(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) حرمت فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور والميتة نائب فاعله (وَالدَّمُ) عطف على الميتة (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) عطف كذلك (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) ما اسم موصول معطوف والواو عاطفة وجملة أهل صلة الموصول. لغير، وبه: كلاهما متعلقان بأهل واللّه لفظ الجلالة مضاف إليه (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ) عطف (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) ما اسم موصول والجملة صلة والواو عاطفة. (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) ما اسم موصول مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء بإلا وجملة (ذَكَّيْتُمْ) صلة الموصول (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) الجملة معطوفة على ما قبلها (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) المصدر المؤول من أن والفعل بعدها معطوف على الميتة أي: وحرم عليكم الاستقسام. (ذلِكُمْ فِسْقٌ) اسم إشارة مبتدأ وفسق خبره والجملة مستأنفة (الْيَوْمَ) ظرف زمان متعلق بالفعل يئس (يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) اسم الموصول فاعل والجملة بعده صلة الموصول والجار والمجرور متعلقان بكفروا وجملة (يَئِسَ) مستأنفة (فَلا تَخْشَوْهُمْ) فعل مضارع مجزوم بحذف النون وفاعله والهاء مفعوله والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم لأنها بعد فاء الفصيحة. (وَاخْشَوْنِ) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والنون للوقاية والمفعول به محذوف أي: واخشوني والجملة معطوفة على ما قبلها. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ظرف الزمان اليوم متعلق بالفعل بعده ولكم متعلقان بهذا الفعل أيضا والتاء فاعل ودينكم مفعول به والجملة مستأنفة. (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) الجملة معطوفة (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) والجملة معطوفة دينا حال أو مفعول به ثان إذا كانت رضيت بمعنى جعلت (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) اسم الشرط من مبتدأ اضطر فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر في محل جزم. في مخمصة: متعلقان باضطر وجملة (فَمَنِ اضْطُرَّ) استئنافية (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) غير حال والجار والمجرور متعلقان بمتجانف. (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الجملة في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من.
هي الآية رقم (3) من سورة المَائدة تقع في الصفحة (107) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (6) ، وهي الآية رقم (672) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم
الدمُ : الدم المسفوح وهو السائل ، لحمُ الخنزير : يعني الخنزير بجميع أجزائه ، ما أُهل لغير الله به : ما ذُكر عند ذبحه اسمُ غيره تعالى ، المنخنقة : الميتةُ بالخنق ، الموقوذة : الميتةُ بالضرب ، المتردية : الميتةُ بالسقوط من علو ، النطيحة : الميتةُ بالنطح ، ما أكل السبع : ما أكل منهُ فمات بجرحه ، ما ذكيتم : ما أدركتموه وفيه حياة فذبحتموه ، النصب : حجارة حول الكعبة يعظمونها ، تستقسموا : تطلبوا معرفة ما قُسم لكم ، بالأزلام : قداحٌ معلمةٌ معروفةٌ في الجاهلية ، ذلكم فسق : خروج عن طاعة الله إلى معصيته ، اضطُرًّ : ألجَأته الضرورة للتناول منها ، مخمصة : مجاعة شديدة ، مُتجانف لإثم : مائل إليه بتجاورز قدر الضرورة
حرَّم الله عليكم الميتة، وهي الحيوان الذي تفارقه الحياة بدون ذكاة، وحرَّم عليكم الدم السائل المُراق، ولحم الخنزير، وما ذُكِر عليه غير اسم الله عند الذبح، والمنخنقة التي حُبِس نَفَسُها حتى ماتت، والموقوذة وهي التي ضُربت بعصا أو حجر حتى ماتت، والمُتَرَدِّية وهي التي سقطت من مكان عال أو هَوَت في بئر فماتت، والنطيحة وهي التي ضَرَبَتْها أخرى بقرنها فماتت، وحرَّم الله عليكم البهيمة التي أكلها السبُع، كالأسد والنمر والذئب، ونحو ذلك. واستثنى -سبحانه- مما حرَّمه من المنخنقة وما بعدها ما أدركتم ذكاته قبل أن يموت فهو حلال لكم، وحرَّم الله عليكم ما ذُبِح لغير الله على ما يُنصب للعبادة من حجر أو غيره، وحرَّم الله عليكم أن تطلبوا عِلْم ما قُسِم لكم أو لم يقسم بالأزلام، وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها إذا أرادوا أمرًا قبل أن يقدموا عليه. ذلكم المذكور في الآية من المحرمات -إذا ارتُكبت- خروج عن أمر الله وطاعته إلى معصيته. الآن انقطع طمع الكفار من دينكم أن ترتدوا عنه إلى الشرك بعد أن نصَرْتُكم عليهم، فلا تخافوهم وخافوني. اليوم أكملت لكم دينكم دين الإسلام بتحقيق النصر وإتمام الشريعة، وأتممت عليكم نعمتي بإخراجكم من ظلمات الجاهلية إلى نور الإيمان، ورضيت لكم الإسلام دينًا فالزموه، ولا تفارقوه. فمن اضطرَّ في مجاعة إلى أكل الميتة، وكان غير مائل عمدًا لإثم، فله تناوله، فإن الله غفور له، رحيم به.
(حرِّمت عليكم الميتة) أي أكلها (والدم) أي المسفوح كما في الأنعام (ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به) بأن ذُبح على اسم غيره (والمنخنقة) الميتة خنقا (والموقوذة) المقتولة ضربا (والمتردية) الساقطة من علو إلى أسفل فماتت (والنطيحة) المقتولة بنطح أخرى لها (وما أكل السبع) منه (إلا ما ذكيتم) أي أدركتم فيه الروح من هذه الأشياء فذبحتموه (وما ذُبح على) اسم (النصب) جمع نصاب وهي الأصنام (وأن تستقسموا) تطلبوا القسم والحكم (بالأزلام) جمع زلم بفتح الزاي وضمها مع فتح اللام قدح _بكسر القاف_ صغير لا ريش له ولا نصل وكانت سبعة عند سادن الكعبة عليها أعلام وكانوا يحكمونها فإن أمرتهم ائتمروا وإن نهتهم انتهوا (ذلكم فسق) خروج عن الطاعة. ونزل يوم عرفة عام حجة الوداع (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) أن ترتدوا عنه بعد طمعهم في ذلك لما رأوا من قوته (فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملتُ لكم دينكم) أحكامه وفرائضه فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام (وأتممت عليكم نعمتي) بإكماله وقيل بدخول مكة آمنين (ورضيت) أي اخترت (لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة) مجاعة إلى أكل شيء مما حرم عليه فأكله (غير متجانف) مائل (لإثم) معصية (فإن الله غفور) له ما أكل (رحيم) به في إباحته له بخلاف المائل لإثم أي المتلبس به كقاطع الطريق والباغي مثلا فلا يحل له الأكل.
