تفسير الآية التاسعة والخمسين (٥٩) من سورة الأنفَال
الأستماع وقراءة وتفسير الآية التاسعة والخمسين من سورة الأنفَال ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم
(وَلا) الواو استئنافية. (لا) ناهية جازمة. (يَحْسَبَنَّ) مضارع مبني على الفتح في محل جزم لاتصاله بنون التوكيد. (الَّذِينَ) اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، والجملة مستأنفة، وجملة (كَفَرُوا) صلة الموصول. (سَبَقُوا) فعل ماض وفاعل والجملة في محل نصب مفعول به ثان ليحسبن، والمفعول الأول محذوف أي ولا يحسبن أنفسهم سبقوا. (إِنَّهُمْ) إن والهاء اسمها وجملة (لا يُعْجِزُونَ) خبرها، والجملة الاسمية إنهم مستأنفة.
موضعها في القرآن الكريم
هي الآية رقم (59) من سورة الأنفَال تقع في الصفحة (184) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (10) ، وهي الآية رقم (1219) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم
ولا يظنن الذين جحدوا آيات الله أنهم فاتوا ونجَوْا، وأن الله لا يقدر عليهم، إنهم لن يُفْلِتوا من عذاب الله.
ونزل فيمن أفلت يوم بدر (ولا تحسبنَّ) يا محمد (الذين كفروا سبقوا) الله أي فأتوه (إنهم لا يعجزون) لا يفوتونه وفي قراءة بالتحتانية فالمفعول الأول محذوف أي أنفسهم وفي أخرى بفتح إن على تقدير اللام.
أي: لا يحسب الكافرون بربهم المكذبون بآياته، أنهم سبقوا اللّه وفاتوه، فإنهم لا يعجزونه، واللّه لهم بالمرصاد
وله تعالى الحكمة البالغة في إمهالهم وعدم معاجلتهم بالعقوبة، التي من جملتها ابتلاء عباده المؤمنين وامتحانهم، وتزودهم من طاعته ومراضيه، ما يصلون به المنازل العالية، واتصافهم بأخلاق وصفات لم يكونوا بغيره بالغيها،
يقول تعالى لنبيه - ﷺ - : ( ولا تحسبن ) يا محمد ( الذين كفروا سبقوا ) أي : فاتونا فلا نقدر عليهم ، بل هم تحت قهر قدرتنا وفي قبضة مشيئتنا فلا يعجزوننا ، كما قال تعالى : ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون )( العنكبوت : 4 ) أي : يظنون ، وقال تعالى : ( لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير )( النور : 57 ) ، وقال تعالى ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد )( آل عمران : 196 ، 197 ) .
ثم أمر تعالى بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة
القول في تأويل قوله : وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (59)
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأ ذلك عامة قرأة الحجاز والعراق: " وَلا تحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ " بكسر الألف من " إنهم "، وبالتاء في " تحسبن " =بمعنى: ولا تحسبن، يا محمد، الذين كفروا سبقونا ففاتونا بأنفسهم. ثم ابتدئ الخبر عن قدرة الله عليهم فقيل: إن هؤلاء الكفرة لا يعجزون ربهم، إذا طلبهم وأراد تعذيبهم وإهلاكهم، بأنفسهم فيفوتوه بها.
وقرأ ذلك بعض قرأة المدينة والكوفة: ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا )، بالياء في " يحسبن ", وكسر الألف من (إِنَّهُمْ) .
وهي قراءة غير حميدة، لمعنيين، (26) أحدهما خروجها من قراءة القرأة وشذوذها عنها =والآخر: بعدها من فصيح كلام العرب. وذلك أن " يحسب " يطلب في كلام العرب منصوبًا وخبره, كقوله: " عبد الله يحسب أخاك قائمًا " و " يقوم " و " قام ". فقارئ هذه القراءة أصحب " يحسب " خبرًا لغير مخبر عنه مذكور. وإنما كان مراده، ظنّي: (27) ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزوننا =فلم يفكر في صواب مخرج الكلام وسُقمه, واستعمل في قراءته ذلك كذلك، ما ظهر له من مفهوم الكلام. وأحسب أن الذي دعاه إلى ذلك، الاعتبارُ بقراءة عبد الله. وذلك أنه فيما ذكر في مصحف عبد الله: " وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ "، وهذا فصيح صحيح، إذا أدخلت " أنهم " في الكلام, لأن " يحسبن " عاملة في " أنهم ", وإذا لم يكن في الكلام " أنهم " كانت خالية من اسم تعمل فيه.
