مشاركة ونشر

أنت تتصفح حالياً نسخة بسيطة، أضغط هنا للانتقال الى استخدام النسخة التفاعلية

تفسير الآية الثالثة والثلاثين (٣٣) من سورة المَائدة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية الثالثة والثلاثين من سورة المَائدة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٣٣
تغير القارئ

متصفحك لا يدعم صوت HTML5

إعراب الآية 33 من سورة المَائدة

(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ) جزاء مبتدأ واسم الموصول في محل جر بالإضافة و(إِنَّما) كافة ومكفوفة وجملة (يُحارِبُونَ اللَّهَ) صلة الموصول (وَرَسُولَهُ) عطف على لفظ الجلالة اللّه (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ) الجملة معطوفة (فَساداً) حال منصوبة أو مفعول لأجله (أَنْ يُقَتَّلُوا) المصدر المؤول من أن الناصبة والفعل المضارع في محل رفع خبر المبتدأ جزاء والواو نائب فاعل (أَوْ يُصَلَّبُوا) عطف (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ) فعل مضارع مبني للمجهول وأيديهم نائب فاعله المرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل (وَأَرْجُلُهُمْ) عطف على أيديهم (مِنْ خِلافٍ) متعلقان بمحذوف حال من أيديهم وأرجلهم والجملة معطوفة. (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) مضارع مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور والواو نائب فاعله والجملة معطوفة (ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا) اسم الإشارة مبتدأ وخزي مبتدأ ثان لهم خبره وهذه الجملة الاسمية خبر ذلك وفي الدنيا متعلقان بمحذوف صفة خزي (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ) لهم متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ عذاب في الآخرة متعلقان بمحذوف حال (عَظِيمٌ) صفة والجملة معطوفة.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (33) من سورة المَائدة تقع في الصفحة (113) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (6) ، وهي الآية رقم (702) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم

مواضيع مرتبطة بالآية (15 موضع) :

معاني الآية بعض الكلمات في الآية 33 من سورة المَائدة

يُنفوا من الأرض : يُبعدوا أو يُسجنوا ، خزيٌ : ذلّ وفضيحةٌ وعقوبة

الآية 33 من سورة المَائدة بدون تشكيل

إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ﴿٣٣

تفسير الآية 33 من سورة المَائدة

إنما جزاء الذين يحاربون الله، ويبارزونه بالعداوة، ويعتدون على أحكامه، وعلى أحكام رسوله، ويفسدون في الأرض بقتل الأنفس، وسلب الأموال، أن يُقَتَّلوا، أو يُصَلَّبوا مع القتل (والصلب: أن يُشَدَّ الجاني على خشبة) أو تُقْطَع يدُ المحارب اليمنى ورجله اليسرى، فإن لم يَتُبْ تُقطعْ يدُه اليسرى ورجلُه اليمنى، أو يُنفَوا إلى بلد غير بلدهم، ويُحبسوا في سجن ذلك البلد حتى تَظهر توبتُهم. وهذا الجزاء الذي أعدَّه الله للمحاربين هو ذلّ في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب شديد إن لم يتوبوا.

ونزل في العرنيين لما قدموا المدينة وهم مرضى فأذن لهم النبي ﷺ أن يخرجوا إلى الإبل ويشربوا من أبوالها وألبانها فلما صحوا قتلوا راعي النبي ﷺ واستاقوا الإبل (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) بمحاربة المسلمين (ويسعون في الأرض فسادا) بقطع الطريق (أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) أي أيديهم اليمنى واليسرى (أو يُنفوا من الأرض) أو لترتيب الأحوال فالقتل لمن قتل فقط والصلب لمن قتل وأخذ المال والقطع لمن أخذ المال ولم يقتل والنفي لمن أخاف فقط قاله ابن عباس وعليه الشافعي وأصح قوليه أن الصلب ثلاثا بعد القتل وقيل قبله قليلا ويلحق بالنفي ما أشبهه في التنكيل من الحبس وغيره (ذلك) الجزاء المذكور (لهم خزي) ذل (في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) هو عذاب النار.

المحاربون لله ولرسوله، هم الذين بارزوه بالعداوة، وأفسدوا في الأرض بالكفر والقتل، وأخذ الأموال، وإخافة السبل. والمشهور أن هذه الآية الكريمة في أحكام قطاع الطريق، الذين يعرضون للناس في القرى والبوادي، فيغصبونهم أموالهم، ويقتلونهم، ويخيفونهم، فيمتنع الناس من سلوك الطريق التي هم بها، فتنقطع بذلك. فأخبر الله أن جزاءهم ونكالهم -عند إقامة الحد عليهم- أن يفعل بهم واحد من هذه الأمور. واختلف المفسرون: هل ذلك على التخيير، وأن كل قاطع طريق يفعل به الإمام أو نائبه ما رآه المصلحة من هذه الأمور المذكورة؟ وهذا ظاهر اللفظ، أو أن عقوبتهم تكون بحسب جرائمهم، فكل جريمة لها قسط يقابلها، كما تدل عليه الآية بحكمتها وموافقتها لحكمة الله تعالى. وأنهم إن قتلوا وأخذوا مالًا تحتم قتلُهم وصلبهم، حتى يشتهروا ويختزوا ويرتدع غيرهم. وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا تحتم قتلهم فقط. وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا تحتم أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، اليد اليمنى والرجل اليسرى. وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا، ولا أخذوا مالا، نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون في بلد حتى تظهر توبتهم. وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه وكثير من الأئمة، على اختلاف في بعض التفاصيل. ( ذَلِكَ ) النكال ( لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ) أي: فضيحة وعار ( وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) فدل هذا أن قطع الطريق من أعظم الذنوب، موجب لفضيحة الدنيا وعذاب الآخرة، وأن فاعله محارب لله ولرسوله. وإذا كان هذا شأن عظم هذه الجريمة، علم أن تطهير الأرض من المفسدين، وتأمين السبل والطرق، عن القتل، وأخذ الأموال، وإخافة الناس، من أعظم الحسنات وأجل الطاعات، وأنه إصلاح في الأرض، كما أن ضده إفساد في الأرض.

