مشاركة ونشر

تفسير الآية المئة والسادسة والعشرين (١٢٦) من سورة البَقَرَة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة والسادسة والعشرين من سورة البَقَرَة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ﴿١٢٦

الأستماع الى الآية المئة والسادسة والعشرين من سورة البَقَرَة

إعراب الآية 126 من سورة البَقَرَة

(وَإِذْ) تقدم إعرابها. (قالَ إِبْراهِيمُ) فعل ماض وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة. (رَبِّ) منادى بياء النداء المحذوفة منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف وهي في محل جر بالإضافة. (اجْعَلْ) فعل أمر للدعاء وفاعله أنت. (هذا) الهاء للتنبيه وذا اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. (بَلَدًا) مفعول به ثان. (آمِنًا) صفة لبلد وجملة: (رب اجعل) مقول القول في محل نصب مفعول به. (وَارْزُقْ) معطوف على اجعل وفاعله أنت. (أَهْلَهُ) مفعول به. (مِنَ الثَّمَراتِ) متعلقان بالفعل ارزق والجملة معطوفة. (مِنَ) اسم موصول مبني على السكون في محل نصب بدل من أهله. (آمَنَ) فعل ماض وفاعله هو يعود إلى من والجملة صلة الموصول لا محل لها. (مِنْهُمْ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من فاعل آمن. (بِاللَّهِ) لفظ الجلالة مجرور بالباء متعلقان بالفعل آمن. (وَالْيَوْمِ) معطوف على اللّه. (الْآخِرِ) صفة اليوم. (قالَ) فعل ماض وفاعله هو اللّه والجملة استئنافية. (وَمَنْ) الواو عاطفة من اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره وارزق من كفر وهذه الجملة مقول القول في محل نصب. وجملة (كَفَرَ) صلة الموصول لا محل لها. (فَأُمَتِّعُهُ) الفاء عاطفة، أمتعه فعل مضارع ومفعول به والفاعل أنا والجملة معطوفة. (قَلِيلًا) صفة لمفعول مطلق محذوف تقديره أمتعه تمتيعا قليلا. (ثُمَّ) حرف عطف. (أَضْطَرُّهُ) فعل مضارع ومفعول به والفاعل أنا والجملة معطوفة. (إِلى عَذابِ) متعلقان باضطره. (النَّارِ) مضاف إليه. (وَبِئْسَ) الواو استئنافية، بئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم. (الْمَصِيرُ) فاعل بئس والمخصوص بالذم محذوف تقديره مصيره والجملة مستأنفة.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (126) من سورة البَقَرَة تقع في الصفحة (19) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (1)

مواضيع مرتبطة بالآية (16 موضع) :

الآية 126 من سورة البَقَرَة بدون تشكيل

وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ﴿١٢٦

تفسير الآية 126 من سورة البَقَرَة

واذكر -أيها النبي- حين قال إبراهيم داعيًا: ربِّ اجعل "مكة" بلدًا آمنًا من الخوف، وارزق أهله من أنواع الثمرات، وخُصَّ بهذا الرزق مَن آمن منهم بالله واليوم الآخر. قال الله: ومن كفر منهم فأرزقه في الدنيا وأُمتعه متاعًا قليلا ثم أُلجئُه مرغمًا إلى عذاب النار. وبئس المرجع والمقام هذا المصير.

(وإذا قال إبراهيم رب اجعل هذا) المكان (بلدا آمنا) ذا أمن وقد أجاب الله دعاءه فجعله حرما لا يسفك فيه دم إنسان ولا يظلم فيه أحد ولا يصاد صيده ولا يختلي خلاه (وارزق أهله من الثمرات) وقد فعل بنقل الطائف من الشام إليه وكان أقفر لا زرع فيه ولا ماء (من آمن منهم بالله واليوم الآخر) بدل من أهله وخصهم بالدعاء لهم موافقة لقوله لا ينال عهدي الظالمين (قال) تعالى (و) ارزق (من كفر فَأُمَتِّعُهُ) بالتشديد والتخفيف في الدنيا بالرزق (قليلا) مدة حياته (ثم أضطره) ألجئه في الآخرة (إلى عذاب النار) فلا يجد عنها محيص (وبئس المصير) المرجع هي.

أي: وإذ دعا إبراهيم لهذا البيت, أن يجعله الله بلدا آمنا, ويرزق أهله من أنواع الثمرات، ثم قيد عليه السلام هذا الدعاء للمؤمنين, تأدبا مع الله, إذ كان دعاؤه الأول, فيه الإطلاق, فجاء الجواب فيه مقيدا بغير الظالم. فلما دعا لهم بالرزق, وقيده بالمؤمن, وكان رزق الله شاملا للمؤمن والكافر, والعاصي والطائع, قال تعالى: ( وَمَنْ كَفَرَ ) أي: أرزقهم كلهم, مسلمهم وكافرهم، أما المسلم فيستعين بالرزق على عبادة الله, ثم ينتقل منه إلى نعيم الجنة، وأما الكافر, فيتمتع فيها قليلا ( ثُمَّ أَضْطَرُّهُ ) أي: ألجئه وأخرجه مكرها ( إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )

وقوله تعالى : ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر ) قال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ : " إن إبراهيم حرم بيت الله وأمنه ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها فلا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها " . وهكذا رواه النسائي ، عن محمد بن بشار عن بندار به . وأخرجه مسلم ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد ، كلاهما عن أبي أحمد الزبيري ، عن سفيان الثوري . وقال ابن جرير أيضا : حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا : حدثنا ابن إدريس ، وحدثنا أبو كريب ، حدثنا عبد الرحيم الرازي ، قالا جميعا : سمعنا أشعث عن نافع عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ﷺ : " إن إبراهيم كان عبد الله وخليله وإني عبد الله ورسوله ، وإن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها ، عضاهها وصيدها ، لا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يقطع منها شجرة إلا لعلف بعير " . وهذه الطريق غريبة ، ليست في شيء من الكتب الستة ، وأصل الحديث في صحيح مسلم من وجه آخر ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : كان الناس إذا رأوا أول الثمر ، جاءوا به إلى رسول الله ﷺ ، فإذا أخذه رسول الله ﷺ قال : " اللهم بارك لنا في ثمرنا ، وبارك لنا في مدينتنا ، وبارك لنا في صاعنا ، وبارك لنا في مدنا ، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك ، وإني عبدك ونبيك ، وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه " ثم يدعو أصغر وليد له ، فيعطيه ذلك الثمر