وللذي قرأ من ذلك من القرأة وجهان في كلام العرب، وإن كانا بعيدين من فصيح كلامهم:
أحدهما: أن يكون أريد به: ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا, أو: أنهم سبقوا =ثم حذف " أن " و " أنهم ", كما قال جل ثناؤه: وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ، (الروم: 24). بمعنى: أن يريكم، وقد ينشد في نحو ذلك بيت لذي الرمة:
أَظُـنّ ابْـنُ طُرْثُـوثٍ عُتَيْبَـةُ ذَاهِبًـا
بِعَـــادِيَّتِي تَكْذَابُـــهُ وَجَعَائِلُــهْ (28)
بمعنى: أظن ابن طرثوث أن يذهب بعاديتي تكذابه وجعائله؟ وكذلك قراءة من قرأ ذلك بالياء, يوجه " سبقوا " إلى " سابقين " على هذا المعنى. (29)
والوجه الثاني على أنه أراد إضمار منصوب بـ " يحسب ", كأنه قال: ولا يحسب الذين كفروا أنهم سبقوا =ثم حذف " أنهم " وأضمر. (30)
وقد وجه بعضهم معنى قوله: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ، (سورة آل عمران: 175): إنما ذلكم الشيطان يخوف المؤمن من أوليائه, وأن ذكر المؤمن مضمر في قوله: " يخوف ", إذ كان الشيطان عنده لا يخوف أولياءه. (31)
وقرأ ذلك بعض أهل الشأم: " وَلا تحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا " بالتاء من " تحسبن " =( سَبَقُوا أَنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ)، بفتح الألف من " أنهم ", بمعنى: ولا تحسبن الذين كفروا أنهم لا يعجزون.
قال أبو جعفر: ولا وجه لهذه القراءة يُعقل، إلا أن يكون أراد القارئ بـ " لا " التي في " يعجزون "، " لا " التي تدخل في الكلام حشوًا وصلة، (32) فيكون معنى الكلام حينئذ: ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا أنهم يعجزون =ولا وجه لتوجيه حرف في كتاب الله إلى التطويل، (33) بغير حجة يجب التسليم لها، وله في الصحة مخرج.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءة من قرأ: (لا تَحْسَبَنَّ)، بالتاء ( الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ )، بكسر الألف من " إنهم "، ( لا يُعْجِزُونَ)، بمعنى: ولا تحسبن أنت، يا محمد، الذين جحدوا حجج الله وكذبوا بها، سبقونا بأنفسهم ففاتونا, إنهم لا يعجزوننا =أي: يفوتوننا بأنفسهم, ولا يقدرون على الهرب منا، (34) كما:-
16223- حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون)، يقول: لا يفوتون.
-----------------
الهوامش :
(26) هذه القراءة التي ردها أبو جعفر ، هي قراءتنا اليوم .
(27) في المطبوعة : " وإنما كان مراد بطي ولا يحسبن " ، فأتى بعجب لا معنى له . وقول الطبري : " ظني " ، يقول كما نقول اليوم : " فيما أظن " .
