إليها. 2231- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " قد نَرَى تَقلُّب وجهك في السماء "، فكان نبي الله ﷺ يُصلّي نحو بيتَ المقدس, يَهوى وَيشتهي القبلةَ نحو البيت الحرام, فوجَّهه الله جل ثناؤه لقبلة كان يهواها وَيشتهيها. 2232- حدثنا المثنى قال، حدثني إسحاق قال، حدثني ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: " قد نرى تقلُّب وَجهك في السماء "، يقول: نَظرَك في السماء. وكان النبي ﷺ يقلِّب وجهه في الصلاة وهو يصلي نحو بيت المقدس, وكان يهوى قبلةَ البيت الحرام, فولاه الله قبلةً كان يهواها. 2233- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: كان الناس يصلون قبَلَ بيت المقدس, فلما قَدِم النبي ﷺ المدينةَ على رأس ثمانية عشر شهرًا من مُهاجَره, كان إذا صلى رفع رأسه إلى السماء يَنظُر ما يُؤمر, وكان يصلّي قبَل بيت المقدس، فنسختها الكعبةُ. فكان النبي ﷺ يُحب أن يصلي قبَل الكعبة، فأنـزل الله جل ثناؤه: " قد نَرَى تقلب وَجهك في السماء " الآية.
ثم اختلف في السبب الذي من أجله كان ﷺ يهوى قبلة الكعبة. قال بعضهم: كره قبلةَ بيت المقدس, من أجل أن اليهودَ قالوا: يتَّبع قبلتنا ويُخالفنا في ديننا! * ذكر من قال ذلك: 2234- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قال: قالت اليهود: يخالفنا محمد ويتّبع قبلتنا! فكان يدعو الله جل ثناؤه, ويَستفرض للقبلة، (70) فنـزلت: " قد نَرَى تقلُّب وَجهك في السماء فلنولينك قبلة تَرْضَاها فول وجهك شَطرَ المسجد الحَرَام "، -وانقطع قول يهود: يخالفنا ويتبع قبلتنا!- في صلاة الظهر، (71) . فجعل الرجالَ مكانَ النساء, والنساءَ مكانَ الرجال. 2235- حدثني يونس قال, أخبرنا ابن وهب قال، سمعته -يعني ابن زيد- يقول: قال الله تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ . قال: فقال رسول الله ﷺ: هؤلاء قَومُ يهودَ يستقبلون بيتًا من بيوت الله -لبيت المقدس- ولو أنَّا استقبلناه! فاستقبله النبي ﷺ ستة عشر شهرًا, فبلغه أن يهودَ تَقول: والله ما دَرَى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم! (72) فكره ذلك النبي ﷺ, ورفع وجهه إلى السماء, فقال الله جل ثناؤه: " قد نَرَى تقلُّب وجهك في السماء فلنوَلينَّك قبلةً ترضَاها فوَلّ وجهك شَطرَ المسجد الحرام " الآية. (73)
وقال آخرون: بل كان يهوى ذلك، من أجل أنه كان قبلةَ أبيه إبراهيم عليه السلام. * ذكر من قال ذلك: 2236- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ لما هاجر إلى المدينة، وكان أكثرَ أهلها اليهودُ، أمره الله عز وجل أن يستقبل بيتَ المقدس. ففرحت اليهودُ. فاستقبلها رسول الله ﷺ ستة عشر شهرًا، فكان رسول الله صَلى الله عليه وسلم يُحب قبلةَ إبراهيم, فكان يدعو وينظر إلى السماء, فأنـزل الله عز وجل: " قد نرى تقلُّبَ وجهك في السماء " الآية. (74)
فأما قوله: " فلنوَلينَّك قبلة تَرْضَاها "، فإنه يعني: فلنصرفنَّك عن بيت المقدس، إلى قبلة " ترضاها ": تَهواها وتُحبها. (75)
وأما قوله: " فوَلِّ وجهك "، يعني: اصرف وجهك وَحوِّله.
