تفسير الآية المئة والثالثة والعشرين (١٢٣) من سورة الأنعَام
الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة والثالثة والعشرين من سورة الأنعَام ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم
(وَكَذلِكَ) إعرابها كما تقدم في الآية السابقة أي كما جعلنا في قومك أكابر مجرميهم كذلك. (جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ) فعل ماض وفاعله (فِي كُلِّ) مفعوله الثاني (قَرْيَةٍ) مضاف إليه (أَكابِرَ) مفعول به أول (مُجْرِمِيها) مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وحذفت النون للإضافة والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة معطوفة. (لِيَمْكُرُوا) مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل. والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (جَعَلْنا) والواو فاعل (فِيها) متعلقان بيمكروا. (وَما يَمْكُرُونَ) فعل مضارع وفاعله وما النافية والواو حالية، والجملة في محل نصب حال (إِلَّا) أداة حصر (بِأَنْفُسِهِمْ) متعلقان بيمكرون (وَما يَشْعُرُونَ) الجملة مستأنفة أو معطوفة.
موضعها في القرآن الكريم
هي الآية رقم (123) من سورة الأنعَام تقع في الصفحة (143) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (8) ، وهي الآية رقم (912) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم
وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون ﴿١٢٣﴾
تفسير الآية 123 من سورة الأنعَام
ومثل هذا الذي حصل مِن زعماء الكفار في "مكة" من الصدِّ عن دين الله تعالى، جعلنا في كل قرية مجرمين يتزعمهم أكابرهم؛ ليمكروا فيها بالصد عن دين الله، وما يكيدون إلا أنفسهم، وما يُحِسُّون بذلك.
(وكذلك) كما جعلنا فُسَّاق مكة أكابرها (جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها) بالصد عن الإيمان (وما يمكرون إلا بأنفسهم) لأن وباله عليهم (وما يشعرون) بذلك.
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا ) أي: الرؤساء الذين قد كبر جرمهم، واشتد طغيانهم ( لِيَمْكُرُوا فِيهَا ) بالخديعة والدعوة إلى سبيل الشيطان، ومحاربة الرسل وأتباعهم، بالقول والفعل، وإنما مكرهم وكيدهم يعود على أنفسهم، لأنهم يمكرون، ويمكر الله والله خير الماكرين.
يقول تعالى : وكما جعلنا في قريتك - يا محمد - أكابر من المجرمين ، ورؤساء ودعاة إلى الكفر والصد عن سبيل الله ، وإلى مخالفتك وعداوتك ، كذلك كانت الرسل من قبلك يبتلون بذلك ، ثم تكون لهم العاقبة ، كما قال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا )( الفرقان : 31 ) ، وقال تعالى : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا )( الإسراء : 16 ) ، قيل : معناه : أمرناهم بالطاعات ، فخالفوا ، فدمرناهم
وقيل : أمرناهم أمرا قدريا ، كما قال هاهنا : ( ليمكروا فيها ) .
وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس : ( أكابر مجرميها ) قال : سلطنا شرارها فعصوا فيها ، فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب .
وقال مجاهد وقتادة : ( أكابر مجرميها ) قال عظماؤها .
قلت : وهذا كقوله تعالى : ( وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين )( سبأ : 34 ، 35 ) ، وقال تعالى : ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون )( الزخرف : 23 ) .
والمراد بالمكر هاهنا دعاؤهم إلى الضلالة بزخرف من المقال والفعال ، كما قال تعالى إخبارا عن قوم نوح : ( ومكروا مكرا كبارا )( نوح : 22 ) ، وقال تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون )( سبأ : 31 - 33 ) .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان قال : كل مكر في القرآن فهو عمل .
وقوله : ( وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون ) أي : وما يعود وبال مكرهم ذلك وإضلالهم من أضلوه إلا على أنفسهم ، كم قال تعالى : ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم )( العنكبوت : 13 ) ، وقال ( ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون )( النحل : 25 ) .
القول في تأويل قوله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وكما زينا للكافرين ما كانوا يعملون, كذلك جعلنا بكل قرية عظماءَها مجرميها= يعني أهل الشرك بالله والمعصية له=(ليمكروا فيها)، بغرور من القول أو بباطل من الفعل، بدين الله وأنبيائه =(وما يمكرون) : أي ما يحيق مكرهم ذلك, إلا بأنفسهم , لأن الله تعالى ذكره من وراء عقوبتهم على صدّهم عن سبيله =" وهم لا يشعرون ", يقول: لا يدرون ما قد أعدّ الله لهم من أليم عذابه, (40) فهم في غيِّهم وعتوِّهم على الله يتمادَوْن .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
13847- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (أكابر مجرميها)، قال: عظماءها .
13848- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .
13849- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (أكابر مجرميها)، قال: عظماءها .
