مشاركة ونشر

تفسير الآية السابعة والثمانين (٨٧) من سورة البَقَرَة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية السابعة والثمانين من سورة البَقَرَة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ وَقَفَّيۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ بِٱلرُّسُلِۖ وَءَاتَيۡنَا عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدۡنَٰهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِۗ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِيقٗا كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ ﴿٨٧

الأستماع الى الآية السابعة والثمانين من سورة البَقَرَة

إعراب الآية 87 من سورة البَقَرَة

(قَفَّيْنا) قفاه في الأصل تبع أثره. والقفا مؤخر العنق ومنه قافية الشعر. (وَلَقَدْ) الواو عاطفة اللام واقعة في جواب القسم المحذوف قد حرف تحقيق. (آتَيْنا) فعل ماض وفاعل. (مُوسَى) مفعول به (الْكِتابَ) مفعول به ثان. والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب. (وَقَفَّيْنا) معطوفة. (مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ) متعلقان بالفعل قفينا والجملة معطوفة. (وَآتَيْنا عِيسَى) ماض وفاعل ومفعول به. (ابْنَ) بدل. (مَرْيَمَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة اسم علم أعجمي. (الْبَيِّناتِ) مفعول به ثان منصوب بالكسرة جمع مؤنث سالم. وجملة: (آتينا) معطوفة. (وَأَيَّدْناهُ) فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة. (بِرُوحِ) متعلقان بأيدناه. (الْقُدُسِ) مضاف إليه. (أَفَكُلَّما) الهمزة للاستفهام، الفاء استئنافية، كلما مفعول فيه ظرف زمان متضمن معنى الشرط ومتعلق بجوابه. (جاءَكُمْ) فعل ماض ومفعول به مقدم. (رَسُولٌ) فاعل مؤخر والجملة في محل جر مضاف إليه (بِما) متعلقان بصفة لرسول (لا) نافية (تَهْوى) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر (أَنْفُسُكُمُ) فاعل والهاء مضاف إليه (فَفَرِيقًا) الفاء عاطفة وفريقا مفعول به مقدم للفعل الماضي. (كَذَّبْتُمْ) والجملة معطوفة. (وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) الجملة معطوفة.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (87) من سورة البَقَرَة تقع في الصفحة (13) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (1) ، وهي الآية رقم (94) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم

مواضيع مرتبطة بالآية (25 موضع) :

معاني الآية بعض الكلمات في الآية 87 من سورة البَقَرَة

قفّينا من بعده بالرّسل : أتبعنا على أثره الرّسل على منهاجه يحكمون بشريعته ، بروح القدس : بالروح المطهّر جبريل عليه السلام

الآية 87 من سورة البَقَرَة بدون تشكيل

ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ﴿٨٧

تفسير الآية 87 من سورة البَقَرَة

ولقد أعطينا موسى التوراة، وأتبعناه برسل من بني إسرائيل، وأعطينا عيسى ابن مريم المعجزات الواضحات، وقوَّيناه بجبريل عليه السلام. أفكلما جاءكم رسول بوحي من عند الله لا يوافق أهواءكم، استعليتم عليه، فكذَّبتم فريقًا وتقتلون فريقًا؟

(ولقد آتينا موسى الكتاب) التوراة (وقفيَّنا من بعده بالرسل) أي اتبعناهم رسولا في إثر رسول (وآتينا عيسى ابن مريم البينات) المعجزات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص (وأيدناه) قويناه (بروح القدس) من إضافة الموصوف إلى الصفة أي الروح المقدسة جبريل لطهارته يسير معه حيث سار فلم تستقيموا (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى) تحب (أنفسُكم) من الحق (استكبرتم) تكبرتم عن إتباعه جواب كلما وهو محل الاستفهام، والمراد به التوبيخ (ففريقا) منهم (كذبتم) كعيسى (وفريقاً تقتلون) المضارع لحكاية الحال الماضية: أي قتلتم كزكريا ويحيى.

يمتن تعالى على بني إسرائيل أن أرسل لهم كليمه موسى, وآتاه التوراة, ثم تابع من بعده بالرسل الذين يحكمون بالتوراة, إلى أن ختم أنبياءهم بعيسى ابن مريم عليه السلام، وآتاه من الآيات البينات ما يؤمن على مثله البشر، ( وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) أي: قواه الله بروح القدس. قال أكثر المفسرين: إنه جبريل عليه السلام, وقيل: إنه الإيمان الذي يؤيد الله به عباده. ثم مع هذه النعم التي لا يقدر قدرها, لما أتوكم ( بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ) عن الإيمان بهم، ( فَفَرِيقًا ) منهم ( كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ) فقدمتم الهوى على الهدى, وآثرتم الدنيا على الآخرة، وفيها من التوبيخ والتشديد ما لا يخفى.