وقوله: " شَطرَ المسجد الحَرَام "، يعني: ب " الشطر "، النحوَ والقصدَ والتّلقاء, كما قال الهذلي: (76) إنَّ العَسِــيرَ بهَــا دَاء مُخَامِرُهَــا فَشَــطْرَهَا نَظَـــرُ العَيْنَيْـنِ مَحْسُـورُ (77) يعني بقوله: " شَطْرَها "، نحوها. وكما قال ابن أحمر: تَعْـدُو بِنَـا شَـطْر جَـمْعٍ وهْيَ عَاقِدةٌ, قَـدْ كَارَبَ العَقْــدُ مِـنْ إيفَادِهَـا الحَقَبَـا (78)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 2237- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن داود بن أبي هند, عن أبي العالية: " شَطْرَ المسجد الحَرَام "، يعني: تلقاءه. 2238- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " شطر المسجد الحرام "، نحوَه. 2239- حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: " فوَلِّ وجهك شَطر المسجد الحرام "، نَحوَه. 2240- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله. 2241- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيد, عن قتادة: " فولِّ وجهك شطرَ المسجد الحرام "، أي تلقاءَ المسجد الحرام. 2242- حدثنا الحسين بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " فولّ وجهك شطرَ المسجد الحرام " قال، نحو المسجد الحرام. 2243- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " فولِّ وجهك شطرَ المسجد الحرام "، أي تلقاءَه. 2244- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه قال: " شطرَه "، نحوَه. 2245- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن أبي إسحاق, عن البراء: فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ قال، قِبَله. 2246- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " شَطْره "، ناحيته، جانبه. قال: وجوانبه: " شُطوره ". (79)
ثم اختلفوا في المكان الذي أمر الله نبيّه ﷺ أن يولَّيَ وجهه إليه من المسجد الحرام. فقال بعضهم: القبلةُ التي حُوِّل إليها النبي ﷺ، وعناها الله تعالى ذكره بقوله: " فلنولينَّك قبلة تَرْضاها "، حيالَ ميزاب الكعبة. * ذكر من قال ذلك: 2247- حدثني عبد الله بن أبي زياد قال، حدثنا عثمان قال، أخبرنا شعبة, عن يعلى بن عطاء, عن يحيى بن قمطة, عن عبد الله بن عمرو: " فلنولينَّك قبلة ترضاها "، حيالَ ميزاب الكعبة. (80) 2248- وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، حدثنا هشيم, عن يعلى بن عطاء, عن يحيى بن قمطة قال: رأيت عبد الله بن عمرو جالسًا في المسجد الحرام بإزاء الميزاب, وتلا هذه الآية: " فلنولينك قِبلة ترضاها " قال، هذه القبلة، هي هذه القبلة. 2249- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم -بإسناده عن عبد الله بن عمرو، نحوه- إلا أنه قال: استقبل الميزاب فقال: هذه القبلة التي قال الله لنبيه: " فلنولينك قبلة تَرضاها ". (81)
وقال آخرون: بل ذلك البيت كله قبلةٌ, وقبلةُ البيت الباب. * ذكر من قال ذلك: 2250- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: البيت كله قبلةٌ, وهذه قبلةُ البيت - يعني التي فيها الباب. (82)
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي ما قال الله جل ثناؤه: " فوَلِّ وجهك شَطر المسجد الحرام "، فالمولِّي وجهه شطرَ المسجد الحرام، هو المصيبُ القبلةَ. وإنما عَلى من توجه إليه النيةُ بقلبه أنه إليه متوجِّه, كما أن على من ائتمِّ بإمام فإنما عليه الائتمام به، وإن لم يكن مُحاذيًا بدنُه بدنَه, وإن كان في طَرَف الصّفّ والإمام في طرف آخر، عن يمينه أو عن يساره, بعد أن يكون من خلفه مُؤتمًّا به، مصليًا إلى الوجه الذي يصلِّي إليه الإمام. فكذلك حكمُ القبلة, وإنْ لم يكن يحاذيها كل مصلّ ومتوَجِّه إليها ببدنه، غير أنه متوجِّه إليها. فإن كان عن يمينها أو عن يسارها مقابلَها، فهو مستقبلها، بعُد ما بينه وَبينها, أو قَرُب، من عن يمينها أو عن يسارها، بعد أن يكون غيرَ مستدبرها ولا منحرف عنها ببدنه ووَجهه، كما: 2251- حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عميرة بن زياد الكندي, عن علي: " فول وجهك شطر المسجد الحرام " قال، شطُره، قبله. (83)
قال أبو جعفر: وقبلةُ البيت: بابه، كما:- 2252- حدثني يعقوب بن إبراهيم والفضل بن الصَّبَّاح قالا حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك, عن عطاء قال، قال أسامة بن زيد: رأيت رسول الله ﷺ حين خرجَ من البيت أقبلَ بوجهه إلى الباب، فقال: هذه القبلةُ, هذه القبلة. (84) 2253- حدثنا ابن حميد وسفيان بن وكيع قالا حدثنا جرير, عن عبد الملك بن أبي سليمان, عن عطاء, قال، حدثني أسامة بن زيد قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من البيت, فصلى ركعتين مستقبلا بوجهه الكعبة, فقال: هذه القبلةُ مرتين. (85) 2254- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان, عن عبد الملك, عن عطاء, عن أسامة بن زيد, عن رسول الله ﷺ نحوه. (86) 2255- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: سمعت ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطَّوَاف ولم تؤمروا بدخوله. قال: قال: لم يكن ينهَى عن دخوله, ولكني سمعته يقول: أخبرني أسامة بن زيد أنّ رسول الله ﷺ لما دخل البيت دَعا في نواحيه كلها, ولم يصلِّ حتى خرج, فلما خرج ركع في قِبَل القبلة ركعتين، وقال: هذه القبلة. (87)
قال أبو جعفر: فأخبر ﷺ أنّ البيت هو القبلة, وأن قبلة البيت بابه.