(28) ديوانه 473 ، من قصيدة ذكر فيها " المهاجر بن عبد الله الكلابي " والي اليمامة ، وكان للمهاجر عريف من السعاة بالبادية يقال له : " رومي " ، فاختلف ذو الرمة ، وعتيبة بن طرثوث في بئر عادية ، فخاصم ذو الرمة إلى رومي ، فقضى رومي لابن طرثوث قبل فصل الخصومة ، وكتب له بذلك سجلا ، فقال ذو الرمة من قصيدته تلك ، برواية ديوانه :
أقُـولُ لِنَفْسِـي , لا أُعَـاتِبُ غَيْرَهَـا
وَذُو اللُّـبِّ مَهْمَـا كَـانَ , لِلنَّفْسِ قائِلُهْ
لَعَـلَّ ابْـنَ طُرْثُـوثٍ عَتَيْبَـةُ ذَاهِـبٌ
بِعَـــادِيَّتِي تَكْذَابُـــهُ وَجَعَائِلُــهْ
بِقَــاعٍ , مَنَعْنَــاهُ ثَمَــانينَ حِجَّـةً
وَبِضْعًــا , لَنَـا أَحْرَاجُـه وَمَسَـايِلُهْ
ثم ذكر المهاجر بالذكر الجميل ، ثم قال :
يَعِـزُّ , ابْـنَ عَبْدِ اللهِ , مَنْ أَنْتَ نَاصِرٌ
وَلا يَنْصُـرُ الرَّحْـمَنُ مَـنْ أنْتَ خَاذِلُهْ
إذَا خَـافَ قَلْبِـي جَـوْرَ سَـاعٍ وَظُلْمَهُ
ذَكَــرْتُكَ أُخْـرَى فَاطْمَـأَنَّتْ بَلابِلُـهْ
تَـرَى اللـهَ لا تَخْـفَى عَلَيْهِ سَـرِيرَةٌ
لِعَبْــدٍ , ولا أَسْـبَابُ أَمْـرٍ يُحَاوِلـهْ
لَقَــدْ خَــطَّ رُومِـيٌّ, وَلا زَعَمَاتِـهِ,
لِعُتْبَــةَ خَطًّـا لَـمْ تُطَبَّـقْ مَفَاصِلُـهْ
بِغَـيْرِ كتـابٍ وَاضِـحٍ مِـنْ مُهَـاجِرٍ
وَلا مُقْعَــدٍ مِنِّــي بخَـصْمٍ أُجَادِلـهْ
هذه قصة حية . وكان في المطبوعة : " عيينة " ، والصواب من الديوان ، ومما يدل عليه الشعر السالف إذ سماه " عتبة " ، ثم صغره . و " العادية " ، البئر القديمة ، كأنها من زمن " عاد " . و " التكذاب " ، مصدر مثل " الكذب " . و " الجعائل " ، الرشي ، تجعل للعامل المرتشي .
(29) انظر هذا في معاني القرآن للفراء 1 : 414 - 416 .
(30) كان في المطبوعة : " ثم حذف الهمز وأضمر " ، وهو كلام لا تفلته الخساسة . وصواب قراءة المخطوطة : " أنهم " كما أثبتها ، وهو واضح جدًا .
(31) انظر ما سلف 7 : 417 ، تفسير هذه الآية .
(32) " الصلة " ، الزيادة ، كما سلف مرارًا ، انظر فهارس المصطلحات فيما سلف .
(33) " التطويل " ، الزيادة أيضًا . انظر ما سلف 1 : 118 ، 224 ، 405 ، 406 ، 440 ، 441 ، وهو هناك " التطول " .
(34) انظر تفسير " أعجز " فيما سلف 12 : 128 .
الآية 59 من سورة الأنفَال باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (59) - Surat Al-Anfal
And let not those who disbelieve think they will escape. Indeed, they will not cause failure [to Allah]
الآية 59 من سورة الأنفَال باللغة الروسية (Русский) - Строфа (59) - Сура Al-Anfal
Пусть не думают неверующие, что они опередят других. Воистину, им не сбежать
الآية 59 من سورة الأنفَال باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (59) - سوره الأنفَال
منکرینِ حق اس غلط فہمی میں نہ رہیں کہ وہ بازی لے گئے، یقیناً وہ ہم کو ہرا نہیں سکتے
الآية 59 من سورة الأنفَال باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (59) - Ayet الأنفَال
İnkar edenler, asla öne geçtiklerini sanmasınlar, çünkü onlar bizi aciz bırakamıyacaklardır
الآية 59 من سورة الأنفَال باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (59) - versículo الأنفَال
Que no piensen los incrédulos que podrán huir de Mi castigo. No tienen salvación