ينعت ، تبارك وتعالى ، بني إسرائيل بالعتو والعناد والمخالفة ، والاستكبار على الأنبياء ، وأنهم إنما يتبعون أهواءهم ، فذكر تعالى أنه آتى موسى الكتاب وهو التوراة فحرفوها وبدلوها ، وخالفوا أوامرها وأولوها


وأرسل الرسل والنبيين من بعده الذين يحكمون بشريعته ، كما قال تعالى : ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ) الآية ( المائدة : 44 ) ، ولهذا قال : ( وقفينا من بعده بالرسل ) قال السدي ، عن أبي مالك : أتبعنا
وقال غيره : أردفنا
والكل قريب ، كما قال تعالى : ( ثم أرسلنا رسلنا تترا ) ( المؤمنون : 44 ) حتى ختم أنبياء بني إسرائيل بعيسى ابن مريم ، فجاء بمخالفة التوراة في بعض الأحكام ، ولهذا أعطاه الله من البينات ، وهي : المعجزات
قال ابن عباس : من إحياء الموتى ، وخلقه من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا بإذن الله ، وإبرائه الأسقام ، وإخباره بالغيوب ، وتأييده بروح القدس ، وهو جبريل عليه السلام ما يدلهم على صدقه فيما جاءهم به
فاشتد تكذيب بني إسرائيل له وحسدهم وعنادهم لمخالفة التوراة في البعض ، كما قال تعالى إخبارا عن عيسى : ( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم ) الآية ( آل عمران : 50 )
فكانت بنو إسرائيل تعامل الأنبياء عليهم السلام أسوأ المعاملة ، ففريقا يكذبونه
وفريقا يقتلونه ، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يأتونهم بالأمور المخالفة لأهوائهم وآرائهم وبإلزامهم بأحكام التوراة التي قد تصرفوا في مخالفتها ، فلهذا كان يشق ذلك عليهم ، فيكذبونهم ، وربما قتلوا بعضهم ; ولهذا قال تعالى : ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) والدليل على أن روح القدس هو جبريل ، كما نص عليه ابن مسعود في تفسير هذه الآية ، وتابعه على ذلك ( ابن عباس و ) محمد بن كعب القرظي ، وإسماعيل بن أبي خالد ، والسدي ، والربيع بن أنس ، وعطية العوفي ، وقتادة مع قوله تعالى : ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ( بلسان عربي مبين ) ) ( الشعراء : 193 - 195 ) ما قال البخاري : وقال ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عروة ، عن عائشة : أن رسول الله ﷺ وضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد ، فكان ينافح عن رسول الله ﷺ ، فقال : رسول الله ﷺ : " اللهم أيد حسان بروح القدس كما نافح عن نبيك "
وهذا من البخاري تعليق . وقد رواه أبو داود في سننه ، عن لوين ، والترمذي ، عن علي بن حجر ، وإسماعيل بن موسى الفزاري ، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه وهشام بن عروة ، كلاهما عن عروة ، عن عائشة به
وقال الترمذي : حسن صحيح ، وهو حديث أبي الزناد . وفي الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : أن عمر مر بحسان ، وهو ينشد الشعر في المسجد فلحظ إليه ، فقال : قد كنت أنشد فيه ، وفيه من هو خير منك
ثم التفت إلى أبي هريرة ، فقال : أنشدك الله أسمعت رسول الله ﷺ يقول : " أجب عني ، اللهم أيده بروح القدس " ؟
فقال : اللهم نعم . وفي بعض الروايات : أن رسول الله ﷺ قال لحسان : " اهجهم أو : هاجهم وجبريل معك " . [ وفي شعر حسان قوله : وجبريل رسول الله ينادي وروح القدس ليس به خفاء ] وقال محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي ، عن شهر بن حوشب الأشعري : أن نفرا من اليهود سألوا رسول الله ﷺ فقالوا : أخبرنا عن الروح
فقال : " أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل ، هل تعلمون أنه جبريل ؟ وهو الذي يأتيني ؟ " قالوا : نعم . ( وفي صحيح ابن حبان أظنه عن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال : " إن روح القدس نفخ في روعي : إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب " ) . أقوال أخر : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا منجاب بن الحارث ، حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( بروح القدس ) قال : هو الاسم الأعظم الذي كان عيسى يحيي به الموتى
وقال ابن جرير : حدثت عن المنجاب
فذكره
قال ابن أبي حاتم : وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك
( ونقله القرطبي عن عبيد بن عمير أيضا قال : وهو الاسم الأعظم ) . وقال ابن أبي نجيح : الروح هو حفظة على الملائكة . وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس : القدس هو الرب تبارك وتعالى
وهو قول كعب
وقال السدي : القدس : البركة
وقال العوفي ، عن ابن عباس : القدس : الطهر . ( وحكى القرطبي عن مجاهد والحسن البصري أنهما قالا : القدس : هو الله تعالى ، وروحه : جبريل ، فعلى هذا يكون القول الأول ) . وقال ابن جرير : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله تعالى : ( وأيدناه بروح القدس ) قال : أيد الله عيسى بالإنجيل روحا كما جعل القرآن روحا ، كلاهما روح من الله ، كما قال تعالى : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) ( الشورى : 52 ) . ثم قال ابن جرير : وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال : الروح في هذا الموضع جبريل ، لأن الله ، عز وجل ، أخبر أنه أيد عيسى به ، كما أخبر في قوله : ( إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ) الآية ( المائدة : 110 )
فذكر أنه أيده به ، فلو كان الروح الذي أيده به هو الإنجيل ، لكان قوله : ( إذ أيدتك بروح القدس ) ( وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ) تكرير قول لا معنى له ، والله أعز أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به . قلت : ومن الدليل على أنه جبريل ما تقدم في أول السياق ; ولله الحمد . وقال الزمخشري ( بروح القدس ) بالروح المقدسة ، كما يقول : حاتم الجود ورجل صدق ، ووصفها بالقدس كما قال : ( وروح منه ) فوصفه بالاختصاص والتقريب تكرمة ، وقيل : لأنه لم تضمه الأصلاب والأرحام الطوامث ، وقيل : بجبريل ، وقيل : بالإنجيل ، كما قال في القرآن : ( روحا من أمرنا ) ( الشورى : 52 ) وقيل باسم الله الأعظم الذي كان يحيي الموتى بذكره ، وتضمن كلامه قولا آخر وهو أن المراد روح عيسى نفسه المقدسة المطهرة . وقال الزمخشري في قوله : ( ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) إنما لم يقل : وفريقا قتلتم ; لأنه أراد بذلك وصفهم في المستقبل أيضا لأنهم حاولوا قتل النبي ﷺ بالسم والسحر ، وقد قال ، عليه السلام ، في مرض موته : " ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان انقطاع أبهري " ، وهذا الحديث في صحيح البخاري وغيره .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: (آتينا موسى الكتاب): أنـزلناه إليه. وقد بينا أن معنى " الإيتاء " الإعطاء، فيما مضى قبل. (49)