القول في تأويل قوله تعالى : وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: فأينما كنتم من الأرض أيها المؤمنون فحوِّلوا وجُوهكم في صلاتكم نَحو المسجد الحرام وتلقاءَه. و " الهاء " التي في" شطرَه "، عائدة إلى المسجد الحرام. فأوجب جل ثناؤه بهذه الآية على المؤمنين، فرضَ التوجُّه نحو المسجد الحرام في صلاتهم حيث كانوا من أرض الله تبارك وتعالى. وأدخلت " الفاء " في قوله: " فولوا "، جوابًا للجزاء. وذلك أن قوله: " حيثما كنتم " جزاء, ومعناه: حيثما تكونوا فولوا وجوهكم شطره.
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ يعني بقوله جل ثناؤه: " وإنّ الذين أوتُوا الكتاب " أحبارَ اليهود وعلماء النصارى.
وقد قيل: إنما عنى بذلك اليهودَ خاصةً. * ذكر من قال ذلك: 2256- حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وإن الذين أوتوا الكتاب "، أنـزل ذلك في اليهود.
وقوله: " ليعلمون أنه الحق من ربهم "، يعني هؤلاء الأحبارَ والعلماءَ من أهل الكتاب, يعلمون أن التوجُّهَ نحو المسجد، الحقُّ الذي فرضه الله عز وجل على إبراهيم وذريته وسائر عباده بعده.
ويعني بقوله: " من رَبِّهم " أنه الفرضُ الواجب على عباد الله تعالى ذكره, وهو الحقُّ من عند ربهم، فَرَضَه عليهم.
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) قال أبو جعفر: يعني بذلك تبارك وتعالى: وليس الله بغافل عما تعملون أيها المؤمنون، في اتباعكم أمرَه، وانتهائكم إلى طاعته، فيما ألزمكم من فرائضه، وإيمانكم به في صَلاتكم نحو بيت المقدس، ثم صلاتكم من بعد ذلك شطرَ المسجد الحرام, ولا هو ساه عنه، (88) ولكنه جَل ثَناؤه يُحصيه لكم ويدّخره لكم عنده، حتى يجازيَكم به أحسن جزاء, ويثيبكم عليه أفضل ثواب. -------------------- الهوامش : (70) في المطبوعة : "يستعرض للقبلة" ، وأثبت ما في الدر المنثور 1 : 147 وقوله : "يستفرض" أي يطلب فرضها عليه وعلى المؤمنين . وهذا ما لم تشبه كتب اللغة ، ولكنه صحيح العربية . أما قوله : "يستعرض للقبلة" ، فليست بشيء . (71) سياق عبارته : "فنزلت . . . في صلاة الظهر" . (72) في المطبوعة : "ما درى محمد ﷺ" ، ولا تقوله يهود ، فرفعته . وكذلك جاء في رقم : 1838 . (73) الأثر : 2235- مضى برقم : 1838 . (74) الأثر : 2236- مضى برقم : 1833 ، ورقم : 2160 . (75) انظر معاني"ولى" فيما سلف 2 : 162 ، 535 ، وهذا الجزء 3 : 131 . (76) هو قيس بن العيزارة الهذلي . والعيزارة أمه ، واسمه قيس بن خويلد بن كاهل . (77) ديوانه في أشعار الهذليين للسكري : 261 (أوربة) ، ورسالة الشافعي : 35 ، 487 ، وسيرة ابن هشام 2 : 200 ، والكامل 1 : 12 ، 2 : 3 ومجاز القرآن لأبي عبيدة : 60 ، واللسان (شطر) (حسر) ، وغيرها . ورواية الشافعي في الرسالة : "إن العسيب" بالباء في آخره ، ورواية ديوانه وابن هشام : "إن النعوس" . والعسير : التي تعسر بذنبها إذا حملت ، من شراستها . والنعوس : التي تغمض عينيها عند الحلب . والعسيب : جريد النخل إذا كشط عنه خوصه . وأرى أنه لم يرد صفة الناقة بأحد هذه الألفاظ الثلاثة ، وإنما هو اسم ناقته . وكلها صالح أن يكون اسما للناقة . وقد قال ابن هشام : "النعوس : ناقته ، وكان بها داء فنظر إليها نظر حسير ، من قوله : "وهو حسير" . ويروى : "داء يخامرها فنحوها . . . " ، ورواية ديوانه"مخزور" . ومحسور ، هو الحسير : الذي قد أعيى وكل . ومخزور : من قولهم : "خزر بصره" : إذا دانى بين جفنيه ونظر بلحاظه . وهو يصف ناقته ، ويذكر حزنه وحبه لها ، فهو من الداء الذي خامرها مشفق عليها ، يطيل النظر إليها حتى تحسر عيناه ويكل . (78) سيرة ابن هشام 2 : 199 ، والروض الأنف 2 : 38 ، والخزانة 3 : 38 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : 60 . وفي المطبوعة : "من إنفادها" ، وهو خطأ . وقال : قبله : أَنْشَــأتُ أَسْـأَلُه عَـنْ حَـالِ رُفْقَتِـهِ فقـال : حَـيَّ, فَـإِنَّ الرَّكْبَ قَدْ نَصَبَا حي : اعجل . ونصب : جد في السير : وقوله : "جمع" ، هي مزدلفة ، يريد الحج . وقوله : عاقدة ، أي : قد عطفت ذنبها بين فخذيها . وقوله : كارب ، أي أوشك وكاد وقارب ودنا . وأوفدت الناقة إيفادًا : أسرعت . والحقب : الحزام يشد به الرحل في بطن البعير مما يلي ثيله لئلا يؤذيه التصدير . يقول : قد أسرعوا إسراعًا إلى مزدلفة ، فجعلت تعطف ذنبها تسد به فرجها حتى كاد عقد ذنبها يبلغ الحقب . والناقة تسد فرجها بذنبها في إسراعها ، يقول المخبل السعدي : وإذَ رَفَعْـــتُ السَّــوْطَ, أفْزَعَهَــا تَحْــتَ الضُّلُــوعِ مُــرَوِّعٌ شَـهْمُ وتَسُــدُّ حَاذَيْهَــا بِــذِي خُــصَلٍ عُقِمَــتْ فنــاعَمَ, نَبْتَــهُ العُقْــمُ ويقول المثقب العبدي ، يصف ناقته مسرعة : تَسُــدُّ بِــدَائِمِ الخَــطَرَانِ جَــثْلٍ خَوايَــةَ فَــرْجِ مِقْــلاَتٍ دَهِيــنِ (79) الخبر : 2246- هو وما قبله من الأخبار ، في تفسير (شطره) بأنه : قبله ، أو : نحوه . وانظر مؤيدًا ذلك ، ما قاله الشافعي في الرسالة ، بتحقيقنا : 105-111 ، 1378-1381 . (80) الحديث : 2247- عبد الله بن أبي زياد ، شيخ الطبري : نسب إلى جده . وهو"عبد الله بن الحكم بن أبي زياد القطواني" ، واسم"أبي زياد" : "سليمان" . وعبد الله هذا : ثقة ، روى عنه أبو زرعة ، وأبو حاتم ، وابن خزيمة ، وغيرهم . مترجم في التهذيب . وابن أبي حاتم 2/2/38 . وشيخه"عثمان" : ما أدري من هو؟ وأغلب الظن أنه محرف ، وصوابه"عفان" . يحيى بن قمطة : تابعي ثقة ، ترجمه البخاري في الكبير 4/2/229 ، وابن أبي حاتم 4/2/181 ، وذكر أنه حجازي ، ولم يذكرا فيه جرحًا . وذكر البخاري أنه يروي"عن ابن عمر" . وذكر ابن أبي حاتم أنه يروي"عن عبد الله بن عمرو" . وذكره ابن حبان في الثقات ، ص : 371 ، وقال : "يروي عن ابن عمر ، وعبد الله بن عمرو" . روى عنه يعلى بن عطاء . واسم أبيه : "قمطة" بالقاف ثم الميم ثم الطاء المهملة . ولم أجد ما يدل على ضبط هذه الحروف . لكنه ثبت هكذا في الطبري وتفسير عبد الرزاق ومراجع الترجمة . ووقع في ابن كثير والمستدرك"قطة" بدون الميم . وهو خطأ ، لمخالفته ما ذكرنا عن المراجع . والحديث رواه الحاكم في المستدرك 2 : 269 ، من طريق مسلم بن إبراهيم ، عن شعبة ، بهذا الإسناد ، مطولا بنحو الرواية التي بعد هذه . وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . (81) الحديثان : 2248 ، 2249- وهذان إسنادان آخران للحديث قبلهما . وأولهما من رواية عبد الرزاق ، عن هشيم ، عن يعلى بن عطاء . وهشيم- بالتصغير : هو ابن بشير ، بفتح الموحدة وكسر الشين