مشاركة ونشر

أنت تتصفح حالياً نسخة بسيطة، أضغط هنا للانتقال الى استخدام النسخة التفاعلية

تفسير الآية المئة والخامسة عشرة (١١٥) من سورة البَقَرَة

الأستماع وقراءة وتفسير الآية المئة والخامسة عشرة من سورة البَقَرَة ، وترجمتها باللغة الانجليزية والروسية والاوردو والأسبانية وإعراب الآية ومواضيع الآية وموضعها في القرآن الكريم

وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ ﴿١١٥
تغير القارئ

متصفحك لا يدعم صوت HTML5

إعراب الآية 115 من سورة البَقَرَة

(وَلِلَّهِ) الواو استئنافية، لله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر. (الْمَشْرِقُ) مبتدأ مؤخر. (وَالْمَغْرِبُ) اسم معطوف والجملة استئنافية. (فَأَيْنَما) الفاء استئنافية، أينما اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بالفعل تولوا. (تُوَلُّوا) فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعل وهو فعل الشرط والجملة في محل جر بالإضافة أو ابتدائية. (فَثَمَّ) الفاء رابطة لجواب الشرط. (ثم) ظرف مكان مفعول فيه مبني على الفتح في محل نصب متعلق بالخبر المحذوف. (وَجْهُ) مبتدأ. (اللَّهِ) مضاف إليه والجملة في محل جزم جواب الشرط والجملة الاسمية. (إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) إن ولفظ الجلالة اسمها وواسع وعليم خبراها، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب.

موضعها في القرآن الكريم

هي الآية رقم (115) من سورة البَقَرَة تقع في الصفحة (18) من القرآن الكريم، في الجزء رقم (1) ، وهي الآية رقم (122) من أصل 6236 آية في القرآن الكريم

مواضيع مرتبطة بالآية (8 مواضع) :

معاني الآية بعض الكلمات في الآية 115 من سورة البَقَرَة

فثمّ وجه الله : جِهتُهُ التي رضيها و أمركم بها

الآية 115 من سورة البَقَرَة بدون تشكيل

ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ﴿١١٥

تفسير الآية 115 من سورة البَقَرَة

ولله جهتا شروق الشمس وغروبها وما بينهما، فهو مالك الأرض كلها. فأي جهة توجهتم إليها في الصلاة بأمر الله لكم فإنكم مبتغون وجهه، لم تخرجوا عن ملكه وطاعته. إن الله واسع الرحمة بعباده، عليم بأفعالهم، لا يغيب عنه منها شيء.

ونزل لما طعن اليهود في نسخ القبلة أو في صلاة النافلة على الراحلة في السفر حيثما توجهت (ولله المشرق والمغرب) أي الأرض كلها لأنهما ناحيتها (فأينما تولوا) وجوهكم في الصلاة بأمره (فثمَّ) هناك (وجه الله) قبلته التي رضيها (إن الله واسع) يسع فضله كل شئ (عليم) بتدبير خلقه.

أي: ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) خصهما بالذكر, لأنهما محل الآيات العظيمة, فهما مطالع الأنوار ومغاربها، فإذا كان مالكا لها, كان مالكا لكل الجهات. ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا ) وجوهكم من الجهات, إذا كان توليكم إياها بأمره, إما أن يأمركم باستقبال الكعبة بعد أن كنتم مأمورين باستقبال بيت المقدس, أو تؤمرون بالصلاة في السفر على الراحلة ونحوها, فإن القبلة حيثما توجه العبد أو تشتبه القبلة, فيتحرى الصلاة إليها, ثم يتبين له الخطأ, أو يكون معذورا بصلب أو مرض ونحو ذلك، فهذه الأمور, إما أن يكون العبد فيها معذورا أو مأمورا. وبكل حال, فما استقبل جهة من الجهات, خارجة عن ملك ربه. ( فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) فيه إثبات الوجه لله تعالى, على الوجه اللائق به تعالى, وأن لله وجها لا تشبهه الوجوه, وهو - تعالى - واسع الفضل والصفات عظيمها, عليم بسرائركم ونياتكم. فمن سعته وعلمه, وسع لكم الأمر, وقبل منكم المأمور, فله الحمد والشكر.

وهذا والله أعلم فيه تسلية للرسول ﷺ وأصحابه الذين أخرجوا من مكة وفارقوا مسجدهم ومصلاهم ، وقد كان رسول الله ﷺ يصلي بمكة إلى بيت المقدس والكعبة بين يديه