وفي لفظ : " بركة مع بركة " ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان
لفظ مسلم . ثم قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا بكر بن مضر ، عن ابن الهاد ، عن أبي بكر بن محمد ، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن رافع بن خديج ، قال : قال رسول الله ﷺ : " إن إبراهيم حرم مكة ، وإني أحرم ما بين لابتيها " . انفرد بإخراجه مسلم ، فرواه عن قتيبة ، عن بكر بن مضر ، به
ولفظه كلفظه سواء
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله ﷺ لأبي طلحة : " التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني " فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه ، فكنت أخدم رسول الله ﷺ كلما نزل
وقال في الحديث : ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد قال : " هذا جبل يحبنا ونحبه "
فلما أشرف على المدينة قال " اللهم إني أحرم ما بين جبليها ، مثلما حرم به إبراهيم مكة ، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم "
وفي لفظ لهما : " اللهم بارك لهم في مكيالهم ، وبارك لهم في صاعهم ، وبارك لهم في مدهم "
زاد البخاري : يعني : أهل المدينة . ولهما أيضا عن أنس : أن رسول الله ﷺ قال : " اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلته بمكة من البركة " وعن عبد الله بن زيد بن عاصم ، رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ : " إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها ، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة " رواه البخاري وهذا لفظه ، ومسلم ولفظه : أن رسول الله ﷺ قال : " إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها
وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ، وإني دعوت لها في صاعها ومدها بمثل ما دعا إبراهيم لأهل مكة " . وعن أبي سعيد ، رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال : " اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما ، وإني حرمت المدينة حراما ما بين مأزميها ، لا يهراق فيها دم ، ولا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف
اللهم بارك لنا في مدينتنا ، اللهم بارك لنا في صاعنا ، اللهم بارك لنا في مدنا ، اللهم اجعل مع البركة بركتين "
الحديث رواه مسلم . والأحاديث في تحريم المدينة كثيرة ، وإنما أوردنا منها ما هو متعلق بتحريم إبراهيم ، عليه السلام ، لمكة ، لما في ذلك في مطابقة الآية الكريمة . ( وتمسك بها من ذهب إلى أن تحريم مكة إنما كان على لسان إبراهيم الخليل ، وقيل : إنها محرمة منذ خلقت مع الأرض وهذا أظهر وأقوى ) . وقد وردت أحاديث أخر تدل على أن الله تعالى حرم مكة قبل خلق السماوات والأرض ، كما جاء في الصحيحين ، عن عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله ﷺ يوم فتح مكة : " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة
وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة
لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها ، ولا يختلى خلاها " فقال العباس : يا رسول الله ، إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم
فقال : " إلا الإذخر " وهذا لفظ مسلم . ولهما عن أبي هريرة نحو من ذلك . ثم قال البخاري بعد ذلك : قال أبان بن صالح ، عن الحسن بن مسلم ، عن صفية بنت شيبة : سمعت النبي ﷺ ، مثله . وهذا الذي علقه البخاري رواه الإمام أبو عبد الله بن ماجه ، عن محمد بن عبد الله بن نمير ، عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن الحسن بن مسلم بن يناق ، عن صفية بنت شيبة ، قالت : سمعت النبي ﷺ يخطب عام الفتح ، فقال : " يا أيها الناس ، إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام إلى يوم القيامة ، لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ، ولا يأخذ لقطتها إلا منشد " فقال العباس : إلا الإذخر ; فإنه للبيوت والقبور
فقال رسول الله ﷺ : " إلا الإذخر " . وعن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة : ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولا قال به رسول الله ﷺ الغد من يوم الفتح ، سمعته أذناي ووعاه قلبي ، وأبصرته عيناي حين تكلم به ، إنه حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا : إن الله أذن لرسوله ﷺ ولم يأذن لكم
وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، فليبلغ الشاهد الغائب "
فقيل لأبي شريح : ما قال لك عمرو ؟ قال : أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح ، إن الحرم لا يعيذ عاصيا ، ولا فارا بدم ، ولا فارا بخربة . رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظه . فإذا علم هذا فلا منافاة بين هذه الأحاديث الدالة على أن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، وبين الأحاديث الدالة على أن إبراهيم ، عليه السلام ، حرمها ; لأن إبراهيم بلغ عن الله حكمه فيها وتحريمه إياها ، وأنها لم تزل بلدا حراما عند الله قبل بناء إبراهيم ، عليه السلام ، لها ، كما أنه قد كان رسول الله ﷺ مكتوبا عند الله خاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، ومع هذا قال إبراهيم ، عليه السلام : ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم ) وقد أجاب الله دعاءه بما سبق في علمه وقدره
ولهذا جاء في الحديث أنهم قالوا : يا رسول الله ، أخبرنا عن بدء أمرك
فقال : " دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ابن مريم ، ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام " . أي : أخبرنا عن بدء ظهور أمرك
كما سيأتي قريبا ، إن شاء الله . وأما مسألة تفضيل مكة على المدينة ، كما هو قول الجمهور ، أو المدينة على مكة ، كما هو مذهب مالك وأتباعه ، فتذكر في موضع آخر بأدلتها ، إن شاء الله ، وبه الثقة . وقوله : تعالى إخبارا عن الخليل أنه قال : ( رب اجعل هذا بلدا آمنا ) أي : من الخوف ، لا يرعب أهله ، وقد فعل الله ذلك شرعا وقدرا
كقوله تعالى ( ومن دخله كان آمنا ) ( آل عمران : 97 ) وقوله ( أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ) ( العنكبوت : 67 ) إلى غير ذلك من الآيات
وقد تقدمت الأحاديث في تحريم القتال فيها
وفي صحيح مسلم عن جابر : سمعت رسول الله ﷺ يقول : " لا يحل لأحد أن يحمل بمكة السلاح "
وقال في هذه السورة : ( رب اجعل هذا بلدا آمنا ) أي : اجعل هذه البقعة بلدا آمنا ، وناسب هذا ; لأنه قبل بناء الكعبة
وقال تعالى في سورة إبراهيم : ( وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا ) ( إبراهيم : 35 ) وناسب هذا هناك لأنه ، والله أعلم ، كأنه وقع دعاء ثانيا بعد بناء البيت واستقرار أهله به ، وبعد مولد إسحاق الذي هو أصغر سنا من إسماعيل بثلاث عشرة سنة ; ولهذا قال في آخر الدعاء : ( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء ) ( إبراهيم : 39 ) وقوله تعالى : ( وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) قال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب : ( قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) قال : هو قول الله تعالى
وهذا قول مجاهد وعكرمة وهو الذي صوبه ابن جرير ، رحمه الله تعالى : قال : وقرأ آخرون : ( قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) فجعلوا ذلك من تمام دعاء إبراهيم ، كما رواه أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية قال : كان ابن عباس يقول : ذلك قول إبراهيم ، يسأل ربه أن من كفر فأمتعه قليلا . وقال أبو جعفر ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : ( ومن كفر فأمتعه قليلا ) يقول : ومن كفر فأرزقه أيضا ( ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) وقال محمد بن إسحاق : لما عزل إبراهيم ، عليه السلام ، الدعوة عمن أبى الله أن يجعل له الولاية انقطاعا إلى الله ومحبته ، وفراقا لمن خالف أمره ، وإن كانوا من ذريته ، حين عرف أنه كائن منهم أنه ظالم ألا يناله عهده ، بخبر الله له بذلك قال الله : ومن كفر فإني أرزق البر والفاجر وأمتعه قليلا . وقال حاتم بن إسماعيل عن حميد الخراط ، عن عمار الدهني ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر ) قال ابن عباس : كان إبراهيم يحجرها على المؤمنين دون الناس ، فأنزل الله ومن كفر أيضا أرزقهم كما أرزق المؤمنين ، أأخلق خلقا لا أرزقهم ؟ ! أمتعهم قليلا ثم أضطرهم إلى عذاب النار وبئس المصير
ثم قرأ ابن عباس : ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ) ( الإسراء : 20 )
رواه ابن مردويه
وروي عن عكرمة ومجاهد نحو ذلك أيضا
وهذا كقوله تعالى : ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) ( يونس : 69 ، 70 ) ، وقوله تعالى : ( ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) ( لقمان : 23 ، 24 ) ، وقوله : ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ) ( الزخرف : 33 ، 35 ) وقوله ( ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ) أي : ثم ألجئه بعد متاعه في الدنيا وبسطنا عليه من ظلها إلى عذاب النار وبئس المصير
ومعناه : أن الله تعالى ينظرهم ويمهلهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، كقوله تعالى : ( وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ) ( الحج : 48 ) ، وفي الصحيحين : " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله ; إنهم يجعلون له ولدا ، وهو يرزقهم ويعافيهم " وفي الصحيح أيضا : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته "
ثم قرأ قوله تعالى : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) ( هود : 102 ) . وقرأ بعضهم "قال ومن كفر فأمتعه قليلا" الآية جعله من تمام دعاء إبراهيم وهي قراءة شاذة مخالفة للقراء السبعة وتركيب السياق يأبى معناها واللّه أعلم فإن الضمير في قال راجع إلى اللّه تعالى في قراءة الجمهور والسياق يقتضيه وعلى هذه القراءة الشاذة يكون الضمير في قال عائدا على إبراهيم وهذا خلاف نظم الكلام واللّه سبحانه هو العلام.