المعجمة . وهو أبو معاوية بن أبي خازم ، وهو حافظ ثقة ثبت . مترجم في التهذيب . والكبير 4/2/242 ، وابن سعد 7/2/61 ، 70 . وابن أبي حاتم 4/2/115-116 . وتذكرة الحفاظ 1 : 229-230 . والحديث في تفسير عبد الرزاق ، ص : 13 ، بهذا الإسناد . وليس فيه كلمة"هي" المزادة هنا بعد قوله : "هذه القبلة" . وأخشى أن تكون زيادتها غير جيدة ولا ثابتة . وذكر ابن كثير 1 : 352 ، أنه رواه أيضًا ابن أبي حاتم"عن الحسن بن عرفة ، عن هشيم ، عن يعلى بن عطاء" . ووقع اسم"هشيم" فيه محرفًا ، فيصحح من هذا الموضع . والحديث في الدر المنثور أيضًا 1 : 147 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور ، وأحمد بن منيع في مسنده ، وابن المنذر ، والطبراني في الكبير . وهو في مجمع الزوائد 6 : 316 ، وقال : "رواه الطبراني من طريقين ، ورجال إحداهما ثقات" . (82) الخبر : 2250- نقله السيوطي 1 : 147 ، عن الطبري وحده ، بلفظ : "البيت كله قبلة ، وقبلة البيت الباب" . (83) الحديث : 2251- أبو إسحاق : هو السبيعي الهمداني . عميرة -بفتح العين- بن زياد الكندي : تابعي ثقة ، ترجمه ابن سعد في الطبقات 6 : 141 ، وقال : "روى عن عبد الله" . أراد بذلك عبد الله بن مسعود . وترجمه البخاري في الكبير 4/1/69 . وابن أبي حاتم 3/2/24 . ولم يذكرا فيه جرحًا ، ولا رواية عن غير ابن مسعود . وذكرا أن الراوي عنه أبو إسحاق . والحديث رواه الحاكم في المستدرك 2 : 269 ، من طريق محمد بن كثير ، عن سفيان -وهو الثوري- عن أبي إسحاق بهذا الإسناد . وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 2 ص 3 ، عن الحاكم . وذكره السيوطي 1 : 147 ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والدينوري في المجالسة . وذكره ابن كثير 1 : 268 ، نقلا عن الحاكم . ولفظه عندهم جميعًا : "قال : شطره قبله" ، كما أثبتنا . ووقع في المطبوعة هنا : "قال : شطره فينا قبلة"!! وهو خطأ سخيف ، من ناسخ أو طابع . ووقع في الإسناد في ابن كثير"محمد بن إسحاق" بدل"أبي إسحاق" . وهو خطأ يخالف ما ثبت هنا ، وما ثبت في سائر المراجع . ووقع فيه في ابن كثير والمستدرك ومختصره للذهبي -المطبوع والمخطوط-"عمير بن زياد" . وهو خطأ أيضًا . وثبت على الصواب في رواية البيهقي عن الحاكم . (84) الحديث : 2252- الفضل بن الصباح البغدادي : ثقة ، وثقه ابن معين . وقال أبو القاسم البغوي : "كان من خيار عباد الله" . مترجم في التهذيب . وابن أبي حاتم 3/2/63 . عبد الملك : هو ابن أبي سليمان العرزمي ، مضى في : 1455 . عطاء : هو ابن أبي رباح ، التابعي الكبير ، الإمام الحجة ، القدوة العلم ، مفتي أهل مكة ومحدثهم . مترجم في التهذيب . وابن أبي حاتم 3/1/330-331 . وتذكرة الحفاظ 1 : 92 : 93 ، وتاريخ الإسلام 4 : 278-280 ، وابن سعد 2/2/133-134 ، و 5 : 344-346 . أسامة بن زيد بن حارثة : هو حب رسول الله ﷺ وابن حبه . وقد زعم أبو حاتم -فيما حكاه عنه ابنه في المراسيل : ص : 57- أن عطاء لم يسمع من أسامة . ولكن الرواية التالية لهذه ، فيها تصريح عطاء بالسماع منه . ثم المعاصرة كافية في ثبوت الاتصال ، كما هو الراجح عند أهل العلم بالحديث . وعطاء ولد سنة 27 ومات سنة 114 . بل ذكر الذهبي أنه مات عن 90 سنة . وأسامة بن زيد مات سنة 