فلما قدم المدينة وجه إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا ، أو سبعة عشر شهرا ، ثم صرفه الله إلى الكعبة بعد ، ولهذا يقول تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) قال أبو عبيد القاسم بن سلام ، في كتاب الناسخ والمنسوخ : أخبرنا حجاج بن محمد ، أخبرنا ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا والله أعلم شأن القبلة : قال تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) فاستقبل رسول الله ﷺ فصلى نحو بيت المقدس ، وترك البيت العتيق ، ثم صرفه إلى بيته العتيق ونسخها ، فقال : ( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : كان أول ما نسخ من القرآن القبلة
وذلك أن رسول ﷺ لما هاجر إلى المدينة وكان أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس
ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله ﷺ بضعة عشر شهرا ، وكان رسول الله ﷺ يحب قبلة إبراهيم ، فكان يدعو وينظر إلى السماء ، فأنزل الله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ( فلنولينك قبلة ترضاها ) ) إلى قوله : ( فولوا وجوهكم شطره ) فارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ، فأنزل الله : ( قل لله المشرق والمغرب ( يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ) وقال : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) وقال عكرمة عن ابن عباس : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) قال : قبلة الله أينما توجهت شرقا أو غربا
وقال مجاهد : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ( قال : قبلة الله ) حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها : الكعبة . وقال ابن أبي حاتم بعد روايته الأثر المتقدم ، عن ابن عباس ، في نسخ القبلة ، عن عطاء ، عنه : وروي عن أبي العالية ، والحسن ، وعطاء الخراساني ، وعكرمة ، وقتادة ، والسدي ، وزيد بن أسلم ، نحو ذلك . وقال ابن جرير : وقال آخرون : بل أنزل الله هذه الآية قبل أن يفرض التوجه إلى الكعبة ، وإنما أنزلها تعالى ليعلم نبيه ﷺ وأصحابه أن لهم التوجه بوجوههم للصلاة ، حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب ; لأنهم لا يوجهون وجوههم وجها من ذلك وناحية إلا كان جل ثناؤه في ذلك الوجه وتلك الناحية ; لأن له تعالى المشارق والمغارب ، وأنه لا يخلو منه مكان ، كما قال تعالى : ( ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) ( المجادلة : 7 ) قالوا : ثم نسخ ذلك بالفرض الذي فرض عليهم التوجه إلى المسجد الحرام . هكذا قال ، وفي قوله : " وإنه تعالى لا يخلو منه مكان " : إن أراد علمه تعالى فصحيح ; فإن علمه تعالى محيط بجميع المعلومات ، وأما ذاته تعالى فلا تكون محصورة في شيء من خلقه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . قال ابن جرير : وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية على رسول الله ﷺ إذنا من الله أن يصلي التطوع حيث توجه من شرق أو غرب ، في مسيره في سفره ، وفي حال المسايفة وشدة الخوف . حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، حدثنا عبد الملك هو ابن أبي سليمان عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر : أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته
ويذكر أن رسول الله ﷺ كان يفعل ذلك ، ويتأول هذه الآية : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه ، من طرق ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، به
وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر وعامر بن ربيعة ، من غير ذكر الآية . وفي صحيح البخاري من حديث نافع ، عن ابن عمر : أنه كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها
ثم قال : فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم ، وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها . قال نافع : ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي ﷺ . مسألة : ولم يفرق الشافعي في المشهور عنه ، بين سفر المسافة وسفر العدوى ، فالجميع عنه يجوز التطوع فيه على الراحلة ، وهو قول أبي حنيفة خلافا لمالك وجماعته ، واختار أبو يوسف وأبو سعيد الإصطخري ، التطوع على الدابة في المصر ، وحكاه أبو يوسف عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، واختاره أبو جعفر الطبري ، حتى للماشي أيضا . قال ابن جرير : وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في قوم عميت عليهم القبلة ، فلم يعرفوا شطرها ، فصلوا على أنحاء مختلفة ، فقال الله لي المشارق والمغارب فأين وليتم وجوهكم فهنالك وجهي ، وهو قبلتكم ، فيعلمكم بذلك أن صلاتكم ماضية . حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا أبو الربيع السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه ، قال : كنا مع رسول الله ﷺ في ليلة سوداء مظلمة ، فنزلنا منزلا فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا يصلي فيه
فلما ( أن ) أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة
فقلنا : يا رسول الله ، لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة ؟ فأنزل الله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ) الآية . ثم رواه عن سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، عن أبي الربيع السمان ، بنحوه . ورواه الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن وكيع
وابن ماجه ، عن يحيى بن حكيم ، عن أبي داود ، عن أبي الربيع السمان . ورواه ابن أبي حاتم ، عن الحسن بن محمد بن الصباح ، عن سعيد بن سليمان ، عن أبي الربيع السمان واسمه أشعث بن سعيد البصري وهو ضعيف الحديث . وقال الترمذي : هذا حديث حسن
ليس إسناده بذاك ، ولا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان ، وأشعث يضعف في الحديث . قلت : وشيخه عاصم أيضا ضعيف . قال البخاري : منكر الحديث
وقال ابن معين : ضعيف لا يحتج به
