مشاركة ونشر

أنت تتصفح حالياً نسخة بسيطة، أضغط هنا للانتقال الى استخدام النسخة التفاعلية

تفسير الآية المئة والثالثة والخمسين (١٥٣) من سورة النِّسَاء

الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة والثالثة والخمسين من سورة النِّسَاء ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

يَسۡـَٔلُكَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيۡهِمۡ كِتَٰبٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ فَقَدۡ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ بِظُلۡمِهِمۡۚ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ فَعَفَوۡنَا عَن ذَٰلِكَۚ وَءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ سُلۡطَٰنٗا مُّبِينٗا ﴿١٥٣
تغير القارئ

متصفحك لا يدعم صوت HTML5

إعراب الآية 153 من سورة النِّسَاء

(يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ) الكاف مفعول به أول للفعل يسأل والمصدر المؤول من أن والفعل بعدها مفعول به ثان، (عَلَيْهِمْ) متعلقان بتنزل و(كِتاباً) مفعوله (مِنَ السَّماءِ) متعلقان بمحذوف صفة كتابا (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ) سألوا فعل ماض وفاعله ومفعولاه والجار والمجرور متعلقان باسم التفضيل أكبر والجملة لا محل لها جواب شرط مقدر غير جازم بعد فاء الفصيحة و(قد) حرف تحقيق (فَقالُوا) الجملة معطوفة على سألوا أو مفسرة (أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) أرنا فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والفاعل أنت ونا مفعول به أول و(اللَّهَ) لفظ الجلالة مفعول به ثان (جَهْرَةً) حال أي: مجاهرة أو نائب مفعول مطلق أي مشاهدة والجملة مقول القول (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) فعل ماض والهاء مفعوله الصاعقة فاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة معطوفة على سألوا (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) فعل ماض وفاعل ومفعول به أول والمفعول الثاني محذوف تقديره: اتخذوا العجل إلا ها والجار والمجرور متعلقان باتخذوا والمصدر المؤول بعد ما جاءتهم في محل جر بالإضافة التقدير: من بعد مجيء (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) الجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما والجملة معطوفة. (وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً) فعل ماض وفاعله ومفعولاه (مُبِيناً) صفة والجملة معطوفة.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (153) من سورة النِّسَاء تقع في الصفحة (102) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (6) ، وهي الآية رقم (646) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم

مواضيع مرتبطة بالآية (27 موضع) :

معاني الآية بعض الكلمات في الآية 153 من سورة النِّسَاء

جهرةً : عيانًا بالبصر ، الصّاعقة : نارٌ من السّماء أو صيحة منها

الآية 153 من سورة النِّسَاء بدون تشكيل

يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا ﴿١٥٣

تفسير الآية 153 من سورة النِّسَاء

يسألك اليهود -أيها الرسول- معجزة مثل معجزة موسى تشهد لك بالصدق: بأن تنزل عليهم صُحُفًا من الله مكتوبةً، مثل مجيء موسى بالألواح من عند الله، فلا تعجب -أيها الرسول- فقد سأل أسلافهم موسى -عليه السلام- ما هو أعظم: سألوه أن يريهم الله علانيةً، فَصُعِقوا بسبب ظلمهم أنفسهم حين سألوا أمرًا ليس من حقِّهم. وبعد أن أحياهم الله بعد الصعق، وشاهدوا الآيات البينات على يد موسى القاطعة بنفي الشرك، عبدوا العجل من دون الله، فعَفونا عن عبادتهم العجل بسبب توبتهم، وآتينا موسى حجة عظيمة تؤيِّد صِدق نُبُوَّتِه.

(يسألك) يا محمد (أهل الكتاب) اليهود (أن تنزِّل عليهم كتابا من السماء) جملة كما أنزل على موسى تعنتا فإن استكبرت ذلك (فقد سألوا) أي آباؤهم (موسى أكبر) أعظم (من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة) عيانا (فأخذتهم الصاعقة) الموت عقابا لهم (بظلمهم) حيث تعتنوا في السؤال (ثم اتخذوا العجل) إلها (من بعد ما جاءتهم البينات) المعجزات على وحدانية الله (فعفونا عن ذلك) ولم نستأصلهم (وآتينا موسى سلطانا مبينا) تسلطا بينا ظاهرا عليهم حيث أمرهم بقتل أنفسهم توبة فأطاعوه.