هذا الذي حولنا الله عليه في قوله: ( إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ْ) واعلم أن الله تبارك وتعالى لا يحرّم ما يحرّم إلا صيانة لعباده، وحماية لهم من الضرر الموجود في المحرمات، وقد يبين للعباد ذلك وقد لا يبين. فأخبر أنه حرم ( الْمَيْتَة ْ) والمراد بالميتة: ما فُقِدَت حياتُهُ بغير ذكاة شرعية، فإنها تحرم لضررها، وهو احتقان الدم في جوفها ولحمها المضر بآكلها. وكثيرا ما تموت بعلة تكون سببا لهلاكها، فتضر بالآكل. ويستثنى من ذلك ميتة الجراد والسمك، فإنه حلال. ( وَالدَّمَ ْ) أي: المسفوح، كما قيد في الآية الأخرى. ( وَلَحْم الْخِنْزِيرِ ْ) وذلك شامل لجميع أجزائه، وإنما نص الله عليه من بين سائر الخبائث من السباع، لأن طائفة من أهل الكتاب من النصارى يزعمون أن الله أحله لهم. أي: فلا تغتروا بهم، بل هو محرم من جملة الخبائث. ( وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ْ) أي: ذُكر عليه اسم غير الله تعالى، من الأصنام والأولياء والكواكب وغير ذلك من المخلوقين. فكما أن ذكر الله تعالى يطيب الذبيحة، فذكر اسم غيره عليها، يفيدها خبثا معنويا، لأنه شرك بالله تعالى. ( وَالْمُنْخَنِقَةُ ْ) أي: الميتة بخنق، بيد أو حبل، أو إدخالها رأسها بشيء ضيق، فتعجز عن إخراجه حتى تموت. ( وَالْمَوْقُوذَةُ ْ) أي: الميتة بسبب الضرب بعصا أو حصى أو خشبة، أو هدم شيء عليها، بقصد أو بغير قصد. ( وَالْمُتَرَدِّيَةُ ْ) أي: الساقطة من علو، كجبل أو جدار أو سطح ونحوه، فتموت بذلك. ( وَالنَّطِيحَةُ ْ) وهي التي تنطحها غيرها فتموت. ( وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ْ) من ذئب أو أسد أو نمر، أو من الطيور التي تفترس الصيود، فإنها إذا ماتت بسبب أكل السبع، فإنها لا تحل. وقوله: ( إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ْ) راجع لهذه المسائل، من منخنقة، وموقوذة، ومتردية، ونطيحة، وأكيلة سبع، إذا ذكيت وفيها حياة مستقرة لتتحقق الذكاة فيها، ولهذا قال الفقهاء: ( لو أبان السبع أو غيره حشوتها، أو قطع حلقومها، كان وجود حياتها كعدمه، لعدم فائدة الذكاة فيها ْ) (وبعضهم لم يعتبر فيها إلا وجود الحياة فإذا ذكاها وفيها حياة حلت ولو كانت مبانة الحشوة وهو ظاهر الآية الكريمة) ( وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ْ) أي: وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام. ومعنى الاستقسام: طلب ما يقسم لكم ويقدر بها، وهي قداح ثلاثة كانت تستعمل في الجاهلية، مكتوب على أحدها "افعل" وعلى الثاني "لا تفعل" والثالث غفل لا كتابة فيه. فإذا هَمَّ أحدهم بسفر أو عرس أو نحوهما، أجال تلك القداح المتساوية في الجرم، ثم أخرج واحدا منها، فإن خرج المكتوب عليه "افعل" مضى في أمره، وإن ظهر المكتوب عليه "لا تفعل" لم يفعل ولم يمض في شأنه، وإن ظهر الآخر الذي لا شيء عليه، أعادها حتى يخرج أحد القدحين فيعمل به. فحرمه الله عليهم، الذي في هذه الصورة وما يشبهه, وعوضهم عنه بالاستخارة لربهم في جميع أمورهم. ( ذَلِكُمْ فِسْقٌ ْ) الإشارة لكل ما تقدم من المحرمات، التي حرمها الله صيانة لعباده، وأنها فسق، أي: خروج عن طاعته إلى طاعة الشيطان. ثم امتن على عباده بقوله: ( الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَة غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ْ) واليوم المشار إليه يوم عرفة، إذ أتم الله دينه، ونصر عبده ورسوله، وانخذل أهل الشرك انخذالا بليغا، بعد ما كانوا حريصين على رد المؤمنين عن دينهم، طامعين في ذلك. فلما رأوا عز الإسلام وانتصاره وظهوره، يئسوا كل اليأس من المؤمنين، أن يرجعوا إلى دينهم، وصاروا يخافون منهم ويخشون، ولهذا في هذه السنة التي حج فيها النبي ﷺ سنة عشر حجة الوداع - لم يحج فيها مشرك، ولم يطف بالبيت عريان. ولهذا قال: ( فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ْ) أي: فلا تخشوا المشركين، واخشوا الله الذي نصركم عليهم وخذلهم، ورد كيدهم في نحورهم. ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ْ) بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية، في أحكام الدين أصوله وفروعه. فكل متكلف يزعم أنه لا بد للناس في معرفة عقائدهم وأحكامهم إلى علوم غير علم الكتاب والسنة، من علم الكلام وغيره، فهو جاهل، مبطل في دعواه، قد زعم أن الدين لا يكمل إلا بما قاله ودعا إليه، وهذا من أعظم الظلم والتجهيل لله ولرسوله. ( وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ْ) الظاهرة والباطنة ( وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ْ) أي: اخترته واصطفيته لكم دينا، كما ارتضيتكم له، فقوموا به شكرا لربكم، واحمدوا الذي مَنَّ عليكم بأفضل الأديان وأشرفها وأكملها. ( فَمَنِ اضْطُرَّ ْ) أي: ألجأته الضرورة إلى أكل شيء من المحرمات السابقة، في قوله: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ْ) ( فِي مَخْمَصَةٍ ْ) أي: مجاعة ( غَيْرَ مُتَجَانِفٍ ْ) أي: مائل ( لِإِثْمٍ ْ) بأن لا يأكل حتى يضطر، ولا يزيد في الأكل على كفايته ( فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ْ) حيث أباح له الأكل في هذه الحال، ورحمه بما يقيم به بنيته من غير نقص يلحقه في دينه.
يخبر تعالى عباده خبرا متضمنا النهي عن تعاطي هذه المحرمات من الميتة وهي : ما مات من الحيوان حتف أنفه ، من غير ذكاة ولا اصطياد ، وما ذاك إلا لما فيها من المضرة ، لما فيها من الدم المحتقن ، فهي ضارة للدين وللبدن فلهذا حرمها الله ، عز وجل ، ويستثني من الميتة السمك ، فإنه حلال سواء مات بتذكية أو غيرها ، لما رواه مالك في موطئه والشافعي وأحمد في مسنديهما وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله ﷺ سئل عن ماء البحر ، فقال : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " . وهكذا الجراد ، لما سيأتي من الحديث ، وقوله : ( والدم ) يعني ( به ) المسفوح ; لقوله : ( أو دما مسفوحا ) ( الأنعام : 145 ) قاله ابن عباس وسعيد بن جبير . قال ابن أبي حاتم : حدثنا كثير بن شهاب المذحجي ، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق ، حدثنا عمرو - يعني ابن قيس - عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس : أنه سئل عن الطحال فقال : كلوه
حرمت عليكم الميتة القول في تأويل قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) يعني بذلك جل ثناؤه : حرم الله عليكم أيها المؤمنون الميتة , والميتة : كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره , مما أباح الله أكلها , وأهليها ووحشيها , فارقتها روحها بغير تذكية . وقد قال بعضهم : الميتة : هو كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير تذكية مما أحل الله أكله . وقد بينا العلة الموجبة صحة القول بما قلنا في ذلك في كتابنا : كتاب " لطيف القول في الأحكام " .والدم وأما الدم : فإنه الدم المسفوح دون ما كان منه غير مسفوح ; لأن الله جل ثناؤه قال : ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ) فأما ما كان قد صار في معنى اللحم كالكبد والطحال , وما كان في اللحم غير منسفح , فإن ذلك غير حرام , لإجماع الجميع على ذلك .ولحم الخنزير وأما قوله : ( ولحم الخنزير ) فإنه يعني : وحرم عليكم لحم الخنزير , أهليه وبريه . فالميتة والدم مخرجهما في الظاهر مخرج عموم , والمراد منهما الخصوص وأما لحم الخنزير , فإن ظاهره كباطنه وباطنه كظاهره , حرام جميعه لم يخصص منه شيء .وما أهل لغير الله به وأما قوله : ( وما أهل لغير الله به ) فإنه يعني : وما ذكر عليه غير اسم الله . وأصله من استهلال الصبي وذلك إذا صاح حين يسقط من بطن أمه , ومنه إهلال المحرم بالحج إذا لبى به , ومنه قول ابن أحمر : يهل بالفرقد ركبانها كما يهل الراكب المعتمر وإنما عنى بقوله : ( وما أهل لغير الله به ) وما ذبح للآلهة وللأوثان يسمى عليه غير اسم الله . وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل , وقد ذكرنا الرواية عمن قال ذلك فيما مضى فكرهنا إعادته .والمنخنقة القول في تأويل قوله تعالى : ( والمنخنقة ) اختلفت أهل التأويل في صفة الانخناق الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله ( والمنخنقة ) فقال بعضهم بما : 8648 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : ( والمنخنقة ) قال : التي تدخل رأسها بين شعبتين من شجرة , فتختنق فتموت . 