وقال ابن حبان : متروك ، والله أعلم . وقد روي من طرق أخرى ، عن جابر . وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية : حدثنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل ، حدثنا الحسن بن علي بن شبيب ، حدثني أحمد بن عبيد الله بن الحسن ، قال : وجدت في كتاب أبي : حدثنا عبد الملك العرزمي ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : بعث رسول الله ﷺ سرية كنت فيها ، فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفة منا : قد عرفنا القبلة ، هي هاهنا قبل السماك
فصلوا وخطوا خطوطا ، فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة
فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي ﷺ ، فسكت ، وأنزل الله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) ثم رواه من حديث محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن عطاء ، عن جابر ، به . وقال الدارقطني : قرئ على عبد الله بن عبد العزيز وأنا أسمع حدثكم داود بن عمرو ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن محمد بن سالم ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : كنا مع رسول الله ﷺ في مسير فأصابنا غيم ، فتحيرنا فاختلفنا في القبلة ، فصلى كل منا على حدة ، وجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا ، فذكرنا ذلك للنبي ﷺ فلم يأمرنا بالإعادة ، وقال : " قد أجزأت صلاتكم " . ثم قال الدارقطني : كذا قال : عن محمد بن سالم ، وقال غيره : عن محمد بن عبد الله العرزمي ، عن عطاء ، وهما ضعيفان . ثم رواه ابن مردويه أيضا من حديث الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : أن رسول الله ﷺ بعث سرية فأخذتهم ضبابة ، فلم يهتدوا إلى القبلة ، فصلوا لغير القبلة
ثم استبان لهم بعد طلوع الشمس أنهم صلوا لغير القبلة
فلما جاءوا إلى رسول الله ﷺ حدثوه ، فأنزل الله عز وجل ، هذه الآية : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) وهذه الأسانيد فيها ضعف ، ولعله يشد بعضها بعضا
وأما إعادة الصلاة لمن تبين له خطؤه ففيها قولان للعلماء ، وهذه دلائل على عدم القضاء ، والله أعلم . قال ابن جرير : وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في سبب النجاشي ، كما حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا هشام بن معاذ حدثني أبي ، عن قتادة : أن النبي ﷺ قال : " إن أخا لكم قد مات فصلوا عليه "
قالوا : نصلي على رجل ليس بمسلم ؟ قال : فنزلت : ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله ) ( آل عمران : 199 ) قال قتادة : فقالوا : فإنه كان لا يصلي إلى القبلة
فأنزل الله : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) . وهذا غريب والله أعلم . وقد قيل : إنه كان يصلي إلى بيت المقدس قبل أن يبلغه الناسخ إلى الكعبة ، كما حكاه القرطبي عن قتادة ، وذكر القرطبي أنه لما مات صلى عليه رسول الله ﷺ فأخذ بذلك من ذهب إلى الصلاة على الغائب ، قال : وهذا خاص عند أصحابنا من ثلاثة أوجه : أحدها : أنه عليه السلام ، شاهده حين صلى عليه طويت له الأرض
الثاني : أنه لما لم يكن عنده من يصلي عليه صلى عليه ، واختاره ابن العربي ، قال القرطبي : ويبعد أن يكون ملك مسلم ليس عنده أحد من قومه على دينه ، وقد أجاب ابن العربي عن هذا لعلهم لم يكن عندهم شرعية الصلاة على الميت
وهذا جواب جيد
الثالث : أنه عليه الصلاة والسلام إنما صلى عليه ليكون ذلك كالتأليف لبقية الملوك ، والله أعلم . وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية من حديث أبي معشر ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ﷺ : " ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المدينة وأهل الشام وأهل العراق " . وله مناسبة هاهنا ، وقد أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي معشر ، واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني ، به " ما بين المشرق والمغرب قبلة " . وقال الترمذي : وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة
وتكلم بعض أهل العلم في أبي معشر من قبل حفظه ، ثم قال الترمذي : حدثني الحسن بن ( أبي ) بكر المروزي ، حدثنا المعلى بن منصور ، حدثنا عبد الله بن جعفر المخزومي ، عن عثمان بن محمد الأخنسي ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال : " ما بين المشرق والمغرب قبلة " . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وحكى عن البخاري أنه قال : هذا أقوى من حديث أبي معشر وأصح
قال الترمذي : وقد روي عن غير واحد من الصحابة : ما بين المشرق والمغرب قبلة منهم عمر بن الخطاب ، وعلي ، وابن عباس . وقال ابن عمر : إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك ، فما بينهما قبلة ، إذا استقبلت القبلة . ثم قال ابن مردويه : حدثنا علي بن أحمد بن عبد الرحمن ، حدثنا يعقوب بن يونس مولى بني هاشم ، حدثنا شعيب بن أيوب ، حدثنا ابن نمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي ﷺ ، قال : " ما بين المشرق والمغرب قبلة " . وقد رواه الدارقطني والبيهقي وقال المشهور : عن ابن عمر ، عن عمر ، قوله . قال ابن جرير : ويحتمل : فأينما تولوا وجوهكم في دعائكم لي فهنالك وجهي أستجيب لكم دعاءكم ، كما حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، قال : قال ابن جريج : قال مجاهد : لما نزلت : ( ادعوني أستجب لكم ) ( غافر : 60 ) قالوا : إلى أين ؟ فنزلت : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) قال ابن جرير : ويعني قوله : ( إن الله واسع عليم ) يسع خلقه كلهم بالكفاية ، والإفضال والجود . وأما قوله : ( عليم ) فإنه يعني : عليم بأعمالهم ، ما يغيب عنه منها شيء ، ولا يعزب عن علمه ، بل هو بجميعها عليم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله: (ولله المشرق والمغرب) ، لله ملكهما وتدبيرهما ، كما يقال: " لفلان هذه الدار "، يعني بها : أنها له ، ملكا . فذلك قوله: (ولله المشرق والمغرب)، يعني أنهما له ، ملكا وخلقا.