هذا السؤال الصادر من أهل الكتاب للرسول محمد ﷺ على وجه العناد والاقتراح، وجعلهم هذا السؤال يتوقف عليه تصديقهم أو تكذيبهم. وهو أنهم سألوه أن ينزل عليهم القرآن جملة واحدة كما نزلت التوراة والإنجيل، وهذا غاية الظلم منهم والجهل، فإن الرسول بشر عبد مدبر، ليس في يده من الأمر شيء، بل الأمر كله لله، وهو الذي يرسل وينزل ما يشاء على عباده كما قال تعالى عن الرسول، لما ذكر الآيات التي فيها اقتراح المشركين على محمد ﷺ، ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا ) وكذلك جعلهم الفارق بين الحق والباطل مجرد إنزال الكتاب جملة أو مفرقا، مجرد دعوى لا دليل عليها ولا مناسبة، بل ولا شبهة، فمن أين يوجد في نبوة أحد من الأنبياء أن الرسول الذي يأتيكم بكتاب نزل مفرقا فلا تؤمنوا به ولا تصدقوه؟ بل نزول هذا القرآن مفرقا بحسب الأحوال مما يدل على عظمته واعتناء الله بمن أنزل عليه، كما قال تعالى: ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) فلما ذكر اعتراضهم الفاسد أخبر أنه ليس بغريب من أمرهم، بل سبق لهم من المقدمات القبيحة ما هو أعظم مما سلكوه مع الرسول الذي يزعمون أنهم آمنوا به. من سؤالهم له رؤية الله عيانا، واتخاذهم العجل إلهًا يعبدونه، من بعد ما رأوا من الآيات بأبصارهم ما لم يره غيرهم. ومن امتناعهم من قبول أحكام كتابهم وهو التوراة، حتى رفع الطور من فوق رءوسهم وهددوا أنهم إن لم يؤمنوا أسقط عليهم، فقبلوا ذلك على وجه الإغماض والإيمان الشبيه بالإيمان الضروري. ومن امتناعهم من دخول أبواب القرية التي أمروا بدخولها سجدا مستغفرين، فخالفوا القول والفعل. ومن اعتداء من اعتدى منهم في السبت فعاقبهم الله تلك العقوبة الشنيعة. وبأخذ الميثاق الغليظ عليهم فنبذوه وراء ظهورهم وكفروا بآيات الله وقتلوا رسله بغير حق. ومن قولهم: إنهم قتلوا المسيح عيسى وصلبوه، والحال أنهم ما قتلوه وما صلبوه بل شُبِّه لهم غيره، فقتلوا غيره وصلبوه. وادعائهم أن قلوبهم غلف لا تفقه ما تقول لهم ولا تفهمه، وبصدهم الناس عن سبيل الله، فصدوهم عن الحق، ودعوهم إلى ما هم عليه من الضلال والغي. وبأخذهم السحت والربا مع نهي الله لهم عنه والتشديد فيه. فالذين فعلوا هذه الأفاعيل لا يستنكر عليهم أن يسألوا الرسول محمدا أن ينزل عليهم كتابا من السماء، وهذه الطريقة من أحسن الطرق لمحاجة الخصم المبطل، وهو أنه إذا صدر منه من الاعتراض الباطل ما جعله شبهة له ولغيره في رد الحق أن يبين من حاله الخبيثة وأفعاله الشنيعة ما هو من أقبح ما صدر منه، ليعلم كل أحد أن هذا الاعتراض من ذلك الوادي الخسيس، وأن له مقدمات يُجعل هذا معها. وكذلك كل اعتراض يعترضون به على نبوة محمد ﷺ يمكن أن يقابل بمثله أو ما هو أقوى منه في نبوة من يدعون إيمانهم به ليكتفى بذلك شرهم وينقمع باطلهم، وكل حجة سلكوها في تقريرهم لنبوة من آمنوا به فإنها ونظيرها وما هو أقوى منها، دالة ومقررة لنبوة محمد ﷺ. ولما كان المراد من تعديد ما عدد الله من قبائحهم هذه المقابلة لم يبسطها في هذا الموضع، بل أشار إليها، وأحال على مواضعها وقد بسطها في غير هذا الموضع في المحل اللائق ببسطها. وقوله: ( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) يحتمل أن الضمير هنا في قوله: ( قَبْلَ مَوْتِهِ ) يعود إلى أهل الكتاب، فيكون على هذا كل كتابي يحضره الموت ويعاين الأمر حقيقة، فإنه يؤمن بعيسى عليه السلام ولكنه إيمان لا ينفع، إيمان اضطرار، فيكون مضمون هذا التهديد لهم والوعيد، وأن لا يستمروا على هذه الحال التي سيندمون عليها قبل مماتهم، فكيف يكون حالهم يوم حشرهم وقيامهم؟" ويحتمل أن الضمير في قوله: ( قَبْلَ مَوْتِهِ ) راجع إلى عيسى عليه السلام، فيكون المعنى: وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بالمسيح عليه السلام قبل موت المسيح، وذلك يكون عند اقتراب الساعة وظهور علاماتها الكبار. فإنه تكاثرت الأحاديث الصحيحة في نزوله عليه السلام في آخر هذه الأمة. يقتل الدجال، ويضع الجزية، ويؤمن به أهل الكتاب مع المؤمنين. ويوم القيامة يكون عيسى عليهم شهيدا، يشهد عليهم بأعمالهم، وهل هي موافقة لشرع الله أم لا؟ وحينئذ لا يشهد إلا ببطلان كل ما هم عليه، مما هو مخالف لشريعة القرآن وَلِمَا دعاهم إليه محمد ﷺ، علمنا بذلك، لِعِلْمِنَا بكمال عدالة المسيح عليه السلام وصدقه، وأنه لا يشهد إلا بالحق، إلا أن ما جاء به محمد ﷺ هو الحق وما عداه فهو ضلال وباطل.