54 . بل أرخ مصعب الزبيري وفاته في آخر خلافة معاوية سنة 58 أو 59 . وهذا الحديث رواه أحمد في المسند (5 : 209) ، عن هشيم ، بهذا الإسناد واللفظ . ثم رواه عقبه ، بالإسناد نفسه مطولا ، بنحوه . (85) الحديث : 2253- ابن حميد : هو محمد بن حميد بن حيان الرازي الحافظ . سبقت رواية الطبري عنه مرارًا كثيرة ، ووثقناه في 2028 . ونزيد هنا أنه وثقه ابن معين وغيره . وأنكروا عليه أحاديث ، وأجاب عنه ابن معين بأن"هذه الأحاديث التي يحدث بها ، ليس هو من قبله ، إنما هو من قبل الشيوخ الذي يحدث به عنهم" . وقال الخليلي : "كان حافظًا عالمًا بهذا الشأن ، رضيه أحمد ويحيى" . وعرض عبد الله بن أحمد على أبيه ما كتبه عنه ، فقال : أما حديثه عن ابن المبارك وجرير ، فصحيح ، وأما حديثه عن أهل الري ، فهو أعلم" . مترجم في التهذيب ، والكبير 1/1/69-70 ، وابن أبي حاتم 3/2/232-233 ، والخطيب 2 : 259-264 ، وتذكرة الحفاظ 2 : 67-69 . جرير : هو ابن عبد الحميد بن قرط الرازي ، وهو ثقة حجة . مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1/2/214 ، وابن سعد 7/2/110 . وابن أبي حاتم 1/1/505-507 ، والخطيب 7 : 253-261 ، وتذكرة الحفاظ 1 : 250 . فهذا إسناد صحيح ، صرح فيه عطاء بالسماع من أسامة بن زيد ، كما أشرفا في الإسناد السابق . والحديث رواه أحمد في المسند (5 : 210 ح) ، ضمن قصة ، عن يحيى -وهو القطان- عن عبد الملك"حدثنا عطاء ، عن أسامة بن زيد" . (86) الحديث : 2254- عبد الرحيم بن سليمان : هو المروزي الأشل ، مضت ترجمته : 2030 . والحديث تكرار لسابقه ، لكن لم يصرح في هذا الإسناد بسماع عطاء من أسامة . (87) الحديث 2255- سعيد بن يحيى بن سعيد ، الأموي : ثقة ثبت ، بل قال علي بن المديني : "جماعة من الأولاد أثبت عندنا من آبائهم . . . وهذا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي : أثبت من أبيه" . وهو من شيوخ البخاري ومسلم وأبي زرعة وأبي حاتم ، مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/477 ، وابن أبي حاتم 2/1/74 ، والخطيب 9 : 90-91 . أبوه ، يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص : حافظ ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/277 ، وابن سعد 6 : 277-278 ، و 7/2/80-81 . وابن أبي حاتم 4/2/151-152 ، والخطيب 14 : 132-135 ، وتذكرة الحفاظ 1 : 298 . والحديث رواه أحمد في المسند (5 : 208ح) ، عن عبد الرزاق ، وروح - كلاهما عن ابن جريج ، بهذا الإسناد نحوه . رواه قبل ذلك (ص : 201 ح) عن عبد الرزاق وحده ، مختصرًا ، طوى القصة فلم يذكرها . وليس في هذا الحديث ما ينفي أن يكون عطاء سمع الحديث من أسامة بن زيد ، لأنه -هنا- إنما يجيب السائل عن قوا ابن عباس ، وينفي أن يكون ابن عباس ينهى عن دخول البيت . فهو يذكر رواية ابن عباس عن أسامة ، من أجل هذا . ولا يمنع هذا أن يكون الحديث عند عطاء عن أسامة مباشرة . والحديث رواه أيضًا مسلم 1 : 376-377 ، من طريق محمد بن بكر ، عن ابن جريج ، بهذا الإسناد ، نحو هذه القصة ، أطول منها قليلا . ورواه البخاري 1 : 420- 421 (فتح الباري) ، من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، مختصرًا . لم يذكر القصة ، ولم يذكر أنه عن أسامة ، جعله من