وقوله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) الآية


المحاربة : هي المضادة والمخالفة ، وهي صادقة على الكفر ، وعلى قطع الطريق وإخافة السبيل ، وكذا الإفساد في الأرض يطلق على أنواع من الشر ، حتى قال كثير من السلف ، منهم سعيد بن المسيب : إن قرض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض ، وقد قال الله تعالى : ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ) ( البقرة : 205 ) . ثم قال بعضهم : نزلت هذه الآية الكريمة في المشركين ، كما قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا يحيى بن واضح حدثنا الحسين بن واقد عن يزيد عن عكرمة والحسن البصري قالا ( قال تعالى ) ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى ( أن الله غفور رحيم ) نزلت هذه الآية في المشركين ، فمن تاب منهم من قبل أن تقدروا عليه ، لم يكن عليه سبيل ، وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد ، إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله ، ثم لحق بالكفار قبل أن يقدر عليه ، لم يمنعه ذلك أن يقام عليه الحد الذي أصاب . ورواه أبو داود والنسائي من طريق عكرمة عن ابن عباس : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) نزلت في المشركين ، فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصابه . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) قال : كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبي ﷺ عهد وميثاق ، فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض ، فخير الله رسوله : إن شاء أن يقتل ، وإن شاء أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف
رواه ابن جرير . وروى شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : نزلت في الحرورية : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) رواه ابن مردويه . والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات ، كما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قلابة - واسمه عبد الله بن زيد الجرمي البصري - عن أنس بن مالك : أن نفرا من عكل ثمانية ، قدموا على رسول الله ﷺ فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله ﷺ فقال : " ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبوا من أبوالها وألبانها؟ " فقالوا : بلى
فخرجوا ، فشربوا من أبوالها وألبانها ، فصحوا فقتلوا الراعي وطردوا الإبل
فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فبعث في آثارهم ، فأدركوا ، فجيء بهم ، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم ، وسمرت أعينهم ، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا . لفظ مسلم
وفي لفظ لهما : " من عكل أو عرينة " ، وفي لفظ : " وألقوا في الحرة فجعلوا يستسقون فلا يسقون
وفي لفظ لمسلم : " ولم يحسمهم "
وعند البخاري : قال أبو قلابة : فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم ، وحاربوا الله ورسوله
ورواه مسلم من طريق هشيم عن عبد العزيز بن صهيب وحميد عن أنس فذكر نحوه ، وعنده : " وارتدوا "
وقد أخرجاه من رواية قتادة عن أنس بنحوه
وقال سعيد عن قتادة : " من عكل وعرينة "
ورواه مسلم من طريق سليمان التيمي عن أنس قال : إنما سمل النبي ﷺ أعين أولئك ; لأنهم سملوا أعين الرعاء
ورواه مسلم من حديث معاوية بن قرة عن أنس قال : أتى رسول الله ﷺ نفر من عرينة فأسلموا وبايعوه ، وقد وقع بالمدينة الموم - وهو البرسام - ثم ذكر نحو حديثهم ، وزاد : وعنده شباب من الأنصار قريب من عشرين فارسا فأرسلهم ، وبعث معهم قائفا يقتص أثرهم
وهذه كلها ألفاظ مسلم رحمه الله . وقال حماد بن سلمة : حدثنا قتادة وثابت البناني وحميد الطويل عن أنس بن مالك : أن ناسا من عرينة قدموا المدينة فاجتووها ، فبعثهم رسول الله ﷺ في إبل الصدقة ، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا ، فصحوا فارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، وساقوا الإبل ، فأرسل رسول الله ﷺ في آثارهم ، فجيء بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسمر أعينهم وألقاهم في الحرة
قال أنس : فلقد رأيت أحدهم يكدم الأرض بفيه عطشا حتى ماتوا ، ونزلت : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية . وقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه - وهذا لفظه - وقال الترمذي : " حسن صحيح " . وقد رواه ابن مردويه من طرق كثيرة ، عن أنس بن مالك منها ما رواه من طريقين ، عن سلام بن أبي الصهباء عن ثابت عن أنس بن مالك قال : ما ندمت على حديث ما ندمت على حديث سألني عنه الحجاج قال أخبرني عن أشد عقوبة عاقب بها رسول الله ﷺ ؟ قال : قلت : قدم على رسول الله ﷺ قوم من عرينة من البحرين فشكوا إلى رسول الله ﷺ ما لقوا من بطونهم ، وقد اصفرت ألوانهم ، وضخمت بطونهم ، فأمرهم رسول الله ﷺ أن يأتوا إبل الصدقة ، فيشربوا من أبوالها وألبانها ، حتى إذا رجعت إليهم ألوانهم وانخمصت بطونهم عدوا على الراعي فقتلوه ، واستاقوا الإبل ، فأرسل رسول الله ﷺ في آثارهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم ، ثم ألقاهم في الرمضاء حتى ماتوا
فكان الحجاج إذا صعد المنبر يقول : إن رسول الله ﷺ قد قطع أيدي قوم وأرجلهم ثم ألقاهم في الرمضاء حتى ماتوا لحال ذود ( من الإبل ) وكان يحتج بهذا الحديث على الناس . وقال ابن جرير : حدثنا علي بن سهل حدثنا الوليد - يعني ابن مسلم - حدثني سعيد عن قتادة عن أنس قال : كانوا أربعة نفر من عرينة وثلاثة نفر من عكل فلما أتي بهم قطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، ولم يحسمهم ، وتركهم يتلقمون الحجارة بالحرة ، فأنزل الله في ذلك : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن حرب الموصلي حدثنا أبو مسعود - يعني عبد الرحمن بن الحسن الزجاج - حدثنا أبو سعد - يعني البقال - عن أنس بن مالك قال : كان رهط من عرينة أتوا رسول الله ﷺ وبهم جهد ، مصفرة ألوانهم ، عظيمة بطونهم ، فأمرهم أن يلحقوا بالإبل فيشربوا من أبوالها وألبانها ، ففعلوا ، فصفت ألوانهم وخمصت بطونهم ، وسمنوا ، فقتلوا الراعي واستاقوا الإبل ، فبعث النبي ﷺ في طلبهم ، فأتي بهم ، فقتل بعضهم ، وسمر أعين بعضهم ، وقطع أيدي بعضهم وأرجلهم ، ونزلت : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى آخر الآية . وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا علي بن سهل حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس يسأله عن هذه الآية ، فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين وهم من بجيلة ، قال أنس : فارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، واستاقوا الإبل ، وأخافوا السبيل ، وأصابوا الفرج الحرام . وقال : حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن أبي الزناد عن عبد الله بن عبيد الله عن عبد الله بن عمر - أو : عمرو شك يونس - عن رسول الله ﷺ بذلك - يعني بقصة العرنيين - ونزلت فيهم آية المحاربة
ورواه أبو داود والنسائي من طريق أبي الزناد وفيه : " عن ابن عمر " من غير شك . وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن خلف حدثنا الحسن بن حماد عن عمرو بن هاشم عن موسى بن عبيدة عن محمد بن إبراهيم عن جرير قال : قدم على رسول الله ﷺ قوم من عرينة حفاة مضرورين ، فأمر بهم رسول الله ﷺ ، فلما صحوا واشتدوا قتلوا رعاء اللقاح ، ثم خرجوا باللقاح عامدين بها إلى أرض قومهم ، قال جرير : فبعثني رسول الله ﷺ في نفر من المسلمين حتى أدركناهم بعدما أشرفوا على بلاد قومهم ، فقدمنا بهم على رسول الله ﷺ فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسمل أعينهم ، فجعلوا يقولون : الماء
ورسول الله ﷺ يقول : " النار " ! حتى هلكوا
قال : وكره الله - عز وجل - سمل الأعين ، فأنزل الله هذه الآية : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى آخر الآية . هذا حديث غريب وفي إسناده الربذي وهو ضعيف ، وفيه فائدة ، وهو ذكر أمير هذه السرية ، وهو جرير بن عبد الله البجلي وتقدم في صحيح مسلم أن السرية كانوا عشرين فارسا من الأنصار
وأما قوله : " فكره الله سمل الأعين ، فأنزل الله هذه الآية " فإنه منكر ، وقد تقدم في صحيح مسلم أنهم سملوا أعين الرعاء ، فكان ما فعل بهم قصاصا ، والله أعلم . وقال عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد الأسلمي عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال : قدم على رسول الله ﷺ رجال من بني فزارة قد ماتوا هزلا
فأمرهم النبي ﷺ إلى لقاحه ، فشربوا منها حتى صحوا ، ثم عمدوا إلى لقاحه فسرقوها ، فطلبوا ، فأتي بهم النبي ﷺ ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمر أعينهم
قال أبو هريرة : ففيهم نزلت هذه الآية : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) فترك النبي ﷺ سمر الأعين بعد . وروي من وجه آخر عن أبي هريرة . وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا أبو القاسم محمد بن الوليد عن عمرو بن محمد المديني حدثنا محمد بن طلحة عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن سلمة بن الأكوع قال : كان للنبي ﷺ غلام يقال له : " يسار " فنظر إليه يحسن الصلاة فأعتقه ، وبعثه في لقاح له بالحرة ، فكان بها ، قال : فأظهر قوم الإسلام من عرينة وجاءوا وهم مرضى موعوكون قد عظمت بطونهم ، قال : فبعث بهم النبي ﷺ إلى " يسار " فكانوا يشربون من ألبان الإبل حتى انطوت بطونهم ، ثم عدوا على " يسار " فذبحوه ، وجعلوا الشوك في عينيه ، ثم أطردوا الإبل ، فبعث النبي ﷺ في آثارهم خيلا من المسلمين ، أميرهم كرز بن جابر الفهري فلحقهم فجاء بهم إليه ، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم
غريب جدا . وقد روى قصة العرنيين من حديث جماعة من الصحابة ، منهم جابر وعائشة وغير واحد
وقد اعتنى الحافظ الجليل أبو بكر بن مردويه بتطريق هذا الحديث من وجوه كثيرة جدا ، فرحمه الله وأثابه . وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق سمعت أبي يقول : سمعت أبا حمزة عن عبد الكريم - وسئل عن أبوال الإبل - فقال : حدثني سعيد بن جبير عن المحاربين فقال : كان أناس أتوا رسول الله ﷺ فقالوا : نبايعك على الإسلام
فبايعوه ، وهم كذبة ، وليس الإسلام يريدون
ثم قالوا : إنا نجتوي المدينة
فقال النبي ﷺ : " هذه اللقاح تغدو عليكم وتروح ، فاشربوا من أبوالها وألبانها " قال : فبينا هم كذلك ، إذ جاءهم الصريخ ، فصرخ إلى رسول الله ﷺ ، فقال : قتلوا الراعي ، واستاقوا النعم
فأمر النبي ﷺ فنودي في الناس : أن " يا خيل الله اركبي "
قال : فركبوا لا ينتظر فارس فارسا ، قال : وركب رسول الله ﷺ على أثرهم ، فلم يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم ، فرجع صحابة رسول الله ﷺ وقد أسروا منهم ، فأتوا بهم النبي ﷺ ، فأنزل الله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية
قال : فكان نفيهم : أن نفوهم حتى أدخلوهم مأمنهم وأرضهم ، ونفوهم من أرض المسلمين
وقتل نبي الله ﷺ منهم ، وصلب ، وقطع ، وسمر الأعين
قال : فما مثل رسول الله ﷺ قبل ولا بعد
قال : ونهى عن المثلة ، قال : " ولا تمثلوا بشيء " قال : وكان أنس يقول ذلك ، غير أنه قال : أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم . قال : وبعضهم يقول : هم ناس من بني سليم ومنهم عرينة ناس من بجيلة . وقد اختلف الأئمة في حكم هؤلاء العرنيين : هل هو منسوخ أو محكم؟ فقال بعضهم : هو منسوخ بهذه الآية ، وزعموا أن فيها عتابا للنبي ﷺ كما في قوله ( تعالى ) ( عفا الله عنك لم أذنت لهم ) ( التوبة : 43 ) ومنهم من قال : هو منسوخ بنهي النبي ﷺ عن المثلة
وهذا القول فيه نظر ، ثم صاحبه مطالب ببيان تأخر الناسخ الذي ادعاه عن المنسوخ
وقال بعضهم : كان هذا قبل أن تنزل الحدود ، قاله محمد بن سيرين وفي هذا نظر ، فإن قصتهم متأخرة ، وفي رواية جرير بن عبد الله لقصتهم ما يدل على تأخرها فإنه أسلم بعد نزول المائدة
ومنهم من قال : لم يسمل النبي ﷺ أعينهم ، وإنما عزم على ذلك ، حتى نزل القرآن فبين حكم المحاربين
وهذا القول أيضا فيه نظر ; فإنه قد تقدم في الحديث المتفق عليه أنه سمل - وفي رواية : سمر - أعينهم . وقال ابن جرير : حدثنا علي بن سهل حدثنا الوليد بن مسلم قال : ذاكرت الليث بن سعد ما كان من سمل النبي ﷺ أعينهم ، وتركه حسمهم حتى ماتوا ، قال : سمعت محمد بن عجلان يقول : أنزلت هذه الآية على رسول الله ﷺ معاتبة في ذلك ، وعلمه عقوبة مثلهم : من القتل والقطع والنفي ، ولم يسمل بعدهم غيرهم
قال : وكان هذا القول ذكر لأبي عمرو - يعني الأوزاعي - فأنكر أن يكون نزلت معاتبة ، وقال : بل كانت عقوبة أولئك النفر بأعيانهم ، ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم ممن حارب بعدهم ، ورفع عنهم السمل . ثم قد احتج بعموم هذه الآية جمهور العلماء في ذهابهم إلى أن المحاربة في الأمصار وفي السبلان على السواء لقوله : ( ويسعون في الأرض فسادا ) وهذا مذهب مالك والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي أحمد بن حنبل حتى قال مالك - في الذي يغتال الرجل فيخدعه حتى يدخله بيتا فيقتله ، ويأخذ ما معه - : إن هذا محاربة ، ودمه إلى السلطان لا ( إلى ) ولي المقتول ، ولا اعتبار بعفوه عنه في إنفاذ القتل . وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا تكون المحاربة إلا في الطرقات ، فأما في الأمصار فلا ; لأنه يلحقه الغوث إذا استغاث ، بخلاف الطريق لبعده ممن يغيثه ويعينه
( والله أعلم ) وأما قوله : ( أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) الآية : قال ( علي ) بن أبي طلحة عن ابن عباس في ( قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) ) الآية ( قال ) من شهر السلاح في قبة الإسلام ، وأخاف السبيل ، ثم ظفر به وقدر عليه ، فإمام المسلمين فيه بالخيار : إن شاء قتله ، وإن شاء صلبه ، وإن شاء قطع يده ورجله . وكذا قال سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك
وروى ذلك كله أبو جعفر بن جرير وحكي مثله عن مالك بن أنس رحمه الله
ومستند هذا القول أن ظاهر " أو " للتخيير ، كما في نظائر ذلك من القرآن ، كقوله في جزاء الصيد : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) ( المائدة : 95 ) وقوله في كفارة الترفه : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) ( البقرة : 196 ) وكقوله في كفارة اليمين : ( إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ) ( المائدة : 89 )
( و ) هذه كلها على التخيير ، فكذلك فلتكن هذه الآية
وقال الجمهور : هذه الآية منزلة على أحوال كما قال أبو عبد الله الشافعي ( رحمه الله ) أنبأنا إبراهيم - هو ابن أبي يحيى - عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس في قطاع الطريق : إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا ، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا ، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض . وقد رواه ابن أبي شيبة عن عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عطية عن ابن عباس بنحوه
وعن أبي مجلز وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والسدي وعطاء الخراساني نحو ذلك
وهكذا قال غير واحد من السلف والأئمة . واختلفوا : هل يصلب حيا ويترك حتى يموت بمنعه من الطعام والشراب ، أو بقتله برمح ونحوه ، أو يقتل أولا ثم يصلب تنكيلا وتشديدا لغيره من المفسدين ؟ وهل يصلب ثلاثة أيام ثم ينزل ، أو يترك حتى يسيل صديده؟ في ذلك كله خلاف محرر في موضعه ، وبالله الثقة وعليه التكلان . ويشهد لهذا التفصيل الحديث الذي رواه ابن جرير في تفسيره - إن صح سنده - فقال : حدثنا علي بن سهل حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس ( بن مالك ) يسأله عن هذه الآية ، فكتب إليه يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين - وهم من بجيلة - قال أنس : فارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، واستاقوا الإبل ، وأخافوا السبيل ، وأصابوا الفرج الحرام
قال أنس : فسأل رسول الله ﷺ جبريل - عليه السلام - عن القضاء فيمن حارب ، فقال : من سرق وأخاف السبيل فاقطع يده بسرقته ، ورجله بإخافته ، ومن قتل فاقتله ، ومن قتل وأخاف السبيل واستحل الفرج الحرام ، فاصلبه . وأما قوله تعالى : ( أو ينفوا من الأرض ) قال بعضهم : هو أن يطلب حتى يقدر عليه ، فيقام عليه الحد أو يهرب من دار الإسلام . رواه ابن جرير عن ابن عباس وأنس بن مالك وسعيد بن جبير والضحاك والربيع بن أنس والزهري والليث بن سعد ومالك بن أنس . وقال آخرون : هو أن ينفى من بلده إلى بلد آخر ، أو يخرجه السلطان أو نائبه من معاملته بالكلية ، وقال الشعبي : ينفيه - كما قال ابن هبيرة - من عمله كله
وقال عطاء الخراساني : ينفى من جند إلى جند سنين ، ولا يخرج من أرض الإسلام . وكذا قال سعيد بن جبير وأبو الشعثاء والحسن والزهري والضحاك ومقاتل بن حيان : إنه ينفى ولا يخرج من أرض الإسلام . وقال آخرون : المراد بالنفي هاهنا السجن ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، واختار ابن جرير : أن المراد بالنفي هاهنا : أن يخرج من بلده إلى بلد آخر فيسجن فيه . وقوله : ( ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) أي : هذا الذي ذكرته من قتلهم ، ومن صلبهم ، وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، ونفيهم - خزي لهم بين الناس في هذه الحياة الدنيا ، مع ما ادخر الله لهم من العذاب العظيم يوم القيامة ، وهذا قد يتأيد به من ذهب إلى أن هذه الآية نزلت في المشركين ، فأما أهل الإسلام فقد ثبت في الصحيح عند مسلم عن عبادة بن الصامت قال : أخذ علينا رسول الله ﷺ كما أخذ على النساء : ألا نشرك بالله شيئا : ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ولا يعضه بعضنا بعضا ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ، ومن ستره الله فأمره إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وعن علي ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله ﷺ : " من أذنب ذنبا في الدنيا ، فعوقب به ، فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده ، ومن أذنب ذنبا في الدنيا فستره الله عليه وعفا عنه ، فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه " . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي : " حسن غريب "
وقد سئل الحافظ الدارقطني عن هذا الحديث ، فقال : روي مرفوعا وموقوفا ، قال : ورفعه صحيح . وقال ابن جرير في قوله : ( ذلك لهم خزي في الدنيا ) يعني : شر وعار ونكال وذلة وعقوبة في عاجل الدنيا قبل الآخرة ، ( ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) أي : إذا لم يتوبوا من فعلهم ذلك حتى هلكوا - في الآخرة مع الجزاء الذي جازيتهم به في الدنيا ، والعقوبة التي عاقبتهم بها فيها - ( عذاب عظيم ) يعني : عذاب جهنم .

إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله القول في تأويل قوله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) وهذا بيان من الله عز ذكره عن حكم الفساد في الأرض الذي ذكره في قوله : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض ) أعلم عباده ما الذي يستحق المفسد في الأرض من العقوبة والنكال , فقال تبارك وتعالى : لا جزاء له في الدنيا إلا القتل والصلب وقطع اليد والرجل من خلاف أو النفي من الأرض , خزيا لهم ; وأما في الآخرة إن لم يتب في الدنيا فعذاب عظيم . ثم اختلف أهل التأويل فيمن نزلت هذه الآية . فقال بعضهم : نزلت في قوم من أهل الكتاب , كانوا أهل موادعة لرسول الله ﷺ , فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض , فعرف الله نبيه ﷺ الحكم فيهم . ذكر من قال ذلك : 9214 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) قال : كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبي ﷺ عهد وميثاق , فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض ; فخير الله رسوله , إن شاء أن يقتل وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف . 9215 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك , قال : كان قوم بينهم وبين رسول الله ﷺ ميثاق , فنقضوا العهد وقطعوا السبيل وأفسدوا في الأرض ; فخير الله جل وعز نبيه ﷺ فيهم , فإن شاء قتل , وإن شاء صلب , وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف * - حدثت عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ , قال : ثني عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول , فذكر نحوه . وقال آخرون : نزلت في قوم من المشركين . ذكر من قال ذلك : 9216 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا الحسين بن واقد , عن يزيد , عن عكرمة والحسن البصري , قالا : قال : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى : ( إن الله غفور رحيم ) نزلت هذه الآية في المشركين , فمن تاب منهم من قبل أن تقدروا عليه لم يكن عليه سبيل ; وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله ثم لحق بالكفار قبل أن يقدر عليه , لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصاب . 9217 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا يحيى بن سعيد , عن أشعث , عن الحسن : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) قال : نزلت في أهل الشرك . وقال آخرون : بل نزلت في قوم من عرينة وعكل ارتدوا عن الإسلام , وحاربوا الله ورسوله . ذكر من قال ذلك : 9218 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا روح بن عبادة , قال : ثنا سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة , عن أنس : أن رهطا من عكل وعرينة أتوا النبي ﷺ , فقالوا : يا رسول الله إنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف وإنا استوخمنا المدينة . فأمر لهم النبي ﷺ بذود وراع , وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها . فقتلوا راعي رسول الله ﷺ , واستاقوا الذود , وكفروا بعد إسلامهم . فأتي بهم النبي ﷺ , فقطع أيديهم وأرجلهم , وسمل أعينهم , وتركهم في الحرة حتى ماتوا . فذكر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا روح , قال : ثنا هشام بن أبي عبد الله , عن قتادة , عن أنس بن مالك , عن النبي ﷺ بمثل هذه القصة . 9219 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق , قال : سمعت أبي يقول : أخبرنا أبو حمزة , عن عبد الكريم وسئل عن أبوال الإبل , فقال : حدثني سعيد بن جبير عن المحاربين , فقال : كان ناس أتوا النبي ﷺ فقالوا : نبايعك على الإسلام ! فبايعوه وهم كذبة , وليس الإسلام يريدون . ثم قالوا : إنا نجتوي المدينة . فقال النبي ﷺ : " هذه اللقاح تغدو عليكم وتروح , فاشربوا من أبوالها وألبانها " . قال : فبينا هم كذلك إذ جاء الصريخ , فصرخ إلى رسول الله ﷺ , فقال : قتلوا الراعي , وساقوا النعم ! فأمر نبي الله فنودي في الناس , أن : يا خيل الله اركبي . قال : فركبوا لا ينتظر فارس فارسا . قال : فركب رسول الله ﷺ على أثرهم , فلم يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم , فرجع صحابة رسول الله ﷺ وقد أسروا منهم , فأتوا بهم النبي ﷺ , فأنزل الله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية , قال : فكان نفيهم أن نفوهم , حتى أدخلوهم مأمنهم وأرضهم , ونفوهم من أرض المسلمين , وقتل نبي الله منهم وصلب وقطع وسمل الأعين قال : فما مثل رسول الله ﷺ قبل ولا بعد . قال : " نهى عن المثلة , وقال : ولا تمثلوا بشيء " قال : فكان أنس بن مالك يقول ذلك , غير أنه قال : أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم . قال : وبعضهم يقول : هم ناس من بني سليم , ومنهم من عرينة وناس من بجيلة ذكر من قال ذلك 9220 - حدثني محمد بن خلف , قال : ثنا الحسن بن هناد , عن عمرو بن هاشم , عن موسى بن عبيد , عن محمد بن إبراهيم , عن جرير , قال : قدم على النبي ﷺ قوم من عرينة حفاة مضرورين , فأمر بهم رسول الله ﷺ , فلما صحوا واشتدوا قتلوا رعاء اللقاح , ثم خرجوا باللقاح عامدين بها إلى أرض قومهم . قال جرير : فبعثني رسول الله ﷺ . في نفر من المسلمين حتى أدركناهم بعد ما أشرفوا على بلاد قومهم , فقدمنا بهم على رسول الله ﷺ , فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف , وسمل أعينهم , وجعلوا يقولون : الماء ! ورسول الله ﷺ يقول : " النار " حتى هلكوا . قال : وكره الله سمل الأعين , فأنزل هذه الآية : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى آخر الآية 9221 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني ابن لهيعة , عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن , عن عروة بن الزبير . وحدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم , وسعيد بن عبد الرحمن , وابن سمعان , عن هشام بن عروة , عن أبيه , قال : أغار ناس من عرينة على لقاح رسول الله ﷺ , فاستاقوها وقتلوا غلاما له فيها , فبعث في آثارهم فأخذوا , فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم . 9222 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني عمرو بن الحارث , عن سعيد بن أبي هلال عن أبي الزناد , عن عبد الله بن عبد الله , عن عبد الله بن عمر - أو عمرو , شك يونس - عن رسول الله ﷺ بذلك , ونزلت فيهم آية المحاربة . 9223 - حدثنا علي بن سهل , قال : ثنا الوليد بن مسلم , قال : ثنا الأوزاعي , عن يحيى بن أبي كثير , عن أبي قلابة , عن أنس , قال : قدم ثمانية نفر من عكل على رسول الله ﷺ , فأسلموا , ثم اجتووا المدينة , فأمرهم رسول الله ﷺ أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها , ففعلوا , فقتلوا رعاتها , واستاقوا الإبل . فأرسل رسول الله ﷺ في أثرهم قافة , فأتي بهم , فقطع أيديهم وأرجلهم , وتركهم فلم يحسمهم حتى ماتوا . 9224 - حدثنا علي , قال : ثنا الوليد , قال : ثني سعيد , عن قتادة , عن أنس , قال : . كانوا أربعة نفر من عرينة وثلاثة من عكل , فلما أتي بهم قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ولم يحسمهم , وتركهم يتلقمون الحجارة بالحرة , فأنزل الله جل وعز في ذلك : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية . 9225 - حدثني علي , قال : ثنا الوليد , عن ابن لهيعة , عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس يسأله عن هذه الآية , فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين , وهم من بجيلة , قال أنس : فارتدوا عن الإسلام , وقتلوا الراعي , واستاقوا الإبل , وأخافوا السبيل , وأصابوا الفرج الحرام . 9226 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) قال : أنزلت في سودان عرينة , قال : أتوا رسول الله ﷺ وبهم الماء الأصفر , فشكوا ذلك إليه , فأمرهم فخرجوا إلى إبل رسول الله ﷺ من الصدقة , فقال : " اشربوا من ألبانها وأبوالها " . فشربوا من ألبانها وأبوالها , حتى إذا صحوا وبرءوا , قتلوا الرعاة واستاقوا الإبل . وأولى الأقوال في ذلك عندي أن يقال : أنزل الله هذه الآية على نبيه ﷺ معرفة حكمه على من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا , بعد الذي كان من فعل رسول الله ﷺ بالعرنيين ما فعل وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك ; لأن القصص التي قصها الله جل وعز قبل هذه الآية وبعدها من قصص بني إسرائيل وأنبائهم , فأن يكون ذلك متوسطا منه يعرف الحكم فيهم وفي نظرائهم أولى وأحق . وقلنا : كان نزول ذلك بعد الذي كان من فعل رسول الله ﷺ بالعرنيين ما فعل لتظاهر الأخبار عن أصحاب رسول الله ﷺ بذلك . وإذ كان ذلك أولى بالآية لما وصفنا , فتأويلها : من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو سعى بفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا , ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا , ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات , ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون , يقول : لساعون في الأرض بالفساد , وقاتلو النفوس بغير نفس وغير سعي في الأرض بالفساد حربا لله ولرسوله , فمن فعل ذلك منهم يا محمد , فإنما جزاؤه أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض . فإن قال لنا قائل : وكيف يجوز أن تكون الآية نزلت في الحال التي ذكرت من حال نقض كافر من بني إسرائيل عهده , ومن قولك إن حكم هذه الآية حكم من الله في أهل الإسلام دون أهل الحرب من المشركين ؟ قيل : جاز أن يكون ذلك كذلك ; لأن حكم من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من أهل ذمتنا وملتنا واحد , والذين عنوا بالآية كانوا أهل عهد وذمة , وإن كان داخلا في حكمها كل ذمي وملي , وليس يبطل بدخول من دخل في حكم الآية من الناس أن يكون صحيحا نزولها فيمن نزلت فيه . وقد اختلف أهل العلم في نسخ حكم النبي ﷺ في العرنيين , فقال بعضهم : ذلك حكم منسوخ , نسخه نهيه عن المثلة بهذه الآية , أعني بقوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) الآية , وقالوا : أنزلت هذه الآية عتابا لرسول الله ﷺ فيما فعل بالعرنيين . وقال بعضهم : بل فعل النبي ﷺ بالعرنيين حكم ثابت في نظرائهم أبدا , لم ينسخ ولم يبدل . وقوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية , حكم من الله فيمن حارب وسعى في الأرض فسادا بالحرابة . قالوا : والعرنيون ارتدوا وقتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله , فحكمهم غير حكم المحارب الساعي في الأرض بالفساد من أهل الإسلام والذمة . وقال آخرون : لم يسمل النبي ﷺ أعين العرنيين , ولكنه كان أراد أن يسمل , فأنزل الله جل وعز هذه الآية على نبيه ﷺ يعرفه الحكم فيهم ونهاه عن سمل أعينهم . ذكر القائلين ما وصفنا : 9227 - حدثني علي بن سهل , قال : ثنا الوليد بن مسلم , قال : ذاكرت الليث بن سعد ما كان من سمل رسول الله ﷺ أعينهم وتركه حسمهم حتى ماتوا , فقال : سمعت محمد بن عجلان يقول : أنزلت هذه الآية على رسول الله ﷺ معاتبة في ذلك , وعلمه عقوبة مثلهم من القطع والقتل والنفي , ولم يسمل بعدهم غيرهم . قال : وكان هذا القول ذكر لأبي عمرو , فأنكر أن تكون نزلت معاتبة , وقال : بلى كانت عقوبة أولئك النفر بأعيانهم , ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم من حارب بعدهم فرفع عنهم السمل 9228 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثني أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : فبعث رسول الله ﷺ , فأتي بهم - يعني العرنيين - فأراد أن يسمل أعينهم , فنهاه الله عن ذلك , وأمره أن يقيم فيهم الحدود كما أنزلها الله عليه واختلف أهل العلم في المستحق اسم المحارب لله ورسوله الذي يلزمه حكم هذه , فقال بعضهم : هو اللص الذي يقطع الطريق . ذكر من قال ذلك : 9229 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , عن عطاء الخراساني في قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) الآية , قالا : هذا هو اللص الذي يقطع الطريق , فهو محارب . وقال آخرون : هو اللص المجاهر بلصوصيته , المكابر في المصر وغيره . وممن قال ذلك الأوزاعي . 9230 - حدثنا بذلك العباس عن أبيه عنه , وعن مالك والليث بن سعد وابن لهيعة . 9231 - حدثني علي بن سهل , قال : ثنا الوليد بن مسلم , قال : قلت لمالك بن أنس : تكون محاربة في المصر ؟ قال : نعم , والمحارب عندنا من حمل السلاح على المسلمين في مصر أو خلاء , فكان ذلك منه على غير نائرة كانت بينهم ولا ذحل ولا عداوة , قاطعا للسبيل والطريق والديار , مخيفا لهم بسلاحه , فقتل أحدا منهم قتله الإمام كقتله المحارب ليس لولي المقتول فيه عفو ولا قود . 9232 - حدثني علي , قال : ثنا الوليد , قال : سألت عن ذلك الليث بن سعد وابن لهيعة , قلت : تكون المحاربة في دور المصر والمدائن والقرى ؟ فقالا : نعم , إذا هم دخلوا عليهم بالسيوف علانية , أو ليلا بالنيران . قلت : فقتلوا أو أخذوا المال ولم يقتلوا ؟ فقال : نعم هم المحاربون , فإن قتلوا قتلوا , وإن لم يقتلوا وأخذوا المال قطعوا من خلاف إذا هم خرجوا به من الدار , ليس من حارب المسلمين في الخلاء والسبيل بأعظم من محاربة من حاربهم في حريمهم ودورهم . 9233 - حدثني علي , قال : ثنا الوليد , قال : قال أبو عمرو : وتكون المحاربة في المصر شهر على أهله بسلاحه ليلا أو نهارا . قال علي : قال الوليد : وأخبرني مالك أن قتل الغيلة عنده بمنزلة المحاربة . قلت : وما قتل الغيلة ؟ قال : هو الرجل يخدع الرجل والصبي , فيدخله بيتا أو يخلو به فيقتله ويأخذ ماله , فالإمام ولي قتل هذا , وليس لولي الدم والجرح قود ولا قصاص . وهو قول الشافعي . حدثنا بذلك عنه الربيع . وقال آخرون : المحارب : هو قاطع الطريق ; فأما المكابر في الأمصار فليس بالمحارب الذي له حكم المحاربين . وممن قال ذلك أبو حنيفة وأصحابه . 9234 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا بشر بن المفضل , عن داود بن أبي هند , قال : تذاكرنا المحارب ونحن عند ابن هبيرة في ناس من أهل البصرة , فاجتمع رأيهم أن المحارب ما كان خارجا من المصر . وقال مجاهد بما : . 9235 - حدثني القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد في قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) قال : الزنا والسرقة , وقتل الناس , وإهلاك الحرث والنسل . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عنبسة , عن محمد بن عبد الرحمن , عن القاسم بن أبي بزة , عن مجاهد : ( ويسعون في الأرض فسادا ) قال : الفساد : القتل , والزنا , والسرقة . وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب , قول من قال : المحارب لله ورسوله من حارب في سابلة المسلمين وذمتهم , والمغير عليهم في أمصارهم وقراهم حرابة . وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصواب ; لأنه لا خلاف بين الحجة أن من نصب حربا للمسلمين على الظلم منه لهم أنه لهم محارب , ولا خلاف فيه . فالذي وصفنا صفته , لا شك فيه أنه لهم مناصب حربا ظلما . وإذ كان ذلك كذلك , فسواء كان نصبه الحرب لهم في مصرهم وقراهم أو في سبلهم وطرقهم في أنه لله ولرسوله محارب بحربه من نهاه الله ورسوله عن حربه .ويسعون في الأرض فسادا القول في تأويل قوله تعالى : ( ويسعون في الأرض فسادا ) فإنه يعني : يعملون في أرض الله بالمعاصي من إخافة سبل عباده المؤمنين به , أو سبل ذمتهم وقطع طرقهم , وأخذ أموالهم ظلما وعدوانا , والتوثب على حرمهم فجورا وفسوقا .أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض القول في تأويل قوله تعالى : ( أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) يقول تعالى ذكره : ما للذي حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من أهل ملة الإسلام أو ذمتهم إلا بعض هذه الخلال التي ذكرها جل ثناؤه . ثم اختلف أهل التأويل في هذه الخلال أتلزم المحارب باستحقاقه اسم المحاربة , أم يلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه مختلفا باختلاف أجرامه ؟ فقال بعضهم : يلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه , مختلفا باختلاف أجرامه ذكر من قال ذلك : 9236 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي . عن أبيه , عن ابن عباس , قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى قوله : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : إذا حارب فقتل , فعليه القتل إذا ظهر عليه قبل توبته . وإذا حارب وأخذ المال وقتل , فعليه الصلب إن ظهر عليه قبل توبته . وإذا حارب وأخذ ولم يقتل , فعليه قطع اليد والرجل من خلاف إن ظهر عليه قبل توبته . وإذا حارب وأخاف السبيل , فإنما عليه النفي . 9237 - حدثنا ابن وكيع وأبو السائب , قالا : ثنا ابن إدريس , عن أبيه , عن حماد , عن إبراهيم : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) قال : إذا خرج فأخاف السبيل وأخذ المال , قطعت يده ورجله من خلاف . وإذا أخاف السبيل ولم يأخذ المال وقتل , صلب . * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن حماد , عن إبراهيم - فيما أرى - في الرجل يخرج محاربا , قال : إن قطع الطريق وأخذ المال قطعت يده ورجله , وإن أخذ المال وقتل قتل , وإن أخذ المال وقتل ومثل : صلب . 9238 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن عمران بن حدير , عن أبي مجلز : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية . قال : إذا قتل وأخذ المال وأخاف السبيل صلب , وإذا قتل لم يعد ذلك قتل , إذا أخذ المال لم يعد ذلك قطع , وإذا كان يفسد نفي . 9239 - حدثني المثنى , قال ثنا الحماني , قال ثنا شريك , عن سماك , عن الحسن : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى قوله : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : إذا أخاف الطريق ولم يقتل ولم يأخذ المال نفي . 9240 - حدثنا المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم , عن حصين , قال : كان يقال : من حارب فأخاف السبيل وأخذ المال ولم يقتل : قطعت يده ورجله من خلاف . وإذا أخذ المال وقتل : صلب . 9241 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , أنه كان يقول في قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى قوله : ( أو ينفوا من الأرض ) حدود أربعة أنزلها الله . فأما من أصاب الدم والمال جميعا : صلب ; وأما من أصاب الدم وكف عن المال : قتل ; ومن أصاب المال وكف عن الدم : قطع ; ومن لم يصب شيئا من هذا : نفي . 9242 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي . قال : نهى الله نبيه عليه الصلاة والسلام عن أن يسمل أعين العرنيين الذين أغاروا على لقاحه , وأمره أن يقيم فيهم الحدود كما أنزلها الله عليه . فنظر إلى من أخذ المال ولم يقتل فقطع يده ورجله من خلاف , يده اليمنى ورجله اليسرى . ونظر إلى من قتل ولم يأخذ مالا فقتله . ونظر إلى من أخذ المال وقتل فصلبه . وكذلك ينبغي لكل من أخاف طريق المسلمين وقطع أن يصنع به إن أخذ وقد أخذ مالا قطعت يده بأخذه المال رجله بإخافة الطريق , وإن قتل ولم يأخذ مالا قتل , وإن قتل وأخذ المال : صلب . 9243 - حدثني الحارث , قال : ثنا عبد العزيز , قال : ثنا فضيل بن مرزوق , قال سمعت السدي يسأل عطية العوفي , عن رجل محارب خرج , فأخذ ولم يصب مالا ولم يهرق دما . قال : النفي بالسيف ; وإن أخذ مالا فيده بالمال ورجله بما أخاف المسلمين ; وإن هو قتل ولم يأخذ مالا : قتل ; وإن هو قتل وأخذ المال : صلب . وأكبر ظني أنه قال : تقطع يده ورجله . 