متصفحك لا يدعم صوت HTML5
"الريب" الشك. (وَإِنْ) الواو استئنافية، إن شرطية جازمة تجزم فعلين مضارعين. (كُنْتُمْ) فعل ماض ناقص في محل جزم فعل الشرط، والتاء اسمها. والجملة استئنافية. (فِي رَيْبٍ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر كان. (مِمَّا) أصلها من ما، ما اسم موصول في محل جر والجار والمجرور متعلقان بريب المصدر (نَزَّلْنا) فعل ماض وفاعله. والجملة صلة الموصول. (عَلى عَبْدِنا) متعلقان بالفعل نزلنا وعائده محذوف تقديره نزلناه. (فَأْتُوا) الفاء رابطة لجواب الشرط. أتوا فعل أمر مبني على حذف النون. والواو فاعل. والجملة في محل جزم جواب الشرط. (بِسُورَةٍ) متعلقان بالفعل فأتوا. (مِنْ مِثْلِهِ) متعلقان بمحذوف صفة لسورة، والهاء في محل جر بالإضافة. (وَادْعُوا) مثل (اعْبُدُوا). (شُهَداءَكُمْ) مفعول به والكاف في محل جر بالإضافة، والميم لجمع الذكور. (مِنْ دُونِ) جار ومجرور متعلقان بالفعل ادعوا أو بمحذوف حال من شهداءكم التقدير منفردين عن اللّه. (اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه. (إِنْ كُنْتُمْ) إعرابها كالآية الأولى. (صادِقِينَ) خبر كان منصوب بالياء. وجواب الشرط محذوف تقديره فأتوا بها.
هي الآية رقم (23) من سورة البَقَرَة تقع في الصفحة (4) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (1) ، وهي الآية رقم (30) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم
ادعوا شهدائكم : أحضِروا آلهتَكُم أو نُصَراءَكم
وإن كنتم -أيها الكافرون المعاندون- في شَكٍّ من القرآن الذي نَزَّلناه على عبدنا محمد ﷺ، وتزعمون أنه ليس من عند الله، فهاتوا سورة تماثل سورة من القرآن، واستعينوا بمن تقدرون عليه مِن أعوانكم، إن كنتم صادقين في دعواكم.
(وإن كنتم في ريب) شك (مما نزلنا على عبدنا) محمد من القرآن أنه من عند الله (فأتوا بسورة من مثله) أي المنزل ومن للبيان أي هي مثله في البلاغة وحسن النظم والإخبار عن الغيب. والسورة قطعة لها أول وآخر أقلها ثلاث آيات (وادعوا شهداءكم" آلهتكم التي تعبدونها) من دون الله» أي غيره لتعينكم (إن كنتم صادقين) في أن محمدا قاله من عند نفسه فافعلوا ذلك فإنكم عربيون فصحاء مثله ولما عجزوا عن ذلك قال تعالى:
وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله ﷺ, وصحة ما جاء به، فقال: ( وإن كنتم ) معشر المعاندين للرسول, الرادين دعوته, الزاعمين كذبه في شك واشتباه, مما نزلنا على عبدنا, هل هو حق أو غيره ؟ فهاهنا أمر نصف، فيه الفيصلة بينكم وبينه، وهو أنه بشر مثلكم, ليس بأفصحكم ولا بأعلمكم وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم, لا يكتب ولا يقرأ، فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله, وقلتم أنتم أنه تقوَّله وافتراه، فإن كان الأمر كما تقولون, فأتوا بسورة من مثله, واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم, فإن هذا أمر يسير عليكم، خصوصا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة, والعداوة العظيمة للرسول، فإن جئتم بسورة من مثله, فهو كما زعمتم, وإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز, ولن تأتوا بسورة من مثله، ولكن هذا التقييم على وجه الإنصاف والتنزل معكم، فهذا آية كبرى, ودليل واضح (جلي) على صدقه وصدق ما جاء به, فيتعين عليكم اتباعه, واتقاء النار التي بلغت في الحرارة العظيمة (والشدة), أن كانت وقودها الناس والحجارة, ليست كنار الدنيا التي إنما تتقد