8649 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو خالد الأحمر , عن جويبر , عن الضحاك , في المنخنقة , قال : التي تختنق فتموت . 8650 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : حدثنا معمر , عن قتادة في قوله : ( والمنخنقة ) التي تموت في خناقها . وقال آخرون : هي التي توثق فيقتلها بالخناق وثاقها . ذكر من قال ذلك : 8651 - حدثت عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ , يقول : أخبرنا عبيد , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( والمنخنقة ) قال : الشاة توثق , فيقتلها خناقها , فهي حرام . وقال آخرون : بل هي البهيمة من النعم , كان المشركون يخنقونها حتى تموت , فحرم الله أكلها . ذكر من قال ذلك : 8652 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ( والمنخنقة ) التي تخنق فتموت . 8653 - حدثنا بشر قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( والمنخنقة ) كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة , حتى إذا ماتت أكلوها . وأولى هذه الأقوال بالصواب , قول من قال : هي التي تختنق , إما في وثاقها , وإما بإدخال رأسها في الموضع الذي لا تقدر على التخلص منه فتختنق حتى تموت . وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك من غيره ; لأن المنخنقة : هي الموصوفة بالانخناق دون خنق غيرها لها , ولو كان معنيا بذلك أنها مفعول بها لقيل : والمخنوقة , حتى يكون معنى الكلام ما قالوا .والموقوذة القول في تأويل قوله تعالى : ( والموقوذة ) يعني جل ثناؤه بقوله ( والموقوذة ) والميتة وقيذا , يقال منه : وقذه يقذه وقذا : إذا ضربه حتى أشرف على الهلاك , ومنه قول الفرزدق : شغارة تقذ الفصيل برجلها فطارة لقوادم الأبكار وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 8654 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ( والموقوذة ) قال : الموقوذة التي تضرب بالخشب حتى يقذها فتموت . 8655 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال ثنا سعيد , عن قتادة : ( والموقوذة ) كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصا , حتى إذا ماتت أكلوها . * - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا روح , قال : ثنا شعبة , عن قتادة في قوله : ( والموقوذة ) قال : كانوا يضربونها حتى يقذوها , ثم يأكلوها . * - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : ( والموقوذة ) التي توقذ فتموت . 8656 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو خالد الأحمر , عن جويبر , عن الضحاك , قال : ( الموقوذة ) التي تضرب حتى تموت . 8657 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : ( والموقوذة ) قال : هي التي تضرب فتموت . 8658 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سلمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( والموقوذة ) كانت الشاة أو غيرها من الأنعام تضرب بالخشب لآلهتهم حتى يقتلوها فيأكلوها . * - حدثنا العباس بن الوليد , قال : أخبرني عقبة بن علقمة , ثني إبراهيم بن أبي عبلة , قال : ثني نعيم بن سلامة , عن أبي عبد الله الصنابحي , قال : ليست الموقوذة إلا في مالك , وليس في الصيد وقيذ .والمتردية القول في تأويل قوله تعالى : ( والمتردية ) يعني بذلك جل ثناؤه : وحرمت عليكم الميتة ترديا من جبل , أو في بئر , أو غير ذلك . وترديها : رميها بنفسها من مكان عال مشرف إلى سفله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 8659 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : ( والمتردية ) قال : التي تتردى من الجبل . 8660 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( والمتردية ) كانت تتردى في البئر فتموت فيأكلونها . * - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا روح , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( والمتردية ) قال : التي تردت في البئر . 8661 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي في قوله : ( والمتردية ) قال : هي التي تردى من الجبل أو في البئر , فتموت . 8662 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو خالد الأحمر , عن جويبر , عن الضحاك : ( والمتردية ) التي تردى من الجبل فتموت . 8663 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ , يقول : ثنا عبيد , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( والمتردية ) قال : التي تخر في ركي أو من رأس جبل فتموت .والنطيحة القول في تأويل قوله تعالى : ( والنطيحة ) يعني بقوله ( النطيحة ) الشاة التي تنطحها أخرى فتموت من النطاح بغير تذكية , فحرم الله جل ثناؤه ذلك على المؤمنين إن لم يدركوا ذكاته قبل موته . وأصل النطيحة : المنطوحة , صرفت من مفعولة إلى فعيلة . فإن قال قائل : وكيف أثبتت الهاء هاء التأنيث فيها , وأنت تعلم أن العرب لا تكاد تثبت الهاء في نظائرها إذا صرفوها صرف النطيحة من مفعول إلى فعيل , إنما تقول : لحية دهين , وعين كحيل , وكف خضيب , ولا يقولون كف خضيبة ولا عين كحيلة ؟ قيل : قد اختلفت أهل العربية في ذلك , فقال بعض نحويي البصرة : أثبتت فيها الهاء , أعني في النطيحة ; لأنها جعلت كالاسم مثل الطويلة والطريقة فكأن قائل هذا القول وجه النطيحة إلى معنى الناطحة . فتأويل الكلام على مذهبه : وحرمت عليكم الميتة نطاحا , كأنه عنى : وحرمت عليكم الناطحة التي تموت من نطاحها . وقال بعض نحويي الكوفة : إنما تحذف العرب الهاء من الفعيلة المصروفة عن المفعول إذا جعلتها صفة لاسم , قد تقدمها , فتقول : رأينا كفا خضيبا وعينا كحيلا . فأما إذا حذفت الكف والعين والاسم الذي يكون فعيل نعتا لها واجتزءوا بفعيل منها , أثبتوا فيه هاء التأنيث , ليعلم بثبوتها فيه أنها صفة للمؤنث دون المذكر , فتقول : رأينا كحيلة وخضيبة وأكيلة السبع , قالوا : ولذلك أدخلت الهاء في النطيحة ; لأنها صفة المؤنث , ولو أسقطت منها لم يدر أهي صفة مؤنث أو مذكر . وهذا القول هو أولى القولين في ذلك بالصواب الشائع من أقوال أهل التأويل , بأن معنى النطيحة : المنطوحة . ذكر من قال ذلك : 8664 - حدثني المثنى , قال ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن أبي عباس , قوله : ( والنطيحة ) قال : الشاة تنطح الشاة . 8665 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو أحمد الزبيري , عن قيس , عن أبي إسحاق , عن أبي ميسرة , قال : كان يقرأ : " والمنطوحة " . 8666 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو خالد الأحمر , عن جويبر , عن الضحاك : ( والنطيحة ) الشاتان تنتطحان فتموتان . 8667 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : ( والنطيحة ) هي التي تنطحها الغنم والبقر فتموت . يقول : هذا حرام ; لأن ناسا من العرب كانوا يأكلونه . 8668 - حدثنا بشر , قال ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( والنطيحة ) كان الكبشان ينتطحان , فيموت أحدهما , فيأكلونه . * - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا روح , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( والنطيحة ) الكبشان ينتطحان فيقتل أحدهما الآخر , فيأكلونه . * - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد , , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( والنطيحة ) قال : الشاة تنطح الشاة فتموت .وما أكل السبع القول في تأويل قوله تعالى : ( وما أكل السبع ) يعني جل ثناؤه بقوله : ( وما أكل السبع ) وحرم عليكم ما أكل السبع غير المعلم من الصوائد . وكذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 8669 - حدثني المثنى , قال ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ( وما أكل السبع ) يقول : ما أخذ السبع . 8670 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو خالد الأحمر , عن جويبر , عن الضحاك : ( وما أكل السبع ) يقول : ما أخذ السبع . 8671 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( وما أكل السبع ) قال : كان أهل الجاهلية إذا قتل السبع شيئا من هذا أو أكل منه , أكلوا ما بقي . 