حديث ابن عباس . وذكر الحافظ أنه رواه الإسماعيلي وأبو نعيم ، في مستخرجيهما ، من طريق إسحاق بن راهويه ، عن عبد الرزاق ، بإسناد هذا : "فجعله من رواية ابن عباس عن أسامة بن زيد" . قال الحافظ : "وهو الأرجح" . والخلاف في أن رسول الله ﷺ صلى في الكعبة أو لم يصل - مذكور في الدواوين . والراجح صلاته فيها . المثبت مقدم على النافي . وانظر نصب الراية 2 : 319-322 . (88) انظر تفسير"غافل" فيما سلف 2 : 243-244 ، 315 ، وهذا الجزء 3 : 127 .

الآية 144 من سورة البَقَرَة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (144) - Surat Al-Baqarah

We have certainly seen the turning of your face, [O Muhammad], toward the heaven, and We will surely turn you to a qiblah with which you will be pleased. So turn your face toward al-Masjid al-Haram. And wherever you [believers] are, turn your faces toward it [in prayer]. Indeed, those who have been given the Scripture well know that it is the truth from their Lord. And Allah is not unaware of what they do

الآية 144 من سورة البَقَرَة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (144) - Сура Al-Baqarah

Мы видели, как ты обращал свое лицо к небу, и Мы обратим тебя к кибле, которой ты останешься доволен. Обрати же свое лицо в сторону Заповедной мечети. Где бы вы ни были, обращайте ваши лица в ее сторону. Воистину, те, которым даровано Писание, знают, что такова истина от их Господа. Аллах не пребывает в неведении относительно того, что они совершают

الآية 144 من سورة البَقَرَة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (144) - سوره البَقَرَة

یہ تمہارے منہ کا بار بار آسمان کی طرف اٹھنا ہم دیکھ رہے ہیں لو، ہم اُسی قبلے کی طرف تمہیں پھیرے دیتے ہیں، جسے تم پسند کرتے ہو مسجد حرام کی طرف رُخ پھیر دو اب جہاں کہیں تم ہو، اُسی کی طرف منہ کر کے نماز پڑھا کرو یہ لوگ جںہیں کتاب دی گئی تھی، خو ب جانتے ہیں کہ (تحویل قبلہ کا) یہ حکم ان کے رب ہی کی طرف سے ہے اور بر حق ہے، مگرا س کے باوجود جو کچھ یہ کر رہے ہیں، اللہ اس سے غافل نہیں ہے

الآية 144 من سورة البَقَرَة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (144) - Ayet البَقَرَة

Yüzünü göğe çevirip durduğunu görüyoruz. Hoşnud olacağın kıbleye seni elbette çevireceğiz. Artık yüzünü Mescid-i Haram semtine çevir; bulunduğunuz yerde yüzlerinizi o yöne çevirin. Doğrusu Kitap verilenler, bunun Rab'lerinden bir gerçek olduğunu bilirler. Allah onların yaptıklarından gafil değildir

الآية 144 من سورة البَقَرَة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (144) - versículo البَقَرَة

Veo que vuelves tu rostro hacia el cielo. Te orientaré en una dirección que te complazca; oriéntate hacia la Mezquita Sagrada [de La Meca]. Y donde quiera que estén, oriéntense hacia ella. La Gente del Libro sabe que es la verdad proveniente de su Señor. Dios no está desatento de lo que hacen