بالحطب, وهذه النار الموصوفة معدة ومهيأة للكافرين بالله ورسله. فاحذروا الكفر برسوله, بعد ما تبين لكم أنه رسول الله. وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي, وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن، قال تعالى ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) وكيف يقدر المخلوق من تراب, أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه, أن يأتي بكلام ككلام الكامل, الذي له الكمال المطلق, والغنى الواسع من كل الوجوه؟ هذا ليس في الإمكان, ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوق ومعرفة (بأنواع) الكلام, إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء, ظهر له الفرق العظيم. وفي قوله: ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ) إلى آخره, دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة: (هو) الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال، فهذا إذا بين له الحق فهو حري بالتوفيق إن كان صادقا في طلب الحق. وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه, فهذا لا يمكن رجوعه, لأنه ترك الحق بعد ما تبين له, لم يتركه عن جهل, فلا حيلة فيه. وكذلك الشاك غير الصادق في طلب الحق, بل هو معرض غير مجتهد في طلبه, فهذا في الغالب أنه لا يوفق. وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيم, دليل على أن أعظم أوصافه ﷺ, قيامه بالعبودية, التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين. كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء، فقال: ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ) وفي مقام الإنزال، فقال: ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ ) وفي قوله: ( أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) ونحوها من الآيات, دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, أن الجنة والنار مخلوقتان خلافا للمعتزلة، وفيها أيضا, أن الموحدين وإن ارتكبوا بعض الكبائر لا يخلدون في النار, لأنه قال: ( أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) فلو كان (عصاة الموحدين) يخلدون فيها, لم تكن معدة للكافرين وحدهم، خلافا للخوارج والمعتزلة. وفيها دلالة على أن العذاب مستحق بأسبابه, وهو الكفر, وأنواع المعاصي على اختلافها
ثم شرع تعالى في تقرير النبوة بعد أن قرر أنه لا إله إلا هو ، فقال مخاطبا للكافرين : ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ) يعني محمدا ﷺ ( فأتوا بسورة ) من مثل ما جاء به إن زعمتم أنه من عند غير الله ، فعارضوه بمثل ما جاء به ، واستعينوا على ذلك بمن شئتم من دون الله ، فإنكم لا تستطيعون ذلك . قال ابن عباس : ( شهداءكم ) أعوانكم ( أي : قوما آخرين يساعدونكم على ذلك ) . وقال السدي ، عن أبي مالك : شركاؤكم ( أي استعينوا بآلهتكم في ذلك يمدونكم وينصرونكم ) . وقال مجاهد : ( وادعوا شهداءكم ) قال : ناس يشهدون به ( يعني : حكام الفصحاء ) . وقد تحداهم الله تعالى بهذا في غير موضع من القرآن ، فقال في سورة القصص : ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ) ( القصص : 49 ) وقال في سورة سبحان : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) ( الإسراء : 88 ) وقال في سورة هود : ( أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) ( هود : 13 ) ، وقال في سورة يونس : ( وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) ( يونس : 37 ، 38 ) وكل هذه الآيات مكية . ثم تحداهم ( الله تعالى ) بذلك - أيضا - في المدينة ، فقال في هذه الآية : ( وإن كنتم في ريب ) أي : ( في ) شك ( مما نزلنا على عبدنا ) يعني محمدا ﷺ