8672 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو أحمد الزبيري , عن قيس , عن عطاء بن السائب , عن أبي الربيع , عن ابن عباس أنه قرأ : " وأكيل السبع " .إلا ما ذكيتم القول في تأويل قوله تعالى : ( إلا ما ذكيتم ) يعني جل ثناؤه بقوله : ( إلا ما ذكيتم ) إلا ما طهرتموه بالذبح الذي جعله الله طهورا . ثم اختلف أهل التأويل فيما استثنى الله بقوله : ( إلا ما ذكيتم ) فقال بعضهم : استثنى من جميع ما سمى الله تحريمه , من قوله ( وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ) ذكر من قال ذلك : 8673 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ( إلا ما ذكيتم ) يقول : ما أدركت ذكاته من هذا كله , يتحرك له ذنب أو تطرف له عين , فاذبح واذكر اسم الله عليه فهو حلال . 8674 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا ابن فضيل , عن أشعث , عن الحسن : ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ) قال الحسن : أي هذا أدركت ذكاته فذكه وكل . فقلت : يا أبا سعيد كيف أعرف ؟ قال : إذا طرفت بعينها أو ضربت بذنبها . 8675 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( إلا ما ذكيتم ) قال : فكل هذا الذي سماه الله عز وجل هاهنا ما خلا لحم الخنزير إذا أدركت منه عينا تطرف أو ذنبا يتحرك أو قائمة تركض , فذكيته , فقد أحل الله لك ذلك . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة : ( إلا ما ذكيتم ) من هذا كله , فإذا وجدتها تطرف عينها , أو تحرك أذنها من هذا كله , فهي لك حلال . 8676 - حدثنا حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني هشيم وعباد , قالا : أخبرنا حجاج , عن حصين , عن الشعبي , عن الحارث , عن علي , قال : إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة وهي تحرك يدا أو رجلا فكلها . 8677 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا معمر , عن إبراهيم , قال : إذا أكل السبع من الصيد أو الوقيذة , أو النطيحة أو المتردية فأدركت ذكاته , فكل . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا مصعب بن سلام التميمي , قال : ثنا جعفر بن محمد , عن أبيه , عن علي بن أبي طالب , قال : إذا ركضت برجلها أو طرفت بعينها أو حركت ذنبها , فقد أجزأ . 8678 - حدثنا ابن المثنى وابن بشار , قالا : ثنا أبو عاصم , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : أخبرني ابن طاوس , عن أبيه , قال : إذا ذبحت فمصعت بذنبها أو تحركت فقد حلت لك . أو قال : فحسبه . 8679 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن حميد , عن الحسن , قال : إذا كانت الموقوذة تطرف ببصرها , أو تركض برجلها , أو تمصع بذنبها , فاذبح وكل . * - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن قتادة , بمثله . * - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن ابن جريج , عن أبي الزبير , أنه سمع عبيد بن عمير , يقول : إذا طرفت بعينها , أو مصعت بذنبها , أو تحركت , فقد حلت لك . 8680 - حدثت عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سلمان , قال : سمعت الضحاك يقول : كان أهل الجاهلية يأكلون هذا , فحرم الله في الإسلام إلا ما ذكي منه , فما أدرك فتحرك منه رجل أو ذنب أو طرف فذكي , فهو حلال . 8681 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) وقوله : ( والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ) الآية , ( وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ) هذا كله محرم , إلا ما ذكي من هذا . فتأويل الآية على قول هؤلاء : حرمت الموقوذة والمتردية إن ماتت من التردي والوقذ والنطح وفرس السبع , إلا أن تدركوا ذكاتها , فتدركوها قبل موتها , فتكون حينئذ حلالا أكلها . وقال آخرون : هو استثناء من التحريم , وليس باستثناء من المحرمات التي ذكرها الله تعالى في قوله : ( حرمت عليكم الميتة ) لأن الميتة لا ذكاة لها ولا للخنزير . قالوا : وإنما معنى الآية : حرمت عليكم الميتة والدم , وسائر ما سمينا مع ذلك , إلا ما ذكيتم مما أحله الله لكم بالتذكية , فإنه لكم حلال . وممن قال ذلك جماعة من أهل المدينة ذكر بعض من قال ذلك : 8682 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال مالك : وسئل عن الشاة التي يخرق جوفها السبع حتى تخرج أمعاؤها , فقال مالك : لا أرى أن تذكى ولا يؤكل أي شيء يذكى منها . 8683 - حدثني يونس , عن أشهب , قال : سئل مالك , عن السبع يعدو على الكبش , فيدق ظهره , أترى أن يذكى قبل أن يموت فيؤكل ؟ قال : إن كان بلغ السحر , فلا أرى أن يؤكل , وإن كان إنما أصاب أطرافه , فلا أرى بذلك بأسا . قيل له : وثب عليه فدق ظهره ؟ قال : لا يعجبني أن يؤكل , هذا لا يعيش منه . قيل له : فالذئب يعدو على الشاة فيشق بطنها ولا يشق الأمعاء ؟ قال : إذا شق بطنها فلا أرى أن تؤكل . وعلى هذا القول يجب أن يكون قوله : ( إلا ما ذكيتم ) استثناء منقطعا , فيكون تأويل الآية : حرمت عليكم الميتة والدم , وسائر ما ذكرنا , ولكن ما ذكيتم من الحيوانات التي أحللتها لكم بالتذكية حلال . وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب القول الأول , وهو أن قوله : ( إلا ما ذكيتم ) استثناء من قوله : ( وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ) لأن كل ذلك مستحق الصفة التي هو بها قبل حال موته , فيقال : لما قرب المشركون لآلهتهم فسموه لهم : هو ( ما أهل لغير الله به ) بمعنى : سمي قربانا لغير الله . وكذلك المنخنقة : إذا انخنقت , وإن لم تمت فهي منخنقة , وكذلك سائر ما حرمه الله جل وعز بعد قوله : ( وما أهل لغير الله به ) إلا بالتذكية فإنه يوصف بالصفة التي هو بها قبل موته , فحرمه الله على عباده إلا بالتذكية المحللة دون الموت بالسبب الذي كان به موصوفا . فإذ كان ذلك كذلك , فتأويل الآية : وحرم عليكم ما أهل لغير الله به , والمنخنقة , وكذا وكذا وكذا , إلا ما ذكيتم من ذلك ف " ما " إذ كان ذلك تأويله في موضع نصب بالاستثناء مما قبلها , وقد يجوز فيه الرفع . وإذ كان الأمر على ما وصفنا , فكل ما أدركت ذكاته من طائر أو بهيمة قبل خروج نفسه ومفارقة روحه جسده , فحلال أكله إذا كان مما أحله الله لعباده . فإن قال لنا قائل : فإذ كان ذلك معناه عندك , فما وجه تكريره ما كرر بقوله : ( وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية ) وسائر ما عدد تحريمه في هذه الآية , وقد افتتح الآية بقوله : ( حرمت عليكم الميتة ) ؟ وقد علمت أن قوله : ( حرمت عليكم الميتة ) شامل كل ميتة كان موته حتف أنفه , من علة به من غير جناية أحد عليه , أو كان موته من ضرب ضارب إياه , أو انخناق منه أو انتطاح أو فرس سبع ؟ وهلا كان قوله إن كان الأمر على ما وصفت في ذلك من أنه معني بالتحريم في كل ذلك الميتة بالانخناق والنطاح والوقذ وأكل السبع أو غير ذلك , دون أن يكون معنيا به تحريمه إذا تردى أو انخنق , أو فرسه السبع , فبلغ ذلك منه ما يعلم أنه لا يعيش مما أصابه منه إلا باليسير من الحياة ; ( حرمت عليكم الميتة ) مغنيا من تكرير ما كرر بقوله ; ( وما أهل لغير الله به والمنخنقة ) وسائر ما ذكر مع ذلك وتعداده ما عدد ؟ قيل : وجه تكراره ذلك وإن كان تحريم ذلك إذا مات من الأسباب التي هو بها موصوف , وقد تقدم بقوله : ( حرمت عليكم الميتة ) أن الذين خوطبوا بهذه الآية لا يعدون الميتة من الحيوان , إلا ما مات من علة عارضة به , غير الانخناق والتردي والانتطاح , وفرس السبع , فأعلمهم الله أن حكم ذلك حكم ما مات من العلل العارضة , وأن العلة الموجبة تحريم الميتة ليست موتها من علة مرض أو أذى كان بها قبل هلاكها , ولكن العلة في ذلك أنها لم يذبحها من أجل ذبيحته بالمعنى الذي أحلها به . كالذي : 8684 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي في قوله : ( والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ) يقول : هذا حرام ; لأن ناسا من العرب كانوا يأكلونه ولا يعدونه ميتا , إنما يعدون الميت الذي يموت من الوجع , فحرمه الله عليهم , إلا ما ذكروا اسم الله عليه وأدركوا ذكاته وفيه الروح .