9244 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن عطاء الخراساني وقتادة في قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية , قال : هذا اللص الذي يقطع الطريق , فهو محارب . فإن قتل وأخذ مالا : صلب ; وإن قتل , ولم يأخذ مالا : قتل ; وإن أخذ مالا ولم يقتل : قطعت يده ورجله ; وإن أخذ قبل أن يفعل شيئا من ذلك : نفي . 9245 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن قيس بن سعد , عن سعيد بن جبير , قال : من خرج في الإسلام محاربا لله ورسوله فقتل وأصاب مالا , فإنه يقتل ويصلب ; ومن قتل ولم يصب مالا , فإنه يقتل كما قتل ; ومن أصاب مالا ولم يقتل , فإنه يقطع من خلاف ; وإن أخاف سبيل المسلمين نفي من بلده إلى غيره , لقول الله جل وعز : ( أو ينفوا من الأرض ) . 9246 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) قال : كان ناس يسعون في الأرض فسادا وقتلوا وقطعوا السبيل , فصلب أولئك . وكان آخرون حاربوا واستحلوا المال ولم يعدوا ذلك , فقطعت أيديهم وأرجلهم . وآخرون حاربوا واعتزلوا ولم يعدوا ذلك , فأولئك أخرجوا من الأرض . 9247 - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو أسامة , عن أبي هلال , قال : ثنا قتادة , عن مورق العجلي في المحارب , قال : إن كان خرج فقتل وأخذ المال : صلب ; وإن قتل ولم يأخذ المال : قتل ; وإن كان أخذ المال ولم يقتل : قطع ; وإن كان خرج مشاقا للمسلمين : نفي . 9248 - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو معاوية , عن حجاج , عن عطية العوفي , عن ابن عباس , قال : إذا خرج المحارب وأخاف الطريق وأخذ المال : قطعت يده ورجله من خلاف ; فإن هو خرج فقتل وأخذ المال : قطعت يده ورجله من خلاف ثم صلب ; وإن خرج فقتل ولم يأخذ المال : قتل ; وإن أخاف السبيل ولم يقتل ولم يأخذ المال : نفي . 9249 - حدثنا ابن البرقي , قال : ثنا ابن أبي مريم , قال : أخبرنا نافع بن يزيد , قال : ثني أبو صخر , عن محمد بن كعب القرظي ; وعن أبي معاوية , عن سعيد بن جبير في هذه الآية : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) قالا : إن أخاف المسلمين , فاقتطع المال , ولم يسفك : قطع ; وإذا سفك دما : قتل وصلب ; وإن جمعهما فاقتطع مالا وسفك دما : قطع ثم قتل ثم صلب . كأن الصلب مثلة , وكأن القطع ( السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) , وكأن القتل . النفس بالنفس . وإن امتنع فإن من الحق على الإمام وعلى المسلمين أن يطلبوه حتى يأخذوه فيقيموا عليه حكم كتاب الله , أو ينفوا من الأرض من أرض الإسلام إلى أرض الكفر . واعتل قائلو هذه المقالة لقولهم هذا , بأن قالوا : إن الله أوجب على القاتل القود , وعلى السارق القطع ; وقالوا : قال النبي ﷺ : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خلال : رجل قتل فقتل , ورجل زنى بعد إحصان فرجم , ورجل كفر بعد إسلامه " قالوا : فحظر النبي ﷺ قتل رجل مسلم إلا بإحدى هذه الخلال الثلاث , فإما أن يقتل من أجل إخافته السبيل من غير أن يقتل أو يأخذ مالا , فذلك تقدم على الله ورسوله بالخلاف عليهما في الحكم . قالوا : ومعنى قول من قال : الإمام فيه بالخيار إذا قتل وأخاف السبيل وأخذ المال ; فهنالك خيار الإمام في قولهم بين القتل أو القتل والصلب , أو قطع اليد والرجل من خلاف . وأما صلبه باسم المحاربة من غير أن يفعل شيئا من قتل أو أخذ مال , فذلك ما لم يقله عالم . وقال آخرون : الإمام فيه بالخيار أن يفعل أي هذه الأشياء التي ذكرها الله في كتابه . ذكر من قال ذلك : 9250 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا جويبر , عن عطاء , وعن القاسم بن أبي بزة , عن مجاهد في المحارب : أن الإمام مخير فيه أي ذلك شاء فعل . 9251 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , عن عبيدة , عن إبراهيم : الإمام مخير في المحارب , أي ذلك شاء فعل : إن شاء قتل , وإن شاء قطع , وإن شاء نفى , وإن شاء صلب . 9252 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن عاصم , عن الحسن في قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) إلى قوله : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : يأخذ الإمام بأيهما أحب . * - حدثنا سفيان , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن عاصم , عن الحسن : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) قال : الإمام مخير فيها . 9253 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن ابن جريج , عن عطاء , مثله . 9254 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن قيس بن سعد , قال : قال عطاء : يصنع الإمام في ذلك ما شاء : إن شاء قتل , أو قطع , أو نفى , لقول الله : ( أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) فذلك إلى الإمام الحاكم يصنع فيه ما شاء . 9255 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس , قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية , قال : من شهر السلاح في فئة الإسلام , وأخاف السبيل , ثم ظفر به وقدر عليه , فإمام المسلمين فيه بالخيار , إن شاء قتله وإن شاء صلبه وإن شاء قطع يده ورجله . 9256 - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو أسامة , قال : أخبرنا أبو هلال , قال : أخبرنا قتادة , عن سعيد بن المسيب , أنه قال في المحارب : ذلك إلى الإمام , إذا أخذه يصنع به ما شاء . * - حدثنا هناد , قال : ثنا أبو أسامة , عن أبي هلال , قال : ثنا هارون , عن الحسن في المحارب , قالا : ذاك إلى الإمام يصنع به ما شاء . * - حدثنا هناد , قال : ثنا حفص بن غياث , عن عاصم , عن الحسن : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) قال : ذلك إلى الإمام . واعتل قائلو هذه المقالة بأن قالوا : وجدنا العطوف التي بأو في القرآن بمعنى التخيير في كل ما أوجب الله به فرضا منها , وذلك كقوله في كفارة اليمين : ( فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ) , وكقوله : ( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) , وكقوله : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ) قالوا : فإذا كانت العطوف التي بأو في القرآن في كل ما أوجب الله به فرضا منها في سائر القرآن بمعنى التخيير , فكذلك ذلك في آية المحاربين الإمام مخير فيما رأى الحكم به على المحارب إذا قدر عليه قبل التوبة . وأولى التأويلين بالصواب في ذلك عندنا تأويل من أوجب على المحارب من العقوبة على قدر استحقاقه وجعل الحكم على المحاربين مختلفا باختلاف أفعالهم , فأوجب على مخيف السبيل منهم إذا قدر عليه قبل التوبة وقبل أخذ مال أو قتل : النفي من الأرض ; و إذا قدر عليه بعد أخذ المال وقتل النفس المحرم قتلها : الصلب ; لما ذكرت من العلة قبل لقائلي هذه المقالة . فأما ما اعتل به القائلون : إن الإمام فيه بالخيار من أن " أو " في العطف تأتي بمعنى التخيير في الفرض , فنقول : لا معنى له ; لأن " أو " في كلام العرب قد تأتي بضروب من المعاني لولا كراهة إطالة الكتاب بذكرها لذكرتها , وقد بينت كثيرا من معانيها فيما مضى وسنأتي على باقيها فيما يستقبل في أماكنها إن شاء الله . فأما في هذا الموضع فإن معناها : التعقيب , وذلك نظير قول القائل : إن جزاء المؤمنين عند الله يوم القيامة أن يدخلهم الجنة , أو يرفع منازلهم في عليين , أو يسكنهم مع الأنبياء والصديقين . فمعلوم أن قائل ذلك غير قاصد بقيله إلى أن جزاء كل مؤمن آمن بالله ورسوله , فهو في مرتبة واحدة من هذه المراتب ومنزلة واحدة من هذه المنازل بإيمانه , بل المعقول عنه أن معناه : أن جزاء المؤمن لم يخلو عند الله من بعض هذه المنازل , فالمقتصد منزلته دون منزلة السابق بالخيرات , والسابق بالخيرات أعلى منه منزلة , والظالم لنفسه دونهما , وكل في الجنة كما قال جل ثناؤه : ( جنات عدن يدخلونها ) فكذلك معنى العطوف بأو في قوله : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية , إنما هو التعقيب . فتأويله : إن الذي يحارب الله ورسوله , ويسعى في الأرض فسادا , لن يخلو من أن يستحق الجزاء بإحدى هذه الخلال الأربع التي ذكرها الله عز ذكره , لا أن الإمام محكم فيه , ومخير في أمره كائنة ما كانت حالته , عظمت جريرته أو خفت ; لأن ذلك لو كان كذلك لكان للإمام قتل من شهر السلاح مخيفا السبيل وصلبه , وإن لم يأخذ مالا ولا قتل أحدا , وكان له نفي من قتل وأخذ المال وأخاف السبيل . وذلك قول إن قاله قائل خلاف ما صحت به الآثار عن رسول الله ﷺ من قوله : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل قتل رجلا فقتل , أو زنى بعد إحصان فرجم , أو ارتد عن دينه " وخلاف قوله : " القطع في ربع دينار فصاعدا " وغير المعروف من أحكامه . فإن قال قائل : فإن هذه الأحكام التي ذكرت كانت عن رسول الله ﷺ في غير المحارب , وللمحارب حكم غير ذلك منفرد به ؟ قيل له : فما الحكم الذي انفرد به المحارب في سننه , فإن ادعى عنه ﷺ حكما خلاف الذي ذكرنا , أكذبه جميع أهل العلم ; لأن ذلك غير موجود بنقل واحد ولا جماعة , وإن زعم أن ذلك الحكم هو ما في ظاهر الكتاب . قيل له : فإن أحسن حالاتك أن يسلم لك أن ظاهر الآية قد يحتمل ما قلت , وما قاله من خالفك فما برهانك على أن تأويلك أولى بتأويل الآية من تأويله . وبعد : فإذا كان الإمام مخيرا في الحكم على المحارب من أجل أن " أو " بمعنى التخيير في هذا الموضع عندك , أفله أن يصلبه حيا ويتركه على الخشبة مصلوبا حتى يموت من غير قتله ؟ فإن قال : ذلك له , خالف في ذلك الأمة . وإن زعم أن ذلك ليس له , وإنما له قتله ثم صلبه أو صلبه ثم قتله , ترك علته من أن الإمام إنما كان له الخيار في الحكم على المحارب من أجل أن " أو " تأتي بمعنى التخيير , وقيل له : فكيف كان له الخيار في القتل أو النفي أو القطع ولم يكن له الخيار في الصلب وحده , حتى تجمع إليه عقوبة أخرى ؟ وقيل له : هل بينك وبين من جعل الخيار حيث أبيت وأبى ذلك حيث جعلته له , فرق من أصل أو قياس ؟ فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله . وقد روي عن رسول الله ﷺ بتصحيح ما قلنا في ذلك بما في إسناده نظر . وذلك ما 9257 - حدثنا به علي بن سهل , قال : ثنا الوليد بن مسلم , عن ابن لهيعة , عن يزيد بن أبي حبيب : أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس بن مالك يسأله عن هذه الآية , فكتب إليه أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين , وهم من بجيلة . قال أنس : فارتدوا عن الإسلام , وقتلوا الراعي , وساقوا الإبل , وأخافوا السبيل , وأصابوا الفرج الحرام . قال أنس : فسأل رسول الله ﷺ جبريل عليه السلام عن القضاء فيمن حارب , فقال : " من سرق وأخاف السبيل فاقطع يده بسرقته ورجله بإخافته . ومن قتل فاقتله . ومن قتل وأخاف السبيل واستحل الفرج الحرام فاصلبه " . وأما قوله : ( أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) فإنه يعني جل ثناؤه : أنه تقطع أيديهم مخالفا في قطعها قطع أرجلهم , وذلك أن تقطع أيمن أيديهم وأشمل أرجلهم , فذلك الخلاف بينهما في القطع . ولو كان مكان " من " في هذا الموضع " على " أو الباء , فقيل : أو تقطع أيديهم وأرجلهم خلاف أو بخلاف , لأديا عما أدت عنه " من " من المعنى . واختلف أهل التأويل في معنى النفي الذي ذكر الله في هذا الموضع . فقال بعضهم : هو أن يطلب حتى يقدر عليه , أو يهرب من دار الإسلام . ذكر من قال ذلك : 9258 - حدثني محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قوله : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : يطلبهم الإمام بالخيل والرجال حتى يأخذهم , فيقيم فيهم الحكم , أو ينفوا من أرض المسلمين . 9259 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قال : نفيه : أن يطلب . 9260 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : ( أو ينفوا من الأرض ) يقول : أو يهربوا حتى يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب . 9261 - حدثني علي بن سهل , قال : ثنا الوليد بن مسلم , قال : أخبرني عبد الله بن لهيعة , عن يزيد بن أبي حبيب , عن كتاب أنس بن مالك , إلى عبد الملك بن مروان : أنه كتب إليه : " ونفيه : أن يطلبه الإمام حتى يأخذه , فإذا أخذه أقام عليه إحدى هذه المنازل التي ذكر الله جل وعز بما استحل " . 9262 - حدثني علي بن سهل , قال : ثنا الوليد , قال : فذكرت ذلك لليث بن سعد , فقال : نفيه : طلبه من بلد إلى بلد حتى يؤخذ , أو يخرجه طلبه من دار الإسلام إلى دار الشرك والحرب , إذا كان محاربا مرتدا عن الإسلام . قال الوليد : وسألت مالك بن أنس , فقال مثله . 9263 - حدثني علي , قال : ثنا الوليد , قال : قلت لمالك بن أنس والليث بن سعد : . وكذلك يطلب المحارب المقيم على إسلامه , يضطره بطلبه من بلد إلى بلد حتى يصير إلى ثغر من ثغور المسلمين , أو أقصى جوار المسلمين , فإن هم طلبوه دخل دار الشرك ؟ قالا : لا يضطر مسلم إلى ذلك . 9264 - حدثنا هناد بن السري , قال : ثنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : أن يطلبوه حتى يعجزوا . * - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثني عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول , فذكر نحوه . 9265 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا حفص بن غياث , عن عاصم , عن الحسن : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : ينفى حتى لا يقدر عليه . 9266 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الله , عن أبيه عن الربيع بن أنس في قوله : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : أخرجوا من الأرض أينما أدركوا , أخرجوا حتى يلحقوا بأرض العدو . 9267 - حدثنا الحسن , قال : ثنا عبد الرزاق , قال : ثنا معمر , عن الزهري في قوله : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : نفيه : أن يطلب فلا يقدر عليه , كلما سمع به في أرض طلب . 9268 - حدثني علي بن سهل , قال : ثنا الوليد بن مسلم , قال : أخبرني سعيد , عن قتادة : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : إذا لم يقتل ولم يأخذ مالا , طلب حتى يعجز . 9269 - حدثني ابن البرقي , قال : ثنا ابن أبي مريم , قال : أخبرني نافع بن يزيد , قال : ثني أبو صخر , عن محمد بن كعب القرظي , وعن أبي معاوية , عن سعيد بن جبير : ( أو ينفوا من الأرض ) من أرض الإسلام إلى أرض الكفر . وقال آخرون : معنى النفي في هذا الموضع : أن الإمام إذا قدر عليه نفاه من بلدته إلى بلدة أخرى غيرها . ذكر من قال ذلك : 9270 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن قيس بن سعد , عن سعيد بن جبير : ( أو ينفوا من الأرض ) قال : من أخاف سبيل المسلمين نفي من بلده إلى غيره , لقول الله عز وجل : ( أو ينفوا من الأرض ) . 9271 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني الليث , قال : ثني يزيد بن أبي حبيب وغيره , عن حبان بن شريح , أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز في اللصوص , ووصف له لصوصيتهم وحبسهم في السجون , قال : قال الله في كتابه : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) , وترك : ( أو ينفوا من الأرض ) فكتب إليه عمر بن عبد العزيز : أما بعد , فإنك كتبت إلي تذكر قول الله جل وعز : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) , وتركت قول الله : ( أو ينفوا من الأرض ) , فنبي أنت يا حبان ابن أم حبان ! لا تحرك الأشياء عن مواضعها , أتجردت للقتل والصلب كأنك عبد بني عقيل من غير ما أشبهك به ؟ إذا أتاك كتابي هذا فانفهم إلى شغب . * - حدثنا يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : ثني الليث , عن يزيد وغيره بنحو هذا الحديث , غير أن يونس قال في حديثه : كأنك عبد بني أبي عقال من غير أن أشبهك به . * - حدثني يونس , قال أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني ابن لهيعة , عن يزيد بن أبي حبيب , أن الصلت كاتب حبان بن شريح , أخبرهم أن حبان كتب إلى عمر بن عبد العزيز : أن ناسا من القبط قامت عليهم البينة بأنهم حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا , وأن الله يقول : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) وسكت عن النفي , وكتب إليه : فإن رأى أمير المؤمنين أن يمضي قضاء الله فيهم , فليكتب بذلك . فلما قرأ عمر بن عبد العزيز كتابه , قال : لقد اجتزأ حبان . ثم كتب إليه إنه قد بلغني كتابك وفهمته , ولقد اجتزأت كأنما كتبت بكتاب يزيد بن أبي مسلم أو علج صاحب العراق من غير أن أشبهك بهما , فكتبت بأول الآية ثم سكت عن آخرها , وإن الله يقول : ( أو ينفوا من الأرض ) فإن كانت قامت عليهم البينة بما كتبت به , فاعقد في أعناقهم حديدا , ثم غيبهم إلى شغب وبدا . قال أبو جعفر : شغب وبدا : موضعان . وقال آخرون : معنى النفي من الأرض في هذا الموضع : الحبس , وهو قول أبي حنيفة وأصحابه . وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب في قول من قال : معنى النفي من الأرض في هذا الموضع : هو نفيه من بلد إلى بلد غيره وحبسه في السجن في البلد الذي نفي إليه , حتى تظهر توبته من فسوقه ونزوعه عن معصيته ربه . وإنما قلت ذلك أولى الأقوال بالصحة ; لأن أهل التأويل اختلفوا في معنى ذلك على أحد الأوجه الثلاثة التي ذكرت . وإذ كان ذلك كذلك , وكان معلوما أن الله جل ثناؤه إنما جعل جزاء المحارب : القتل أو الصلب , أو قطع اليد والرجل من خلاف , بعد القدرة عليه لا في حال امتناعه ; كان معلوما أن النفي أيضا إنما هو جزاؤه بعد القدرة عليه لا قبلها , ولو كان هروبه من الطلب نفيا له من الأرض , كان قطع يده ورجله من خلاف في حال امتناعه وحربه على وجه القتال بمعنى إقامة الحد عليه بعد القدرة عليه . وفي إجماع الجميع أن ذلك لا يقوم مقام نفيه الذي جعله الله عز وجل حدا له بعد القدرة عليه . وإذ كان كذلك , فمعلوم أنه لم يبق إلا الوجهان الآخران , وهو النفي من بلدة إلى أخرى غيرها أو السجن . فإذ كان كذلك , فلا شك أنه إذا نفي من بلدة إلى أخرى غيرها فلم ينف من الأرض , بل إنما نفي من أرض دون أرض . وإذ كان ذلك كذلك , وكان الله جل ثناؤه إنما أمر بنفيه من الأرض , كان معلوما أنه لا سبيل إلى نفيه من الأرض إلا بحبسه في بقعة منها عن سائرها , فيكون منفيا حينئذ عن جميعها , إلا ما لا سبيل إلى نفيه منه . وأما معنى النفي في كلام العرب : فهو الطرد , ومن ذلك قول أوس بن حجر : ينفون عن طرق الكرام كما ينفي المطارق ما يلي القرد ومنه قيل للدراهم الرديئة وغيرها من كل شيء : النفاية . وأما المصدر من نفيت , فإنه النفي والنفاية , ويقال : الدلو ينفي الماء . ويقال لما تطاير من الماء من الدلو النفي , ومنه قول الراجز : كأن متنيه من النفي مواقع الطير على الصفي ومنه قيل : نفى شعره : إذا سقط , يقال : حال لونك ونفى شعرك .ذلك لهم خزي في الدنيا القول في تأويل قوله تعالى : ( ذلك لهم خزي في الدنيا ) يعني جل ثناؤه بقوله : ( ذلك ) هذا الجزاء الذي جازيت به الذين حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا في الدنيا , من قتل , أو صلب , أو قطع يد ورجل من خلاف ( لهم ) يعني لهؤلاء المحاربين ( خزي في الدنيا ) يقول هو لهم شر وعار وذلة , ونكال وعقوبة في عاجل الدنيا قبل الآخرة , يقال منه : أخزيت فلانا فخزي هو خزيا .ولهم في الآخرة عذاب عظيم وقوله : ( ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) يقول عز ذكره لهؤلاء الذين حاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا فلم يتوبوا من فعلهم ذلك , حتى هلكوا في الآخرة مع الخزي الذي جازيتهم به في الدنيا , والعقوبة التي عاقبتهم بها فيها عذاب عظيم , يعني : عذاب جهنم .