القول في تأويل قوله : وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَـزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ قال أبو جعفر: وهذا من الله عز وجل احتجاجٌ لنبيه محمد ﷺ على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم، وكفار أهل الكتاب وضُلالهم، الذين افتتح بقصَصهم قولَه جل ثناؤه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ ، وإياهم يخاطب بهذه الآيات, وضُرباءَهم يَعني بها (150) ، قال الله جلّ ثناؤه: وإن كنتم أيها المشركون من العرب والكفارُ من أهل الكتابين، في شكٍّ -وهو الريب- مما نـزّلنا على عبدنا محمد ﷺ من النور والبرهان وآيات الفرقان: أنه من عندي, وأنّي الذي أنـزلته إليه, فلم تُؤمنوا به ولم تصدّقوه فيما يقول, فأتوا بحجة تدفع حُجته، لأنكم تعلمون أن حجةَ كلّ ذي نبوّة على صدقه في دعوَاه النبوة: أن يأتي ببرهان يَعجز عن أن يأتيَ بمثله جَميعُ الخلق. ومن حجة محمد ﷺ على صدقه، وبُرْهانه على حقيقة نبوته (151) ، وأنّ ما جاء به من عندي - عَجزُ جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم، عن أن تَأتوا بسورةٍ من مثله. وإذا عَجزتم عن ذلك -وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة والذَّرابة (152) - فقد علمتم أن غيركم عما عَجزتم عنه من ذلك أعْجزُ. كما كانَ برهانُ من سَلف من رُسلي وأنبيائي على صدْقه، وحُجتهُ على نبوته من الآيات، ما يَعجز عن الإتيان بمثله جميعُ خلقي. فيتقرر حينئذ عندكم أنّ محمدًا لم يتقوَّله ولم يختلقْه, لأنّ ذلك لو كان منه اختلافًا وتقوُّلا لم تعجزوا وجميع خلقي عن الإتيان بمثله. لأن محمدًا ﷺ لم يَعْدُ أن يكون بَشرًا مثلكم, وفي مثل حالكم في الجسم وبَسطة الخلق وذرَابة اللسان - فيمكن أن يُظنّ به اقتدارٌ على ما عَجزْتم عنه, أو يتوهم منكم عجزٌ عما اقتدر عليه. ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " فأتوا بسورَة من مثله ". 491- فحدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, عن سعيد, عن قتادة: " فأتوا بسورة من مثله "، يعني: من مثل هذا القرآن حقًّا وصدْقًا، لا باطل فيه ولا كذب. 492- حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أنبأنا عبد الرزّاق, قال: أخبرنا ص( 1-374 ) مَعمر، عن قتادة في قوله: " فأتوا بسورة من مثله "، يقول: بسورة مثلِ هذا القرآن (153) . 493- حدثني محمد بن عمرو الباهلي, قال: حدثنا أبو عاصم, عن عيسى بن ميمون, عن عبد الله بن أبي نَجيح, عن مجاهد: " فأتوا بسورة من مثله "، مثلِ القرآن. 494- حدثنا المثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شِبْل، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، مثله. 495- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جُريج, عن مجاهد: " فأتوا بسورة مِنْ مثله "، قال: " مثله " مثلِ القرآن (154) . فمعنى قول مجاهد وقتادة اللذين ذكرنا عنهما (155) : أن الله جلّ ذكره قال لمن حاجَّه في نبيه محمد ﷺ من الكفار: فأتوا بسورة من مثل هذا القرآن من كلامكم أيتها العرب, كما أتى به محمد بلغاتكم ومعاني منطقكم. وقد قال قوم آخرون: إن معنى قوله: " فأتُوا بسورة من مثله "، من مثل محمد من