و " المشرق " هو موضع شروق الشمس ، وهو موضع طلوعها ، كما يقال : لموضع طلوعها منه " مطلع " بكسر اللام ، وكما بينا في معنى " المساجد " آنفا. (12)
فإن قال قائل: أو ما كان لله إلا مشرق واحد ومغرب واحد ، حتى قيل: (ولله المشرق والمغرب)؟ قيل: إن معنى ذلك غير الذي ذهبت إليه ، وإنما معنى ذلك: ولله المشرق الذي تشرق منه الشمس كل يوم ، والمغرب الذي تغرب فيه كل يوم. فتأويله إذْ كان ذلك معناه: ولله ما بين قطري المشرق ، وما بين قطري المغرب ، إذ كان شروق الشمس كل يوم من موضع منه لا تعود لشروقها منه إلى الحول الذي بعده ، وكذلك غروبها كل يوم. فإن قال: أو ليس وإن كان تأويل ذلك ما ذكرت، فلله كل ما دونه (13) الخلق خلقه! قيل: بلى! فإن قال: فكيف خص المشارق والمغارب بالخبر عنها أنها له في هذا الموضع ، دون سائر الأشياء غيرها؟ قيل: قد اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله خص الله ذكر ذلك بما خصه به في هذا الموضع. ونحن مبينو الذي هو أولى بتأويل الآية بعد ذكرنا أقوالهم في ذلك. فقال بعضهم: خص الله جل ثناؤه ذلك بالخبر، من أجل أن اليهود كانت توجه في صلاتها وجوهها قبل بيت المقدس ، وكان رسول الله ﷺ يفعل ذلك مدة ، ثم حولوا إلى الكعبة . فاستنكرت اليهود ذلك من فعل النبي ﷺ ، فقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فقال الله تبارك وتعالى لهم: المشارق والمغارب كلها لي ، أصرف وجوه عبادي كيف أشاء منها ، فحيثما تُوَلوا فثم وجه الله. * ذكر من قال ذلك: 1833- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي ، عن ابن عباس قال، كان أول ما نسخ من القرآن القبلة ، وذلك أن رسول الله ﷺ لما هاجر إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود ، أمره الله عز وجل أن يستقبل بيت المقدس ، ففرحت اليهود . فاستقبلها رسول الله ﷺ بضعة عشر شهرا ، فكان رسول الله ﷺ يحب قبلة إبراهيم عليه السلام ، فكان يدعو وينظر إلى السماء ، فأنـزل الله تبارك وتعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ (سورة البقرة: 144) إلى قوله: فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (سورة البقرة: 144 ) ، فارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا: مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا (سورة البقرة: 142) ، فأنـزل الله عز وجل: قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ، وقال: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ). (14) 1834- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي نحوه.
وقال آخرون: بل أنـزل الله هذه الآية قبل أن يفرض على نبيه ﷺ وعلى المؤمنين به التوجه شطر المسجد الحرام. وإنما أنـزلها عليه معلما نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك وأصحابه أن لهم التوجه بوجوههم للصلاة حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب ، لأنهم لا يوجهون وجوههم وجها من ذلك وناحية ، إلا كان جل ثناؤه في ذلك الوجه وتلك الناحية ، لأن له المشارق والمغارب ، وأنه لا يخلو منه مكان ، (15) كما قال جل وعز: وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا (سورة المجادلة: 7) قالوا: ثم نسخ ذلك بالفرض الذي فرض عليهم في التوجه شطر المسجد الحرام. * ذكر من قال ذلك: 1835- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد عن قتادة: قوله جل وعز: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) ، ثم نسخ ذلك بعد ذلك ، فقال الله: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (سورة البقرة: 150) 1836- حدثنا الحسن قال (16) أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) ، قال: هي القبلة ، ثم نسختها القبلة إلى المسجد الحرام. 1837- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام قال، حدثنا يحيى قال، سمعت قتادة في قول الله: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) ، قال: كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله ﷺ بمكة قبل الهجرة ، وبعد ما هاجر رسول الله ﷺ صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، ثم وجه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام . فنسخها الله في آية أخرى: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا إِلَى وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (سورة البقرة: 144) ، قال: فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر القبلة. 1838- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعته - يعني زيدا - يقول: قال عز وجل لنبيه ﷺ: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) قال: فقال رسول الله ﷺ: " هؤلاء قوم يهود يستقبلون بيتا من بيوت الله لو أنا استقبلناه! فاستقبله النبي ﷺ ستة عشر شهرا، فبلغه أن يهود تقول: والله ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم ! فكره ذلك النبي ﷺ ، ورفع وجهه إلى السماء ، فقال الله عز وجل: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ الآية ( سورة البقرة: 144).