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا "، واذكروا إذ قال إبراهيم: رب اجعل هذا البلد بلدا آمنا.


قال أبو جعفر: يعني بقوله: "آمنا ": آمنا من الجبابرة وغيرهم، أن يسلطوا عليه, ومن عقوبة الله أن تناله, كما تنال سائر البلدان, من خسف, وائتفاك, وغرق، (78) وغير ذلك من سخط الله ومثلاته التي تصيب سائر البلاد غيره، كما: 2026- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: ذكر لنا أن الحرم حُرِّم بحياله إلى العرش. وذكر لنا أن البيت هبط مع آدم حين هبط. قال الله له: أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي. فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين, حتى إذا كان زمان الطوفان -حين أغرق الله قوم نوح- رفعه وطهره، ولم تصبه عقوبة أهل الأرض. فتتبع منه إبراهيم أثرا، فبناه على أساس قديم كان قبله.
فإن قال لنا قائل: أوما كان الحرم آمنا إلا بعد أن سأل إبراهيم ربه له الأمان؟ قيل له: لقد اختلف في ذلك. فقال بعضهم: لم يزل الحرم آمنا من عقوبة الله وعقوبة جبابرة خلقه, منذ خلقت السموات والأرض. واعتلوا في ذلك بما:- 2027- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير, عن محمد بن إسحاق قال، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري, قال سمعت أبا شريح الخزاعي يقول: لما افتتحت مكة قتلت خزاعة رجلا من هذيل, فقام رسول الله ﷺ خطيبا فقال: " يا أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأض, فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما, أو يعضد بها شجرا. ألا وإنها لا تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا هذه الساعة، غضبا علي أهلها. ألا فهي قد رجعت على حالها بالأمس. ألا ليبلغ الشاهد الغائب, فمن قال: إن رسول الله ﷺ قد قتل بها! فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يُحِلَّها لك ". (79) 2028- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان - وحدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير - جميعا, عن يزيد بن أبي زياد, عن مجاهد, عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ، لمكة حين افتتحها: هذه حرم حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، وخلق الشمس والقمر، ووضع هذين الأخشبين, لم تحل لأحد قبلي, ولا تحل لأحد بعدي, أُحِلَّت لي ساعة من نهار. (80)
قالوا: فمكة منذ خلقت حرم آمن من عقوبة الله وعقوبة الجبابرة. قالوا: وقد أخبرت عن صحة ما قلنا من ذلك الرواية الثانية عن رسول الله ﷺ التي ذكرناها. قالوا: ولم يسأل إبراهيم ربه أن يؤمنه من عقوبته وعقوبة الجبابرة, ولكنه سأله أن يؤمن أهله من الجدوب والقحوط, وأن يرزق ساكنه من الثمرات, كما أخبر ربه عنه أنه سأله بقوله " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر ". قالوا: وإنما سأل ربه ذلك لأنه أسكن فيه ذريته, وهو غير ذي زرع ولا ضرع, فاستعاذ ربه من أن يهلكهم بها جوعا وعطشا, فسأله أن يؤمنهم مما حذر عليهم منه. قالوا: وكيف يجوز أن يكون إبراهيم سأل ربه تحريم الحرم, وأن يؤمنه من عقوبته وعقوبة جبابرة خلقه, وهو القائل - حين حله, ونـزله بأهله وولده: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ (سورة إبراهيم: 37)؟ قالوا: فلو كان إبراهيم هو الذي حرم الحرم أو سأل ربه تحريمه لما قال: " عند بيتك المحرم " عند نـزوله به, ولكنه حُرِّم قبله, وحُرِّم بعده.
وقال آخرون: كان الحرم حلالا قبل دعوة إبراهيم كسائر البلاد غيره, وإنما صار حراما بتحريم إبراهيم إياه, كما كانت مدينة رسول الله ﷺ حلالا قبل تحريم رسول الله ﷺ إياها. قالوا: والدليل على ما قلنا من ذلك، ما:- 2029- حدثنا به ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان, عن أبي الزبير, عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ " إن إبراهيم حرم بيت الله وأمنه, وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، عضاهها وصيدها، ولا تقطع عضاهها. (81) 2030- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا (حدثنا ابن إدريس - وأخبرنا أبو كريب قال)، حدثنا عبد الرحيم الرازي, (قالا جميعا): سمعنا أشعث, عن نافع, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: إن إبراهيم كان عبد الله وخليله, وإني عبد الله ورسوله, وإن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، عضاهها وصيدها, ولا يحمل فيها سلاح لقتال, ولا يقطع منها شجر إلا لعلف بعير. (82) 2031- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا قتيبة بن سعيد قال، حدثنا بكر بن مضر, عن ابن الهاد, عن أبي بكر بن محمد, عن عبد الله بن عمرو بن عثمان, عن رافع بن خديج, قال: قال رسول الله ﷺ: " إن إبراهيم حرم مكة, وإني أحرم المدينة ما بين لابيتها. (83) وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول باستيعابها الكتاب.