البشر , لأن محمدًا بشر مثلكم (156) . قال أبو جعفر: والتأويل الأول، الذي قاله مجاهد وقتادة، هو التأويل الصحيح. لأن الله جَل ثناؤه قال في سُورة أخرى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ (سورة يونس: 38)، ومعلومٌ أنّ السورة ليست لمحمد بنظير ولا شبيه, فيجوزُ أنْ يقال: فأتُوا بسورة مثل محمد. فإن قال قائل: إنك ذكرتَ أن الله عني بقوله (157) " ، فأتوا بسورة من مثله "، ص( 1-375 ) من مثل هذا القرآن, فهل للقرآن من مثل فيقال: ائتوا بسورة من مثله؟ قيل: إنه لم يعنِ به: ائتُوا بسورة من مثله في التأليف والمعاني التي باينَ بها سائرَ الكلام غيرَه, وإنما عنى: ائتوا بسورة من مثله في البيان، لأنّ القرآن أنـزله الله بلسان عربيّ, فكلام العرب لا شك له مثلٌ في معنى العربية. فأمّا في المعنى الذي باين به القرآن سائرَ كلام المخلوقين, فلا مثلَ له من ذلك الوجه ولا نظيرَ ولا شبيه. وإنما احتجّ الله جلّ ثناؤه عليهم لنبيه ﷺ بما احتج به لهُ عليهم من القرآن (158) ، إذْ ظهر عجز القوم عن أن يأتوا بسورة من مثله في البيان, إذْ كان القرآن بيانًا مثلَ بيانهم, وكلامًا نـزل بلسانهم, فقال لهم جلّ ثناؤه: وإن كنتم في رَيب من أنّ ما أنـزلتُ على عَبدي من القرآن من عندي, فأتوا بسورة من كلامكم الذي هو مثلُه في العربية, إذْ كنتم عربًا, وهو بيانٌ نظيرُ بيانكم, وكلامٌ شبيهُ كلامِكم. فلم يكلفهم جل ثناؤه أن يأتوا بسورة من غير اللسان الذي هو نظيرُ اللسان الذي نـزل به القرآن, فيقدِرُوا أن يقولُوا: كلفتنا ما لو أحسنَّاه أتينا به, وإنا لا نقدر على الإتيان به لأنا لسنا من أهل اللسان الذي كلفتنا الإتيان به, فليس لك علينا بهذا حجة (159) . لأنا - وإن عَجزنا عن أن نأتي بمثله من غير ألسنتنا لأنّا لسنا من أهله (160) - ففي الناس خلقٌ كثير من غير أهل لساننا يقدرُ على أن يأتيَ بمثله من اللسان الذي كلفتنا الإتيان به. ولكنه جل ثناؤه قال لهم: ائتوا بسورة مثله, لأن مثله من الألسن ألسنكم (161) ، وأنتم - إن كان محمدٌ اختلقه وافتراه, إذا اجتمعتم وتظاهرتُم على الإتيان بمثل سورة منه من لسانكم وبيانكم - ص( 1-376 ) أقدرُ على اختلاقه ورَصْفِه وتأليفه من محمد ﷺ (162) ، وإن لم تكونوا أقدرَ عليه منه، فلن تعجزوا -وأنتم جميعٌ- عما قدَر عليه محمدٌ من ذلك وهو وحيدٌ (163) ، إن كنتم صادقين في دعواكم وزعمكم أنّ محمدًا افتراه واختلقه، وأنه من عند غيرِي. واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَـزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فقال ابن عباس بما: 496- حدثنا به محمد بن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت, عن عكرمة, أو عن سعيد, عن ابن عباس: " وادعوا شُهداءكم من دون الله "، يعني أعوانكم على ما أنتم عليه, إن كنتم صادقين. 497- حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نَجيح, عن مجاهد: " وادعوا شُهداءكم "، ناس يَشهدون. 498- حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حُذيفة, قال: حدثنا شِبْل، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، مثله. 499- حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع، عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد, قال: قوم يشهدون لكم. ص( 1-377 ) 500- حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جُريج, عن مجاهد: " وادعوا شهداءكم "، قال: ناس يشهدون. قال ابن جُريج: " شهداءكم " عليها إذا