و " الكتاب " الذي آتاه الله موسى عليه السلام، هو التوراة. وأما قوله: (وقفينا)، فإنه يعني: وأردفنا وأتبعنا بعضهم خلف بعض, كما يقفو الرجل الرجل: إذا سار في أثره من ورائه. وأصله من " القفا ", يقال منه: " قفوت فلانا: إذا صرت خلف قفاه, كما يقال: " دبرته ": إذا صرت في دبره.
ويعني بقوله: (من بعده)، من بعد موسى.
ويعني بـ(الرسل): الأنبياء, وهم جمع " رسول ". يقال: " هو رسول وهم رسل ", كما يقال: " هو صبور وهم قوم صبر, وهو رجل شكور وهم قوم شكر.
وإنما يعني جل ثناؤه بقوله: (وقفينا من بعده بالرسل)، أي أتبعنا بعضهم بعضا على منهاج واحد وشريعة واحدة. لأن كل من بعثه الله نبيا بعد موسى ﷺ إلى زمان عيسى ابن مريم, فإنما بعثه يأمر بني إسرائيل بإقامة التوراة، والعمل بما فيها، والدعاء إلى ما فيها. فلذلك قيل: (وقفينا من بعده بالرسل)، يعني على منهاجه وشريعته, والعمل بما كان يعمل به.
القول في تأويل قوله تعالى : وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ قال أبو جعفر: يعني بقوله: (وآتينا عيسى ابن مريم البينات)، أعطينا عيسى ابن مريم.
ويعني بـ " البينات " التي آتاه الله إياها: ما أظهر على يديه من الحجج والدلالة على نبوته: من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، ونحو ذلك من الآيات، التي أبانت منـزلته من الله, ودلت على صدقه وصحة نبوته، كما:- 1483 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق قال، حدثنا محمد بن أبي محمد, عن سعيد بن جبير، أو عكرمة, عن ابن عباس: (وآتينا عيسى ابن مريم البينات): أي الآيات التي وضع على يديه: من إحياء الموتى, وخلقه من الطين كهيئة الطير، ثم ينفخ فيه فيكون طائرا بإذن الله, وإبراء الأسقام, والخبر بكثير من الغيوب مما يدخرون في بيوتهم, وما رد عليهم من التوراة، مع الإنجيل الذي أحدث الله إليه.
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ قال أبو جعفر: أما معنى قوله: (وأيدناه)، فإنه قويناه فأعناه, كما:- 1484 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر, عن الضحاك: (وأيدناه)، يقول: نصرناه. يقال منه: " أيدك الله "، أي قواك," وهو رجل ذو أَيْد، وذو آد ", يراد: ذو قوة. ومنه قول العجاج: من أن تبدلت بآدي آدا (50) * يعني: بشبابي قوة المشيب، ومنه قول الآخر: (51) إن القــداح إذا اجــتمعن فرامهــا بالكســـر ذو جَــلَد وبطش أيِّــد (52) يعني بالأيد: القوي.
ثم اختلف في تأويل قوله: (بروح القدس). فقال بعضهم: " روح القدس " الذي أخبر الله تعالى ذكره أنه أيد عيسى به، هو جبريل عليه السلام. * ذكر من قال ذلك: 1485 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: (وأيدناه بروح القدس) قال: هو جبريل. 1486 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي قوله: (وأيدناه بروح القدس)، قال: هو جبريل عليه السلام. 1487 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك في قوله: (وأيدناه بروح القدس)، قال: روح القدس، جبريل. 1488 - حدثنا عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: (وأيدناه بروح القدس)، قال: أيد عيسى بجبريل، وهو روح القدس. 1489 - وقال ابن حميد، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين المكي, عن شهر بن حوشب الأشعري: أن نفرا من اليهود سألوا رسول الله ﷺ فقالوا: أخبرنا عن الروح. قال: أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلمون أنه جبريل؟ وهو (الذي) يأتيني؟ قالوا: نعم. (53) وقال آخرون: الروح الذي أيد الله به عيسى، هو الإنجيل. * ذكر من قال ذلك: 1490 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وأيدناه بروح القدس)، قال: أيد الله عيسى بالإنجيل روحا، كما جعل القرآن روحا كلاهما روح الله, كما قال الله: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ( الشورى: 52).