قال محمد بن كعب القرظي ، والسدي ، وقتادة : سأل اليهود رسول الله ﷺ أن ينزل عليهم كتابا من السماء


كما نزلت التوراة على موسى مكتوبة . قال ابن جريج : سألوه أن ينزل عليهم صحفا من الله مكتوبة إلى فلان وفلان وفلان ، بتصديقه فيما جاءهم به
وهذا إنما قالوه على سبيل التعنت والعناد والكفر والإلحاد ، كما سأل كفار قريش قبلهم نظير ذلك ، كما هو مذكور في سورة " سبحان " : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) ( الإسراء : 90 ، 93 ) الآيات
ولهذا قال تعالى : ( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ) أي : بطغيانهم وبغيهم ، وعتوهم وعنادهم
وهذا مفسر في سورة " البقرة " حيث يقول تعالى : ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون
ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون )
( البقرة : 55 ، 56 ) . وقوله تعالى : ( ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ) أي : من بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والأدلة القاهرة على يد موسى ، عليه السلام ، في بلاد مصر وما كان من إهلاك عدو الله فرعون وجميع جنوده في اليم ، فما جاوزوه إلا يسيرا حتى أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، فقالوا لموسى ( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ( قال إنكم قوم تجهلون
إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون )
)
( الأعراف : 138 ، 139 )
ثم ذكر تعالى قصة اتخاذهم العجل مبسوطة في سورة " الأعراف " ، وفي سورة " طه " بعد ذهاب موسى إلى مناجاة الله ، عز وجل ، ثم لما رجع وكان ما كان ، جعل الله توبتهم من الذي صنعوه وابتدعوه : أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عبده ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ثم أحياهم الله ، عز وجل ، فقال الله عز وجل ( فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا )

القول في تأويل قوله : يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " يسألك " يا محمد=" أهل الكتاب "، يعني بذلك: أهل التوراة من اليهود=" أن تنـزل عليهم كتابًا من السماء ".