وما ذبح على النصب القول في تأويل قوله تعالى : ( وما ذبح على النصب ) يعني بقوله جل ثناؤه : ( وما ذبح على النصب ) وحرم عليكم أيضا الذي ذبح على النصب . ف " ما " في قوله ( وما ذبح ) رفع عطفا على " ما " التي في قوله : ( وما أكل السبع ) والنصب : الأوثان من الحجارة جماعة أنصاب كانت تجمع في الموضع من الأرض , فكان المشركون يقربون لها , وليست بأصنام . وكان ابن جريج يقول في صفته ما : 8685 - حدثنا القاسم : قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , قال : قال ابن جريج : النصب : ليست بأصنام , الصنم يصور وينقش , وهذه حجارة تنصب ثلثمائة وستون حجرا , منهم من يقول : ثلثمائة منها لخزاعة . فكانوا إذا ذبحوا , نضحوا الدم على ما أقبل من البيت , وشرحوا اللحم وجعلوه على الحجارة , فقال المسلمون : يا رسول الله , كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم , فنحن أحق أن نعظمه ! فكأن النبي ﷺ لم يكره ذلك , فأنزل الله : ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ) ومما يحقق قول ابن جريج في أن الأنصاب غير الأصنام ما : 8686 - حدثنا به ابن وكيع , قال : ثنا ابن عيينة , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ( وما ذبح على النصب ) قال : حجارة كان يذبح عليها أهل الجاهلية . * - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : ( النصب ) قال : حجارة حول الكعبة , يذبح عليها أهل الجاهلية , ويبدلونها إن شاءوا بحجارة أعجب إليهم منها . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 8687 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( وما ذبح على النصب ) والنصب : حجارة كان أهل الجاهلية يعبدونها , ويذبحون لها , فنهى الله عن ذلك . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : ( وما ذبح على النصب ) يعني : أنصاب الجاهلية . 8688 - حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : ( وما ذبح على النصب ) والنصب : أنصاب كانوا يذبحون ويهلون عليها . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عنبسة , عن محمد بن عبد الرحمن , عن القاسم بن أبي بزة , عن مجاهد , قوله : ( وما ذبح على النصب ) قال : كان حول الكعبة حجارة كان يذبح عليها أهل الجاهلية ويبدلونها إذا شاءوا بحجر هو أحب إليهم منها . 8689 - حدثت عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد , قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول : الأنصاب حجارة كانوا يهلون لها , ويذبحون عليها . 8690 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : ( وما ذبح على النصب ) قال : ما ذبح على النصب , وما أهل لغير الله به , وهو واحد .وأن تستقسموا بالأزلام القول في تأويل قوله : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) يعني بقوله : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) وأن تطلبوا علم ما قسم لكم أو لم يقسم , بالأزلام . وهو استفعلت من القسم : قسم الرزق والحاجات . وذلك أن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا أراد سفرا أو غزوا أو نحو ذلك , أجال القداح , وهي الأزلام , وكانت قداحا مكتوبا على بعضها : نهاني ربي , وعلى بعضها : أمرني ربي , فإن خرج القدح الذي هو مكتوب عليه : أمرني ربي , مضى لما أراد من سفر أو غزو أو تزويج وغير ذلك ; وإن خرج الذي عليه مكتوب : نهاني ربي , كف عن المضي لذلك وأمسك فقيل : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) لأنهم بفعلهم ذلك كانوا كأنهم يسألون أزلامهم أن يقسمن لهم . ومنه قول الشاعر مفتخرا بترك الاستقسام بها : ولم أقسم فتربثني القسوم وأما الأزلام , فإن واحدها زلم , ويقال زلم , وهي القداح التي وصفنا أمرها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 8691 - حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع , قالا : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , عن سفيان , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : القداح , كانوا إذا أرادوا أن يخرجوا في سفر , جعلوا قداحا للجلوس والخروج , فإن وقع الخروج خرجوا , وإن وقع الجلوس جلسوا . 8692 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن شريك , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : حصى بيض كانوا يضربون بها . قال أبو جعفر : قال لنا سفيان بن وكيع : هو الشطرنج . 8693 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا عباد بن راشد البزار , عن الحسن في قوله : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : كانوا إذا أرادوا أمرا أو سفرا , يعمدون إلى قداح ثلاثة على واحد منها مكتوب : أؤمرني , وعلى الآخر : انهني , ويتركون الآخر محللا بينهما ليس عليه شيء . ثم يجيلونها , فإن خرج الذي عليه " أؤمرني " , مضوا لأمرهم , وإن خرج الذي عليه " انهني " كفوا , وإن خرج الذي ليس عليه شيء أعادوها . 8694 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا ابن عيينة , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) حجارة0 كانوا يكتبون عليها يسمونها القداح . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 8695 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا يحيى بن آدم . عن زهير , عن إبراهيم بن مهاجر , عن مجاهد : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : كعاب فارس التي يقمرون بها , وسهام العرب . * - حدثني أحمد بن حازم الغفاري , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا زهير , عن إبراهيم بن مهاجر , عن مجاهد : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : سهام العرب وكعاب فارس والروم كانوا يتقامرون بها . 8696 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : كان الرجل إذا أراد أن يخرج مسافرا , كتب في قداح : هذا يأمرني بالمكث , وهذا يأمرني بالخروج , وجعل معها منيحا , شيء لم يكتب فيه شيئا , ثم استقسم بها حين يريد أن يخرج , فإن خرج الذي يأمر بالمكث مكث , وإن خرج الذي يأمر بالخروج خرج , وإن خرج الآخر أجالها ثانية حتى يخرج أحد القدحين . * - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) وكان أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم خروجا , أخذ قدحا فقال : هذا يأمر بالخروج , فإن خرج فهو مصيب في سفره خيرا ; ويأخذ قدحا آخر فيقول : هذا يأمر بالمكوث , فليس يصيب في سفره خيرا ; والمنيح بينهما . فنهى الله عن ذلك , وقدم فيه . 8697 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : كانوا يستقسمون بها في الأمور . 8698 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : الأزلام قداح لهم كان أحدهم إذا أراد شيئا من تلك الأمور كتب في تلك القداح ما أراد , فيضرب بها , فأي قدح خرج وإن كان أبغض تلك , ارتكبه وعمل به . 8699 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : الأزلام : قداح كانت في الجاهلية عند الكهنة , فإذا أراد الرجل أن يسافر أو يتزوج أو يحدث أمرا , أتى الكاهن , فأعطاه شيئا , فضرب له بها , فإن خرج منها شيء يعجبه أمره ففعل , وإن خرج منها شيء يكرهه نهاه فانتهى , كما ضرب عبد المطلب على زمزم وعلى عبد الله والإبل . 8700 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن عبد الله بن كثير , قال : سمعنا أن أهل الجاهلية كانوا يضربون بالقداح في الظعن والإقامة أو الشيء يريدونه , فيخرج سهم الظعن فيظعنون , والإقامة فيقيمون . وقال ابن إسحاق في الأزلام ما : 8701 - حدثني به ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال : كانت هبل أعظم أصنام قريش بمكة , وكانت على بئر في جوف الكعبة , وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة , وكانت عند هبل سبعة أقداح , كل قدح منها فيه كتاب : قدح فيه " العقل " إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة فإن خرج العقل فعلى من خرج حمله وقدح فيه : " نعم " للأمر إذا أرادوا يضرب به , فإن خرج قدح " نعم " عملوا به ; وقدح فيه لا , فإذا أرادوا أمرا ضربوا به في القداح , فإذا خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر . وقدح فيه : " منكم " . وقدح فيه : " ملصق " . وقدح فيه : " من غيركم " . وقدح فيه : المياه , إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح , فحيثما خرج عملوا به . وكانوا إذا أرادوا أن يجتبوا غلاما , أو أن ينكحوا منكحا , أو أن يدفنوا ميتا , ويشكوا في نسب واحد منهم , ذهبوا به إلى هبل , وبمائة درهم وبجزور , فأعطوها صاحب القداح الذي يضربها , ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون , ثم قالوا : يا إلهنا , هذا فلان ابن فلان , قد أردنا به كذا وكذا , فأخرج الحق فيه ! ثم يقولون لصاحب القداح : اضرب , فيضرب , فإن خرج عليه " منكم " كان وسيطا , وإن خرج عليه : " من غيركم " , كان حليفا , وإن خرج : " ملصق " , كان على منزلته منهم , لا نسب له ولا حلف ; وإن خرج فيه شيء سوى هذا مما يعملون به " نعم " عملوا به ; وإن خرج : " لا " , أخروه عامهم ذلك , حتى يأتوا به مرة أخرى ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح . 8702 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله : ( وأن تستقسموا بالأزلام ) يعني : القدح , كانوا يستقسمون بها في الأمور .ذلكم فسق القول في تأويل قوله تعالى : ( ذلكم فسق ) يعني جل ثناؤه بقوله : ( ذلكم ) هذه الأمور التي ذكرها , وذلك أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وسائر ما ذكر في هذه الآية مما حرم أكله . والاستقسام بالأزلام . ( فسق ) يعني : خروج عن أمر الله وطاعته إلى ما نهى عنه وزجر , وإلى معصيته . كما : 8703 - حدثني المثنى : قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : ( ذلكم فسق ) يعني : من أكل من ذلك كله , فهو فسق .اليوم يئس الذين كفروا من دينكم القول في تأويل قوله تعالى : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) . يعني بقوله جل ثناؤه : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) الآن انقطع طمع الأحزاب وأهل الكفر والجحود أيها المؤمنون من دينكم , يقول : من دينكم أن تتركوه , فترتدوا عنه راجعين إلى الشرك . كما : 8704 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : قوله : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) يعني : أن ترجعوا إلى دينهم أبدا . 8705 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قوله : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) قال : أظن يئسوا أن ترجعوا عن دينكم . فإن قال قائل : وأي يوم هذا اليوم الذي أخبر الله أن الذين كفروا يئسوا فيه من دين المؤمنين ؟ قيل : ذكر أن ذلك كان يوم عرفة , عام حج النبي ﷺ حجة الوداع , وذلك بعد دخول العرب في الإسلام . ذكر من قال ذلك : 8706 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال مجاهد : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) اليوم أكملت لكم دينكم ; هذا حين فعلت . قال ابن جريج : وقال آخرون : ذلك يوم عرفة في يوم جمعة لما نظر النبي ﷺ , فلم ير إلا موحدا ولم ير مشركا ; حمد الله , فنزل عليه جبريل عليه السلام : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) أن يعودوا كما كانوا . 8707 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) قال : هذا يوم عرفة .فلا تخشوهم واخشون القول في تأويل قوله تعالى : ( فلا تخشوهم واخشون ) يعني بذلك : فلا تخشوا أيها المؤمنون هؤلاء الذين قد يئسوا من دينكم أن ترجعوا عنه من الكفار , ولا تخافوهم أن يظهروا عليكم فيقهروكم ويردوكم عن دينكم , ( واخشون ) يقول : ولكن خافون إن أنتم خالفتم أمري واجترأتم على معصيتي وتعديتم حدودي , أن أحل بكم عقابي وأنزل بكم عذابي . كما : 8708 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج : ( فلا تخشوهم واخشون ) فلا تخشوهم أن يظهروا عليكم .اليوم أكملت لكم دينكم القول في تأويل قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : يعني جل ثناؤه بقوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) اليوم أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضي عليكم وحدودي , وأمري إياكم ونهيي , وحلالي وحرامي , وتنزيلي من ذلك ما أنزلت منه في كتابي , وتبياني ما بينت لكم منه بوحيي على لسان رسولي , والأدلة التي نصبتها لكم على جميع ما بكم الحاجة إليه من أمر دينكم , فأتممت لكم جميع ذلك , فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم . قالوا : وكان ذلك في يوم عرفة , عام حج النبي ﷺ حجة الوداع . وقالوا : لم ينزل على النبي ﷺ بعد هذه الآية شيء من الفرائض ولا تحليل شيء ولا تحريمه , وإن النبي ﷺ لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة . ذكر من قال ذلك : 8709 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) وهو الإسلام , قال : أخبر الله نبيه ﷺ والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبدا , وقد أتمه الله عز ذكره فلا ينقصه أبدا , وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدا . 8710 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) هذا نزل يوم عرفة , فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام , ورجع رسول الله ﷺ فمات , فقالت أسماء بنت عميس : حججت مع رسول الله ﷺ تلك الحجة , فبينما نحن نسير إذ تجلى له جبريل ﷺ على الراحلة , فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن , فبركت , فأتيته فسجيت عليه برداء كان علي 8711 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : مكث النبي ﷺ بعد ما نزلت هذه الآية إحدى وثمانين ليلة , قوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) 8712 - حدثنا سفيان , قال : ثنا ابن فضيل , عن هارون بن عنترة , عن أبيه , قال : لما نزلت : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) وذلك يوم الحج الأكبر , بكى عمر , فقال له النبي ﷺ : " ما يبكيك " ؟ قال أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا , فأما إذ كمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص , فقال : " صدقت " * - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أحمد بن بشير , عن هارون بن أبي وكيع , عن أبيه , فذكر نحو ذلك . وقال آخرون : معنى ذلك : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) حجكم , فأفردتم بالبلد الحرام تحجونه أنتم أيها المؤمنون دون المشركين لا يخالطكم في حجكم مشرك . ذكر من قال ذلك : 8713 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا يحيى بن أبي عتبة , عن أبيه , عن الحكم : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) قال : أكمل لهم دينهم أن حجوا ولم يحج معهم مشرك . 8714 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) قال : أخلص الله لهم دينهم , ونفى المشركين عن البيت . 8715 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا قيس , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) قال : تمام الحج , ونفي المشركين عن البيت . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله عز وجل أخبر نبيه ﷺ والمؤمنين به , أنه أكمل لهم يوم أنزل هذه الآية على نبيه دينهم , بإفرادهم بالبلد الحرام , وإجلائه عنه المشركين , حتى حجه المسلمون دونهم , لا يخالطونهم المشركون . فأما الفرائض والأحكام , فإنه قد اختلف فيها , هل كانت أكملت ذلك اليوم أم لا ؟ فروي عن ابن عباس والسدي ما ذكرنا عنهما قبل . وروي عن البراء بن عازب أن آخر آية نزلت من القرآن : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ) ولا يدفع ذو علم أن الوحي لم ينقطع عن رسول الله ﷺ إلى أن قبض , بل كان الوحي قبل وفاته أكثر ما كان تتابعا . فإذ كان ذلك كذلك , وكان قوله : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ) آخرها نزولا وكان ذلك من الأحكام والفرائض , كان معلوما أن معنى قوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) على خلاف الوجه الذي تأوله من تأوله , أعني : كمال العبادات والأحكام والفرائض . فإن قال قائل : فما جعل قول من قال : قد نزل بعد ذلك فرض أولى من قول من قال : لم ينزل ؟ قيل لأن الذي قال لم ينزل , مخبر أنه لا يعلم نزول فرض , والنفي لا يكون شهادة , والشهادة قول من قال : نزل , وغير جائز دفع خبر الصادق فيما أمكن أن يكون فيه صادقا .