وقال آخرون: هو الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى. * ذكر من قال ذلك: 1491 - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس: (وأيدناه بروح القدس)، قال: هو الاسم الذي كان يحيي عيسى به الموتى.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال: " الروح " في هذا الموضع جبريل. لأن الله جل ثناؤه أخبر أنه أيد عيسى به, كما أخبر في قوله: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (المائدة: 110)، فلو كان الروح الذي أيده الله به هو الإنجيل، لكان قوله: إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ، و " إذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل "، تكرير قول لا معنى له. وذلك أنه على تأويل قول من قال: معنى إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ، إنما هو: إذ أيدتك بالإنجيل - وإذ علمتك الإنجيل. وهو لا يكون به مؤيدا إلا وهو مُعَلَّمُه، فذلك تكرير كلام واحد، من غير زيادة معنى في أحدهما على الآخر. وذلك خلف من الكلام, (54) والله تعالى ذكره يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدة. وإذْ كان ذلك كذلك، فَبَيِّنٌ فساد قول من زعم أن " الروح " في هذا الموضع، الإنجيل, وإن كان جميع كتب الله التي أوحاها إلى رسله روحا منه لأنها تحيا بها القلوب الميتة, وتنتعش بها النفوس المولية, وتهتدي بها الأحلام الضالة.
وإنما سمى الله تعالى جبريل " روحا " وأضافه إلى " القدس "، لأنه كان بتكوين الله له روحا من عنده، من غير ولادة والد ولده, فسماه بذلك " روحا "، وأضافه إلى " القدس " - و " القدس "، هو الطهر - كما سمي عيسى ابن مريم " روحا " لله من أجل تكوينه له روحا من عنده من غير ولادة والد ولده.
وقد بينا فيما مضى من كتابنا هذا، أن معنى " التقديس ": التطهير, و " القدس "- الطهر، من ذلك. وقد اختلف أهل التأويل في معناه في هذا الموضع نحو اختلافهم في الموضع الذي ذكرناه. (55) 1492 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: القدس، البركة. 1493 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه قال: القدس، وهو الرب تعالى ذكره. 1494 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (وأيدناه بروح القدس)، قال: الله، القدس, وأيد عيسى بروحه، قال: نعت الله، القدس. وقرأ قول الله جل ثناؤه: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ (الحشر: 23)، قال: القدس والقدوس، واحد. 1495 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث, عن سعيد بن أبي هلال، (عن هلال) بن أسامة, عن عطاء بن يسار قال، قال كعب: الله، القدس. (56)
القول في تأويل قوله تعالى : أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم)، اليهود من بني إسرائيل. 1496 - حدثني بذلك محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد.
قال أبو جعفر: يقول الله جل ثناؤه لهم: يا معشر يهود بني إسرائيل, لقد آتينا موسى التوراة, وتابعنا من بعده بالرسل إليكم, وآتينا عيسى ابن مريم البينات والحجج، إذ بعثناه إليكم, وقويناه بروح القدس، وأنتم كلما جاءكم رسول من رسلي بغير الذي تهواه نفوسكم استكبرتم عليهم - تجبرا وبغيا - استكبار إمامكم إبليس، فكذبتم بعضا منهم. وقتلتم بعضا. فهذا فعلكم أبدا برسلي.