وقال آخرون: نـزلت هذه الآية على النبي ﷺ ، إذنا من الله عز وجل له أن يصلي التطوع حيث توجه وجهه من شرق أو غرب ، في مسيره في سفره ، وفي حال المسايفة ، وفي شدة الخوف ، والتقاء الزحوف في الفرائض. وأعلمه أنه حيث وجه وجهه فهو هنالك ، بقوله: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله). * ذكر من قال ذلك: 1839- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا عبد الملك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ، ويذكر أن رسول الله ﷺ كان يفعل ذلك ، ويتأول هذه الآية: (أينما تولوا فثم وجه الله). (17) 1840- حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن فضيل ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر أنه قال: " إنما نـزلت هذه الآية: (أينما تولوا فثم وجه الله) أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في السفر تطوعا ، كان رسول الله ﷺ إذا رجع من مكة يصلي على راحلته تطوعا يومئ برأسه نحو المدينة ". (18)
وقال آخرون بل نـزلت هذه الآية في قوم عُمِّيت عليهم القبلة فلم يعرفوا شطرها ، فصلوا على أنحاء مختلفة ، فقال الله عز وجل لهم: لي المشارق والمغارب ، فأنى وليتم وجوهكم فهنالك وجهي، (19) وهو قبلتكم - معلمهم بذلك أن صلاتهم ماضية. * ذكر من قال ذلك: 1841- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا أبو الربيع السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال،" كنا مع رسول الله ﷺ في ليلة سوداء مظلمة ، فنـزلنا منـزلا فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا يصلي فيه، فلما أصبحنا ، إذا نحن قد صلينا على غير القبلة ، فقلنا: يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة . فأنـزل الله عز وجل: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم). (20) 1842- حدثني المثنى قال، حدثني الحجاج قال، حدثنا حماد قال، قلت للنخعي: إني كنت استيقظت - أو قال أيقظت ، شك الطبري - (21) فكان في السماء سحاب ، فصليت لغير القبلة. قال: مضت صلاتك ، يقول الله عز وجل: (فأينما تولوا فثم وجه الله). 1843- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أشعث السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال، كنا مع النبي ﷺ في ليلة مظلمة في سفر ، فلم ندر أين القبلة فصلينا ، فصلى كل واحد منا على حياله، (22) ثم أصبحنا فذكرنا للنبي ﷺ ، فأنـزل الله عز وجل: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ). (23)
وقال آخرون: بل نـزلت هذه الآية في سبب النجاشي ، لأن أصحاب رسول الله ﷺ تنازعوا في أمره ، من أجل أنه مات قبل أن يصلي إلى القبلة ، فقال الله عز وجل: المشارق والمغارب كلها لي ، فمن وجه وجهه نحو شيء منها يريدني به ويبتغي به طاعتي ، وجدني هنالك. يعني بذلك أن النجاشي وإن لم يكن صلى إلى القبلة ، فإنه قد كان يوجه إلى بعض وجوه المشارق والمغارب وجهه ، يبتغي بذلك رضا الله عز وجل في صلاته. * ذكر من قال ذلك: 1844- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا هشام بن معاذ قال، حدثني أبي ، عن قتادة أن النبي ﷺ قال: إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه. قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم ! قال فنـزلت وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ (سورة آل عمران: 199) ، قال : قتادة، فقالوا : إنه كان لا يصلي إلى القبلة ، فأنـزل الله عز وجل: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله). (24)
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك: أن الله تعالى ذكره إنما خص الخبر عن المشرق والمغرب في هذه الآية بأنهما له ملكا ، وإن كان لا شيء إلا وهو له ملك - إعلاما منه عباده المؤمنين أن له ملكهما وملك ما بينهما من الخلق ، وأن على جميعهم = إذ كان له ملكهم = طاعته فيما أمرهم ونهاهم ، وفيما فرض عليهم من الفرائض ، والتوجهِ نحو الوجه الذي وجهوا إليه ، إذْ كان من حكم المماليك طاعة مالكهم. فأخرج الخبر عن المشرق والمغرب ، والمراد به من بينهما من الخلق ، على النحو الذي قد بينت من الاكتفاء بالخبر عن سبب الشيء من ذكره والخبر عنه ، كما قيل: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ، وما أشبه ذلك. (25) ومعنى الآية إذًا: ولله ملك الخلق الذي بين المشرق والمغرب يتعبدهم بما شاء ، ويحكم فيهم ما يريد عليهم طاعته ، فولوا وجوهكم - أيها المؤمنون - نحو وجهي ، فإنكم أينما تولوا وجوهكم فهنالك وجهي.
فأما القول في هذه الآية ناسخة أم منسوخة ، أم لا هي ناسخة ولا منسوخة؟ فالصواب فيه من القول أن يقال: إنها جاءت مجيء العموم ، والمراد الخاص ، وذلك أن قوله: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) ، محتمل: أينما تولوا - في حال سيركم في أسفاركم ، في صلاتكم التطوع ، وفي حال مسايفتكم عدوكم ، في تطوعكم ومكتوبتكم ، فثم وجه الله ، كما قال ابن عمر والنخعي ، ومن قال ذلك ممن ذكرنا عنه آنفا. = ومحتمل: فأينما تولوا - من أرض الله فتكونوا بها - فثم قبلة الله التي توجهون وجوهكم إليها ، لأن الكعبة ممكن لكم التوجه إليها منها. كما قال :- 1845 - أبو كريب قال حدثنا وكيع ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، والنضر بن عربي ، عن مجاهد في قول الله عز وجل: (فأينما تولوا فثم وجه الله) ، قال: قبلة الله ، فأينما كنت من شرق أو غرب فاستقبلها. 1846- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال، أخبرني إبراهيم ، عن ابن أبي بكر ، عن مجاهد قال، حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها قال، الكعبة. = ومحتمل: فأينما تولوا وجوهكم في دعائكم فهنالك وجهي أستجيب لكم دعاءكم، كما:- 1847- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج ، قال مجاهد: لما نـزلت: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (سورة غافر: 60) ، قالوا: إلى أين؟ فنـزلت: (فأينما تولوا فثم وجه الله).