وأتممت عليكم نعمتي القول في تأويل قوله تعالى : ( وأتممت عليكم نعمتي ) يعني جل ثناؤه بذلك : وأتممت نعمتي أيها المؤمنون بإظهاركم على عدوي وعدوكم من المشركين , ونفيي إياهم عن بلادكم , وقطعي طمعهم من رجوعكم , وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : * - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قال : كان المشركون والمسلمون يحجون جميعا , فلما نزلت براءة , فنفى المشركين عن البيت , وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين , فكأن ذلك من تمام النعمة : ( وأتممت عليكم نعمتي ) . 8716 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) الآية , ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ يوم عرفة يوم جمعة , حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام , وأخلص للمسلمين حجهم 8717 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن إدريس , قال : ثنا داود , عن الشعبي , قال : . نزلت هذه الآية بعرفات , حيث هدم منار الجاهلية , واضمحل الشرك , ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك . * - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا داود , عن عامر في هذه الآية : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) قال : نزلت على رسول الله ﷺ وهو واقف بعرفات , وقد أطاف به الناس , وتهدمت منار الجاهلية ومناسكهم , واضمحل الشرك , ولم يطف حول البيت عريان , فأنزل الله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) * - حدثني يعقوب , قال . ثنا ابن علية , عن داود , عن الشعبي , بنحوه .ورضيت لكم الإسلام دينا القول في تأويل قوله تعالى : ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) يعني بذلك جل ثناؤه : ورضيت لكم الاستسلام لأمري والانقياد لطاعتي , على ما شرعت لكم من حدوده وفرائضه ومعالمه ( دينا ) يعني بذلك : طاعة منكم لي . فإن قال قائل : أوما كان الله راضيا الإسلام لعباده , إلا يوم أنزل هذه الآية ؟ قيل : لم يزل الله راضيا لخلقه الإسلام دينا , ولكنه جل ثناؤه لم يزل يصرف نبيه محمدا ﷺ وأصحابه في درجات ومراتبه درجة بعد درجة ومرتبة بعد مرتبة وحالا بعد حال , حتى أكمل لهم شرائعه ومعالمه وبلغ بهم أقصى درجاته ومراتبه , ثم قال حين أنزل عليهم هذه الآية : ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) بالصفة التي هو بها اليوم , والحال التي أنتم عليها اليوم منه ( دينا ) فالزموه ولا تفارقوه . وكان قتادة يقول في ذلك ما : 8718 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال . ذكر لنا أنه يمثل لأهل كل دين دينهم يوم القيامة , فأما الإيمان فيبشر أصحابه وأهله , ويعدهم في الخير حتى يجيء الإسلام . فيقول : رب أنت السلام وأنا الإسلام , فيقول : إياك اليوم أقبل , وبك اليوم أجزي . وأحسب أن قتادة وجه معنى الإيمان بهذا الخبر إلى معنى التصديق والإقرار باللسان ; لأن ذلك معنى الإيمان عند العرب , ووجه معنى الإسلام إلى استسلام القلب وخضوعه لله بالتوحيد , وانقياد الجسد له بالطاعة فيما أمر ونهى , فلذلك قيل للإسلام : إياك اليوم أقبل , وبك اليوم أجزي . ذكر من قال : نزلت هذه الآية بعرفة في حجة الوداع على رسول الله ﷺ : 8719 - حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع , قالا : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن قيس بن مسلم , عن طارق بن شهاب , قال : قالت اليهود لعمر : إنكم تقرءون آية لو أنزلت فينا لاتخذناها عيدا . فقال عمر : إني لأعلم حين أنزلت , وأين نزلت , وأين رسول الله ﷺ حين أنزلت ; أنزلت يوم عرفة ورسول الله ﷺ واقف بعرفة - قال سفيان : وأشك , كان يوم الجمعة أم لا - ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) * - حدثنا أبو كريب وابن وكيع . قالا : ثنا ابن إدريس , قال : سمعت أبي , عن قيس بن مسلم , عن طارق بن شهاب , قال : قال يهودي لعمر : لو علمنا معشر اليهود حين نزلت هذه الآية : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) لو نعلم ذلك اليوم اتخذنا ذلك اليوم عيدا . فقال عمر : قد علمت اليوم الذي نزلت فيه والساعة , وأين رسول الله أو حين نزلت ; نزلت ليلة الجمعة ونحن مع رسول الله ﷺ بعرفات . لفظ الحديث لأبي كريب , وحديث ابن وكيع نحوه * - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا جعفر بن عون , عن أبي العميس , عن قيس بن مسلم , عن طارق , عن عمر , نحوه . 8720 - حدثنا ابن وكيع , قال . ثنا أبي , عن حماد بن سلمة , عن عمار مولى بني هاشم , قال : قرأ ابن عباس : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) وعنده رجل من أهل الكتاب , فقال : لو علمنا أي يوم نزلت هذه الآية لاتخذناه عيدا , فقال ابن عباس : فإنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة . * - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا قبيصة , قال : ثنا حماد بن سلمة , عن عمار : أن ابن عباس قرأ : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فقال يهودي : لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا يومها عيدا , فقال ابن عباس : فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين : يوم عيد , ويوم جمعة . * - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد , عن عمار بن أبي عمار , عن ابن عباس نحوه . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا رجاء بن أبي سلمة , قال : أخبرنا عبادة بن نسي , قال : ثنا أميرنا إسحاق , قال أبو جعفر إسحاق - هو ابن خرشة - عن قبيصة قال : قال كعب : لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه , فقال عمر : أي آية يا كعب ؟ فقال : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فقال عمر : قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه , والمكان الذي أنزلت فيه , يوم جمعة , ويوم عرفة , وكلاهما بحمد الله لنا عيد . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عنبسة , عن عيسى بن حارثة الأنصاري , قال : كنا جلوسا في الديوان , فقال لنا نصراني : يا أهل الإسلام : لقد نزلت عليكم آية لو نزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم وتلك الساعة عيدا ما بقي منا اثنان : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فلم يجبه أحد منا , فلقيت محمد بن كعب القرظي , فسألته عن ذلك , فقال : ألا رددتم عليه ؟ فقال : قال عمر بن الخطاب : أنزلت على النبي ﷺ وهو واقف على الجبل يوم عرفة , فلا يزال ذلك اليوم عيدا للمسلمين ما بقي منهم أحد 8721 - حدثنا حميد بن مسعدة , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا داود , عن عامر , قال : أنزلت على رسول الله ﷺ : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) عشية عرفة وهو في الموقف 8722 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا داود , قال : قلت لعامر : إن اليهود تقول : كيف لم تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه ؟ فقال عامر : أوما حفظته ؟ قلت له : فأي يوم ؟ قال : يوم عرفة , أنزل الله في يوم عرفة . 8723 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , قال : بلغنا أنها نزلت يوم عرفة , ووافق يوم الجمعة . 8724 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن حبيب , عن ابن أبي نجيح , عن عكرمة : أن عمر بن الخطاب , قال : نزلت سورة المائدة يوم عرفة , ووافق يوم الجمعة . 