وقوله: (أفكلما)، وإن كان خرج مخرج التقرير في الخطاب، فهو بمعنى الخبر. -------------- الهوامش: (49) انظر ما سلف 1 : 574 . (50) زيادة ديوانه : 76 ، واللسان (آود) (أيد) ومجاز القرآن : 46 ، وأمالي الزجاجي : 39 في خبر ، ورواه : فــــإن تبـــدلت بـــآدي آدا لــم يــك ينــآد فأمســى انـآدا فقـــد أرانــي أصــل القعــادا . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . والقعاد: القواعد من النساء، جمع على جمع المذكر، كما قال القطامي: أبصــارهن إلــى الشـبان مائلـة وقــد أراهـن عنـي غـير صـداد يعني : غير صواد . (51) ينسب البيت - من أبيات - لعبد الملك بن مروان ، والصواب أنه لعبد الله بن عبد الأعلى ابن أبي عمرة الشيباني . مولى بني شيبان (تاريخ الطبري 4 : 22 / وسمط اللآلئ : 963 ترجمته) . (52) البيت من أبيات جياد رواها أبو العباس المبرد في التعازي والمراثي ورقة : 105 ، 106 ، والمسعودى في مروج الذهب 3 : 104 ، ولباب الآداب : 31 ، وجاء بيت الشاهد في تاريخ الإسلام للذهبي 3 : 280 ، وتاريخ ابن كثير 9 : 67 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : 147 ، واختلفت رواية البيت الشاهد . وقد أوصى عبد الملك بن مروان بنيه وصية جليلة ، ثم قال لهم احفظوا عني هذه الأبيات - يعني شعر عبد الله بن عبد الأعلى - أمرهم أن يجتمعوا ولا يتفرقوا فتذهب ريحهم . وبعد البيت : عـزت ولـم تكسـر, وإن هـي بددت فـــالوهن والتكســـير للمتبــدد (53) الحديث : 1489 - وقع في المطبوعة "حدثنا سلمة، عن إسحاق" . وهو خطأ ، صوابه"عن ابن إسحاق" . عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين المكي : ثقة فقيه ، من شيوخ الليث ومالك . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 /97 . شهر بن حوشب الأشعري : تابعي ثقة ، ومن تكلم فيه فلا حجة له . وقد فصلنا القول في توثيقه ، في شرح المسند : 5007 . وهو مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري . 2 /2 / 659 - 260 ، وابن سعد 7 /2 /158 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 382 - 383 . ولكن هذا الحديث مرسل ، فإن شهرا تابعي كما قلنا . ومعناه - في تفسير"الروح" بأنه جبريل - ثابت في أحاديث صحاح متكاثرة . ذكر منها ابن كثير 1 : 227 حديث ابن مسعود ، في صحيح ابن حبان ، مرفوعا : "إن روح القدس نقث في روعي : أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" . وقد ذكرنا في شرحنا رسالة الشافعي . رقم : 306 كثيرا من هذا المعنى . وهذا الحديث جزء من حديث مطول ، سيأتي بهذا الإسناد رقم : 1606 . (54) الخلف : الرديء الفاسد من القول . يقال في المثل : "سكت ألفا ونطق خلفا" ، للرجل يطيل الصمت ، فإذا تكلم تكلم بالخطأ والخطل . (55) انظر ما سلف 1 : 475 - 476 . (56) الخبر: 1495 - هو كلمة من كلام كعب الأحبار. أما الإسناد إليه ففيه إشكال. ولعله خطأ من الناسخين. فليس في الرواة - فيما علمنا - من يسمى"سعيد بن أبي هلال بن أسامة" كما كان في المطبوعة. وإنما صوابه ما رجحنا إثباته، بزيادة (عن هلال). فسعيد بن أبي هلال الليثي المدني المصري: ثقة من أتباع التابعين، يروي عنه عمرو بن الحارث (الذي سبقت ترجمته في 1387). وسعيد مترجم في التهذيب، وفي الكبير للبخاري 2 / 1 /475، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 71 . وهلال بن أسامة: هو: "هلال بن علي بن أسامة المدني " ، وبعضهم نسبه إلى جده ، فقال: ابن أسامة"، كما في التهذيب، وهو ثقة. مترجم أيضًا في الكبير للبخاري 4 / 2 /204 - 205، وابن أبي حاتم 4 /2 /76. وقد فصلنا القول في ترجمته، في شرح المسند: 7346.

