(وَلَقَدْ) الواو استئنافية واللام واقعة في جواب قسم محذوف وقد حرف تحقيق (كَتَبْنا) ماض وفاعله (فِي الزَّبُورِ) متعلقان بكتبنا والجملة لا محل لها لأنها جواب قسم (مِنْ بَعْدِ) متعلقان بالفعل السابق (الذِّكْرِ) مضاف إليه (أَنَّ الْأَرْضَ) أن واسمها وجملتها في محل نصب مفعول به (يَرِثُها) مضارع ومفعوله (عِبادِيَ) فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء مضاف إليه والجملة خبر أن (الصَّالِحُونَ) صفة مرفوعة بالواو لأنه جمع مذكر سالم
هي الآية رقم (105) من سورة الأنبيَاء تقع في الصفحة (331) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (17) ، وهي الآية رقم (2588) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم
الزّبور : الكُتب المنزّلة ، الذكر : اللّوح المحفوظ
ولقد كتبنا في الكتب المنزلة من بعد ما كُتِب في اللوح المحفوظ: أن الأرض يرثها عباد الله الصالحون الذين قاموا بما أُمروا به، واجتنبوا ما نُهوا عنه، وهم أمة محمد ﷺ.
(ولقد كتبنا في الزبور) بمعنى الكتاب أي كتب الله المنزلة (من بعد الذكر) بمعنى أم الكتاب الذي عند الله (أن الأرض) أرض الجنة (يرثها عبادي الصالحون) عام في كل صالح.
( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ ) وهو الكتاب المزبور، والمراد: الكتب المنزلة، كالتوراة ونحوها ( مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) أي: كتبناه في الكتب المنزلة، بعد ما كتبنا في الكتاب السابق، الذي هو اللوح المحفوظ، وأم الكتاب الذي توافقه جميع التقادير المتأخرة عنه والمكتوب في ذلك: ( أَنَّ الْأَرْضَ ) أي: أرض الجنة ( يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) الذين قاموا بالمأمورات، واجتنبوا المنهيات، فهم الذين يورثهم الله الجنات، كقول أهل الجنة: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ )ويحتمل أن المراد: الاستخلاف في الأرض، وأن الصالحين يمكن الله لهم في الأرض، ويوليهم عليها كقوله تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) الآية.
يقول تعالى مخبرا عما حتمه وقضاه لعباده الصالحين ، من السعادة في الدنيا والآخرة ، ووراثة الأرض في الدنيا والآخرة ، كقوله تعالى : ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) ( الأعراف : 128 )
اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالزَّبور والذكر في هذا الموضع ، فقال بعضهم: عُني بالزَّبور: كتب الأنبياء كلها التي أنـزلها الله عليهم ، وعُني بالذكر: أمّ الكتاب التي عنده في السماء. ذكر من قال ذلك: حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرمليّ ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، قال: سألت سعيدا ، عن قول الله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: الذكر: الذي في السماء. حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، في قوله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ ) قال: قرأها الأعمش: (الزُّبُرِ) قال: الزبور ، والتوراة ، والإنجيل ، والقرآن ، ( مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: الذكر الذي في السماء. حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( الزَّبُورِ ) قال: الكتاب ، ( مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: أم الكتاب عند الله. * حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله ( الزبور ) قال: الكتاب ، (بعد الذكر ) قال: أم الكتاب عند الله. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ ) قال: الزبور: الكتب التي أُنـزلت على الأنبياء ، والذكر: أمّ الكتاب الذي تكتب فيه الأشياء قبل ذلك. حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن سعيد ، في قوله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: كتبنا في القرآن من بعد التوراة. وقال آخرون: بل عني بالزبور: الكتب التي أنـزلها الله على مَنْ بعد موسى من الأنبياء ، وبالذكر: التوراة. *ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد ، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) ... الآية ، قال: الذكر: التوراة ، والزبور: الكتب. حدثنا عن الحسين ، قال: سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال: سمعت الضحاك يقول ، في قوله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) . . . الآية ، قال: الذكر: التوراة ، ويعني بالزبور من بعد التوراة: الكتب. وقال آخرون: بل عني بالزَّبور زَبور داود ، وبالذكر تَوراة موسى صلى الله عليهما. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الوهاب ، قال : ثنا داود ، عن عامر أنه قال في هذه الآية ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: زبور داود ، من بعد الذكر: ذكر موسى التوراة. حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن الشعبيّ ، أنه قال في هذه الآية ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: في زبور داود ، من بعد ذكر موسى. وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في ذلك ما قاله سعيد بن جبير ومجاهد ومن قال بقولهما في ذلك ، من أن معناه: ولقد كتبنا في الكتب من بعد أمّ الكتاب الذي كتب الله كل ما هو كائن فيه قبل خلق السماوات والأرض ، وذلك أن الزبور هو الكتاب ، يقال منه: زبرت الكتاب وذَبرته (1) : إذا كتبته ، وأن كلّ كتاب أنـزله الله إلى نبيّ من أنبيائه ، فهو ذِكْر . فإذ كان ذلك كذلك ، فإن في إدخاله الألف واللام في الذكر ، الدلالة البينَة أنه معنيّ به ذكر بعينه معلوم عند المخاطبين بالآية ، ولو كان ذلك غير أم الكتاب التي ذكرنا لم تكن التوراة بأولى من أن تكون المعنية بذلك من صحف إبراهيم ، فقد كان قبل زَبور داود. فتأويل الكلام إذن ، إذ كان ذلك كما وصفنا: ولقد قضينا ، فأثبتنا قضاءنا في الكتب من بعد أمّ الكتاب ، أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ، يعني بذلك: أن أرض الجنة يرثها عبادي العاملون بطاعته ، المنتهون إلى أمره ونهيه من عباده ، دون العاملين بمعصيته منهم المؤثرين طاعة الشيطان على طاعته. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الله الهلالي ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي يحيى القَتَّات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قوله ( أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: أرض الجنة. حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال: ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس قوله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: أخبر سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السماوات والأرض ، أن يورث أمة محمد ﷺ الأرض، ويُدخلهم الجنة ، وهم الصالحون. حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير في قوله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: كتبنا في القرآن بعد التوراة ، والأرض أرض الجنة. حدثني عليّ بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ( أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: الأرض: الجنة. حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرمليّ ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، قال: سألت سعيدا عن قول الله ( أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: أرض الجنة. حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( أَنَّ الأرْضَ ) قال: الجنة ، ( يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) . حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: الجنة ، وقرأ قول الله جلّ ثناؤه وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ قال: فالجنة مبتدؤها في الأرض ثم تذهب درجات علوا ، والنار مبتدؤها في الأرض ، وبينهما حجاب سور ما يدري أحد ما ذاك السور ، وقرأ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ قال: ودرجها تذهب سفالا في الأرض ، ودرج الجنة تذهب علوا في السماوات. حدثنا محمد بن عوف ، قال : ثنا أبو المغيرة ، قال : ثنا صفوان ، سألت عامر بن عبد الله أبا اليمان: هل لأنفس المؤمنين مجتمع (2) ؟ قال: فقال: إن الأرض التي يقول الله ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: هي الأرض التي تجتمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون البعث. وقال آخرون: هي الأرض يورثها الله المؤمنين في الدنيا. وقال آخرون: عني بذلك بنو إسرائيل ، وذلك أن الله وعدهم ذلك فوفى لهم به. واستشهد لقوله ذلك بقول الله وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وقد ذكرنا قول من قال ( أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) أنها أرض الأمم الكافرة ، ترثها أمة محمد ﷺ ، وهو قول ابن عباس الذي روى عنه عليّ بن أبي طلحة. ------------------------ الهوامش : (1) ( في اللسان : ذبر ) : الذبر : الكتابة ، مثل الزبر . ذبر الكتاب يذبره ( كنصره ) ويذبره ( كيضربه ) ذبرا ، وذبره ( بالتضعيف ) كلاهما : كتبه ، نقطه . وقيل : قرأه قراءة خفيفة ، بلغة هذيل . (2) الأصل : هل لأنفس المؤمنين بمجتمع ؟ والصواب : ما أثبتناه .
And We have already written in the book [of Psalms] after the [previous] mention that the land [of Paradise] is inherited by My righteous servants
Мы уже записали в Писаниях после того, как это было записано в Напоминании (Хранимой скрижали), что землю унаследуют Мои праведные рабы
اور زَبور میں ہم نصیحت کے بعد یہ لکھ چکے ہیں کہ زمین کے وارث ہمارے نیک بندے ہوں گے
And olsun ki, Tevrat'tan sonra Zebur'da da yeryüzüne ancak iyi kullarımın mirasçı olduğunu yazmıştık
Ya mencioné anteriormente en las Escrituras Reveladas como lo había hecho en la Tabla Protegida, que la Tierra será heredada por Mis siervos justos