8725 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن عيينة , عن ليث , عن شهر بن حوشب , قال : نزلت سورة المائدة على النبي ﷺ وهو واقف بعرفة على راحلته , فتنوخت لأن يدق ذراعها 8726 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن ليث , عن شهر بن حوشب , عن أسماء بنت يزيد , قالت : نزلت سورة المائدة جميعا وأنا آخذة بزمام ناقة رسول الله ﷺ العضباء ; قالت : فكادت من ثقلها أن يدق عضد الناقة 8727 - حدثني أبو عامر إسماعيل بن عمرو السكوني , قال : ثنا هشام بن عمار , قال : ثنا ابن عياش , قال : ثنا عمرو بن قيس السكوني أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر ينتزع بهذه الآية : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) حتى ختمها , فقال : نزلت في يوم عرفة , في يوم جمعة . وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية , أعني قوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) يوم الاثنين , وقالوا : أنزلت سورة المائدة بالمدينة . ذكر من قال ذلك : 8728 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : أخبرنا محمد بن حرب , قال : ثنا ابن لهيعة , عن خالد بن أبي عمران , عن حنش , عن ابن عباس : ولد نبيكم ﷺ يوم الاثنين , وخرج من مكة يوم الاثنين , ودخل المدينة يوم الاثنين , وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين ( اليوم أكملت لكم دينكم ) ورفع الذكر يوم الاثنين 8729 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا همام , عن قتادة , قال : المائدة مدنية . وقال آخرون : نزلت على رسول الله ﷺ في مسيره في حجة الوداع . ذكر من قال ذلك : 8730 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس , قال : نزلت سورة المائدة على رسول الله ﷺ في المسير في حجة الوداع , وهو راكب راحلته , فبركت به راحلته من ثقلها وقال آخرون : ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس , وإنما معناه اليوم الذي أعلمه أنا دون خلقي , أكملت لكم دينكم . ذكر من قال ذلك : 8731 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) يقول : ليس بيوم معلوم يعلمه الناس . وأولى الأقوال في وقت نزول الآية , القول الذي روي عن عمر بن الخطاب أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة , لصحة سنده ووهي أسانيد غيره .فمن اضطر في مخمصة القول في تأويل قوله تعالى : ( فمن اضطر في مخمصة ) يعني تعالى ذكره بقول : ( فمن اضطر ) فمن أصابه ضر في مخمصة , يعني في مجاعة , وهي مفعلة مثل المجبنة والمبخلة والمنجبة , من خمص البطن , وهو اضطماره , وأظنه هو في هذا الموضع معني به اضطماره من الجوع وشدة السغب , وقد يكون في غير هذا الموضع اضطمارا من غير الجوع والسغب , ولكن من خلقة , كما قال نابغة بني ذبيان في صفة امرأة بخمص البطن : والبطن ذو عكن خميص لين والنحر تنفجه بثدي مقعد فمعلوم أنه لم يرد صفتها بقوله خميص بالهزال والضر من الجوع , ولكنه أراد وصفها بلطافة طي ما على الأوراك والأفخاذ من جسدها ; لأن ذلك مما يحمد من النساء . ولكن الذي في معنى الوصف بالاضطمار والهزال من الضر , من ذلك , قول أعشى بني ثعلبة : تبيتون في المشتى ملاء بطونكم وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا يعني بذلك : يبتن مضطمرات البطون من الجوع والسغب والضر , فمن هذا المعنى قوله : في مخمصة . وكان بعض نحويي البصرة يقول : المخمصة : المصدر من خمصه الجوع . وكان غيره من أهل العربية يرى أنها اسم للمصدر وليست بمصدر ; ولذلك تقع المفعلة اسما في المصادر للتأنيث والتذكير . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 8732 حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن عباس : ( فمن اضطر في مخمصة ) يعني في مجاعة . 8733 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : ( فمن اضطر في مخمصة ) أي في مجاعة . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , مثله . 8734 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن ا
Prohibited to you are dead animals, blood, the flesh of swine, and that which has been dedicated to other than Allah, and [those animals] killed by strangling or by a violent blow or by a head-long fall or by the goring of horns, and those from which a wild animal has eaten, except what you [are able to] slaughter [before its death], and those which are sacrificed on stone altars, and [prohibited is] that you seek decision through divining arrows. That is grave disobedience. This day those who disbelieve have despaired of [defeating] your religion; so fear them not, but fear Me. This day I have perfected for you your religion and completed My favor upon you and have approved for you Islam as religion. But whoever is forced by severe hunger with no inclination to sin - then indeed, Allah is Forgiving and Merciful
Вам запрещены мертвечина, кровь, мясо свиньи и то, над чем не было произнесено имя Аллаха (или что было зарезано не ради Аллаха), или было задушено, или забито до смерти, или подохло при падении, или заколото рогами или задрано хищником, если только вы не успеете зарезать его, и то, что зарезано на каменных жертвенниках (или для идолов), а также гадание по стрелам. Все это есть нечестие. Сегодня неверующие отчаялись в вашей религии. Не бойтесь же их, а бойтесь Меня. Сегодня Я ради вас усовершенствовал вашу религию, довел до конца Мою милость к вам и одобрил для вас в качестве религии ислам. Если же кто-либо будет вынужден пойти на это (на употребление запрещенных продуктов) от голода, а не из склонности к греху, то ведь Аллах - Прощающий, Милосердный
تم پر حرام کیا گیا مُردار، خون، سُور کا گوشت، وہ جانور جو خدا کے سوا کسی اور کے نام پر ذبح کیا گیا ہو، وہ جو گھلا گھٹ کر، یا چوٹ کھا کر، یا بلندی سے گر کر، یا ٹکر کھا کر مرا ہو، یا جسے کسی درندے نے پھاڑا ہو سوائے اس کے جسے تم نے زندہ پاکر ذبح کر لیا اور وہ جو کسی آستا نے پر ذبح کیا گیا ہو نیز یہ بھی تمہارے لیے ناجائز ہے کہ پانسوں کے ذریعہ سے اپنی قسمت معلوم کرو یہ سب افعال فسق ہیں آج کافروں کو تمہارے دین کی طرف سے پوری مایوسی ہو چکی ہے لہٰذا تم اُن سے نہ ڈرو بلکہ مجھ سے ڈرو آج میں نے تمہارے دین کو تمہارے لیے مکمل کر دیا ہے اور اپنی نعمت تم پر تمام کر دی ہے اور تمہارے لیے اسلام کو تمہارے دین کی حیثیت سے قبول کر لیا ہے (لہٰذا حرام و حلال کی جو قیود تم پر عائد کر دی گئی ہیں اُن کی پابند ی کرو) البتہ جو شخص بھوک سے مجبور ہو کر اُن میں سے کوئی چیز کھا لے، بغیر اس کے کہ گناہ کی طرف اس کا میلان ہو تو بیشک اللہ معاف کرنے والا اور رحم فرمانے والا ہے
Leş, kan, domuz eti, Allah'tan başkası adına kesilenler, -canları çıkmadan önce kesmemişseniz, boğulmuş, bir yerine vurularak öldürülmüş, düşüp yuvarlanmış, başka bir hayvan tarafından süsülmüş, yırtıcı hayvan tarafından yenmiş olanları- dikili taşlar üzerine boğazlananlar ile fal oklarıyla kısmet aramanız size haram kılındı; bunlar fasıklıktır. Bugün, inkar edenler sizi dininizden etmekten umutlarını kesmişlerdir, onlardan korkmayın, Benden korkun. Bugün, size dininizi bütünledim, üzerinize olan nimetimi tamamladım, din olarak sizin için İslam'ı beğendim. Açlıktan darda kalan, günaha kaymaksızın yiyebilir. Doğrusu Allah Bağışlayan'dır, merhametli olandır
Les es prohibido [comer] la carne del animal muerto por causa natural, la sangre, la carne de cerdo, el animal que haya sido sacrificado invocando otro en lugar de Dios, la del animal muerto por asfixia, golpe, caída, cornada o herido por las fieras, a menos que alcancen a degollarlo [antes de que muera], y lo que es inmolado en altares [en honor a un ídolo]. [También es prohibido] consultar la suerte echando flechas. [Violar alguna de estas leyes] es un pecado. Quienes se empeñan en negar la verdad han perdido la esperanza de [hacerlos renunciar a] su religión. No tengan temor de ellos, sino que tengan temor de Mí. Hoy les he perfeccionado su forma de adoración, he completado Mi gracia sobre ustedes y he dispuesto que el Islam sea su religión. Pero quien, [en caso extremo] por hambre, se vea forzado [y coma de lo prohibido] pero sin intención de transgredir la ley ni excederse, Dios es Perdonador, Misericordioso