واختلف أهل التأويل في" الكتاب " الذي سألَ اليهودُ محمدًا ﷺ أن ينـزل عليهم من السماء. فقال بعضهم: سألوه أن ينـزل عليهم كتابًا من السماء مكتوبًا، كما جاء موسى بني إسرائيل بالتوراة مكتوبةً من عند الله. *ذكر من قال ذلك: 10768- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابًا من السماء "، قالت اليهود: إن كنت صادقًا أنك رسول الله، فآتنا كتابًا مكتوبًا من السماء، كما جاء به موسى. 10769- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء أناس من اليهود إلى رسول الله ﷺ فقالوا: إن موسى جاء بالألواحِ من عند الله، فأتنا بالألواح من عند الله حتى نصدّقك! فأنـزل الله: " يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَـزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ"، إلى قوله: وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا .
وقال آخرون: بل سألوه أن ينـزل عليهم كتابًا، خاصَّة لهم. *ذكر من قال ذلك: 10770- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَـزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ"، أي كتابًا، خاصةً=" فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ". وقال آخرون: بل سألوه أن ينـزل على رجال منهم بأعيانهم كتبًا بالأمر بتصديقه واتّباعه. *ذكر من قال ذلك: 10771- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله: " يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابًا من السماء "، وذلك أن اليهود والنصارى أتوا النبي ﷺ فقالوا: " لن نتابعك على ما تدعونا إليه، حتى تأتينا بكتاب من عند الله إلى فلان (28) أنك رسول الله، وإلى فلان بكتاب أنك رسول الله "! قال الله جل ثناؤه: " يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابًا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ". قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن أهل التوراة سألوا رسولَ الله ﷺ أن يسأل ربه أن ينـزل عليهم كتابًا من السماء، آيةً معجزةً جميعَ الخلق عن أن يأتوا بمثلها، شاهدةً لرسول الله ﷺ بالصدق، آمرة لهم باتباعه. وجائز أن يكون الذي سألوه من ذلك كتابًا مكتوبًا ينـزل عليهم من السماء إلى جماعتهم= وجائز أن يكون ذلك كتبًا إلى أشخاص بأعينهم. بل الذي هو أولى بظاهر التلاوة، أن تكون مسألتهم إياه ذلك كانت مسألة لتنـزيل الكتاب الواحد إلى جماعتهم، (29) لذكر الله تعالى في خبره عنهم " الكتاب " بلفظ الواحد بقوله: " يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابًا من السماء "، (30) ولم يقل " كتبًا ".
وأما قوله: " فقد سألوا موسى أكبر من ذلك "، فإنه توبيخ من الله جل ثناؤه سائلي الكتابَ الذي سألوا رسول الله ﷺ أن ينـزله عليهم من السماء، في مسألتهم إياه ذلك= وتقريعٌ منه لهم. يقول الله لنبيه ﷺ: يا محمد، لا يعظُمَنَّ عليك مسألتهم ذلك، فإنهم من جهلهم بالله وجراءَتهم عليه واغترارهم بحلمه، لو أنـزلت عليهم الكتاب الذي سألوك أن تنـزله عليهم، لخالفوا أمر الله كما خالفوه بعد إحياء الله أوائلهم من صعقتهم، فعبدوا العجل واتخذوه إلهًا يعبدونه من دون خالقهم وبارئهم الذي أرَاهم من قدرته وعظيم سلطانه ما أراهم، لأنهم لن يعدُوا أن يكونوا كأوائلهم وأسلافهم.
ثم قصّ الله من قصتهم وقصة موسى ما قصَّ، يقول الله: " فقد سألوا موسى أكبرَ من ذلك "، يعني: فقد سأل أسلافُ هؤلاء اليهود وأوائلهم موسى عليه السلام، أعظم مما سألوك من تنـزيل كتاب عليهم من السماء، فقالوا له: " أرنا الله جهرة "، أي: عِيانًا نعاينه وننظر إليه.
وقد أتينا على معنى " الجهرة "، بما في ذلك من الرواية والشواهد على صحة ما قلنا في معناه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (31)