13850- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة: نـزلت في المستهزئين = قال ابن جريج، عن عمرو, عن عطاء, عن عكرمة: (أكابر مجرميها)، إلى قوله: بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ، بدين الله، وبنبيه عليه الصلاة والسلام وعباده المؤمنين .
والأكابر: جمع " أكبر ", كما " الأفاضل " جمع " أفضل " . ولو قيل: هو جمع " كبير ", فجمع " أكابر ", لأنه قد يقال: " أكبر ", كما قيل: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا ، (سورة الكهف: 103)، واحدهم " الخاسر "، لكان صوابًا . وحكي عن العرب سماعًا " الأكابرة " و " الأصاغرة ", و " الأكابر "، و " الأصاغر "، بغير الهاء، على نية النعت, كما يقال: " هو أفضل منك " . وكذلك تفعل العرب بما جاء من النعوت على " أفعل "، إذا أخرجوها إلى الأسماء, مثل جمعهم " الأحمر " و " الأسود "،" الأحامر " و " الأحامرة ", و " الأساود " و " الأساودة "، ومنه قول الشاعر: (41)
إنَّ الأحَـــامِرَة الثَّلاثَــةَ أَهْلَكَــتْ
مَــالِي, وكُـنْتُ بِهِـنّ قِدْمًـا مُولَعًـا
الخَــمْرُ واللَّحْــمُ السِّــمِينُ إدَامُـهُ
والزَّعْفَــرَانُ, فَلَــنْ أرُوحَ مُبَقَّعَــا (42)
وأما " المكر "، فإنه الخديعة والاحتيال للممكور به بالغدر، ليورِّطه الماكر به مكروهًا من الأمر .
----------------------
الهوامش :
(40) انظر تفسير (( شعر )) فيما سلف : ص : 38 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(41) هو الأعشى .
(42) ديوانه 247 ، 248 ، وهي في نسختي المصورة من ديوان الأعشى رقم : 29 ، واللسان (حمر ) وهو أول الشعر . وكان في المطبوعة هنا : (( السمين أديمه )) ، و (( فلن أزال مبقعا )) ، وأثبت ما في المخطوطة وفي مخطوطة الأعشى : (( السمين ، وأطلى بالزعفران وقد أروح مبقعًا )) .
وهكذا جاء في المخطوطة : (( السمين إدامه )) ، والإدام ما يؤتدم به مع الخبز ، أي شيء كان .
وعجيب إضافة الإدام إلى اللحم . ويروى : (( أديمه )) ، ضبطه في اللسان بفتح الألف ، وهو غير مرتضى ، بل الصواب إن شاء الله (( أديمه )) من (( أدام الشيء )) ، إذا أطال زمانه واستمر به .
ورواية أبي جعفر هنا (( فلن أروح مبقعًا )) ، ورواية مخطوطة ديوانه : (( وقد أروح مبقعًا )) ، وهي أجودهما . و (( المبقع )) الذي فيه لون يخالف لونه ، أو لون ما أصابه الماء أو الزعفران أو ما شابههما . يعني أنه يكثر من الزعفران حتى يترك في بشرته لمعا . وأكثر ما كانوا يستعملون الزعفران في أعراسهم ، إذا أعرس الرجل تزعفر . فكني بذلك عن كثرة زواجه .
وفي البيت روايات أخرى ، راجعها في حواشي ديوانه ، في ذيل الديوان .
الآية 123 من سورة الأنعَام باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (123) - Surat Al-An'am
And thus We have placed within every city the greatest of its criminals to conspire therein. But they conspire not except against themselves, and they perceive [it] not
الآية 123 من سورة الأنعَام باللغة الروسية (Русский) - Строфа (123) - Сура Al-An'am
Вот так в каждом селении Мы создавали главных грешников, чтобы они строили там козни. Однако они строят козни только против самих себя, но не ощущают этого
الآية 123 من سورة الأنعَام باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (123) - سوره الأنعَام
اور اسی طرح ہم نے ہر بستی میں اس کے بڑے بڑے مجرموں کو لگا دیا ہے کہ وہاں اپنے مکر و فریب کا جال پھیلائیں دراصل وہ اپنے فریب کے جال میں آپ پھنستے ہیں، مگر اُنہیں اس کا شعور نہیں ہے
الآية 123 من سورة الأنعَام باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (123) - Ayet الأنعَام
Bunun gibi, her kasabanın bir takım ileri gelenlerini orada hile yapan suçlular kıldık. Oysa yalnız kendilerine hile yaparlar da farkına varmazlar
الآية 123 من سورة الأنعَام باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (123) - versículo الأنعَام
De igual manera dispuse en cada ciudad que los peores criminales maquinaran intrigas [contra su propia gente]. Pero sin darse cuenta, lo único que logran con sus intrigas es causarse daño a sí mismos