قالوا: وقد أخبر الله تعالى ذكره في كتابه أن إبراهيم قال: " رب اجعل هذا بلدا آمنا "، ولم يخبر عنه أنه سأل أن يجعله آمنا من بعض الأشياء دون بعض, فليس لأحد أن يدعي أن الذي سأله من ذلك، الأمان له من بعض الأشياء دون بعض، إلا بحجة يجب التسليم لها. قالوا: وأما خبر أبي شريح وابن عباس، فخبران لا تثبت بهما حجة، لما في أسانيدهما من الأسباب التي لا يجب التسليم فيها من أجلها.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الله تعالى ذكره جعل مكة حرما حين خلقها وأنشأها, كما أخبر النبي ﷺ،" أنه حرمها يوم خلق السموات والأرض "، بغير تحريم منه لها على لسان أحد من أنبيائه ورسله, ولكن بمنعه من أرادها بسوء, وبدفعه عنها من الآفات والعقوبات, وعن ساكنيها، ما أحل بغيرها وغير ساكنيها من النقمات. فلم يزل ذلك أمرها حتى بوأها الله إبراهيم خليله, وأسكن بها أهله هاجر وولده إسماعيل. فسأل حينئذ إبراهيم ربه إيجاب فرض تحريمها على عباده على لسانه, ليكون ذلك سنة لمن بعده من خلقه, يستنون به فيها, إذ كان تعالى ذكره قد اتخذه خليلا وأخبره أنه جاعله, للناس إماما يقتدى به, فأجابه ربه إلى ما سأله, وألزم عباده حينئذ فرض تحريمه على لسانه, فصارت مكة - بعد أن كانت ممنوعة بمنع الله إياها، بغير إيجاب الله فرض الامتناع منها على عباده, ومحرمة بدفع الله عنها، بغير تحريمه إياها على لسان أحد من رسله - (84) فرض تحريمها على خلقه على لسان خليله إبراهيم عليه السلام, وواجب على عباده الامتناع من استحلالها, واستحلال صيدها وعضاهها لها بإيجابه الامتناع من ذلك ببلاغ إبراهيم رسالة الله إليه بذلك إليهم. فلذلك أضيف تحريمها إلى إبراهيم, فقال رسول الله ﷺ: " إن الله حرم مكة ". لأن فرض تحريمها الذي ألزم الله عباده على وجه العبادة له به - دون التحريم الذي لم يزل متعبدا لها به على وجه الكلاءة والحفظ لها قبل ذلك - (85) كان عن مسألة إبراهيم ربه إيجاب فرض ذلك على لسانه, (وهو الذي) لزم العباد فرضه دون غيره. (86) فقد تبين إذا بما قلنا صحة معنى الخبرين - أعني خبر أبي شريح وابن عباس عن النبي ﷺ أنه قال: " وإن الله حرم مكة يوم خلق الشمس والقمر " - وخبر جابر وأبى هريرة ورافع بن خديج وغيرهم: أن النبي ﷺ قال: " اللهم إن إبراهيم حرم مكة "؛ وأن ليس أحدهما دافعا صحة معنى الآخر، كما ظنه بعض الجهال. وغير جائز في أخبار رسول الله ﷺ أن يكون بعضها دافعا بعضا، إذا ثبت صحتها. وقد جاء الخبران اللذان رويا في ذلك عن رسول الله ﷺ، مجيئا ظاهرا مستفيضا يقطع عذر من بلغه. وأما قول إبراهيم عليه السلام (87) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ (سورة إبراهيم: 37) فإنه، إن يكن قاله قبل إيجاب الله فرض تحريمه على لسانه على خلقه، (88) فإنما عنى بذلك تحريم الله إياه الذي حرمه بحياطته إياه وكلاءته، (89) من غير تحريمه إياه على خلقه على وجه التعبد، لهم بذلك - وإن يكن قال ذلك بعد تحريم الله إياه على خلقه على وجه التعبد فلا مسألة لأحد علينا في ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى : وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قال أبو جعفر: وهذه مسألة من إبراهيم ربه: أن يرزق مؤمني أهل مكة من الثمرات، دون كافريهم. وخص, بمسألة ذلك للمؤمنين دون الكافرين، لما أعلمه الله -عند مسألته إياه أن يجعل من ذريته أئمة يقتدى بهم- أن منهم الكافر الذي لا ينال عهده, والظالم الذي لا يدرك ولايته. فلما أن علم أن من ذريته الظالم والكافر, خص بمسألته ربه أن يرزق من الثمرات من سكان مكة، المؤمن منهم دون الكافر. وقال الله له: إني قد أجبت دعاءك, وسأرزق مع مؤمني أهل هذا البلد كافرهم, فأمتعه به قليلا.
وأما " من " من قوله: " من آمن منهم بالله واليوم الآخر "، فإنه نصبٌ على الترجمة والبيان عن " الأهل "، (90) كما قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ (سورة البقرة: 217)، بمعنى: يسألونك عن قتال في الشهر الحرام, وكما قال تعالى ذكره: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا (سورة آل عمران: 97): بمعنى: ولله حج البيت على من استطاع إليه سبيلا.
وإنما سأل إبراهيم ربه ما سأل من ذلك، لأنه حل بواد غير ذي زرع ولا ماء ولا أهل, فسأل أن يرزق أهله ثمرا, وأن يجعل أفئدة الناس تهوي إليهم. فذكر أن إبراهيم لما سأل ذلك ربه، نقل الله الطائف من فلسطين. 2032- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال، حدثنا هشام قال، قرأت على محمد بن مسلم أن إبراهيم لما دعا للحرم: " وارزق أهله من الثمرات "، نقل الله الطائف من فلسطين.