وقد ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول في ذلك، بما:- 10772- حدثني به الحارث قال، حدثنا أبو عبيد قال، حدثنا حجاج، عن هارون بن موسى، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن ابن عباس في هذه الآية قال: إنهم إذا رأوه فقد رأوه، إنما قالوا جهرةً: " أرنا الله ". قال: هو مقدّم ومؤخر.
وكان ابن عباس يتأول ذلك: أن سؤالهم موسى كان جهرة. (32)
وأما قوله: " فأخذتهم الصاعقة "، فإنه يقول: " فصُعقوا "=" بظلمهم " أنفسهم. وظلمهم أنفسهم، كان مسألَتهم موسى أن يريهم ربهم جهرة، لأن ذلك مما لم يكن لهم مسألته.
وقد بينا معنى: " الصاعقة "، فيما مضى باختلاف المختلفين في تأويلها، والدليل على أولى ما قيل فيها بالصواب. (33)
وأما قوله: " ثم اتخذوا العجل "، فإنه يعني: ثم اتخذ= هؤلاء الذين سألوا موسى ما سألوه من رؤية ربهم جهرةً، بعد ما أحياهم الله فبعثهم من صعقتهم= العجلَ الذي كان السامريُّ نبذ فيه ما نبذ من القبْضة التي قبضها من أثر فرس جبريل عليه السلام= إلهًا يعبدونه من دون الله. (34)
وقد أتينا على ذكر السبب الذي من أجله اتخذوا العجل، وكيف كان أمرهم وأمره، فيما مضى بما فيه الكفاية. (35)
وقوله: " من بعد ما جاءتهم البينات "، يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء الذين سألوا موسى ما سألوا، البينات من الله، والدلالاتُ الواضحات بأنهم لن يروا الله عيانًا جهارًا. وإنما عنى بـ " البينات ": أنها آيات تبين عن أنهم لن يروا الله في أيام حياتهم في الدنيا جهرة. (36) وكانت تلك الآيات البينات لهم على أن ذلك كذلك: إصعاقُ الله إياهم عند مسألتهم موسى أن يريهم ربه جهرة، ثم إحياءه إياهم بعد مماتهم، مع سائر الآيات التي أراهم الله دلالةً على ذلك.
= يقول الله، مقبِّحًا إليهم فعلهم ذلك، وموضحًا لعباده جهلهم ونقصَ عقولهم وأحلامهم: ثم أقرُّوا للعجل بأنه لهم إله، وهم يرونه عيانًا، وينظرون إليه جِهَارًا، بعد ما أراهم ربهم من الآيات البينات ما أراهم: أنهم لا يرون ربهم جهرة وعِيانًا في حياتهم الدنيا، فعكفوا على عبادته مصدِّقين بألوهته!!
وقوله: " فعفونا عن ذلك "، يقول: فعفونا لعبدة العجل عن عبادتهم إياه، (37) وللمصدقين منهم بأنه إلههم بعد الذي أراهم الله أنهم لا يرون ربهم في حياتهم من الآيات ما أراهم= عن تصديقهم بذلك، (38) بالتوبة التي تابوها إلى ربّهم بقتلهم أنفسهم، وصبرهم في ذلك على أمر ربهم=" وآتينا موسى سلطانًا مبينًا "، يقول: وآتينا موسى حجة تبين عن صدقه، وحقيقة نبوّته، (39) وتلك الحجة هي: الآيات البينات التي آتاه الله إياها. (40) --------------------- الهوامش : (28) في المخطوطة: "من عبد الله ، من الله إلى فلان" ، والذي في المطبوعة هو الصواب ، إلا أن يكون الناسخ كتب"من عند الله" ثم ، غيرها"من الله" ، ثم لم يضرب على أولاهما. (29) في المطبوعة: "لينزل الكتاب" ، وأثبت ما في المخطوطة. (30) في المطبوعة: "يقول: يسألك ..." ، والصواب من المخطوطة. (31) انظر تفسير"جهرة" فيما سلف 2 : 80-82. (32) هذا القول الذي نسب إلى ابن عباس ، لم يمض مثله في تفسير آية سورة البقرة 2 : 80-82 ، وهذا أحد الأدلة على اختصار هذا التفسير. (33) انظر تفسير"الصاعقة" فيما سلف 2 : 82-84. (34) سياق هذه الفقرة: ثم اتخذ هؤلاء ... العجل ... إلها ...". (35) انظر ما سلف 2 : 63-68. (36) انظر تفسير"البينات" فيما سلف 7 : 450 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك. (37) انظر تفسير"العفو" فيما سلف ص: 351 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك. (38) السياق: "فعفونا لعبدة العجل ... عن تصديقهم بذلك". (39) في المطبوعة: "وحقية نبوته" ، غير ما في المخطوطة عن وجهه ، ظنًا منه أنه خطأ ، وقد أشرنا إلى مثل ذلك من فعله فيما سلف ص: 336 ، تعليق: 4 ، وما سيأتي بعد قليل ص: 363 ، تعليق 2. (40) انظر تفسير"الإيتاء" فيما سلف من فهارس اللغة. وتفسير"السلطان" فيما سلف 7 : 279 / 9 : 336 ، 337. وتفسير"مبين" فيما سلف ص: 336 تعليق: 3 ، والمراجع هناك.