فإذ كان قوله عز وجل: (فأينما تولوا فثم وجه الله)، محتملا ما ذكرنا من الأوجه ، لم يكن لأحد أن يزعم أنها ناسخة أو منسوخة إلا بحجة يجب التسليم لها . لأن الناسخ لا يكون إلا بمنسوخ ، ولم تقم حجة يجب التسليم لها بأن قوله: (فأينما تولوا فثم وجه الله)، مَعْنِيٌّ به: فأينما توجهوا وجوهكم في صلاتكم فثم قبلتكم؛ ولا أنها نـزلت بعد صلاة رسول الله ﷺ وأصحابه نحو بيت المقدس ، أمرا من الله عز وجل لهم بها أن يتوجهوا نحو الكعبة ، فيجوز أن يقال: هي ناسخة الصلاة نحو بيت المقدس ، إذ كان من أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ وأئمة التابعين ، من ينكر أن تكون نـزلت في ذلك المعنى، ولا خبر عن رسول الله ﷺ ثابت بأنها نـزلت فيه ، وكان الاختلاف في أمرها موجودا على ما وصفت. = ولا هي - إذ لم تكن ناسخة لما وصفنا - قامت حجتها بأنها منسوخة ، إذ كانت محتملة ما وصفنا : بأن تكون جاءت بعموم ، ومعناها: في حال دون حال - (26) إن كان عني بها التوجه في الصلاة ، وفي كل حال إن كان عني بها الدعاء ، وغير ذلك من المعاني التي ذكرنا. وقد دللنا في كتابنا: " كتاب البيان عن أصول الأحكام " ، على أن لا ناسخ من آي القرآن وأخبار رسول الله ﷺ إلا ما نفى حكما ثابتا ، وألزم العباد فرضه ، غير محتمل بظاهره وباطنه غير ذلك. (27) فأما إذا ما احتمل غير ذلك من أن يكون بمعنى الاستثناء أو الخصوص والعموم ، أو المجمل ، أو المفسر ، فمن الناسخ والمنسوخ بمعزل ، بما أغنى عن تكريره في هذا الموضع. ولا منسوخ إلا المنفي الذي كان قد ثبت حكمه وفرضه . ولم يصح واحد من هذين المعنيين لقوله: (فأينما تولوا فثم وجه الله) ، بحجة يجب التسليم لها ، فيقال فيه: هو ناسخ أو منسوخ.
وأما قوله: (فأينما) ، فإن معناه: حيثما.
وأما قوله: (تولوا) فإن الذي هو أولى بتأويله أن يكون : تولون نحوه وإليه ، كما يقول القائل: " وليته وجهي ووليته إليه "، (28) بمعنى: قابلته وواجهته. وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية ، لإجماع الحجة على أن ذلك تأويله وشذوذ من تأوله بمعنى: تولون عنه فتستدبرونه، فالذي تتوجهون إليه وجه الله ، بمعنى قبلة الله.
وأما قوله: (فثم) فإنه بمعنى: هنالك.
واختلف في تأويل قوله: (فثم وجه الله) (29) فقال بعضهم: تأويل ذلك: فثم قبلة الله ، يعني بذلك وجهه الذي وجههم إليه. * ذكر من قال ذلك: 1848- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع ، عن النضر بن عربي ، عن مجاهد: (فثم وجه الله) قال: قبلة الله. 1849- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال، أخبرني إبراهيم ، عن مجاهد قال، حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها.
وقال آخرون: معنى قول الله عز وجل : ( فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) ، فثم الله تبارك وتعالى.
وقال آخرون: معنى قوله: ( فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ )، فثم تدركون بالتوجه إليه رضا الله الذي له الوجه الكريم.
وقال آخرون: عنى بـ " الوجه " ذا الوجه . وقال قائلو هذه المقالة: وجه الله صفة له.
فإن قال قائل: وما هذه الآية من التي قبلها؟ قيل: هي لها مواصلة . وإنما معنى ذلك: ومن أظلم من النصارى الذين منعوا عباد الله مساجده أن يذكر فيها اسمه ، وسعوا في خرابها ، ولله المشرق والمغرب ، فأينما توجهوا وجوهكم فاذكروه ، فإن وجهه هنالك، يسعكم فضله وأرضه وبلاده ، ويعلم ما تعملون ، ولا يمنعكم تخريب من خرب مسجد بيت المقدس ، ومنعهم من منعوا من ذكر الله فيه - أن تذكروا الله حيث كنتم من أرض الله ، تبتغون به وجهه.
القول في تأويل قوله : إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (واسع) يسع خلقه كلهم بالكفاية والإفضال والجود والتدبير. وأما قوله: (عليم) ، فإنه يعني أنه عليم بأفعالهم لا يغيب عنه منها شيء ولا يعزب عن علمه ، بل هو بجميعها عليم. ----------------- (12) انظر ما سلف قريبا : 519 . (13) قوله : "فلله كل ما دونه" ، أي كل ما سواه من شيء . (14) الحديث: 1833 - علي: هو ابن أبي طلحة الهاشمي: ثقة، تكلموا فيه. والراجح أن كلامهم فيه من أجل تشيعه. ولكن لم يسمع من ابن عباس، فروى ابن أبي حاتم في المراسيل، ص: 52، عن دحيم قال:"إن علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس التفسير". وروي عن أبيه أبي حاتم مثل ذلك. وفي التهذيب أنه ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"روى عن ابن عباس، ولم يره". فهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه. ولكن معناه ثابت عن ابن عباس، من وجه صحيح. فرواه أبو عبيد القاسم بن سلام، في كتاب الناسخ والمنسوخ - فيما نقل ابن كثير 1: 288 -"أخبرنا حجاج بن محمد، أخبرنا ابن جريج، وعثمان بن عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس.." فذكر نحوه. وهذا إسناد صحيح، من جهة رواية ابن جريج عن عطاء، وهو ابن أبي رباح. وأما"عثمان ابن عطاء"، فإنه"الخراساني". وهو ضعيف. وحجاج بن محمد: سمعه منهما، من ثقة ومن ضعيف، فلا بأس.