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلا قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في قائل هذا القول، وفي وجه قراءته. فقال بعضهم: قائل هذا القول ربنا تعالى ذكره, وتأويله على قولهم: قال: ومن كفر فأمتعه قليلا برزقي من الثمرات في الدنيا، إلى أن يأتيه أجله. وقرأ قائل هذه المقالة ذلك: " فأمتعه قليلا "، بتشديد " التاء " ورفع " العين ". * ذكر من قال ذلك: 2033- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه عن الربيع, قال، حدثني أبو العالية, عن أبي بن كعب في قوله: " ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار "، قال هو قول الرب تعالى ذكره. 2034- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق: لما قال إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وعدل الدعوة عمن أبى الله أن يجعل له الولاية, = انقطاعا إلى الله، (91) ومحبة وفراقا لمن خالف أمره, وإن كانوا من ذريته، حين عرف أنه كائن منهم ظالم لا ينال عهده, بخبره عن ذلك حين أخبره (92) = فقال الله: ومن كفر - فإني أرزق البر والفاجر - فأمتعه قليلا. (93)
وقال آخرون: بل قال ذلك إبراهيم خليل الرحمن، على وجه المسألة منه ربه أن يرزق الكافر أيضا من الثمرات بالبلد الحرام, مثل الذي يرزق به المؤمن ويمتعه بذلك قليلا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ - بتخفيف " التاء " وجزم " العين "، وفتح " الراء " من اضطره, وفصل " ثم أضطره " بغير قطع ألفها (94) - على وجه الدعاء من إبراهيم ربه لهم والمسألة. * ذكر من قال ذلك: 2035- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه عن الربيع قال، قال أبو العالية: كان ابن عباس يقول: ذلك قول إبراهيم، يسأل ربه أن من كفر فأمتعه قليلا.
2036- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن ليث, عن مجاهد: " ومن كفر فأمتعه قليلا "، يقول: ومن كفر فأرزقه أيضا، ثم أضطره إلى عذاب النار. (95)
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا والتأويل, ما قاله أبي بن كعب وقراءته, لقيام الحجة بالنقل المستفيض دراية بتصويب ذلك, وشذوذ ما خالفه من القراءة. وغير جائز الاعتراض بمن كان جائزا عليه في نقله الخطأ والسهو, على من كان ذلك غير جائز عليه في نقله. وإذ كان ذلك كذلك, فتأويل الآية: قال الله: يا إبراهيم، قد أجبت دعوتك, ورزقت مؤمني أهل هذا البلد من الثمرات وكفارهم، متاعا لهم إلى بلوغ آجالهم, ثم أضطر كفارهم بعد ذلك إلى النار.
وأما قوله: " فأمتعه قليلا " يعني: فأجعل ما أرزقه من ذلك في حياته متاعا يتمتع به إلى وقت مماته. (96) وإنما قلنا إن ذلك كذلك، لأن الله تعالى ذكره إنما قال ذلك لإبراهيم، جوابا لمسألته ما سأل من رزق الثمرات لمؤمني أهل مكة. فكان معلوما بذلك أن الجواب إنما هو فيما سأله إبراهيم لا في غيره. وبالذي قلنا في ذلك قال مجاهد, وقد ذكرنا الرواية بذلك عنه. (97) وقال بعضهم: تأويله: فأمتعه بالبقاء في الدنيا. وقال غيره: فأمتعه قليلا في كفره ما أقام بمكة, حتى أبعث محمدا ﷺ فيقتله، إن أقام على كفره، أو يجليه عنها. وذلك وإن كان وجها يحتمله الكلام، فإن دليل ظاهر الكلام على خلافه، لما وصفنا. (98)
القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ قال أبو جعفر: يعنى تعالى ذكره بقوله: " ثم أضطره إلى عذاب النار "، ثم أدفعه إلى عذاب النار وأسوقه إليها, كما قال تعالى ذكره: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (سورة الطور: 13). (99)
ومعنى " الاضطرار "، الإكراه. يقال: " اضطررت فلانا إلى هذا الأمر "، إذا ألجأته إليه وحملته عليه. فذلك معنى قوله: " ثم أضطره إلى عذاب النار "، أدفعه إليها وأسوقه، سحبا وجرا على وجهه.
القول في تأويل قوله تعالى : وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) قال أبو جعفر: قد دللنا على أن " بئس " أصله " بِئس " من " البؤس " سُكِّن ثانيه، ونقلت حركة ثانيه إلى أوله, كما قيل للكَبد كِبْد, وما أشبه ذلك. (100)
ومعنى الكلام: وساء المصيرُ عذابُ النار, بعد الذي كانوا فيه من متاع الدنيا الذي متعتهم فيها.
وأما " المصير "، فإنه " مَفعِل " من قول القائل: " صرت مصيرا صالحا "،, وهو الموضع الذي يصير إليه الكافر بالله من عذاب النار. (101)
--------------------------- الهوامش : (78) في المطبوعة : "وانتقال" مكان"وائتفاك" ، وذاك لفظ بلا معنى هنا وبلا دلالة . والائتفاك الانقلاب ، وهو عذاب الله الشديد الذي أنزله بقوم لوط ، فقال سبحانه في سورة هود : "فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها" ، وهذا هو الائتفاك ، ائتفكت بهم الأرض : أي انقلبت فصار عاليها سافلها ، فسمى الله هذه القرى ، قرى لوط"المؤتفكات" في سورة التوبة : 70 ، وفي سورة الحاقة : 9 ، وقال في سورة النجم : 52-53"والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى" (79) الحديث : 2027- هذا مختصر من حديث صحيح مطول : فرواه أحمد في المسند : 16448 (ج 4 ص 32 حلبي) ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن محمد بن إسحاق ، بهذا الإسناد . ورواية ابن إسحاق ثابتة أيضًا -مطولة- في سيرة ابن هشام 4 : 57-58 (حلبي) ، و 823- 824 أوربة ، 2 : 277-278 (من الروض الأنف) . ورواه أيضًا ، بنحوه ، أحمد : 16444 (ج 4 ص 31) ، والبخاري 1 : 176-177 ، و 4 : 35-39 (فتح ) ، ومسلم 1 : 383-384 كلهم من طريق الليث بن سعد ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي شريح . وقوله في الحديث : "أو يعضد بها شجرا" ، أي يقطعه ، يقال"عضد الشجر" ، من باب"ضرب" قطعه . وقوله : "غضبا على أهلها" : هذا هو الصحيح الثابت في رواية ابن إسحاق ، في المسند ، وسيرة ابن هشام ، وفي المطبوعة : "عصى على أهلها" . وهو تصحيف . (80) الحديث : 2028- هذا الحديث رواه الطبري بإسنادين ، عن ثلاثة شيوخ : فرواه عن أبي كريب محمد بن العلاء ، عن عبد الرحيم بن سليمان الرازي . ثم رواه عن ابن حميد - وهو محمد بن حميد الرازي ، وعن ابن وكيع - وهو سفيان بن وكيع ، كلاهما : أعني ابن حميد وابن وكيع ، عن جرير بن عبد الحميد الضبي . ثم يجتمع الإسنادان : فيرويه عبد الرحيم بن سليمان وجرير بن عبد الحميد"جميعا عن يزيد بن أبي زياد" . وهذه الأسانيد ظاهرها الصحة ، وإن كان سفيان بن وكيع ضعيفا ، كما بينا في : 1692- فإن الطبري لم يفرده بالرواية عنه ، بل قرن به محمد الرازي ، وهو ثقة - إلا أن في الحديث انقطاعا ، بين مجاهد وابن عباس . وقد سمع مجاهد من ابن عباس حديثا كثيرا ، ولكن هذا الحديث بعينه رواه"عن طاوس عن ابن عباس" . و"يزيد بن أبي زياد الكوفي مولى بني هاشم" : صدوق ، في حفظه شيء بعد ما كبر ، قال ابن سعد 6 : 237"كان ثقة في نفسه ، إلا أنه اختلط في آخر عمره ، فجاء بالعجائب" . وقال يعقوب بن سفيان : "ويزيد -وإن كانوا يتكلمون فيه لتغييره- فهو على العدالة والثقة ، وإن لم يكن مثل الحكم ومنصور" . وهو مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/334 ، وابن أبي حاتم 4/2/265 . فلعله وهم في حذف"طاوس" بين مجاهد وابن عباس . والحديث في ذاته صحيح . فرواه أحمد بنحوه مطولا : 2353 ، 2898 ، من طريق منصور بن المعتمر ، عن مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس . وكذلك رواه البخاري 4 : 40-42 ، ومسلم 1 : 383 ، من طريق منصور . ومنصور بن المعتمر : سبق توثيقه 177 . وهو أثبت حفظا من مئة مثل يزيد بن أبي زياد . بل قال يحيى القطان : "ما أحد أثبت عن مجاهد وإبراهيم - من منصور" . وقدمه الأئمة -في الحفظ- على الأعمش والحكم . بل إن هذا الحديث نفسه : ذكر الحافظ في الفتح أنه رواه الأعمش عن مجاهد عن النبي ﷺ - مرسلا ، يعني بحذف طاوس وابن عباس ، ثم قال : "ومنصور ثقة حافظ ، فالحكم لوصله" . أي أن هذه الزيادة زيادة ثقة ، يجب قبولها والحكم لها بالترجيح . وقوله في هذه الرواية : "ووضع هذين الأخشبين" . هذه الزيادة لم أجدها في شيء من الروايات الأخر . و"الأخشبان" ، بلفظ التثنية : هما جبلا مكة المطيفان بها . انظر النهاية لابن الأثير ، ومعجم البلدان لياقوت . (81) الحديث : 2029- إسناده صحيح . عبد الرحمن بن مهدي : هو الإمام الحافظ العلم . سفيان : هو الثوري . أبو الزبير : هو المكي ، محمد بن مسلم بن تدرس ، تابعي ثقة . أخرج له الجماعة . جابر : هو ابن عبد الله ، الصحابي المشهور . والحديث رواه مسلم 1 : 385 ، بنحوه ، من طريق محمد بن عبد الله الأسدي ، عن سفيان ، بهذا الإسناد . بلفظ"إن إبراهيم حرم مكة" إلخ . ونقله ابن كثير 1 : 316 ، وقال : "وهكذا رواه النسائي ، عن محمد بن بشار بندار ، به" . و"بندار" : لقب محمد بن بشار . اللابتان : هما الحرتان بجانبي المدينة ، وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها . العضاه ، بكسر العين وتخفيف الضاد المعجمة وآخره هاء : كل شجر عظيم له شوك . (82) الحديث : 2030- أبو السائب : هو مسلم بن جنادة ، مضت ترجمته : 48 . ابن إدريس : هو عبد الله بن إدريس الأودي . سبقت ترجمته في : 438 . عبد الرحيم الرازي : هو عبد الرحيم بن سليمان الرازي الأشل الكناني - الذي مضت له رواية في الحديث 2028- وهو ثقة كثير الحديث . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2/2/239 . أشعث : هو ابن سوار الكندي ، ضعفه بعضهم ، ووثقه آخرون . وقد رجحنا توثيقه في شرح المسند : 661 . مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1/2/430 ، وابن أبي حاتم 1/1/271-272 . نافع : هو مولى ابن عمر ، الثقة الثبت الحجة . وقد كان هذا الإسناد : مغلوطا في المطبوعة هكذا : "حدثنا أبو كريب وأبو السائب ، قالا حدثنا عبد الرحيم الرازي : سمعت أشعث . . . " نقص منه"ابن إدريس" . فكان ظاهره أن أبا كريب وأبا السائب روياه عن عبد الرحيم الرازي عن أشعث . والصواب ما أثبتناه ، نقلا عن ابن كثير 1 : 316 ، عن هذا الموضع من الطبري . فصحة الإسناد : أنه يرويه الطبري عن أبي كريب وأبي السائب . كلاهما عن عبد الله بن إدريس ، ثم يرويه