الآية 153 من سورة النِّسَاء باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (153) - Surat An-Nisa

The People of the Scripture ask you to bring down to them a book from the heaven. But they had asked of Moses [even] greater than that and said, "Show us Allah outright," so the thunderbolt struck them for their wrongdoing. Then they took the calf [for worship] after clear evidences had come to them, and We pardoned that. And We gave Moses a clear authority

الآية 153 من سورة النِّسَاء باللغة الروسية (Русский) - Строфа (153) - Сура An-Nisa

Люди Писания просят тебя, чтобы ты низвел им писание с неба. Мусу (Моисея) они попросили о еще большем, когда сказали: «Покажи нам Аллаха открыто». Тогда молния поразила (или гибель постигла) их за их несправедливость. А затем они стали поклоняться тельцу после того, как к ним явились ясные знамения, но Мы простили это и даровали Мусе (Моисею) явное доказательство

الآية 153 من سورة النِّسَاء باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (153) - سوره النِّسَاء

یہ اہل کتاب اگر آج تم سے مطالبہ کر رہے ہیں کہ تم آسمان سے کوئی تحریر اُن پر نازل کراؤ تو اِس سے بڑھ چڑھ کر مجرمانہ مطالبے یہ پہلے موسیٰؑ سے کر چکے ہیں اُس سے تو اِنہوں نے کہا تھا کہ ہمیں خدا کو علانیہ دکھا دو اور اِسی سرکشی کی وجہ سے یکایک اِن پر بجلی ٹوٹ پڑی تھی پھر انہوں نے بچھڑے کو اپنا معبود بنا لیا، حالانکہ یہ کھلی کھلی نشانیاں دیکھ چکے تھے اس پر بھی ہم نے اِن سے درگزر کیا ہم نے موسیٰؑ کو صریح فرمان عطا کیا

الآية 153 من سورة النِّسَاء باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (153) - Ayet النِّسَاء

Kitap ehli, senin kendilerine gökten bir kitap indirmeni isterler. Musa'dan bundan daha büyüğünü istemişlerdi ve "Bize Allah'ı apaçık göster" demişlerdi. Zulümlerinden ötürü onları yıldırım çarpmıştı. Belgeler kendilerine geldikten sonra da, buzağıyı tanrı olarak benimsediler, fakat bunları affettik ve Musa'ya apaçık bir hüccet verdik, söz vermelerine karşılık Tur dağını üzerlerine kaldırdık ve onlara: "Kapıdan secde ederek girin" dedik, "Cumartesileri aşırı gitmeyin" dedik, onlardan sağlam bir söz aldık

الآية 153 من سورة النِّسَاء باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (153) - versículo النِّسَاء

[Los judíos entre] la Gente del Libro te piden que les hagas descender un Libro del cielo. Ya le habían pedido a Moisés algo peor cuando dijeron: "Haz que podamos ver a Dios con los ojos". Pero fueron fulminados por un rayo debido a las injusticias que cometían. Luego comenzaron a adorar al becerro [de oro] a pesar de haber recibido las evidencias [del monoteísmo]. Pero les perdoné [esa ofensa] y concedí a Moisés un milagro evidente