أتيتم بها - أنها مثلُه، مثل القرآن (164) . وذلك قول الله لمن شكّ من الكفار فيما جاء به محمد ﷺ . وقوله " فادعوا "، يعني: استنصروا واستغيثوا (165) ، كما قال الشاعر: فَلَمَّــا الْتَقَــتْ فُرْسَـانُنَا وَرِجَـالُهُمْ دَعَـوْا: يَـا لَكَـعْبٍ! وَاعْتَزَيْنَـا لِعَامِرِ (166) يعني بقوله: " دعوْا يالكعب "، استنصرُوا كعبًا واستغاثوا بهم (167) . وأما الشهداء، فإنها جمعُ شهيد, كما الشركاء جمع شريك (168) ، والخطباء جمع خطيب. والشهيد يسمى به الشاهدُ على الشيء لغيره بما يحقِّق دَعواه. وقد يسمَّى به المشاهِدُ للشيء، كما يقال: فلان جليسُ فلان -يعني به مُجالسَه, ونديمه - يعني به مُنادِمَه, وكذلك يقال: شهيده - يعني به مُشاهِدَه. فإذا كانت " الشهداء " محتملةً أن تكون جمعَ" الشهيد " الذي هو منصرف للمعنيين اللذين وصفتُ, فأولى وجهيه بتأويل الآية ما قاله ابن عباس, وهو أن يكون معناه: واستنصروا على أن تأتوا بسورة من مثله أعوانَكم وشُهداءكم الذين يُشاهدونكم ويعاونونكم على تكذيبكم الله ورسوله، ويظاهرونكم على كفركم ونفاقكم، إن كنتم مُحقّين في جُحودكم أنّ ما جاءكم به محمد ﷺ اختلاق وافتراء, لتمتحنوا أنفسكم وغيرَكم: هل تقدرون على أن تأتوا بسورة من ص( 1-378 ) مثله، فيقدرَ محمد على أن يأتي بجميعه من قِبَل نَفسه اختلاقًا؟ وأما ما قاله مجاهد وابن جُريج في تأويل ذلك، فلا وجه له. لأن القوم كانوا على عهد رسول الله ﷺ أصنافًا ثلاثة: أهل إيمان صحيح, وأهل كفر صحيح, وأهلَ نفاق بين ذلك. فأهل الإيمان كانوا بالله وبرسوله مؤمنين, فكان من المحال أن يدّعي الكفار أن لهم شُهداء - على حقيقة ما كانوا يأتون به، لو أتوا باختلاق من الرسالة, ثم ادَّعوا أنه للقرآن نَظير - من المؤمنين (169) . فأما أهلُ النفاق والكفر، فلا شكّ أنهم لو دُعُوا إلى تَحقيق الباطل وإبطال الحق لتتارعوا إليه مع كفرهم وضَلالهم (170) ، فمن أي الفريقين كانت تكون شُهداؤهم لو ادعوْا أنهم قد أتوْا بسورة من مثل القرآن (171) ؟ ولكنْ ذلك كما قال جل ثناؤه: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (سورة الإسراء: 88)، فأخبر جل ثناؤه في هذه الآية، أنّ مثل القرآن لا يأتي به الجنّ والإنس ولو تظاهروا وتعاونوا على الإتيان به، وتحدَّاهم بمعنى التوبيخ لهم في سورة البقرة فقال تعالى: " وإنْ كنتم في ريب مما نـزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إنْ كنتمْ صَادقين ". يعني بذلك: إن كنتم في شَكّ في صدق محمد فيما جاءكم به من عندي أنه من عندي, فأتوا بسورة ص( 1-379 ) من مثله, وليستنصر بعضُكم بعضًا على ذلك إن كنتم صادقين في زعمكم، حتى تعلموا أنكم إذْ عَجزتم عن ذلك - أنّه لا يقدر على أن يأتي به محمد ﷺ، ولا من البشر أحدٌ, ويَصحَّ عندكم أنه تنـزيلي وَوحيي إلى عبدي. ------------------- الهوامش : (150) في المطبوعة : "وأخبر بأهم نعوتها" ، وهي في المخطوطة"+وحرناهم تعنى بها" غير منقوطة ولا بينة ، فاختار المصححون لها قراءة لا تحمل معنى! والضرباء : جمع ضريب؛ فلان ضريب فلان : نظيره أو مثله . (151) في المطبوعة : "وبرهانه على نبوته" . (152) في المطبوعة : "والدارية" ، ولا معنى لها هنا ، وستأتي بعد أسطر على الصواب . والذرابة : الحدة في كل شيء ، وحدة اللسان وفصاحته ولدده . ذرب الرجل يذرب ذربًا وذرابة : فصح وصار حديد اللسان ، فهو ذرب اللسان (بفتح الذال وكسر الراء) . (153) الأثر 492- في الدر المنثور 1 : 35 ، والشوكاني 1 : 40 . (154) الآثار 