ورواه الحاكم 2: 267 - 268، من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس. وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وذكره السيوطي 1: 108، ونسبه لأبي عبيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه. (15) قال ابن كثير في تفسيره 1 : 289 تعليقا على كلمة أبي جعفر رحمه الله : "في قوله : وأنه تعالى لا يخلو منه مكان - إن أراد علمه تعالى ، فصحيح . فإن علمه تعالى ، محيط بجميع المعلومات ، وأما ذاته تعالى فلا تكون محصورة في شيء من خلقه ، تعالى الله على ذلك علوا كبيرا" . قلت : الذي قاله ابن كثير هو عقيدة أبي جعفر رحمه الله ، وقد بين ذلك في تفسير سورة المجادلة من تفسيره 28 : 10 ، فلا معنى لتشكك ابن كثير في كلام إمام ضابط من أئمة أهل الحق ، وعبارته صحيحة اللفظ ، ولكن أهل الأهواء جعلوا الناس يفهمون من عربية الفصحاء معنى غير المعنى الذي تدل عليه . (16) في المطبوعة : "حدثت عن الحسن" ، والصواب ما أثبت ، وهو إسناد دائر في تفسيره أقربه رقم : 1731 . (17) الحديث : 1839 - ابن إدريس : هو عبد الله بن إدريس الأودي ، سبق توثيقه : 438 . عبد الملك : هو ابن أبي سليمان ، كما سيأتي في الإسناد التالي لهذا ، وقد سبق توثيقه : 1455 . والحديث رواه أحمد في المسند : 5001 ، عن عبد الله بن إدريس ، بهذا الإسناد . وسيأتي تمام تخريجه في الذي بعده . (18) الحديث : 1840 - ابن فضيل : هو محمد بن فضيل بن غزوان الضبي ، وهو ثقة ، من شيوخ أحمد وإسحاق وغيرهما . بل روى عنه الثوري ، وهو أكبر منه . مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 1 / 1207 -208 ، وابن أبي حاتم 4/1/57 -58 . والحديث رواه أحمد أيضًا : 4714 ، عن يحيى القطان ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، بنحوه . ورواه مسلم 1 : 195 ، من طريق يحيى ، وآخرين . وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى 2 : 4 ، بأسانيد من طريق عبد الملك . وقد رجحنا في شرح المسند الرواية السابقة ، بأن هذه الآية لم تنزل في ذلك ، بل هي في معنى أعم ، وإنما تصلح شاهدا ودليلا ، كما يتبين ذلك من فقه تفسيرها في سياقها . (19) في المطبوعة : "فإن وليتم وجوهكم" . والصواب ما أثبت . (20) الحديث: 1841 - أحمد، شيخ الطبري: هو أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوازي، كما سبق نسبه كاملا في: 159، وهو صدوق، من شيوخ أبي داود، مترجم في التهذيب، وأبو أحمد: هو الزبيري. واسمه: محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم، وهو ثقة حافظ، من شيوخ الإمام أحمد. مترجم في التهذيب. والكبير 1/1/133 - 134، وابن سعد 6: 281، وابن أبي حاتم 3 /2 /297.أبو الربيع السمان. هو أشعث بن سعيد، سبق في: 24 أنه ضعيف جدا. عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب: هو ضعيف، وقد بينا ضعفه في شرح المسند: 5229. عبد الله بن عامر بن ربيعة: ثقة من كبار التابعين. وأبوه صحابي معروف، من المهاجرين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد كلها. والحديث ذكره ابن كثير 1: 289 - 290، عن هذا الموضع. ووقع فيه خطأ في اسم شيخ الطبري، كتب"محمد بن إسحاق"، بدل"أحمد". وهو خطأ ناسخ أو طابع. ثم أشار ابن كثير إلى روايته الآتية: 1843. ثم ذكر أنه رواه أيضًا الترمذي، وابن ماجه، وابن أبي حاتم. ثم نقل كلام الترمذي قال:"هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان، وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان: يضعف في الحديث". قال ابن كثير:"قلت: وشيخه عاصم، أيضًا ضعيف قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ضعيف لا يحتج به. وقال ابن حبان: متروك. وقد ذهبت في شرحي للترمذي، رقم: 345، إلى تحسين إسناده. ولكني أستدرك الآن، وأرى أنه حديث ضعيف. ونقله السيوطي 1: 109، مع تخريجه وبيان ضعفه. (21) لم يرد في كتب اللغة : "أيقظت" لازما ، وأخشى أن يكون الطبري يصححها ، وأشباهها في العربية كثير . (22) في لسان العرب"فصلى كل منا حياله" ، أي تلقاء وجهه ، وزيادة"علي" لا تضر المعنى . (23) الحديث : 1843 - هو مكرر الحديث : 1841 . (24) الحديث : 1844 - هو حديث ضعيف ، لأنه مرسل وقد نقله السيوطي 1 : 109 ، ونسبه لابن جرير : وابن المنذر . ونقله ابن كثير 1 : 291 ، عن هذا الموضع . ثم قال : "هذا غريب" . وأقول : وسياقته تدل على ضعفه ونكارته . (25) انظر ما سلف في هذا الجزء 2 : 357 - 360 ، 483 . (26) في المطبوعة : "أو معناها في حال دون حال" ، وهو فاسد . ومراده أن الآية جاءت عامة ، وتحتمل أحد معنيين : إما في حال دون حال_ وإما في كل حال ، كما فصل بعد . (27) في المطبوعة : "لظاهره" ، وانظر ما سلف في معنى"الظاهر والباطن" 2 : 15 والمراجع (28) في المطبوعة : "وليت وجهي" ، والصواب ما أثبت . (29) في المطبوعة : "فثم ، فقال بعضهم" ، والصواب إثبات"وجه الله" . (30) في المطبوعة : "ومنفيا ما نحلوه" . وانتفى من الشيء : تبرأ منه . ونحله الشيء : نسبه إليه . والفرية : الكذب المختلق .