الآية 33 من سورة المَائدة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (33) - Surat Al-Ma'idah

Indeed, the penalty for those who wage war against Allah and His Messenger and strive upon earth [to cause] corruption is none but that they be killed or crucified or that their hands and feet be cut off from opposite sides or that they be exiled from the land. That is for them a disgrace in this world; and for them in the Hereafter is a great punishment

الآية 33 من سورة المَائدة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (33) - Сура Al-Ma'idah

Воистину, те, которые сражаются против Аллаха и Его Посланника и стремятся сотворить на земле нечестие, в воздаяние должны быть убиты или распяты, или у них должны быть отсечены накрест руки и ноги, или они должны быть изгнаны из страны. Это будет для них позором в этом мире, а в Последней жизни для них уготованы великие мучения

الآية 33 من سورة المَائدة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (33) - سوره المَائدة

جو لوگ اللہ اور اس کے رسول سے لڑتے ہیں اور زمین میں اس لیے تگ و دو کرتے پھرتے ہیں کہ فساد برپا کریں اُن کی سزا یہ ہے کہ قتل کیے جائیں، یا سولی پر چڑھائے جائیں، یا اُن کے ہاتھ اور پاؤں مخالف سمتوں سے کاٹ ڈالے جائیں، یا وہ جلا وطن کر دیے جائیں، یہ ذلت و رسوائی تو اُن کے لیے دنیا میں ہے اور آخرت میں اُن کے لیے اس سے بڑی سزا ہے

الآية 33 من سورة المَائدة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (33) - Ayet المَائدة

Allah ve Peygamberiyle savaşanların ve yeryüzünde bozgunculuğa uğraşanların cezası öldürülmek veya asılmak yahut çapraz olarak el ve ayakları kesilmek ya da yerlerinden sürülmektir. Bu onlara dünyada bir rezilliktir. Onlara ahirette büyük azab vardır

الآية 33 من سورة المَائدة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (33) - versículo المَائدة

El castigo para quienes hacen la guerra a [un pueblo que se gobierna por la ley de] Dios y Su Mensajero y siembran en la Tierra la corrupción es que [luego de un juicio justo] se los condene a muerte, se los crucifique, se les ampute una mano y el pie del lado opuesto, o se los condene al exilio. Esto es para que sean denigrados en esta vida, y en la otra tendrán un castigo terrible