493 - 495 في الدر المنثور 1 : 35 ، والشوكاني 1 : 40 ، وابن كثير 1 : 108 . (155) في المطبوعة : "اللذين ذكرنا عنهما" . (156) يعني فأتوا بسورة من عند بشر مثل محمد . (157) في المطبوعة : "إنك ذكرت" ، بغير فاء . (158) في المطبوعة : "بما احتج له عليهم" ، أسقط"به" . (159) في المطبوعة : "حجة بهذا" على التأخير . (160) في المطبوعة : "لسنا بأهله" . (161) في المطبوعة : "ألسنتكم" . (162) يقول : "وأنتم . . . أقدر على اختلاقه . . " ، مبتدأ وخبر ، وما بينهما فصل . وفي المطبوعة مكان"ورصفه" ، "ووضعه" . والرصف : ضم الشيء بعضه إلى بعض ونظمه وإحكامه حتى يستوي . ومنه : كلام رصيف : أي محكم لا اختلاف فيه . (163) في المطبوعة"وهو وحده" ، وهذه أجود . (164) الآثار 496 - 500 : في ابن كثير 1 : 108 بعضها ، والدر المنثور 1 : 35 ، والشوكاني 1 : 40 ، وفي المخطوطة في بعض المواضع : "أناس" مكان"ناس" ، وهما سواء . (165) في المطبوعة : "واستعينوا" ، وهما متقاربتان ، والأولى أجود ، وهي كذلك في معاني القرآن للفراء 1 : 19 . (166) البيت للراعي النميري ، اللسان (عزا) . واعتزى : انتسب ، ودعا في الحرب بمثل قوله : يا لفلان ، أو يا للمهاجرين ، أو يا للأنصار ، والاسم العزاء والعزوة ، وهي دعوى المستغيث . (167) في المطبوعة : "واستعانوا" ، كما سلف في أختها قبل . (168) في المطبوعة : "كالشركاء" . (169) قوله"من المؤمنين" متعلق بقوله آنفًا "أن لهم شهداء . . " ، يعني شهداء من المؤمنين . ثم فصل ، لأن قوله"على حقيقة ما كانوا يأتون به . . " متعلق أيضًا ، بشهداء . (170) في المطبوعة : "لسارعوا إليه مع كفرهم وضلالهم" . وتترع إلى الشيء : تسرع إليه ، يقال في التسرع إلى الشر وما لا ينبغي . وما في المخطوطة"تتارعوا" صحيح في اشتقاق العربية ، وإن لم تذكره المعاجم ، وهو مثل تسرع وتسارع ، سواء . (171) في المطبوعة"فمن أي الفرق . . " ، وكلام الطبري استفهام واستنكار . لأن من المحال أن يشهد المؤمنون على هذا الباطل ، والكفار وأهل النفاق يتسرعون إلى الشهادة بالباطل لإبطال الحق ، فكان محالا أن يكون معنى"الشهداء" هنا : الذين يشهدون لهم ، أن ما جاءوا به نظير ما جاء به رسول الله ﷺ من عند الله تعالى . وصار حتما أن يكون معنى"الشهداء" : الذين يظاهرونهم ويعاونونهم ، كما جاء في الآية التالية .
And if you are in doubt about what We have sent down upon Our Servant [Muhammad], then produce a surah the like thereof and call upon your witnesses other than Allah, if you should be truthful
Если же вы сомневаетесь в том, что Мы ниспослали Нашему рабу, то сочините одну подобную суру и призовите своих свидетелей, помимо Аллаха, если вы говорите правду
اور اگر تمہیں اِس امر میں شک ہے کہ یہ کتا ب جو ہم نے اپنے بندے پر اتاری ہے، یہ ہماری ہے یا نہیں، تواس کے مانند ایک ہی سورت بنا لاؤ، اپنے سارے ہم نواؤں کو بلا لو، ایک اللہ کو چھوڑ کر باقی جس جس کی چاہو، مدد لے لو، اگر تم سچے ہو
Kulumuza indirdiğimiz Kuran'dan şüphe ediyorsanız, siz de onun benzeri bir sure meydana getirin; eğer doğru sözlü iseniz, Allah'tan başka, güvendiklerinizi de yardıma çağırın
Si dudan de lo que le he revelado a Mi siervo traigan un capítulo [del Corán] similar, y recurran para ello a quienes toman por socorredores en lugar de Dios, si es verdad lo que afirman