الطبري عن أبي كريب وحده ، عن عبد الرحيم الرازي -وأن عبد الله بن إدريس وعبد الرحيم الرازي سمعاه جميعا من أشعث . وهذا الحديث من هذا الوجه ، قال فيه ابن كثير : "وهذه الطريق غريبة ، ليست في شيء من الكتب الستة" . وأزيد عليه : أني لم أجدها في المسند أيضًا ، ولا في غيره مما استطعت الرجوع إليه من المراجع . ثم أشار ابن كثير إلى أن أصل معناه ثابت عن أبي هريرة ، من وجه آخر ، في صحيح مسلم . وهو حديث مالك في الموطأ ، ص : 885 ، عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة : "كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى رسول الله ﷺ ، فإذا أخذه رسول الله ﷺ قال ، اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا ، وبارك لنا في صاعنا ، وبارك لنا في مدنا . اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك ، وإني عبدك ونبيك ، وإنه دعاك لمكة ، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ، ومثله معه" . وهو في صحيح مسلم 1 : 387 ، عن قتيبة ، عن مالك . (83) الحديث : 2031- بكر من مضر بن محمد بن حكيم المصري : ثقة ، أخرج له الشيخان وغيرهما . مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1/2/95 ، وابن أبي حاتم 1/1/392-393 ، وتذكرة الحفاظ ، وقال : "الإمام المحدث الصادق العابد" . ابن الهاد : هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني . وهو ثقة كثير الحديث ، أخرج له أصحاب الكتب الستة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4/2/344 ، وابن أبي حاتم 4/2/275 . أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري : تابعي ثقة حجة ، لا يسأل عن مثله . عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان : تابعي ثقة ، وكان شريفا جوادا ممدحا . جده لأمه : عبد الله بن عمر بن الخطاب . والحديث رواه مسلم في صحيحه 1 : 385 ، عن قتيبة بن سعيد ، بهذا الإسناد . ونقله ابن كثير 1 : 316 ، وقال : "انفرد بإخراجه مسلم" . يعني دون البخاري . (84) سياق هذه الجملة المعترضة : "بعد أن كانت ممنوعة . . . ، ومحرمة . . . " ، وسياق الجملة التي دخلها الاعتراض : "فصارت مكة . . . فرض تحريمها . . . وواجب على عباده . . . " (85) كلأه الله يكلؤه كلاء (بفتح فسكون) وكلأ (بكسر فسكون) وكلاءة (بكسر الكاف) : حرسه وحفظه . وكان في المطبوعة"الكلاء" بهمزة مفردة مع المد ، وليس صوابا . هذا ، وسياق العبارة : "لأن فرض تحريمها . . . كان عن مسألة إبراهيم ربه" . (86) ما بين القوسين زيادة لا بد منها حتى يستقيم الكلام . (87) في الأصول : "وقول إبراهيم" ، والصواب زيادة"أما" كما يدل عليه السياق . (88) وفيها : "إن يكن قال قبل إيجاب الله" . والصواب ما أثبت . (89) وفيها : "وكلائه" ، والصواب ما أثبت ، وانظر التعليق السالف رقم : 1 . (90) الترجمة : هي عطف البيان أو البدل عند الكوفيين ، كما سلف 2 : 340 ، 420 . (91) يعني أن إبراهيم قال ذلك ، وصرف الدعوة : "انقطاعا إلى الله . . . " (92) في المطبوعة : "أنه كان منهم ظالم . . . " والصواب ما أثبت من تفسير ابن كثير . قوله : "بخبره عن ذلك . . " سياقه ، أنه : عدل الدعوة عمن أبي . . بخبر الله عن ذلك حين أخبره . وفي المطبوعة : "فقال الله . . " ، والفاء مفسدة للسياق ، فإنه : "لما قال إبراهيم . . وعدل الدعوة . . قال الله . . " . (93) الأثر : 2034- في تفسير ابن كثير 1 : 319 ، وفيه اختلاف في بعض اللفظ ، ولم أجده في سيرة ابن هشام . (94) هذا رسم القراءة (فأمتعه قليلا ثم اضطره) ، على أنهما فعلا أمر ، يراد بهما الدعاء والسؤال . (95) الأثر : 2036- كان ينبغي أن يقدم هذا الأثر على ذكر هذه القراءة التي سوف يردها الطبري . وبين من نقل ابن كثير عن الطبري أن موقعه قبل الأثر رقم : 2034 ، وسيأتي في كلام الطبري بعد قليل ما يقطع بأن هذا الخبر عن مجاهد ، بمعزل عن هذه القراءة . فأخشى أن يكون الناسخ قد أسقط الخبر عند النسخ ، ثم عاد فوضعه هنا حين انتبه إلى أنه قد أسقطه . وكدت أرده إلى مكانه ، ولكني آثرت تركه على حاله مع التنبيه على الخطأ ، وفصلته عن الذي قبله بالنجوم الفاصلة . (96) انظر تفسير"المتاع" فيما سلف 1 : 539-541 . (97) انظر الأثر : رقم : 2036 ، والتعليق عليه . (98) ما أحسن ما قال أبو جعفر فإن أكثر الكلام ، يحتمل وجوها ، ولكن سياق المعاني وترابطها يوجب معنى واحدا مما يحتمله الكلام . وهذا ما يعنيه بقوله : "دليل ظاهر الكلام" . وانظر تفسير"الظاهر" فيما سلف 2 : 15 والمراجع قبله وبعده . (99) قال أبو جعفر في تفسير هذه الآية (27 : 13-14 ، بولاق) : "يدفعون بإرهاق وإزعاج . يقال منه . دععت في قفاه : إذا دفعت فيه" . (100) انظر ما سلف 2 : 338-340 . (101) يريد الطبري أنه المنزل الذي ينتهى إليه ، من قولهم : "أين مصيركم؟" ، أي منزلكم . والمصير : العاقبة وما يصير إليه الشيء .