الآية 87 من سورة البَقَرَة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (87) - Surat Al-Baqarah

And We did certainly give Moses the Torah and followed up after him with messengers. And We gave Jesus, the son of Mary, clear proofs and supported him with the Pure Spirit. But is it [not] that every time a messenger came to you, [O Children of Israel], with what your souls did not desire, you were arrogant? And a party [of messengers] you denied and another party you killed

الآية 87 من سورة البَقَرَة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (87) - Сура Al-Baqarah

Мы даровали Мусе (Моисею) Писание и отправили вслед за ним череду посланников. Мы даровали Исе (Иисусу), сыну Марьям (Марии), ясные знамения и укрепили его Святым Духом (Джибрилем). Неужели каждый раз, когда посланник приносил вам то, что было вам не по душе, вы проявляли высокомерие, нарекали лжецами одних и убивали других

الآية 87 من سورة البَقَرَة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (87) - سوره البَقَرَة

ہم نے موسیٰؑ کو کتاب دی، اس کے بعد پے در پے رسول بھیجے، آخر کار عیسیٰؑ ابن مریمؑ کو روشن نشانیاں دے کر بھیجا اور روح پاک سے اس کی مدد کی پھر یہ تمہارا کیا ڈھنگ ہے کہ جب بھی کوئی رسول تمہاری خواہشات نفس کے خلاف کوئی چیز لے کر تمہارے پاس آیا، تو تم نے اس کے مقابلے میں سرکشی ہی کی، کسی کو جھٹلایا اور کسی کو قتل کر ڈالا

الآية 87 من سورة البَقَرَة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (87) - Ayet البَقَرَة

And olsun ki, Musa'ya kitap verdik, ondan sonra ardarda peygamberler gönderdik. Meryem oğlu İsa'ya belgeler verdik, onu Ruhul Kudüs ile destekledik. Size bir peygamber nefsinizin hoşlanmadığı bir şey getirdikçe, büyüklük taslayarak, bir kısmını yalancı sayıp, bir kısmını öldürür müsünüz

الآية 87 من سورة البَقَرَة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (87) - versículo البَقَرَة

Y revelé a Moisés el Libro, y después de él envié Mensajeros; y concedí a Jesús, el hijo de María, milagros evidentes y lo fortalecí con el Espíritu Santo [el ángel Gabriel]. ¿No es cierto acaso que cada vez que se les presentaba un Mensajero que no satisfacía sus deseos se comportaban con soberbia, desmintiendo a unos y matando a otros