الآية 115 من سورة البَقَرَة باللغة الإنجليزية (English) - (Sahih International) : Verse (115) - Surat Al-Baqarah

And to Allah belongs the east and the west. So wherever you [might] turn, there is the Face of Allah. Indeed, Allah is all-Encompassing and Knowing

الآية 115 من سورة البَقَرَة باللغة الروسية (Русский) - Строфа (115) - Сура Al-Baqarah

Аллаху принадлежат восток и запад. Куда бы вы ни повернулись, там будет Лик Аллаха. Воистину, Аллах - Объемлющий, Знающий

الآية 115 من سورة البَقَرَة باللغة الاوردو (اردو میں) - آیت (115) - سوره البَقَرَة

مشرق اور مغرب سب اللہ کے ہیں جس طرف بھی تم رخ کرو گے، اسی طرف اللہ کا رخ ہے اللہ بڑی وسعت والا اور سب کچھ جاننے والا ہے

الآية 115 من سورة البَقَرَة باللغة التركية (Türkçe olarak) - Suresi (115) - Ayet البَقَرَة

Doğu da batı da Allah'ındır, nereye dönerseniz Allah'ın yönü orasıdır. Doğrusu Allah her yeri kaplar ve her şeyi bilir

الآية 115 من سورة البَقَرَة باللغة الأسبانية (Spanish) - Sura (115) - versículo البَقَرَة

A Dios pertenece el oriente y el occidente, y adondequiera que dirijan el rostro [durante la oración], allí se encuentra el rostro de Dios. Dios es Vasto, todo lo conoce