الآية 126 من سورة البَقَرَة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (126) - Surat Al-Baqarah

And [mention] when Abraham said, "My Lord, make this a secure city and provide its people with fruits - whoever of them believes in Allah and the Last Day." [Allah] said. "And whoever disbelieves - I will grant him enjoyment for a little; then I will force him to the punishment of the Fire, and wretched is the destination

الآية 126 من سورة البَقَرَة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (126) - Сура Al-Baqarah

Вот сказал Ибрахим (Авраам): «Господи! Сделай этот город безопасным и надели плодами его жителей, которые уверовали в Аллаха и в Последний день». Он сказал: «А неверующим Я позволю пользоваться благами недолгое время, а затем заставлю их страдать в Огне. Как же скверно это место прибытия!»

الآية 126 من سورة البَقَرَة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (126) - سوره البَقَرَة

اور یہ کہ ابراہیمؑ نے دعا کی: "اے میرے رب، اس شہر کو امن کا شہر بنا دے، اور اس کے باشندوں میں جو اللہ اور آخرت کو مانیں، انہیں ہر قسم کے پھلو ں کا رزق دے" جواب میں اس کے رب نے فرمایا: "اور جو نہ مانے گا، دنیا کی چند روزہ زندگی کا سامان تومیں اُسے بھی دوں گا مگر آخرکار اُسے عذاب جہنم کی طرف گھسیٹوں گا، اور وہ بد ترین ٹھکانا ہے

الآية 126 من سورة البَقَرَة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (126) - Ayet البَقَرَة

İbrahim: "Rabbim! Burasını emin bir şehir kıl, halkından, Allah'a ve ahiret gününe inananları ürünlerle rızıklandır" demişti. Allah da: "İnkar edeni de az bir müddet geçindirir, sonra da onu ateşin azabına uğramak zorunda bırakırım, ne kötü sonuç" buyurmuştu

الآية 126 من سورة البَقَرَة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (126) - versículo البَقَرَة

Y [recuerden] cuando Abraham dijo: "¡Señor mío! Haz de esta ciudad [La Meca] un lugar seguro, y beneficia con frutos a los pobladores que creen en Dios y en el Día del Juicio Final". Dijo [Dios]: "[Pero] al que rechace la verdad lo dejaré disfrutar por un tiempo, y después lo conduciré al castigo del Fuego. ¡Qué pésimo destino